على هامش المشهد

 

المحلل السياسي باراك رافيد: لا توجد لدى نتنياهو خطة أو إستراتيجية للخروج من الحرب ضد غزة

 

 

 

* "نتنياهو وصل إلى مرحلة ليس مستعدا فيها لدفع أي ثمن. والحد الأقصى الذي بإمكانه أن يعطيه لا يصل إلى الحد الأدنى لما يمكن أن توافق حماس عليه"*

 

 

 

 

كتب بلال ضاهر:

 

 

 

من المقرر أن تكون التهدئة التي أعلن عنها رئيس الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات وقف إطلاق النار، عزام الأحمد، في القاهرة يوم الأربعاء الماضي، قد انتهت مدتها عند منتصف الليلة الماضية. وبدا لدى كتابة هذه السطور، أمس الاثنين، أن مواقف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما زالت متباعدة ولا تمكن من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم، وربما حتى لا تمكن من تمديد التهدئة لعدة أيام أخرى.

 

وأعلن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، لدى افتتاحه اجتماع حكومته، أول من أمس الأحد، أن "الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة يعمل منذ اليوم الأول تحت تعليمات واضحة جدا وهي عبارة عن الإصرار بحزم على الاحتياجات الأمنية لإسرائيل. وفقط إذا ما تمت تلبية احتياجاتنا الأمنية، حينها سنوافق على التوصل إلى تفاهمات... وإن اعتقدت حماس أنها ستغطي على خسارتها العسكرية بإنجازات سياسية، فهي خاطئة. وإن اعتقدت حماس أنه من خلال مواصلة إطلاق الصواريخ بشكل متقطر ستدفعنا إلى تقديم التنازلات، فهي خاطئة. وما دام لم يعد الهدوء، ستتكبد حماس المزيد من الضربات القاسية جدا. وإن اعتقدت حماس أننا لا نستطيع تحمّل ذلك لفترة طويلة، فهي خاطئة".

 

وفي غضون ذلك، ذكرت تقارير صحافية إسرائيلية، أول من أمس، أن وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، العضو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، دفعت خلال الأسابيع الماضية اقتراحا يقضي بأن تنفذ إسرائيل خطوات أحادية الجانب، تحت عنوان "تسوية مقابل العالم". ووفقا لهذا الاقتراح، فإن إسرائيل ستنفذ خطوات أحادية الجانب تشمل تسهيلات لسكان قطاع غزة وتحظى بدعم المجتمع الدولي والدول العربية، "من دون التوقيع على اتفاق مع حركة حماس".

 

وكان رئيس حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف ووزير الاقتصاد، نفتالي بينيت، العضو في الكابينيت، قد طرح أفكارا مشابهة لتلك التي تطرحها ليفني، يوم الجمعة الماضي.

 

وحول احتمالات وقف إطلاق النار أو استئناف القتال والموقف الإسرائيلي من ذلك، أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع المراسل والمحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، باراك رافيد.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي: هل يريد نتنياهو وقف إطلاق نار في قطاع غزة لفترة طويلة، وليس وفقا لشروطه وإنما من خلال التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين؟

 

رافيد: "أعتقد أن ما يريده نتنياهو بالأساس هو التوصل إلى وضع يسود فيه الهدوء. ولذلك فإنه مستعد للتوصل إلى هدوء كهذا بأي ثمن تقريبا، بما في ذلك التوصل إلى الهدوء من دون أي اتفاق وحتى من خلال العودة مرة أخرى إلى تلك المعادلة التي تقول ’الهدوء مقابل الهدوء’، أي، من جهة لا يتم إطلاق صواريخ، ومن الجهة الأخرى ألا يضطر أن يواصل الجيش الإسرائيلي العملية العسكرية في غزة. لكني لا أعتقد أنه توجد لدى نتنياهو خطة ما أو إستراتيجية منتظمة أكثر أو واضحة أكثر من ذلك للخروج من هذه الحرب".

 

(*) هل واضح لإسرائيل أن حالة كهذه، أي معادلة "الهدوء مقابل الهدوء"، ربما لن تكون، وأنه من الجائز أن الفصائل الفلسطينية، بدون التوصل إلى اتفاق في القاهرة، قد تستأنف إطلاق الصواريخ؟

 

رافيد: "أعتقد أن نتنياهو يأمل بوقف إطلاق النار، لأنه سئم من هذه الحرب. وكذلك في غزة سئموا الحرب. ونتنياهو يأمل بأن تتوقف الحرب لعدة شهور على الأقل. وسيكون نتنياهو مسرورا إذا حصل على وقف إطلاق نار لمدة ثلاثة أو أربعة شهور أو نصف عام، حتى جولة القتال المقبلة، لكي ينتعش مما جرى هنا في الشهرين الأخيرين".

