مراقبون: انخفاض وتيرة التضخم يدل على تباطؤ اقتصادي

على هامش المشهد

 


بينيت يسعى إلى ضم علمانيين إلى صفوف "البيت اليهودي" والتخلص من سلطة الحاخامين

 

 

 


*رغم ذلك فإن بينيت يحافظ على الطابع الديني لحزب "البيت اليهودي" والصراع داخله يدور حول إقصاء الحاخامين عن موقع القوة البالغة، بينما الكثير من الحاخامين يؤيدونه بسبب أيديولوجيته اليمينية المتطرفة الاستيطانية، ولأنهم يدركون حجم قوته وشعبيته لدى الجمهور اليهودي*

 

 


نجح رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في تحقيق انتصار داخل حزبه، يوم الأربعاء الماضي، يتمثل بإقرار مؤتمر الحزب دستورا جديدا. وقد يكون لهذه الخطوة تأثير كبير على هذا الحزب اليميني المتطرف الذي يمثل التيار الصهيوني – الديني، لأن الدستور الجديد يسمح بانضمام أعضاء علمانيين ويبعد تأثير حاخامي الصهيونية – الدينية، إلى جانب منح رئيسه بينيت صلاحيات واسعة.

 


وكان بينيت قد بادر إلى الدستور الجديد، الذي يمنحه صلاحية تعيين مرشح من بين كل خمسة مرشحين في قائمة مرشحي الحزب لانتخابات الكنيست. كذلك يخول الدستور بينيت بإدخال مرشحين من خارج "البيت اليهودي" إلى المنافسة على الترشح للانتخابات ضمن قائمة الحزب وأن يقرر بشأن تعيين الوزراء. وألغى الدستور الجديد بندا في دستور الحزب السابق ينص على أنه بإمكان اليهود المتدينين أو المحافظين على التقاليد الدينية فقط الترشح ضمن قائمة الحزب الانتخابية. كذلك نص الدستور الجديد على ضمان أماكن للنساء في قائمة المرشحين، في الأماكن الرابع والثامن وال12 وال17.

 


وواجه بينيت معارضة داخلية للدستور الجديد، وحاول عضوا الكنيست من "البيت اليهودي"، يوني شيتبون وموطي يوغيف، إجراء تصويت سري على الدستور الجديد في المؤتمر بهدف إسقاطه، لكنهما لم ينجحا في ذلك. وفي المقابل تعهد بينيت بتشكيل لجنة استشارية لتعديل الدستور مستقبلا.

 


ويشار إلى أن كتلة "البيت اليهودي" في الكنيست، الممثلة ب12 نائبا، هي اتحاد لحزبين هما "البيت اليهودي" و"الوحدة القومية". وهذا الأخير معروف باسم "تكوما" أيضا. و"البيت اليهودي" هو عمليا استمرار لحزب المفدال التاريخي، الذي مثل الجمهور الصهيوني – الديني طوال العقود الماضية.

 


واعتبر أعضاء في "البيت اليهودي" أنه "بالمصادقة على الدستور الجديد، نشهد مراسم دفن المفدال التاريخي. وهذا الدستور يوقف إلزام الحزب بتأييد مؤسسات عريقة مثل حركة الشبيبة ’بني عكيفا’ و’هستدروت هبوعيل هميزراحي’ ومؤسسات التعليم الحكومي – الديني. وبينيت يحرق مبادئ الجمهور الديني – القومي في طريقه إلى مكتب رئيس الحكومة".

 


ويدأب بينيت في كل مناسبة على وصف نفسه بأنه "زعيم اليمين الإسرائيلي". وقد فعل ذلك في البداية من أجل تقوية صورته على ضوء العداء الشخصي بينه وبين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومن أجل أن يبعد نفسه عن صورة الناشط المتدين. وخلال الفترة الأخيرة، أثناء وبعد العدوان على غزة، تعززت شعبيته وبرز ذلك بوضوح في استطلاعات الرأي التي منحت حزبه 18 نائبا في الكنيست لو جرت الانتخابات الآن.

 

 

 

بينيت: "لا أحد يعارض الدولة الفلسطينية سوى نحن"

 

وذكرت تقارير صحافية أن مقربين من بينيت، الذي كان يمثل حزبه في دورة الكنيست الماضية ثلاثة نواب فقط، وارتفع عددهم في الانتخابات الأخيرة إلى 12 نائبا، يقولون إنه يستعد الآن لاحتمال أن يكلفه الرئيس الإسرائيلي، بعد الانتخابات العامة المقبلة، بتشكيل الحكومة المقبلة.

 


وهاجم بينيت شركاءه في حكومة نتنياهو اليمينية، وكتب في صفحته على موقع "فيسبوك"، الأسبوع الماضي، أنه "بقينا الحزب الوحيد الذي يعارض (قيام) دولة فلسطينية. لا حزب الليكود ولا حزب إسرائيل بيتنا ولا حزب يوجد مستقبل ولا (تسيبي) ليفني ولا غيرهم – لا يوجد حزب آخر يقف كسور منيع ضد الأوهام السياسية التي تحطمت أمام أعيننا فقط قبل أسابيع معدودة".

