مراقبون: انخفاض وتيرة التضخم يدل على تباطؤ اقتصادي

على هامش المشهد

 

المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية: عملية خطف المستوطنين الثلاثة ليست مفاجئة وينبغي التعامل مع سياقها السياسي

 

 

 

كتب بلال ضاهـر:

 

 

صعّد رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، من تهجمه ضد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، في أعقاب عملية خطف المستوطنين الثلاثة، يوم الخميس الماضي. واعتبر أن السلطة الفلسطينية ورئيسها هما الجهة المسؤولة عن عملية الخطف. واتهم نتنياهو حركة حماس بالوقوف خلف هذه العملية مشيراً إلى أن حماس هي "الحركة نفسها التي اختار عباس التحالف معها وتشكيل حكومة وحدة معها".

 

وأثارت تصريحات نتنياهو المتكررة في هذا الاتجاه انتقادات ضده من جانب وسائل الإعلام الإسرائيلية. لكن في هذه الأثناء بقي قادة الأحزاب اليسارية الصهيونية على صمتهم. كذلك لم يتحدث هؤلاء حول موضوع الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، وخاصة حول مشروع القانون الذي يسعى نتنياهو وحكومته لسنه ويقضي بإطعام الأسرى المضربين عنوة.

 

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي والمدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، الدكتور ألون ليئيل، في مقابلة خاصة أجراها معه "المشهد الإسرائيلي"، حول ما الذي يريد نتنياهو تحقيقه من تهجماته المتواصلة ضد الرئيس الفلسطيني: "نحن ننظر إلى عملية الخطف هذه من حيث توقيتها. فهي حدثت خلال الشهر الذي نصفه بأنه شهر ’لعبة الاتهامات’ فيما يتعلق بانهيار المفاوضات. ونتنياهو اتهم أبو مازن، والأميركيون وجهوا اتهامات إلينا أكثر مما للفلسطينيين. وهناك دوافع لدى نتنياهو لاتهام أبو مازن بانهيار المفاوضات والمصالحة مع حماس، وهو يحاول من خلال هذه الدوافع دحرجة كل شيء باتجاه أبو مازن".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": هل سياسة نتنياهو هذه حكيمة، ألا يوجد تخوّف في إسرائيل من أنها قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع؟

 

ليئيل: "هذه سياسة ليست حكيمة. وأنا أنظر إلى الوراء، وأدرك بعد أن حدث ما حدث، أنه خلال العام الأخير لم نتقدم نحو السلام وما إلى ذلك. واعتقدت طوال الوقت، وخلال المحادثات أيضا، أنه كان يتعين علينا أن نبذل جهودا أكثر. وطوال العام الأخير، كل سياسة إسرائيل كانت غير جدية حيال العملية السياسية. وفيما يتعلق باحتمال تفجر الأوضاع، فإن شعوري الشخصي، والشعور العام في إسرائيل، هو أن الفلسطينيين أدركوا أنه مريح أكثر بالنسبة لهم في الساحة السياسية من ساحة العنف. وينتابني هذا الشعور بسبب النجاحات التي حققها الفلسطينيون على المستوى السياسي، وأيضا على ضوء الحقيقة أن الفرق في قوة الجانبين تجعل الفلسطيني يفكر بأنه لو استخدم العنف فإنه سيصطدم بقوة إسرائيلية شديدة جدا. ولذلك أعتقد أن الكثيرين من الإسرائيليين قدروا أنه لن تندلع انتفاضة ثالثة، وأنا بينهم، وأن وجهة الفلسطينيين هي نحو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، لأنه بإمكان الفلسطينيين أن يحققوا نجاحا أكبر هناك. كذلك فإن قضية الخطف الحالية، هي ليست نوعا من عنف الانتفاضة. ولا أعرف إلى أين ستصل الأمور، وربما هذا حدث موضعي وحسب. وطوال الفترة الماضية كانت إسرائيل تعلن عن إحباط عملية خطف هنا وأخرى هناك، ولذلك فإني أعتقد أن هذا الوضع هو جزء من حياة الإسرائيليين. ويحصل الإسرائيليون على معلومات كثيرة حول محاولات خطف وإحباط عمليات. وهذه المرة نجحوا في تنفيذ عملية خطف، وهذا الأمر يسبب إحباطا في إسرائيل. لكن هذه العملية لم تكن مفاجئة".

