في سابقة قضائية - المحكمة العليا الإسرائيلية تمنع نشر رواية أدبية

على هامش المشهد

 

في الطريق نحو انتخاب رئيس جديد لدولة إسرائيل

 

"نتنياهو يحاول اغتيال أصول اللعبة الديمقراطية وقواعدها"!

 

 

 

 

*هكذا وصف بعض المراقبين والمحللين الإسرائيليين مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية لمنع انتخاب رؤوفين ريفلين، وتأجيل موعد انتخاب رئيس الدولة الجديد، وسحب صلاحية التكليف بتشكيل حكومة جديدة من يدي رئيس الدولة، بل وفحص إمكانية "إلغاء مؤسسة الرئاسة" كليا!*

 

 

 

لا تزال الحلبة السياسية ـ الحزبية الداخلية في إسرائيل تعيش حالة من التأهب والترقب في انتظار الخطوة التالية التي سيلجأ إليها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في معركته الحامية الوطيس للحيلولة دون انتخاب غريمه السياسي رؤوفين ريفلين رئيسا قادما لدولة إسرائيل، وذلك بعدما فشلت محاولاته المستميتة لتأجيل موعد انتخاب رئيس الدولة الجديد ولإدخال تعديل قانوني يفضي إلى إلغاء مؤسسة الرئاسة في دولة إسرائيل كليا، وهي المحاولات التي وصفها بعض المراقبين والمحللين السياسيين في إسرائيل بأنها "محاولة لاغتيال أصول اللعبة الديمقراطية وقواعدها" وبأنها "قضية مخجِلة"!

 

وتزداد حالة التأهب والترقب هذه تعمقا واحتدادا على خلفية ما نقلته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن "مسؤول رفيع في الائتلاف الحكومي" قائلا إنه "ليس واضحا لنا، البتة، ما يريده السيد نتنياهو. لكن الواضح تماما هو أن نتنياهو لا يريد رؤوفين ريفلين رئيسا، مهما يكن الثمن"!

 

 

 

أهواء، نزاعات ومطامح شخصية

 

وكانت الحلبة السياسية ـ الحزبية الإسرائيلية قد دخلت، في الأسابيع الأخيرة، حالة من الشد والصراع بين أطراف مختلفة في الائتلاف الحكومي بعدما كشف النقاب عن نية رئيس الحكومة، نتنياهو، الدفع باتجاه تشريع قانوني خاص يقضي بتأجيل الانتخابات لمنصب رئيس الدولة الجديد (خلفا لشمعون بيريس الذي سينهي مهمات منصبه قريبا) لبضعة أشهر، وذلك على خلفية الصورة التي ارتسمت أمام ناظريه وأثارت قلقا شديدا لديه ومفادها أن ريفلين هو صاحب الحظوظ الأكبر من بين المرشحين للفوز بمنصب رئيس الدولة الجديد.

 

وكان وزير الداخلية غدعون ساعر (ليكود) أول من أثار الضجة الائتلافية حول نية رئيس الحكومة هذه ومحاولاته المذكورة التي جرت من وراء الكواليس، حين كتب على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) يقول: "سأعارض أي محاولة، إن كانت ثمة كهذه، لتأجيل موعد انتخاب رئيس الدولة أو لإلغاء مؤسسة الرئاسة عشية المنافسة القريبة".

 

وجاء تعليق ساعر هذا على خلفية ما تناقلته الأنباء عن "مصادر في الائتلاف الحكومي" قولها إن نتنياهو "يواصل البحث عن طرق لإلغاء الانتخابات لمنصب رئيس الدولة"، مضيفة أنه "معني بتعيين رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، رئيسا مؤقتا للدولة لبضعة أشهر خلفا لشمعون بيريس، فيما سيحاول خلالها دفع تشريع قانوني يفضي إلى إلغاء مؤسسة الرئاسة كليا".

 

وعقب مقربو نتنياهو على تصريح ساعر هذا بالقول إنها "خطوة غير بريئة"، إذ "يبدو أن ساعر يحضّر نفسه للمنافسة مستقبلا على رئاسة الليكود، عشية الانتخابات البرلمانية المقبلة" وأن "ساعر معني بفوز ريفلين بمنصب رئيس الدولة أملا منه في أن يكلفه ريفلين بتشكيل الحكومة القادمة"!

