تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

على هامش المشهد

 

تحليلات صحافيــة: المواجهات مع المستوطنين كشفت عجز إسرائيل عن معالجة تطرّف المستوطنين

 

 

 

أكدت عدة تحليلات صحافية إسرائيلية أن الهجمات التي تعرّض لها الجيش الإسرائيلي أخيراً من طرف جماعات المستوطنين في مستوطنة يتسهار تشكل ثمن تغاضي هذا الجيش عن العنف الذي يمارسه المستوطنون في المناطق الفلسطينية المحتلة.

 

وقد أنشات صحيفة "هآرتس" مقالاً افتتاحياً خاصاً قالت فيه:

 

هاجم المئات من سكان مستوطنة يتسهار قوات تابعة لحرس الحدود جاءت إلى المستوطنة لهدم مبان غير قانونية. واستقبل المستوطنون الجنود بالحجارة والإطارات المشتعلة. وقد فوجئ جنود القوة بعنف المستوطنين، وشاهدوهم يخربون معدات تابعة لهم من دون أن يلجأوا إلى استخدام الوسائل التي لديهم لتوقيف الذين ارتكبوا هذه الأعمال. وجُرح ستة عناصر من حرس الحدود وأربعة من السكان.

 

وأضافت الصحيفة:

 

إن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون هدم المباني في يتسهار جاء رداً على الهجوم الذي تعرضت له مركبتان عسكريتان وصلتا إلى المستوطنة- بينها سيارة قائد لواء شومرون- والذي قام به المستوطنون الذين أشعلوا الإطارات. وهكذا قرر يعلون هدم المباني غير القانونية كخطوة عقابية. ومن الجيد أن وزير الدفاع قرر التشدد ضد مثيري الشغب في يتسهار التي تعتبر أكثر المستوطنات عنفاً في المناطق. ويجب على الشرطة أن تحقق أيضاً مع مثيري الشغب وأن توجه إليهم لوائح اتهام. لكن صرخة يعلون في هذه الحالة تبرز صمته وتراخي الجهاز الذي يرأسه عندما كان هؤلاء المستوطنون من يتسهار يقومون بأعمال شغب وتخريب في القرى الفلسطينية المجاورة لهم ويحرقون حقولها، ويقتلعون أشجار الزيتون ويعيثون فساداً في ممتلكاتها، وأحياناً يعتدون جسدياً على سكان أبرياء. وقد ظلت هذه الأعمال من دون رد ومن دون تحقيق، ومن دون حساب ولا عقاب.

 

وأكدت الصحيفة أنه كان حريّاً بالحريص على سلطة القانون أن يرفع صوته منذ زمن طويل ويتخذ الخطوات ضد يتسهار وضد المستوطنات العنيفة الأخرى، كما كان عليه أن يتصدى لمثيري الشغب عندما كانوا يصبون جام غضبهم على الفلسطينيين. ولقد جرت سلسلة طويلة من عمليات "جباية الثمن" ومن العمليات الإرهابية من دون أن يحرك الجيش الإسرائيلي أو شرطة منطقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إصبعهم لوضع نهاية لهذه الأعمال. والذي صمت، ولم يحقق ولم يحاكم وغض بصره وتجاهل، يحصد ثمار هذه الكراهية التي تتوجه اليوم ضد الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود.

 

وختمت قائلة: إن الحزم نفسه الذي قرر وزير الدفاع التعامل به مع مثيري الشغب في يتسهار، يجب أن يظهره أيضاً في مواجهة إرهاب المستوطنين عندما يوجه ضد جيرانهم الفلسطينيين، فالهجوم على مركبة عسكرية تابعة للجيش أو حرس الحدود، ليس أكثر خطورة من إحراق الحقول أو الهجوم على البشر.

 

على النسق ذاته، أكدت ليلاخ شوفال، المحللة العسكرية لصحيفة "يسرائيل هَيوم" أن المواجهات بين مستوطني يتسهار والجيش كشفت العجز عن معالجة تطرف المستوطنين.

 

وكتبت تقول:

لم تفاجئ المواجهات بين متطرفي يتسهار والقوى الأمنية أحداً، فقد شهدت الفترة الأخيرة حوادث عنف من جانب مستوطنين متطرفين بصورة أسبوعية، وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع. وغالباً ما لا تصل أخبار هذه المواجهات إلى الإعلام باستثناء الحوادث التي تقع فيها خسائر بشرية وسط الفلسطينيين، أو الاعتداء على الأماكن المقدسة للمسلمين، أو الهجوم على جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي.