 

(*) وذلك من دون أن يوافق على أي مطلب فلسطيني؟

 

رافيد: "نتنياهو وصل إلى مرحلة ليس مستعدا فيها لدفع أي ثمن. والحد الأقصى الذي بإمكان نتنياهو أن يعطيه لا يصل إلى الحد الأدنى لما يمكن أن توافق حماس عليه. والجميع يدرك ذلك الآن. ولذلك فإن كل هذه المفاوضات في القاهرة كان مصيرها الفشل، منذ يومها الأول".

 

(*) كم من الوقت بإمكان إسرائيل أن تتحمل إطلاق صواريخ من قطاع غزة، والوقوف أمام ضغوط دولية، أميركية وأوروبية، من أجل إنهاء الحرب؟

 

رافيد: "أعتقد أن ما يقدر نتنياهو أن بإمكانه تحقيقه، هو وقف إطلاق نار من دون اتفاق ومن دون أي شيء خطي، ويتوقف فيه كلا الجانبين عن إطلاق النار، انطلاقا من أن الجانبين يريدان إعادة تنظيم نفسيهما من جديد وإعادة شحن قواهما، خاصة وأن السكان في الجانبين قد تعبوا من الحرب. وأعتقد أن نتنياهو يبني تقديراته على هذا الأمر. والمشكلة هي، كما تقول، أنه يصعب التصديق بأن حماس ستتوقف عن إطلاق النار. ولذلك فإننا سنعود إلى ما نسميه تقطير الصواريخ وإطلاق قذائف هاون على البلدات الإسرائيلية القريبة من الشريط الحدودي، ورد فعل إسرائيل ضد خلايا تطلق الصواريخ. وعمليا، في هذه الحالة، فإننا سنعود إلى نقطة البداية نفسها، فيما كلا الجانبين تكبدا خسائر فادحة، ولكننا عدنا إلى نقطة الصفر ولم يحقق أي جانب شيئا".

 

(*) هل توافق إسرائيل على خطط لترميم القطاع؟

 

رافيد: "هذا متعلق بطبيعة الخطط المطروحة، ومتعلق من هي الجهة التي ستنفذ أعمال الترميم وكيف ستتم هذه الأعمال. لكنني لا أعتقد أنه توجد لدى نتنياهو إستراتيجية واضحة، حول ما هو مستعد أو غير مستعد لأن يوافق عليه، وماذا يتعين فعله في الفترة المقبلة. ولكن بصورة عامة جدا، فإنه يؤيد ترميم القطاع مقابل نظام رقابة معين على ما يحدث في قطاع غزة ومنع تسلح حماس. لكن الأمور الآن عامة جدا وليس بالإمكان القول كيف سينفذ ذلك. ونتنياهو يعرف بصورة عامة ماذا أراد أن يحدث، لكنه لا يعرف كيف بالإمكان تنفيذ ذلك وكيف بالإمكان الوصول إلى مرحلة كهذه".

 

(*) هل من الجائز أن إسرائيل تفضل تسوية يفرضها المجتمع الدولي والأمم المتحدة؟

 

رافيد: "أعتقد أنه في حال لم يتم التوصل إلى أي شيء حتى منتصف الليلة الماضية، وهو موعد انتهاء الهدنة التي بدأت عند منتصف ليلة الأربعاء – الخميس الماضية، فإنه يوجد احتمال كبير جدا بأن تنتقل المحادثات من القاهرة إلى نيويورك، أي إلى مجلس الأمن الدولي. وعندها يمكن للمجتمع الدولي أن يقول إنه ليس مستعدا للمخاطرة بالعودة إلى إطلاق النار، وأن الجانبين غير قادرين على التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بقواهما الذاتية وبالوساطة المصرية، ولذلك فإن مجلس الأمن الدولي سيحاول العمل من أجل فرض تسوية على الجانبين. وأعتقد أن خطوة كهذه من شأنها أن تكون إشكالية جدا بالنسبة لإسرائيل، في حال أنها لا تنضم إليها وإنما ستنجر إلى داخلها".