تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

على هامش المشهد

 

تراجع محفزات الضباط الإسرائيليين الشبان للخدمة العسكرية الدائمة

 

 

 

 

يسود قلق في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي بسبب نتائج استطلاع للرأي العام أجراه قسم العلوم السلوكية بين الضباط في الخدمة الدائمة، إذ أظهرت نتائج الاستطلاع وجود تراجع كبير ملموس في محفزات هؤلاء الضباط للاستمرار في الخدمة العسكرية الدائمة.

 

وقالت صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، إنه على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يمتنع عن نشر المعطيات الكاملة للاستطلاع، إلا أن اتجاه الأمور واضح منذ عدة شهور، "وعلى ما يبدو أن الاستنتاجات من الاستطلاع أصعب مما هو متوقع"، فقد تبين أن الضباط في الخدمة الدائمة قلقون على مستقبلهم.

 

وأجاب عدد أكبر من الضباط هذا العام، قياسا بالأعوام الستة السابقة والتي أجريت فيها استطلاعات مشابهة، بالإيجاب لدى ردهم على السؤال "هل تفكر بترك الخدمة العسكرية؟". وتبين أنه ارتفع عدد الضباط الشبان الذين يطلبون فسخ العقد الذي وقعوه مع الجيش، أو أنهم يرفضون تمديده.

 

ووفقا للصحيفة، فإن "محفزات الضباط في الخدمة العسكرية الدائمة أخذ ينخفض إلى حضيض بدأ يذكر بفترات محزنة، مثل الأزمة التي حدثت في نهاية حرب لبنان الأولى وبعدها، ورفض حينها جنود متفوقون الترقي إلى رتب ضباط، وبالأزمة الأقصر مدة التي حدثت خلال العامين اللذين أعقبا حرب لبنان الثانية".

 

وعلل الضباط المشاركون في الاستطلاع الأسباب التي أدت لتراجع المحفز لديهم للاستمرار في الخدمة الدائمة، بأنها مرتبطة بما وصفوه على أنها "نظرة عدوانية وحتى شريرة" للمجتمع الإسرائيلي تجاههم.

 

ويشير الضباط بذلك إلى السجال في إسرائيل، الذي تصاعدت حدته هذا العام، حول ميزانية الأمن، وتم التعبير عنه من خلال خطابات وزير المالية، يائير لبيد، الذي طالب بتقليص هذه الميزانية. كذلك أيد تقليص الميزانية العديد من المحللين من خلال مقالات انتقدوا خلالها التبذير والرخاء الذي يعيش فيه ضباط الجيش من حيث شروط رواتبهم وتكلفتها المرتفعة.

 

والجدير بالذكر في هذا السياق أن الجيش ما زال يحتل المكانة الأولى لسلم ثقة الجمهور بالمؤسسات الإسرائيلية. لكن الجمهور يميز بين دعمه بصورة عامة للجيش، الذي يمثل بالنسبة إليه الجنود من وحدات النخبة، وبين الانتقادات المتزايدة لشروط عمل الضباط وتكلفة رواتبهم المرتفعة وخاصة تسرح الضباط الكبار في سن صغيرة نسبيا وبراتب تقاعدي مرتفع.

 

وتبين أن تراجع هذه المحفزات ليس مرتبطا بنظرة المجتمع للضباط فقط، إذ أن "نموذج الخدمة العسكرية الدائمة المتبعة في الجيش الإسرائيلي موجود في مراحل الانهيار. والتسوية التي توصل إليها جهاز الأمن مع وزارة المالية قبل سنوات قليلة حول رفع تدريجي لسن تسريح الضباط الذين يخدمون في الجبهة الداخلية لم تحقق هدفها". وقد عيّن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، لجنة من أجل البحث في أفكار جديدة من أجل إتباع نموذج جديد. ويبدو أن الاتجاه هو نحو تجنيد عدد أكبر للخدمة الدائمة لفترات أقصر نسبيا، من دون منحهم تقاعدا فور تسرحهم في سن مبكرة.

 

وقال مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي: "إننا عالقون في نموذج غير ناجح. والجيش يشيخ (في إشارة إلى سن الضباط)، وسبل ترقية ضباط الأركان مسدودة أمام الشبان فيما الأكبر سنا يتسرحون في سن متأخرة جدا، ويصعب عليهم فيها الاندماج في سوق العمل المدنية. والطريقة الحالية خلقت وضعا ليس مريحا للمؤسسة بوجود ضابط يقترب من سن الأربعين وتبقيه في صفوفها حتى يبلغ سن التقاعد الكامل، حتى لو كان يؤدي دوره بصورة متوسطة".

 

وفي سياق ميزانية الأمن، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، خلال مؤتمر هرتسليا السنوي، مطلع الأسبوع الماضي، أنه تم الإعلان عن "وقف إطلاق نار" في الخلاف بين وزارته ووزارة المالية حول ميزانية الأمن. وتتواصل الاتصالات بين الجانبين بصورة هادئة في هذه الأثناء.

 

من جانبه، طالب رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، زئيف إلكين، بحل الخلاف حول ميزانية الأمن خلال أيام، وإلا فإنه سيدعو رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ويعلون ولبيد، إلى إجراء النقاش حول هذه الميزانية أمام أعضاء اللجنة البرلمانية.

 

وكان جهاز الأمن قد طالب بزيادة ميزانيته بمبلغ ملياري شيكل بادعاء أن هذا المبلغ سيستخدم لتغطية نفقاته حتى نهاية العام الحالي. لكن وزارة المالية ترفض ذلك. ويتوقع أن يحسم نتنياهو النقاش حول الميزانية بزيادتها بمليار شيكل، لكنه سيغلف هذه الزيادة بأن يجري الجيش تدريبات عسكرية بهدف تمكين لبيد من الخروج من هذا الخلاف مع وزارة الدفاع كمنتصر.

 

وقال غانتس، خلال مؤتمر هرتسليا: "إننا ندرك أننا في الجيش لسنا وحيدين، وإنما نحن جزء من دولة إسرائيل. والجيش الإسرائيلي منفتح لمناقشة أي إصلاح ممكن". وأضاف أنه يعترف بأهمية الاحتياجات المدنية في الميزانية العامة، مثل التربية والتعليم والرفاه وشق الشوارع وبناء المستشفيات، وهي بنود في الميزانية تم تقليصها في السنوات الكثيرة الماضية لصالح زيادة ميزانية الأمن.

 

وتأتي أقوال غانتس في وقت تعرض فيه هو وجهاز الأمن لانتقادات شديدة في أعقاب قراره بزيادة تقاعد الضباط في الخدمة الدائمة بنسبة 6% تعويضا عن خدمتهم النظامية لمدة ثلاث سنوات، وذلك في الوقت الذي قرر فيه الجيش وقف تدريبات سلاح الجو، في سياق السجال على ميزانية الأمن، وهو ما اعتبر أنه انعدام نجاعة الجيش في الاستفادة من ميزانيته الهائلة والتي تزيد عن 62 مليار شيكل سنويا.