 

وقد انضم إلى ساعر عدد غير قليل من الوزراء وأعضاء الكنيست من "الليكود" وأحزاب ائتلافية أخرى في تحرك شكل نوعا من التمرد الداخلي ضد مسعى رئيس الحكومة عبر عنه أحد الأعضاء القياديين في الليكود بالقول: "مع كل الاحترام للأنا المتضخمة لدى رئيس الحكومة، عليه أن يدرك أن ثمة حدودا لما يمكنه فعله. إنه في حالة ضغط وهذا ما تدل عليه، أيضا، خطوته هذه. إذا كان قلقا ومتخوفا من انتخاب رؤوفين ريفلين، فأين كان طيلة الأشهر الفائتة؟ لقد كان بإمكانه إعداد مرشح آخر بديل".

 

وفي المقابل، تجند الوزراء وأعضاء الكنيست من حزب "إسرائيل بيتنا" (شريك الليكود في الحكم) لدعم نتنياهو وتأييد مسعاه هذا، معلنين أنهم سيدعمون تأجيل موعد انتخاب رئيس الدولة الجديد "إذا كانت فكرة تأسيس نظام رئاسي تتضمن، أيضا، مركّبات تنسجم مع أفكار الحزب وطروحاته في هذا المجال".

 

واللافت في الأمر أن نتنياهو شخصيا لم يصدر أي تعليق أو تصريح علني في هذا الموضوع، بالرغم عن العاصفة العلنية الحادة التي أثارتها مساعيه هذه في صفوف حزبه (الليكود) والأحزاب الائتلافية الأخرى.

 

لكن رهان نتنياهو ومساعديه على قدرتهم على تجاوز تمرد أعضاء الكنيست والوزراء الليكوديين والتغلب عليه اصطدم، أخيرا، بمعارضة رئيس حزب "يوجد مستقبل"، وزير المالية يائير لبيد، لمساعي نتنياهو مما اعتبره المراقبون والمحللون السياسيون الإسرائيليون المسمار الأخير في نعش هذه المساعي. فقد أعلن لبيد، بعد صمت دام أياما طويلة، أنه لن يسمح بتأجيل الانتخابات لرئاسة الدولة معتبرا أن الأمر ينطوي على "تغيير دستوري لا يجوز اعتماده بطريقة متسرعة وفي اللحظة الأخيرة"!

 

وجاء إعلان لبيد هذا ليقطع الطريق على محاولة أخرى كان من المزمع أن يقوم بها نتنياهو فور عودته من زيارته الرسمية إلى اليابان، إذ كان من المقرر أن يعقد لقاء خاصا مع لبيد ورؤساء أحزب أخرى مشاركة في الائتلاف الحكومي بغية ممارسة الضغوط عليهم للقبول بمبادرته وتأييد مسعاه. غير أن لبيد لم ينتظر عقد هذا اللقاء، بل استبقه بإعلان رسمي واضح يغلق الباب على مبادرة نتنياهو.

 

وأثارت خطوة لبيد هذه مفاجأة كبيرة بين مقربي نتنياهو الذين كانوا دأبوا على التأكيد، قبلها، أنه سيكون في وسع رئيس الحكومة المضي في مسعاه هذا في الحكومة، رغم تشكيكهم بقدرته على تجنيد الدعم المطلوب بين أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي بغير فرض "الطاعة الائتلافية" عليهم جميعا. وقد جاء هذا التشكيك على خلفية إعلان ما يزيد عن 15 وزيرا وعضو كنيست من الليكود وأحزاب ائتلافية أخرى معارضتهم لمبادرة نتنياهو. وهذا ما دفع بعض المقربين من نتنياهو إلى التهديد بفرض عقوبات على الوزراء وأعضاء الكنيست الذين سيخرجون عن طاعة رئيس الحكومة ويقفون ضد رغبته. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن "مسؤول كبير في الائتلاف الحكومي" قوله: "سنفرض طاعة حديدية على الوزراء وأعضاء الكنيست... وكل مَن سيجرؤ على معارضة مشروع القانون من بينهم سيتحمل مسؤولية تصرفه هذا. لا يمكن أن تكون جزءا من الائتلاف وتصوّت ضده"!

 

 

ورطة نتنياهو وخشيته على مستقبله السياسي

 

من جانبه، أعرب رئيس كتل الائتلاف البرلماني، عضو الكنيست ياريف ليفين، عن تقديره بأن الجدول الزمني يستوجب الانتهاء من عملية تشريع التعديل القانوني في غضون أسبوعين. لكن مقربين من نتنياهو يعبرون الآن، جهرا، عن حالة من الارتباك والتلبك في دوائر رئيس الحكومة المصغرة في أعقاب إعلان لبيد المذكور والمعارضة المتسعة بين وزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي. ويضع هؤلاء احتمالين اثنين للخطوات اللاحقة التي يمكن أن يلجأ إليها نتنياهو: التخلي عن المسعى برمّته أو البحث عن مرشح من طرفه يكون قادرا على منافسة ريفلين، بل والتغلب عليه.

