تدهور كبير في أوضاع التعليم العالي في إسرائيل

على هامش المشهد

 

 

 

تحليلات: الحرب على غزة عزّزت حملة الملاحقة السياسية ضد العرب في إسرائيل ونوابهم

 

 

 

 

إلى جانب دعم الرأي العام الإسرائيلي، الذي يكاد يكون جارفا، للحرب العدوانية على غزة من غير أن يكترث بالأهوال التي تحدثها هناك، فإن مظاهر العنصرية والفاشية والإجراءات غير الديمقراطية في إسرائيل تجاه الأقلية الفلسطينية جاءت عنيفة وغير مسبوقة.

 

فالشرطة الإسرائيلية قمعت المظاهرات السلمية، والشركات الكبرى فصلت من العمل عاملين عبروا، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، عن معارضتهم للمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة.

 

وقام الكنيست الإسرائيلي بإبعاد النائبة حنين زعبي من التجمع الوطني الديمقراطي عن هيئته العامة ولجانه، لأنها رفضت وصف خاطفي المستوطنين الثلاثة بأنهم "إرهابيون" ونددت بالمجازر في غزة. وبكلمات أخرى، فإن المجتمع اليهودي في إسرائيل، وإلى جانبه مؤسسات الدولة، فقد في هذه الحرب القليل مما تبقى لديه من قيم التسامح وتعددية الآراء.

 

وندّد رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الأسبق عامي أيالون ونائب رئيس "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" والخبير القانوني، البروفسور مردخاي كريمنيتسر، في مقال مشترك في موقع "واللا" الإلكتروني، يوم الخميس الماضي، بزعبي، بادعاء أن تصريحها حول المستوطنين الثلاثة "دل على انعدام حساسية إنسانية كان يجدر بها إبداءها تجاه إلحاق أي أذى بغير الضالعين في القتال"، رغم أن الإسرائيليين والغالبية الساحقة من نخبهم لم يعبرا عن أية حساسية تجاه مقتل نحو أكثر من 1500 من المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة.

 

واعتبرا أن تصريحات زعبي "تدل على انعدام فهم أساس من جانبها لجوهر الإرهاب. ولشدة الأسف، فإنها ليست الوحيدة في هذا الموقف، ولديها شركاء كثر من اليهود والعرب".

 

والأمر اللافت هنا هو أن خبيرا قانونيا بمكانة البروفسور كريمنيتسر، ومكانته مرموقة في إسرائيل في مجال الدفاع عن الحريات الديمقراطية، يعتبر أنه مضطر إلى مقدمة كهذه من أجل أن ينتقد قرار "لجنة الآداب" في الكنيست.

 

وأضاف الكاتبان أن "العقل يلزم بمعارضة قرار لجنة الآداب التابعة للكنيست بأن تفرض على زعبي العقوبة الأكبر المخولة بها اللجنة، ولا تتناسب بتاتا مع أية عقوبة تم فرضها في حالات أخرى، وهي إبعادها عن جلسات الهيئة العامة واللجان، باستثناء التصويت، لستة أشهر".

 

وأضافا أنه بقرارها هذا فإن "لجنة الآداب تمس بحرية التعبير... وقد مسّت صميم الديمقراطية، وهو حرية التعبير السياسية، وحرية عضو الكنيست الذي يمثل ناخبيه. ويزداد هذا المس على ضوء حقيقة أن الحديث يدور حول عضو كنيست من قبل الأقلية، وهي ابنة للشعب الفلسطيني". وخلصا إلى أن "هذه لجنة بدون آداب".

 

من جانبه، أكد الخبير القانوني والمحاضر في جامعة تل أبيب، البروفسور إيال غروس، أن إبعاد زعبي عن الكنيست يشكل "مرحلة أخرى في الملاحقة السياسية"، خاصة وأن المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، قرر أنه لا ينبغي اتخاذ إجراءات جنائية ضد زعبي.

 

وأضاف أن "بالإمكان مناقشة أقوال زعبي، لكنها قيلت في إطار القانون" لأنها لم تعبر عن تأييدها لعملية اختطاف المستوطنين. "كما أن أقوالا أدلت بها زعبي بشأن ’المقاومة الشعبية’، لا تشكل دعوة إلى العنف".

