ارشيف الاخبار

 

*عالم اجتماع: المجتمع الإسرائيلي آخذ في التحول أكثر فأكثر إلى مجتمع بوهيمي وفظ وغير اجتماعي*

 

 

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الأسبوع الفائت، أنه سيطرح على الحكومة في غضون أسبوعين خطة تنص على زيادة عدد الأفراد العاملين في شرطة إسرائيل، وخصوصاً في المنطقة الشمالية، والمدن والبلدات العربية.

وجاء إعلانه هذا في إثر وقوع عدة عمليات قتل في الفترة القليلة الفائتة، ولا سيما في بعض القرى والبلدات العربية، وفي مدينة بئر السبع، ذهب ضحيتها مواطنون أبرياء.

كما أعلن نتنياهو أن الحكومة في إطار عملها على سن "قانون المساواة في تحمّل الأعباء" المزمع أن يحلّ محل "قانون طال" الذي يعفي الشبان اليهود الحريديم (المتشددين دينياً) من الخدمة العسكرية، ستسعى لزيادة أعداد الشبان العاملين في جهاز الشرطة لدى انخراطهم في مشروع الخدمة المدنية.

وأكد أيضاً أنه ما زال ملتزماً بمواصلة مكافحة الجريمة ومظاهر العنف الخطيرة مشيراً إلى أن الحكومة برئاسته كانت قد أقرت في تشرين الثاني 2009 خطة وطنية تقضي بتقليص استهلاك المشروبات الكحولية نظراً إلى ما تلحقه من أضرار بالفتية والشبان. ونوه إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات في إطار هذه الخطة.

وأوضح رئيس الحكومة أنه يمنح الدعم الكامل لقائد الشرطة العام وأفراد الشرطة ووزير الأمن الداخلي في الكفاح الصعب والحيوي الذي يخوضونه لمكافحة الجريمة وأعمال العنف. وأضاف أن المعطيات التي طُرحت على اجتماع الحكومة قبل أسبوع أثبتت نجاح الإجراءات التي تم اتخاذهـا لمكافحة الجريمة.

وفيما يتعلق بازدياد ظواهر العنف في المجتمع الإسرائيلي قال عالم الاجتماع البروفسور عوز ألموغ، المتخصص في تحليل الجوانب الاجتماعية والسلوكية للشخصية الإسرائيلية، إن جذر المشكلة غير كامن في العنف بالذات، وإنما بالأساس في تحول المجتمع الإسرائيلي أكثر فأكثر إلى مجتمع بوهيمي وفظ وغير اجتماعي.

وأضاف أن هناك عدة أسباب يمكنها أن تفسر تفاقم ظواهر العنف، أولها الحدة والفظاظة التي تسم أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تنحو إلى تضخيم مظاهر الخشونة لأغراض تتعلق بنسب المشاهدة والقراءة (ريتينغ)، حيث تحولت العدوانية العلنية والمستترة إلى روتين مألوف في برامج الحوار والواقع والترفيه على اختلاف أنواعها، وحتى في الدعايات وبرامج الأطفال. كذلك فإن للثورة العلمية تأثيرًا على انتشار ما يسميه آفة الانعزالية الاجتماعية، فالشخص الذي ينكشف ويشاهد يوميا كوارث ومآسي في البلاد والعالم، يصبح بمرور الزمن غير مبال تجاه مظاهر الظلم والمعاناة. وفضلا عن ذلك فإن المجتمعات العصرية تدرب مواطنيها على استبدال المشاعر بسرعة الضغط على الزر. وفي عالم مشبع بوسائل الاتصال والإعلام يغدو الفارق بين الخيال والواقع باهتا وغير واضح.

وزاد ألموغ: لا بد من القول أيضا إن النزاع العسكري المستمر يجد انعكاسا له على المستوى السلوكي. وبرأيه فإن "الإرهاب يجبر المجتمع الإسرائيلي على إرسال أبنائه الشبان للقيام بمهمات أمنية (عسكرية) غير سهلة، مرتبطة باستخدام القوة والعنف. ومع أن العنف العسكري مراقب ومبرر من الناحية الأخلاقية، إلا أنه يترك بصمة بعيدة المدى من التأثيرات المتراكمة التي تجد تعبيرا لها في سلوك عدواني للفرد في الحياة اليومية".

وختم ألموغ: بالإضافة إلى الأسباب التي أشرت إليها، هناك عامل مهم آخر يؤثر أكثر من أي شيء على تفاقم عدم اجتماعية المجتمع الإسرائيلي، يطلق عليه "الرأسمالية الجشعة". صحيح أن ثقافة السوق الحرة عادت علينا بالوفرة والرفاه، لكنها تحمل معها مكاره وآفات بيئية، تتمثل في المنافسة الشرسة والطمع والجشع والخداع والنفاق وحب التملك، فضلاً عن الفجوات الاجتماعية، ومن هنا فإن العنف في مجتمع كهذا ما هو إلا البخار المتصاعد من القدر المضطرم، وهذا يتطلب معالجة جذرية للعلاقات بين أفراد المجتمع.