الجيش الإسرائيلي: الجهاد الإسلامي في غزة يصنع صواريخ شبيهة بغراد

وثائق وتقارير

 

 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي، ايهود أولمرت، الولايات المتحدة في وقت تعكف فيه الإدارة الأميركية على إعادة رسم سياستها الخارجية، خصوصا حيال الشرق الأوسط.

 كما جاءت هذه الزيارة بعد الانقلاب في الانتخابات للكونغرس والتي أفرزت أغلبية للحزب الديمقراطي وحوّلت الحزب الجمهوري، الذي يمثله الرئيس جورج بوش، إلى أقلية، ودفعت وزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، بشكل مباشر وسريع للغاية إلى الاستقالة.

 

وفي ظل هكذا وضع، فإن زيارة أولمرت الحالية للولايات المتحدة لن تسفر عن تطور جدّي في مسار العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية، لأن بوش نفسه لا يعرف في هذه الأثناء ما الذي يريده.

 

من جهة ثانية، رافق وصول أولمرت إلى واشنطن تطوران، يرتبط التطور الأول بعلاقة العرب مع الولايات المتحدة، وهو قرار وزراء الخارجية العرب رفع الحصار الاقتصادي الذي يشاركون في فرضه على السلطة الفلسطينية في رد فعل على منع الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي من إدانة مجزرة بيت حانون، فيما يتعلق التطور الثاني بإسرائيل والفلسطينيين وهو تجدد الحديث عن صفقة يتم من خلالها إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي في أميركا جونثان بولارد مقابل إطلاق سراح النائب الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي.

 

وفيما يتعلق بالتطور الأول، أي قرار وزراء الخارجية العرب، قال الدكتور مناحيم بلوندهايم، من قسم الدراسات الأميركية في الجامعة العبرية في القدس، لـ"المشهد الإسرائيلي" إنه يكشف عن حجم الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل "حتى عندما ترتكب مجزرة". لكن بلوندهايم لفت إلى أن الكونغرس لم يقرّ بعد تعيين ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة جون بولتون بشكل رسمي، وأن بولتون يمثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بشكل مؤقت وتسعى إدارة بوش إلى تعيينه كممثل دائم في الأمم المتحدة "لكن هذا الاحتمال أصبح ضئيلا" بسبب إعادة رسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الجاري في هذه الأثناء.

 

وأضاف بلوندهايم أن "هناك الكثير من الأصوات التي أخذت تتعالى في الإدارة الأميركية وتدعو إلى انتهاج سياسة أكثر واقعية وتغيير التوجه حيال العراق والسياسة الخارجية عموما. وقد يكون هذا التصويت في الأمم المتحدة (حول إدانة مجزرة بيت حانون) عبارة عن إشارة أصدرتها الإدارة الأميركية لتقول من خلالها إنها لم تفقد قوتها. وأعتقد أنه بعد استقالة وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد ودخول وزير جديد لإشغال المنصب، وبعد الانقلاب في الكونغرس، فإن الإدارة الأميركية أرادت أن تقول إنها ستواصل في هذه الأثناء سياستها وإن التغييرات ستكون بطيئة".

 

الأمر الثاني الذي تزامن مع وصول أولمرت إلى الولايات المتحدة هو وجود حملة في الولايات المتحدة تشارك فيها الشرطة الفيدرالية الأميركية (إف. بي. آي.) لإظهار مدى الضرر الذي ألحقه الجاسوس الإسرائيلي جونثان بولارد بالمصلحة الوطنية العليا للولايات المتحدة من خلال تهريب قرابة مليون وثيقة من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، حيث كان يعمل، إلى إسرائيل. وبثت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين برنامجين حول هذه الحملة الأميركية ضد بولارد خلال نشرتها الإخبارية المسائية. من جهة ثانية فإن كل رئيس وزراء إسرائيلي التقى مع رئيس أميركي في السنوات العشرين الماضية طرح موضوع بولارد عبر المطالبة بالإفراج عنه، فيما رفضت الإدارة الأميركية دائما مثل هذا الطلب.