 

(*) كيف ينظر الإسرائيليون إلى قضية الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام؟

 

ليئيل: "يوجد هنا نقاش إسرائيلي داخلي وعام حول الأسرى. وحتى أن هناك سجالا حادا حول مشروع قانون إطعام الأسرى المضربين عن الطعام عنوة. ولا شك أنكم رأيتم موقف الأطباء المعارض لهذا القانون. وأعتقد أن اليسار يعارض ذلك. وأعتقد أننا وصلنا إلى وضع معقد للغاية في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني بالنسبة لإسرائيل. وحقيقة أنه لا توجد مفاوضات، وحقيقة أن حماس وفتح شكلتا حكومة وحدة، وأن معظم دول العالم، بمن في ذلك الأميركيون، يرون بإسرائيل المتهمة الأساسية في انهيار المفاوضات، خلق نوعا من الضعف الإسرائيلي في الحلبة الدولية. ومن هنا فإن الحساسية حيال وضع هؤلاء الأسرى هي هائلة، بمعنى أنه إذا أدى الإضراب عن الطعام، لا سمح الله، إلى موت أسير، فإن هذا سيلحق بإسرائيل ضررا كبيرا جدا في الحلبة الدولية. وهناك هلع إسرائيلي حيال ذلك. والأمر نفسه بالنسبة لعملية الخطف، فقد وقعت على خلفية وضع إسرائيل الصعب في الحلبة الدولية. ولذلك فإن الشعور هنا، وهذا يستند إلى الواقع، هو أن العالم غير مبال تجاه هذه العملية، وهذا نابع من عدة أسباب بينها الوضع في العراق والمونديال. والشعور هو أنه لو حدث أمر كهذا في أيام عادية لاهتم العالم بذلك أكثر. وأنا أحاول وضع عملية الخطف في سياقها السياسي. وفي السياق السياسي توجد عوامل خارجية وأخرى داخلية. وبكل ما يتعلق بالعوامل الخارجية فإن إسرائيل موجودة في فترة غير مريحة أبدا. وفيما يتعلق بالعوامل الداخلية، فإن نتنياهو، وأيضا بسبب الانتقادات الدولية عليه، يشعر أن لديه فرصة سانحة الآن لتوحيد الجمهور الإسرائيلي. ومما أسمعه، حتى في الإذاعة الإسرائيلية، فإنه يوجد حتى توتر داخلي إسرائيلي جراء عملية الخطف. والنقاشات بين اليسار واليمين عاطفية جدا. وأرى من خلال الصحف والإذاعات أن الجمهور الإسرائيلي ليس موحدا حتى في ساعة الأزمة الحالية والأزمة الدولية. وهناك قسم من الجمهور لا يفهم إلى أين إسرائيل متجهة. وعملية الخطف تضع علامات استفهام أمام الجميع".

 

(*) الصحافة الإسرائيلية وجهت انتقادات لنتنياهو بسبب تصريحاته ضد عباس. كيف تفسر ذلك؟

 

ليئيل: "نتنياهو وجه إصبع الاتهام إلى حماس واتهمها بالمسؤولية عن عملية الخطف. لكن نتنياهو يهاجم أحدا ما بصورة دائمة ويوجه إصبع الاتهام إلى جهة خارجية، إلى إيران وحماس والتحريض. هو يوجه النيران نحو الخارج دائما. هكذا يعمل. وينبغي أن نذكر أنه توجد معلومات أمامه أكثر من أي شخص آخر. لكني لا أعتقد أنه بموجب هذه المعلومات كان هناك ما يبرر توجيه نيرانه الآن نحو أبو مازن، وبالتأكيد ليس على المستوى السياسي، لكن هكذا يعمل نتنياهو. فهو طوال الوقت يهاجم ويتهم، وبأسلوبه هذا هو يخلق الوحدة في معسكره (اليميني) على الأقل".

 

(*) هناك انتقاد لليسار الإسرائيلي، والمقصود قيادة الأحزاب مثل العمل وميرتس، بأنه صامت منذ عملية الخطف. ما رأيك؟

 

ليئيل: "ماذا يمكنهم أن يقولوا. هذه مأساة شخصية بالنسبة للعائلات، حتى الآن. وهناك نوع من التضامن والتعاطف على المستوى الإنساني. كما أنه في هذه الأثناء يبحث الجيش الإسرائيلي عن هؤلاء الفتية، ولذلك يبدو لهم أنه ليس مناسبا أن تهاجم الحكومة في وضع كهذا. وأنا أتفهم أنه يصعب على سياسيين من اليسار التحدث في الموضوع. لكن من الجهة الثانية، فإني أرى أن كبار الصحافيين يربطون عملية الخطف بالإخفاقات السياسية الإسرائيلية. وهم يكتبون بشكل صريح أن التعنت الإسرائيلي أدى إلى تنفيذ هذه العملية. كذلك أنا اقرأ وأستمع إلى الصحافيين اليمينيين الذين ينفلتون ضد الصحافيين اليساريين وحتى أنهم يتهمونهم بالخيانة. وبالمناسبة، نظرية اليمين تعتبر أن لا علاقة لعملية الخطف بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وأن تنظيم القاعدة يقتل ويخطف كيفما يشاء ولا علاقة لما يفعله بأي شيء".