الجامعات الإسرائيلية تواجه أزمة حادّة جراء التراجع الكبير في مخصصات الدعم الحكومية

على هامش المشهد

 


"إسرائيل ممعنة في سدّ أي احتمال أمام حلّ سياسي"!

 


*هذا ما تؤكده حقوقية إسرائيلية بالاستناد إلى وقائع الأسابيع الأخيرة بدءاً بالتحريض على الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية وانتهاء بالاستيطان في سلوان واقتحامات المسجد الأقصى المبارك*

 


تزايدت في الآونة الأخيرة اقتحامات المستوطنين واليهود المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وباتت هذه الاقتحامات يومية، خاصة في ساعات الصباح، وفي الوقت نفسه يُمنع المسلمون من الدخول إلى الحرم والصلاة في المسجد الأقصى.

 


وأدى هذا النظام الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتقاد، وبحق، أن إسرائيل تحاول تقسيم أوقات الصلاة زمنيا بين المسلمين واليهود، بعد أن قسمت الحرم الإبراهيمي مكانيا بين المسلمين واليهود.

 


ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فإن هناك خلافا بين المتدينين اليهود حول الدخول إلى الحرم القدسي. وبعد احتلال القدس، في حرب حزيران العام 1967، أعلنت الحاخامية الرئيسة في إسرائيل عن حظر دخول اليهود إلى الحرم، مشددة على أن "موقع الهيكل لم يؤكد بعد"، إلى جانب فرائض دينية ينبغي القيام بها قبل الدخول إلى المكان وإلى مواقع داخله لا يجوز الاقتراب منها.

 


لكن مع بدء تزايد نفوذ التيار الصهيوني - الديني في الحلبة السياسية الإسرائيلية بصورة تدريجية خلال العقدين الأخيرين، وتزايد نشاط الحركات الاستيطانية المنبثقة عنه، تزايدت الاقتحامات للحرم القدسي بشكل كبير. وحتى أنه من أجل كسب تأييد هذا التيار المتطرف وتأثيره على أحزاب اليمين بصورة عامة، أقدم رئيس المعارضة الإسرائيلية في العام 2000، أريئيل شارون، على اقتحام الحرم بمصادقة رئيس حكومة إسرائيل حينذاك، إيهود باراك.

 


ويعتبر المتطرفون اليهود أن اقتحام الحرم والتجول في باحاته، يشكل تطبيقا "لفريضة احتلال أرض إسرائيل". وهم يعتبرون أيضا، بحسب الحاخام يسرائيل هارئيل وهو أحد غلاة المتطرفين ومؤسس ورئيس "معهد الهيكل" الذي يدعو إلى بناء "الهيكل" في الحرم القدسي، أنه "كلما جاء إلى المكان يهود أكثر، فإن الإشراف وممارسة الصلاحيات السيادية لدولة إسرائيل في المكان تكون أقوى".

 


وبحسب معطيات الشرطة الإسرائيلية، فإنه منذ العام 2011 أخذت تتزايد أعداد اليهود الذين ينفذون عمليات اقتحام الحرم القدسي ضمن مجموعات، وأنه في ذلك العام اقتحم الحرم ثمانية آلاف يهودي.

 


والجدير بالذكر أن اليهود الذين يقتحمون الحرم القدسي، وتوفر شرطة الاحتلال الحماية لهم، هم اليهود المتطرفون والمستوطنون في الضفة الغربية والقدس الشرقية وخاصة في البلدة القديمة.

 


إلى جانب تزايد اقتحامات اليهود المتطرفين للحرم، أخذ اليمين الإسرائيلي يطالب بفرض "السيادة الإسرائيلية الفعلية" على الحرم. وفي هذا السياق، شن مسؤولون إسرائيليون تهجمات حادّة ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بعد أن دعا، مؤخراً، إلى منع المستوطنين من اقتحام الحرم القدسي وتدنيسه بأي طريقة.

 


وادعى وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور ليبرمان، أن أقوال عباس هي "محاولة لإشعال المنطقة بواسطة استخدام أكثر الأماكن حساسية"، ألا وهو "جبل الهيكل" أي الحرم القدسي. وأضاف أن "أقواله تكشف عن نيته هذه، وتدل على أن أبو مازن وقادة السلطة الفلسطينية هم الذين يقفون وراء أعمال الشغب التي ينفذها سكان القدس الشرقية" في إشارة إلى المواجهات شبه اليومية بين المقدسيين وشرطة الاحتلال.

 


وقال ليبرمان إن "هذه الأمور تكشف عن وجه أبو مازن الحقيقي، منكر المحرقة الذي يتحدث عن دولة فلسطينية نظيفة من اليهود، والذي كان وما زال معاديا للسامية. ويرتقي أبو مازن، من تحت بذلته وأقواله المهذبة تجاه المجتمع الدولي، مرحلة في التحريض ضد إسرائيل واليهود، ويدعو إلى حرب دينية".