 


ويواجه بينيت معارضة داخل "البيت اليهودي"، يقودها بالأساس عضوا الكنيست شيتبون ويوغيف، اللذان يحاولان الحفاظ على مبادئ حزب المفدال المندثر ومنع بينيت من أن يحول الحزب إلى "حزب الرجل الواحد"، بحسب وصفهما.

 


وهاجم شيتبون بينيت والدستور الجديد، الأسبوع الماضي، قائلا إن "دستور الرجل الواحد هو تراجع عن وعودنا لناخبينا بوجود حزب موحد لصهيونية دينية قوية. وأستغرب ممن يسيرون وراء شعارات وأنصحهم بمراجعة إنجازات الصهيونية الدينية في الفترة التي رشحت فيها حزبا موحدا. وعندما يفعلون ذلك سيكتشفون أن الوحدة تنتصر وليس دساتير مشرذمة ستضعف الصهيونية الدينية وتحطم الحزب".

 


لكن ليس جميع أعضاء المفدال القدامى يعارضون بينيت. وأحد هؤلاء هو نيسان سلوميانسكي، وهو أقدم عضو كنيست في كتلة "البيت اليهودي" وكان نائبا عن المفدال منذ العام 1997. ورغم أنه لم يعتزم تأييد بينيت في البداية، لكنه استجاب في نهاية الأمر لطلبات بينيت. وقال سلوميانسكي إنه "عندما تلقيت المسودة الأولى للدستور وقرأتها ترددت في معارضة خطوة بينيت. ونظرت إلى دورة الكنيست السابقة وقلت: لقد وصلنا بسبب النزاعات الداخلية إلى ثلاثة نواب، وحينذاك أيضا لم يتحدث الواحد منهم مع الآخر وكاد الجمهور يسأم منا. وأعتقد أنه يحظر علينا تكرار ذلك". وبعد ذلك سلّم سلوميانسكي لبينيت تحفظات على الدستور الجديد التي أدخلت عليه، ما أدى إلى دعمه لبينيت.

 


وخلال محاولاته لإقناع أعضاء حزبه بتأييد الدستور الجديد والامتناع عن شق الحزب، قال بينيت إن "البيت اليهودي كان حتى اليوم (يقصد حتى الانتخابات الأخيرة) حزبا صغيرا وهامشيا. ولم يأخذنا أحد بالحسبان. وخلال الطرد من غوش قطيف داسوا علينا" في إشارة إلى خطة الانفصال عن غزة وتفكيك المستوطنات.

 


وأضاف بينيت "ماذا كان بإمكاننا أن نفعل؟ تظاهرنا وصرخنا. كنا صغارا ومحقين. واليوم، الحمد لله، نحن في مكان آخر، بمساعدتكم، وبمساعدة الإيمان بالطريق، وأيضا لأننا ببساطة نقول ونفعل أمورا صحيحة".

 


رغم ذلك، فإن مبادرة بينيت لدستور جديد أثارت توترا بينه وبين رئيس حزب "الوحدة القومية" ووزير الإسكان، أوري أريئيل. وتقول تقارير صحافية إنه تسود قطيعة بين الاثنين فيما يتعلق بهذه الخطوة. ورفض بينيت عقد أي لقاء مع أريئيل لبحث موضوع الدستور الجديد. وعلى أثر ذلك كتب أريئيل رسالة وجهها إلى بينيت وقال فيها إنه تم الاتفاق على دمج الحزبين. واعتبر أريئيل أنه "كانت لديك نية مسبقة بتمرير الدستور بدوننا وبعد ذلك التوجه إلينا وطلب الوحدة. هذه ليست زمالة وهي بالتأكيد ليست طموحا للوحدة".

 


وقال مقربون من أريئيل إن "بينيت يقول طوال الوقت إن الانجاز الكبير الذي حققه البيت اليهودي في الانتخابات حدث بفضله. وهذا كذب. الوحدة بين البيت اليهودي والوحدة القومية هي التي جلبت عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب. وبإمكان بينيت أن يستيقظ صباح غد ويجد أن الوحدة القومية ليست معه وأن حزبه تقلص بدلا من أن تزداد قوته".

 


لكن على ما يبدو لن يكون بإمكان "الوحدة القومية" الانفصال عن "البيت اليهودي"، خاصة بعد رفع نسبة الحسم لانتخابات الكنيست إلى 25ر3%. وقال أحد قادة "البيت اليهودي" إنه "لا يمكن أن يقوم حزب يميني يكون على يمين بينيت. هذا غير واقعي بكل بساطة. وأوري أريئيل يعلم هذا الأمر ولذلك هو في حالة توتر".