 

إلا أن تقديرات عديدة أشارت في السنوات الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة قد تكون مستعدة لإطلاق سراح بولارد مقابل صفقة سياسية معينة مع إسرائيل، وفي أغلب الأحيان كان الحديث عن أن يكون المقابل إطلاق سراح النائب الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي. واللافت للنظر الآن هو أن أولمرت تطرق إلى الموضوع أثناء حديثه لمراسلي وسائل الإعلام الإسرائيلية الذين رافقوه إلى الولايات المتحدة في سفرته الحالية، وأعرب عن رفضه إطلاق سراح البرغوثي، لأن الموضوع ليس على جدول البحث حاليا. وفي هذا السياق أشار بلوندهايم إلى أن "ثمة حقيقة واضحة جدا بالنسبة لي، وهي أنه في أوساط اليمين في إسرائيل، وبشكل خاص لدى المجموعات الدينية المتشددة، هناك نشاط مكثف لإطلاق سراح بولارد. من جهة ثانية فإن اليمين سيرفض، كما رفض دائما، صفقة تبادل أسرى وخصوصا إذا كان على رأسها البرغوثي. لكن إذا تم شمل بولارد في صفقة كهذه فإن الأمر سيسهل كثيرا على أولمرت الحصول على دعم واسع داخل إسرائيل وخصوصا من صفوف اليمين".

 

* "المشهد الإسرائيلي": بالنسبة لزيارة أولمرت ولقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، هل تغيّر شيء في الإدارة الأميركية حيال الصراع في الشرق الأوسط بعد الانقلاب في الكونغرس؟

 

- بلوندهايم: "أعتقد أن الإدارة الأميركية تنتظر الآن تقريرا يعدّه وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر حول السياسة الخارجية التي يتوجب اعتمادها. وإدارة بوش لن تقوم بأية خطوة ذات أهمية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني قبل أن ترسم من جديد سياستها تجاه العراق. وهنا أنا أتفق مع أولمرت بأن الزيارة الحالية لواشنطن غايتها الحفاظ على الصلة مع الإدارة وأنها لا تبشر بأية تغييرات سياسية جدية. وسيكون على الإدارة الآن إيجاد الطريق للتحدث مع الكونغرس والشرق الوسط، في هذا السياق، ضمن رزمة واحدة، أي أن الشرق الأوسط هو مشكلة واحدة ذات أبعاد متعددة بالنسبة للأميركيين، أحدها الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وفي حال نجح بوش بالحصول على تنازلات من أولمرت فإنه قد يكون بذلك قد حسّن الأجواء في الشرق الأوسط لتسهيل المهام الأكبر بالنسبة له وهي العراق وإيران. ولا أتوقع نتائج هامة من لقاء بوش - أولمرت قبل إعادة رسم الإدارة لسياسة جديدة ومتفق عليها تجاه العراق".

 

* المثير هنا هو أن بيكر بالذات هو الذي سيرسم السياسة الخارجية الأميركية الجديدة لإدارة بوش. والمعروف أن بيكر الذي أشغل منصب وزير الخارجية في إدارة بوش الأب كان صارما، نسبيا، تجاه إسرائيل وحتى أنه جرّ أكثر رؤساء الحكومات في إسرائيل تشددا وهو إسحق شامير إلى مؤتمر سلام، هو مؤتمر مدريد، وأرغمه على الجلوس مع الفلسطينيين والسوريين خصوصا. من جهة ثانية، سياسة بوش الابن مختلفة عن نهج بيكر كونها منحازة بشكل كبير جدا لإسرائيل. كيف تفسر هذا الوضع؟

 