 

وأشار غروس إلى أقوال عديدة وخطيرة أدلى بها أعضاء كنيست من اليمين المتطرف، لكن "لجنة الآداب" لم تتخذ إجراءات استثنائية بحقهم. فعندما قال عضو السابق أرييه إلداد إن من يقرر الانسحاب من أراض فلسطينية محكوم بالإعدام، اكتفت اللجنة بإبعاده عن جلسات الكنيست ليوم واحد فقط. وعندما وصف عضو الكنيست الحريدي السابق مناحيم بوروش، قاضي المحكمة العليا ميشائيل حيشين، بأنه "خنزير"اكتفت "لجنة الآداب" بتوجيه "توبيخ شديد" إليه.

 

ورأى غروس أنه "يجب إبداء الأسف على أنه خلافا لرئيس الكنيست السابق ورئيس الدولة الجديد، رؤوفين ريفلين، الذي عارض الملاحقة السياسية ضد النواب العرب وخاصة زعبي، فإن خليفته في رئاسة الكنيست، يولي إدلشتاين، هو الذي قاد الحملة ضد زعبي هذه المرّة. والقرار المرفوض والتمييزي، الذي يسعى إلى وضع حدود مصطنعة للنقاش السياسي، هو مرحلة أخرى في مسار تدمير الديمقراطية الإسرائيلية".

 

وكانت صحيفة "هآرتس" قد أنشأت قبل أكثر من أسبوع افتتاحية ردت فيها على تحريض وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدورليبرمان ضد الفلسطينيين في إسرائيل.

 

وكتبت قائلة:

 

"إن دعوة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إلى مقاطعة المحلات التجارية العربية التي أضربت احتجاجاً على عملية "الجرف الصامد" هي فعل تحريضي انتهازي خطير من جانب زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يثبت أنه لا يتردد في استغلال موجات التوتر والقلق في هذه الأيام من أجل تحقيق مكاسب سياسية وسط الجمهور اليميني المتطرف. ومن أجل هذا الهدف فإن ليبرمان مستعد لإثارة المشاعر وتحريض المواطنين ضد بعضهم البعض، وتحطيم مبادىء أساسية في النظام الديمقراطي.

 

"للفلسطينيين من سكان إسرائيل مثل جميع المواطنين الآخرين الحق الكامل في التعبير عن احتجاجهم على سياسة الحكومة، لا سيما إذا كان التعبير عن هذا الاحتجاج سلمياً مثل إغلاق المحلات التجارية.

 

"إن مبادرة ليبرمان، الذي ينسى أنه وزير كبير وليس مجرد سياسي محرض، هي استمرار لموجة تشريعات مشابهة بادر إليها رفاقه في الحكومة الحالية وهدفها إسكات النقد والتحريض ضد الأقليات. فقوانين مثل "قانون المقاطعة" و"قانون الجمعيات" هي بمثابة عقاب رسمي يفرض عقوبات اقتصادية على كل من ينتقد سياسة الحكومة، وقوانين مثل "قانون النكبة" ومشروع قانون "المتبرعين للدولة" تساهم في تشويه صورة الفلسطينيين في إسرائيل.

 

"في ظل هذه السياسة، ليس مستغرباً أن يهبط الخطاب السياسي في إسرائيل إلى هذا المستوى المتدنّي وأن يكون مفعماً بدعوات الإسكات والعنف. فالرسالة التي تصل إلى المواطنين هي أن كل من ينتقد الحكومة سيتعرض في نهاية المطاف إلى ضرر مباشر - إن لم يكن أذى جسدياً مثل إحراق الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير، فأذى اقتصادي أو مهني".

 

وختمت الصحيفة:

 

"إن هذا التحريض الذي يتدحرج من داخل حكومة إسرائيل إلى المجتمع هو الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى العنف الجسدي الذي ينتشر في التظاهرات في هذه الأيام حيث يهاجم نشطاء اليمين المتظاهرين الذين يحتجون على سياسة الحكومة وهم يهتفون " الموت للعرب" و"الموت لليساريين".

 

"ويشكل التحريض العنصري الذي يقوم بنشره ليبرمان، وليست هذه المرة الأولى جزءاً من موجة سوداء تهدد صورة إسرائيل. ويتعين على أعضاء الحكومة وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو أن يشجبوا هذه الأقوال وأن ينددوا بمبادرات وزير الخارجية الخطرة".