 

ويقول هؤلاء إن "السؤال المفتاحي هو: هل سيخوض سيلفان شالوم المنافسة؟"، مشيرين إلى أن التقديرات ترجح اعتزاله المنافسة، على الرغم من قرار المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، إغلاق ملف التحقيق ضده وعدم تقديم لائحة اتهام جنائية بحقه على خلفية شكاوى تقدمت بها موظفات سابقات عملن برفقته اتهمنه فيها بارتكاب ممارسات غير أخلاقية ومشينة بحقهن. ويضيف مقربو نتنياهو قولهم: باستثناء حزب "الحركة" (هتنوعا، برئاسة الوزير تسيبي ليفني)، ليس لدى أي من أحزاب الائتلاف الحكومي مرشح جدي وذو وزن للمنافسة على منصب رئيس الدولة يمكن للحكومة بأكملها الالتفاف حوله ودعمه. ومن هنا، يضيف هؤلاء: "ثمة احتمال قوي بالتأكيد أن يفوز ريفلين بالدعم الأوسع فيُتَوَّج مرشحا رسميا عن الليكود وأحزاب الائتلاف، رغم أنف نتنياهو"!

 

وحيال هذا الوضع الناشئ في الحلبة السياسية ـ الحزبية، يواجه رئيس الحكومة "معضلة قاسية"، على حد وصف أحد المعلقين السياسيين، تتمثل في أن المرشح الأقوى لمنصب رئيس الدولة القادم هو عضو الكنيست من "الليكود"، بالذات، ورئيس الكنيست السابق، رؤوفين ريفلين، وهو ما كان يمكن أن يشكل فرصة ذهبية لنتنياهو والليكود للتعويض عن خسارته في الانتخابات التي جرت في حزيران 2007، حين فاز شمعون بيريس على ريفلين، الذي كان مرشحا رسميا عن الليكود. لكن نتنياهو "غير معني" بريفلين الآن، على أقل تقدير. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن "شخصيات مركزية في الحلبة السياسية الداخلية" التقت نتنياهو خلال الأشهر الأخيرة قولها إن "رئيس الحكومة يبدو استحواذيا وقهريا في إصراره على لجم ريفلين ومنع انتخابه، بأي ثمن وبأي وسيلة غير تفعيل وحدة اغتيال تابعة لجهاز الموساد"! وأضافت تلك الشخصيات القول، وطبقا لما نشرته وسائل الإعلام في إسرائيل: "نتنياهو مستعد لإلغاء الدولة كلها في سبيل عدم انتخاب ريفلين... إنه أمر لا يصدق، إنه مثل حيوان جريح يصارع على حياته"!

 

غير أن معارضة نتنياهو لانتخاب ريفلين رئيسا قادما للدولة مردها الحقيقي يكمن في خشيته العميقة من أن يمتنع ريفلين، في منصبه رئيسا للدولة وضمن صلاحياته، عن تكليفه بتشكيل الحكومة القادمة، على خلفية الخلافات والترسبات الشخصية والحزبية العميقة بينهما. وعلى هذه الخلفية، تحديدا، جاءت تحركاته الأخيرة في ما يتعلق ليس فقط بهوية الرئيس الجديد للدولة، وإنما أيضا بالصلاحيات المخولة للرئيس وفقا للقانون بشأن التكليف بتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، ما قد يستدعي ـ من وجهة نظره ـ تغيير القانون، أو حتى تغيير نظام الحكم في إسرائيل.

 

ويخول القانون رئيس الدولة صلاحية تكليف أحد أعضاء الكنيست، بعد الانتخابات البرلمانية، مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، بعد التشاور مع ممثلي الكتل البرلمانية الجديدة. وقد درجت العادة على أن يسند رئيس الدولة هذه المهمة إلى عضو الكنيست الذي يحظى بتأييد أكبر عدد من الكتل البرلمانية، وليس إلى رئيس الحزب الأكبر تحديدا. وهذا ما حصل، أيضا، في أعقاب الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة التي جرت في العام 2009، إذ أسند رئيس الدولة، شمعون بيريس، مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لبنيامين نتنياهو الذي أيده 65 عضو كنيست، على الرغم من فوز حزب "كاديما" (برئاسة تسيبي ليفني) بـ 28 مقعدا، بينما فاز "الليكود" بـ 27 مقعدا.