- بلوندهايم: "إن خلفية تشكيل اللجنة التي يترأسها بيكر لإعادة رسم السياسة الخارجية لإدارة بوش معقدة. لكن الأمر الواضح هو أن هناك تقاسما وظائفيا بين أوساط الجمهوريين، أي بين البراغماتيين ويمثلهم بيكر وبوش الأب وبين المجموعات الأيديولوجية والمتشددة (المسيحيون الجدد) الذين يمثلهم بوش الابن. فهناك فوارق كبير جدا بين بوش الأب وبوش الابن. وأكثر انعكاسات الانتخابات الأخيرة للكونغرس أهمية كان الانقسام وكثرة الآراء في صفوف الجمهوريين. فقد اعتدنا في الماضي على أن الديمقراطيين يفتقرون لموقف موحد وأن الجمهوريين أكثر تكتلا. والتوقعات الآن هي أنه بعد أن فقد الرئيس بوش قوة الجمهوريين وأصبحت القوى الانعزالية تقف في صف المعارضة فإن هذا أعطى وزنا لبيكر".

 

* هذا الوضع جيد للمنطقة وللسلام أم أنه لن يؤثر؟

 

- بلوندهايم: "هذا الوضع قد يؤدي إلى نشوء إجماع أميركي حول سياسة مقبولة على الجميع، وعندما تعرف أميركا ما الذي تريده فإن رسم المصالح سيصبح أسهل وعندها أيضا يمكن وضع الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال النشاط الدبلوماسي. والآن هناك عدم وضوح وحالة من الضبابية التي تحيط بمواقف إدارة بوش على ضوء الانقلاب في الكونغرس وعلى ضوء التصدعات داخل المعسكر الجمهوري".

 

* ما هو تأثير استقالة رامسفيلد على سياسة أميركا تجاه المنطقة؟

 

- بلوندهايم: "تأثير الاستقالة الأولي يكمن في تخفيف حدة الأجواء، أي أن الأجواء ستصبح أفضل لأن رامسفيلد كان صقريا للغاية ولم يكن يستمع لآراء الغير، ولذلك فإن التغيير سيكون في اتجاه انفتاح أكبر وانخفاض مستوى العدائية والنفور من الإدارة الذي سبّبه رامسفيلد. والتوقعات تشير إلى أن البنتاغون سيكون أكثر انفتاحا لآراء جديدة ولإعادة التفكير في العديد من القضايا، وبينها تلك المتعلقة بالشرق الأوسط. لكن يتوجب هنا الإشارة إلى أن بوش لا يولي الفلسطينيين اهتماما أكثر من غيرهم في الشرق الأوسط، بل إنه يعتبر الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني عائقا، وهذا يعني أنه يتوجب حل الصراع لكن ليس بشكل عميق. فهو دعا أطراف الصراع دائما إلى الالتزام بخارطة الطريق، لكن من الناحية الفعلية فإنه أيّد طريق فك الارتباط الإسرائيلية الأحادية الجانب، وفي نهاية المطاف كان سيؤيد سياسة أولمرت المتعلقة بخطة التجميع في الضفة الغربية. غير أن الوضع الآن تغيّر، خصوصا بعد حرب لبنان والانقلاب في الكونغرس ولا أعتقد أن لديه في المرحلة الحالية سياسة واضحة. فهناك بداية لعملية إعادة تفكير".

 

* هل يمكن التوقع بأن تمارس إدارة بوش ضغوطا على إسرائيل لتحقيق اتفاق سياسي مع الفلسطينيين أم أنه سينهي السنتين المتبقيتين له في البيت الأبيض دون أن يفعل شيئا؟

 

- بلوندهايم: "أعتقد أنه إذا رأى أن ثمة احتمالا لحل معقول فإنه قد يتبناه وحتى لو كان الأمر لا يتناسب مع المواقف الإسرائيلية. ولا أعتقد أنه راضٍ تماما عن كل ما يفعله أولمرت. وهذا يعني أن بوش لن يتردد في ممارسة ضغط على إسرائيل في حال أنّ هناك حلا معقولا".