 

 

 

انقلاب على سلطة الحاخامين

 


يحاول عضوا الكنيست شيتبون ويوغيف، وكذلك رئيس حزب المفدال السابق، زبولون أورليف، الذي خسر أمام بينيت في المنافسة على رئاسة "البيت اليهودي"، التمسك بالأفكار القديمة وبقاء الحزب ممثلا لقطاع معين، وبالأساس الاعتماد على مشورة حاخامي الصهيونية – الدينية، التي تأخذ دائما آراء وأفكار حاخامي الحريديم بالحسبان.

 


وفي موازاة ذلك، فإن بينيت تحالف مع رئيس حزب "يوجد مستقبل"، يائير لبيد، بعد الانتخابات مباشرة واشترطا انضمامهما للحكومة بعدم إدخال الأحزاب الحريدية إليها. ولا يخفي بينيت، الآن، عزمه على التخلص من سلطة حاخامي الصهيونية – الدينية، ويتطلع إلى توسيع قاعدة ناخبيه باتجاه العلمانيين. ويرى المحللون أن بينيت يتطلع إلى جذب ناخبين صوتوا في الماضي لحزبي الليكود، بزعامة نتنياهو، و"إسرائيل بيتنا"، بزعامة أفيغدور ليبرمان. وليس هذا وحسب، وإنما هو يمهد الطريق أمام أعضاء ونواب في الجناح المتطرف في الليكود، ربما ينشقون عن حزبهم في حال قرر نتنياهو الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين. لكن شيتبون ويوغيف يعارضان ضم علمانيين إلى الحزب وخاصة ترشيحهم في الانتخابات المقبلة.

 


وأفادت تقارير صحافية بأن شيتبون ينصاع لحاخامي "هار همور"، وهي ييشيفاة (أي معهد ديني يهودي) تقع في هامش التيار الحريدي – القومي. وهؤلاء الحاخامون يقودون المعارضة لبينيت داخل "البيت اليهودي". ورغم أن هؤلاء الحاخامين خرجوا من المفدال و"البيت اليهودي"، إلا أنهم يرون ببينيت على أنه "عدو اليهودية"، ولا يزال صوتهم مركزيا ومسموعا بشكل واسع في أوساط الصهيونية – الدينية.

 


أحد أبرز هؤلاء الحاخامين هو الحاخام شلومو أفينير، الذي نشر مقالا في موقع "كيبا"، الأسبوع الماضي، وأوضح فيه أن ما يهم الصهيونية – الدينية هي قضايا الهوية اليهودية وليس قضايا "أرض إسرائيل". وانتقد أفينير بينيت وتقربه من لبيد وليفني في كل ما يتعلق بقانون التهود وقانون تجنيد الحريديم للجيش وقانون الأم التي تستضيف في رحمها جنينا لصالح آخرين.

 


وكتب أفينير "لينقذ الرب البيت اليهودي العزيز والمحبوب من الروح الشريرة التي تعصف فيه، ولتفتح الأبواب أمام (المذهبين اليهوديين اللذين لا يعترف بهما المذهب الأرثوذكسي) المحافظين والإصلاحيين وحتى أمام المسيحيين".

 


وتابع "ويل لنا من الدستور! الملك عاريا! نحن نتوقع دستورا علويا للأفعال وليس للأقوال، دستورا من أجل رفع راية عليا... ليس لرئاسة الحكومة نتطلع، ليس لتقريب الدين من الجمهور العلماني من أجل توسيع دائرة الناخبين، ليس لحزب ليكود ثان نتوق، ولا نريد توسيع صلاحيات رئيس (الحزب)، وإنما نتوق لتعزيز التوراة في الدولة".

 


لكن بينيت يتمتع بتأييد الحاخام حاييم دروكمان، الذي يعتبر "شيخ" حاخامي الصهيونية الدينية. ودروكمان ليس الحاخام الوحيد الذي يدعم بينيت، وقد هاجم أفينير، يوم الثلاثاء الماضي، وقال لإذاعة "القناة السابعة" اليمينية – الاستيطانية إن ما كتبه أفينير "يؤلمني. كيف يمكنه كتابة أمور كهذه، مسيئة ومشوهة ولا توجد فيها أية حقيقة. يزعزعني كيف أن يده لم ترتجف".

 


رغم كل ما تقدم، يؤكد خبراء إسرائيليون في شؤون الأحزاب الدينية اليهودية أن "الإصلاحات" التي يقودها بينيت تحافظ على الطابع الديني لحزب "البيت اليهودي". وعبارات مثل "توراة إسرائيل" و"إله إسرائيل" كانت موجودة في برنامج هذا الحزب وستبقى موجودة فيه. وعدا مسألة فتح صفوف الحزب أمام العلمانيين، فإن الصراع يدور حول استمرار العملية غير المعلنة التي يقودها بينيت، وهي إقصاء الحاخامين عن موقع القوة البالغة الذي حظوا به خلال العقود الماضية. ولا يزال معظم حاخامي الصهيونية – الدينية يدعمون بينيت ويعبرون عن تأييدهم المعلن له لسببين: لأنهم يؤيدون أيديولوجية بينيت اليمينية المتطرفة الاستيطانية، ولأنهم يدركون حجم قوته وشعبيته لدى الجمهور اليهودي عامة.