 


وتابع ليبرمان أن "أبو مازن ينضم عمليا بذلك إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مثل داعش وجبهة النصرة، التي تقدّس الحروب الدينية".

 


واعتبر محلل الشؤون الفلسطينية في صحيفة "يسرائيل هيوم" الدكتور رؤوفين باركو أن أقوال الرئيس عباس والأقوال التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، قبل ذلك بيوم واحد، تشير إلى أن "رابطة الإرهاب الفلسطيني المؤلفة من حماس والسلطة الفلسطينية تتحدث بصوت واحد".

 


وكتب باركو في الصحيفة المقربة من رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو أن مصطلح منع المستوطنين من الدخول إلى الأقصى "بأي طريقة" لم يكن مفاجئا، وأن "رئيس السلطة دعا في خطابه الأخير في الأمم المتحدة إلى الاستمرار في المقاومة ضد إسرائيل بموجب تراث الفدائيين".

 


لعل الأمر المؤكد هو أن إسرائيل، بواسطة أذرعها الاستيطانية، تسير باتجاه هدفها شبه المعلن، وهو السيطرة على البلدة القديمة في القدس والأحياء المحيطة بها. وفي هذا السياق يأتي استيلاء المستوطنين على مبان في سلوان.

 


وفي هذا الصدد قالت المحامية أوشرات ميمون، من جمعية "عير عاميم" الحقوقية التي تعنى بحقوق الإنسان في القدس المحتلة، إن دخول المزيد من المستوطنين إلى سلوان يشكل خطوة باتجاه إغلاق الباب أمام أي حل سياسي للصراع.

 


وأكدت ميمون أن استيلاء المستوطنين على البيوت الفلسطينية "تتم دائما تحت رعاية السلطات، وبوسائل مباشرة وبواسطة حراسة تكلف ملايين الشواكل من ميزانية الدولة، وكذلك من خلال غض الطرف عن الصفقات المشبوهة. ويستيقظ سكان سلوان مرة أخرى على صباح دخول سافر إلى حيهم، وهز أية إمكانية لكلا الشعبين لحياة لائقة وأفق سياسي".

 


وتطرق إلى هذا الموضوع الوزير الإسرائيلي وعضو الكنيست الأسبق، يوسي سريد. وتناول سريد في مقاله الأسبوعي في "هآرتس"، إعلانا نشرته جمعية "إلعاد" الاستيطانية، والتي تركز نشاطها في القدس وخاصة في سلوان، في الصحيفة، وتم التركيز فيه على توجيه التحية للمستوطنين الذين استولوا على بيوت في سلوان.

 


وتضمن الإعلان أسماء شخصيات إسرائيلية ويهودية تتبوأ مناصب في "المجلس العام لإلعاد"، وتبين أن رئيس هذا المجلس هو البروفسور ايلي فيزل، الحائز على جائزة نوبل للأدب. وبحسب لجنة الجائزة فإن فيزل هو "رسول للبشرية، الذي مرر رسالة قوية للغاية، واحتراما إنسانيا". وفيزل هو ناجٍ من المحرقة.

 


وكتب سريد أن "هذا الرجل يتوقع منه أن يبدي مشاعر مميزة تجاه معاناة الآخر في سيغيت (مسقط رأس فيزل في رومانيا) أو في سلوان. هذا الرجل هو مواطن أميركي، ويصف نفسه في كل مناسبة أنه صديق شخصي لباراك أوباما... هل عرف نتنياهو لماذا اقترح على فيزل منصب رئاسة الدولة ونحن لم نفهم الأمر؟".

 


وأضاف سريد أن فيزل بالذات، الذي امتنع طوال السنوات الماضية عن الضلوع في السياسة الإسرائيلية الداخلية، دخل في سلوان إلى "بيت تلو الآخر بعد أن تم شراؤها بصفقات مشبوهة... هو بالذات يخفي خلف شاله تطهيرا عرقيا زاحفا. ومن بين كل الجمعيات في إسرائيل اختار التمسك بإلعاد، التي لا توجد فيها حقيقة ولا نعمة، ولا توجد جمعية محل خلاف أكثر منها. وواضح تماما لماذا اختاروه رئيسا، وليس واضحا أبدا لماذا استجاب لرغبتهم".

 


وخلص سريد إلى أن فيزل حصل على احترام الشعب اليهودي وأغيار (غير يهود) من بلدان العالم منذ أن نجا، وكان ناطقا باسم القتلى والناجين (من المحرقة)، وخاطبه قائلاً: "أعطنا حصتنا من احترامك، واحترمنا نحن أيضا. هل ستعيد التفكير باستعدادك لترؤسهم، ولأن ترفعهم إلى قمة تماثلك وتوقيع تحياتهم الملعونة؟".