 

وعلى الرغم من هذا كله، يبدو أن هذا الأسبوع شهد شيئاً مختلفاً، فالذي أثار حفيظة ضباط الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة هو أن جنود الاحتياط الذين غادروا منازلهم وأعمالهم وعائلاتهم من أجل الدفاع عن سكان يتسهار، وجدوا أنفسهم في عين العاصفة حين قام مستوطنون متطرفون بثقب إطارات المركبات العسكرية التي كانوا يستقلونها، وخربوا محتويات الموقع الذي كانوا فيه من أجل الدفاع عن المستوطنة.

 

بيد أن الاعتداء على الاحتياطيين هو مظهر لمشكلة لا يزال حلها بعيداً، فهناك نوع من لعبة تبادل ضربات مثل لعبة البينغ بونع، حيث يقوم المستوطنون بمهاجمة الجنود والقوات الأمنية، فترد القيادة العسكرية بتوجيه ضربة إلى نقطة حسّاسة لدى المستوطنين من خلال هدم منازل، فيرد المستوطنون بأعمال شغب وتخريب ممتلكات للقوى الأمنية، وهلمّ جراً.

وهذه المرة بدأت موجة الحوادث قبل بضعة أسابيع عندما جرى ثقب إطارات قائد لواء شومرون العقيد يوآف مروم. كما ألقى مستوطنون متطرفون حجارة على مركبة ضابط برتبة مقدم في الإدارة المدنية.

 

ورداً على ذلك، قرر وزير الدفاع موشيه يعلون هدم منازل في يتسهار، فجاء رد المستوطنين من خلال ثقب الإطارات الخلفية لمركبة مروم، وإفراغ الهواء من إطارات مركبات الجنود الاحتياطيين.

 

ورأت المحللة أن الاعتداء على مركبات جنود الاحتياط شكل القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للقيادة العسكرية ولا سيما في ظل اعتقاد الجيش منذ فترة طويلة، أن لدى مستوطني يتسهار شيئاً شخصياً ضد العقيد مروم، وأنهم يحاولون المس به شخصياً. وقرر يعلون عدم السكوت عن الأمر، ووافق على هدم أربعة مبان في يتسهار ومصادرة مبنى خامس، وهي جميعاً مبان غير قانونية وكان من المقرر هدمها. وخلال عمليات الهدم التي قام بها حرس الحدود، وقع الهجوم الأقسى على الموقع الذي كان فيه جنود الاحتياط.

 

وبرأيها من الممكن لوم جنود الاحتياط لأنهم لم يتدخلوا وسمحوا لمثيري الشغب اليهود بتخريب موقعهم. لكن حتى قبل الانتهاء من التحقيق في الموضوع، يشيرون في الجيش إلى أن التحقيق الأولي يُظهر أن تصرف جنود الاحتياط كان "معقولاً"، وأن الجنود الثمانية الذين كانوا في المكان قرروا عدم الاشتباك مع عشرات المستوطنين. فإذا كان هذا صحيحاً، فإنه يعني وجود مشكلة تنظيمية تتجاوز الأفراد، وتكشف عجز السلطات عن معالجة العناصر المتطرفة، فالجيش الإسرائيلي هو السيد في هذا المكان، ويمكننا بحسب الظاهر مطالبته بأن يفرض النظام في المنطقة. لكن الحياة، حسبما يقولون في الجيش، لا يمكن تحديدها بتعريفات قانونية، والمشكلات الناتجة عن أعمال المستوطنين يجب معالجتها من خلال المحاكم والشرطة وجهاز الشاباك وغيرها. وفي رأي مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي، فإنه من غير المستبعد أن يؤدي حادث محدود وهجوم يقوم به مستوطنون ضد الفلسطينيين إلى تصعيد.

 

وختمت: حتى الآن، من المفترض أن يأتي حل مشكلة التطرف وسط المستوطنين من خلال إدانة شديدة من جانب زعماء المستوطنات والحاخامين لما يعتبره وزير الدفاع "إرهاباً". لكن حتى الآن، لم تكن هذه الإدانات كافية.