 

ويسعى نتنياهو، الآن، إلى تشريع قانون جديد يقضي بتكليف رئيس الحزب الأكبر بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، بصورة أوتوماتيكية، بما يعني سحب هذه الصلاحية من يدي رئيس الدولة وإلغاء الحاجة إلى إجراء أي مشاورات مع الكتل البرلمانية المنتخبة. وقال أحد المقربين لنتنياهو إن "هذا هو أحد الحلول التي جرى تداولها"، موضحا أن مقترحا آخر جرى البحث فيه، بالمقابل، يتعلق بإنشاء نظام رئاسي في إسرائيل يتم، من خلاله، انتخاب رئيس الدولة من المواطنين مباشرة، لا من أعضاء الكنيست، كما هو الوضع القانوني اليوم.

 

وفي إطار هذا المسعى، حاول نتنياهو تأجيل موعد انتخاب رئيس جديد للدولة بستة أشهر على الأقل، على أن يتم خلالها تشكيل لجنة خاصة للنظر في "مدى الحاجة إلى مؤسسة رئاسة الدولة كما هي عليه اليوم وفي البدائل الممكنة". لكن محاولة نتنياهو هذه اصطدمت، كما أسلفنا، بمعارضة داخلية واسعة مما جعل أمر نجاحها مستحيلا، كما يبدو حتى الآن، خاصة وأن التأجيل في هذه الحالة (بما يعني تمديد فترة رئاسة شمعون بيريس أو تعيين رئيس الكنيست رئيسا مؤقتا للدولة) يستوجب إدخال تعديل على "قانون أساس: رئيس الدولة" قبل خروج الكنيست إلى عطلتها الشتوية، بعد شهر تقريبا.

 

 

انتخاب رئيس جديد للدولة ـ حتى نهاية حزيران

 

 

 

في هذه الأثناء، أعلن رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، نهاية الأسبوع الأخير، أنه سيعلن خلال أيام معدودة قراره النهائي بشأن موعد انتخاب رئيس الدولة الجديد في الكنيست، وهو ما يتوقع أن يكون بين أواخر أيار الجاري ونهاية حزيران القادم، قبل شهر واحد من انتهاء فترة رئاسة شمعون بيريس. وكان إدلشتاين قد امتنع، حتى الآن، عن تحديد هذا الموعد في دعم مباشر وواضح من طرفه لرئيس حزبه والحكومة، نتنياهو، لتمكينه من استنفاد محاولاته المذكورة.

 

ويجري انتخاب رئيس الدولة في إسرائيل وفقا لأحكام "قانون أساس: رئيس الدولة" (من العام 1964) من قبل أعضاء الكنيست، لفترة رئاسية واحدة قوامها سبع سنوات (كانت، سابقا، خمس سنوات قابلة للتمديد خمس سنوات أخرى، حتى تم تعديل القانون في العام 1998).

 

وينص هذا القانون على "حق أي مواطن إسرائيلي في الترشح لمنصب رئيس الدولة، شريطة أن يحظى ترشيحه بتأييد عشرة أعضاء كنيست على الأقل". ويقوم أعضاء الكنيست بانتخاب الرئيس من بين المرشحين في انتخابات شخصية وسرية يكون الفائز فيها المرشح الذي يحصل على أصوات 61 عضو كنيست، على الأقل.

 

ويشار إلى أن منصب رئيس الدولة في إسرائيل هو منصب تمثيلي بصفة أساسية، إذ "يعبر عن وحدة الشعب ويمثل رمزا للإجماع".

 

وفي سياق المنافسة الحالية، ثمة ستة مرشحين أعلنوا نيتهم التنافس على المنصب هم: رؤوفين ريفلين (عضو الكنيست من الليكود ورئيس الكنيست السابق)، بنيامين ـ فؤاد بن إليعازر (عضو الكنيست من "العمل")، وهما الوحيدان اللذان جمعا حتى الآن تواقيع عشرة أعضاء كنيست مؤيدين للترشيح كما يقتضي القانون، مئير شطريت (عضو الكنيست من "الحركة" / "هتنوعا")، داليا إيتسيك (عضو الكنيست السابقة من "العمل" ثم "كاديما"، ورئيسة الكنيست سابقا)، داليا دورنر (القاضية السابقة في المحكمة العليا ورئيسة "مجلس الصحافة" حاليا) والبروفسور دان شختمان (الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء). ولا يزال قرار ترشح سيلفان شالوم (الوزير وعضو الكنيست من الليكود) ملفوفا بالغموض في أعقاب الشبهات الجنائية والأخلاقية التي حامت حوله، كما أشير أعلاه.