مراقبون: انخفاض وتيرة التضخم يدل على تباطؤ اقتصادي

على هامش المشهد

 

إسرائيل دفيئة للمتهربين من دفع الضرائب في أوساط يهود العالم

 

 

 

*الأثرياء اليهود في العالم يستفيدون من تعديل قانون في العام 2003 يجيز للمهاجرين عدم تقديم تقارير عن مشاريعهم وممتلكاتهم في الخارج لمدة عشر سنوات *إسرائيل بدأت تواجه انتقادات في العالم ما جعل سلطة الضرائب تعيد التفكير في القضية إلا أن هناك من يشكك في ذلك*

 

 

أكد تقرير لصحيفة "ذي ماركر" كبرى الصحف الاقتصادية الإسرائيلية نشر في الأسبوع الماضي، أن إسرائيل باتت "دفيئة للمتهربين من دفع الضرائب" من يهود العالم، الذين يستفيدون من قانون أقرته إسرائيل قبل نحو عشر سنوات، بهدف تشجيع كبار أصحاب رأس المال اليهود في العالم على الهجرة إلى إسرائيل، وعلى الرغم من أن إسرائيل تدعي أنها تنصاع للقانون الدولي، فإن الصحيفة تؤكد عكس ذلك بناء على الوقائع.

 

وقال تقرير للمحللة الاقتصادية ميراف أرلوزوروف إنه قبل نحو أسبوعين نفذ "الإنتربول" بمساعدة شرطة إسرائيل مداهمة لعدد من البيوت الفخمة، في واحدة من ضواحي مدينة هرتسليا، التي يسكنها كبار الأثرياء في إسرائيل، وكان الهدف هو البحث عن أثرياء فرنسيين يهود، متهمين بالتهرب من دفع ضرائب بقيمة 5 مليارات دولار، جاءوا إلى إسرائيل "واختبأوا فيها".

 

وتقول الصحيفة إن جهات قضائية إسرائيلية تدعي أن إسرائيل تتعاون مع جهات دولية لملاحقة متهربي دفع الضرائب، "إلا أن هذا ليس صحيحا، فليس صدفة أن وصل اليهود الفرنسيون، المشتبهون بإخفاء أموال عن سلطات الضرائب، بالذات إلى إسرائيل، وهم ليس من دون سبب يعتقدون ببساطة أن إسرائيل دولة لجوء لليهود". وتضيف الصحيفة أن إسرائيل جعلت من نفسها ملجأ لأمثال هؤلاء مثل "برمودا"، إلا أن الفرق بين برمودا وإسرائيل هو أن الأولى مفتوحة أمام العالم بأسره، "بينما إسرائيل مفتوحة للمتهربين من دفع الضرائب اليهود فقط".

 

وتشرح الصحيفة تعديل القانون الذي تم في العام 2003، وكان ساريا لمدة خمس سنوات، ثم جرى تمديده في العام 2008 إلى عشر سنوات أخرى، ويمنح المهاجرين اليهود إلى إسرائيل، وحتى الإسرائيليين الذين هاجروا قبل سنوات وعادوا إلى إسرائيل، إعفاء من دفع الضرائب على كل نشاطهم الاقتصادي في الخارج لمدة عشر سنوات، حتى وإن كان الأمر متعلقا ببيع عقارات وأعمال في الخارج وما شابه، وهذا أحد الأنظمة التي سنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، بحثا عما يسمى "الهجرة النوعية"، بمعنى استقدام مهاجرين يهود من ذوي الامكانيات المالية والعلمية.

 

وبحسب ما جاء فإن تعديل القانون في حينه كان بقصد تحفيز الهجرة في إسرائيل، التي بدأت في تلك المرحلة بالتراجع بنسبة حادة، مقارنة مع معدلاتها التي كانت قائمة في سنوات التسعين من القرن الماضي، وكان هدف المشرّع هو ضمان تأقلم المهاجرين اقتصاديا في إسرائيل في سنوات هجرتهم الأولى، حسب تعبير الصحيفة، إلا أن هذا التعديل جعل كثيرين من كبار المستثمرين من يهود العالم يرون في إسرائيل "دفيئة لمتهربي دفع الضرائب".

 

وتقول المحللة أرلوزورف: "ليس صعبا أن نفهم لماذا كل يهودي لديه أملاك في العالم ومعني بالتستر عليها كي لا يدفع الضرائب يقفز إلى الفرصة السانحة (إسرائيل)، وليس صعبا فهم لماذا يقوم يهود مستقيمون، لا يخفون أموالا عن الضرائب (في دولهم) ولكنهم معنيون بتقليص حجمها، بالقفز هم أيضا على الفرصة السانحة".

 

ويقول التقرير إن القانون الإسرائيلي المعدّل يعفي المهاجرين في السنوات العشر الأولى لهجرتهم من تقديم تقارير لسلطات الضرائب عن نشاطهم الاقتصادي في الخارج وعن أملاكهم العقارية، وهذا "ما جعل إسرائيل ملجأ ضريبة متميّز لليهود الأثرياء، فمنذ الآن لديهم دولة، إذا ما انتقلوا للعيش فيها، فإنهم معفيون من دفع الضرائب".

 

وأشارت الصحيفة إلى القانون الأميركي الذي يعفي من هم ليسوا أميركيين من دفع ضرائب على أرباح أموالهم في أسواق المال، وقالت إن كثيرين من الأميركيين اليهود يحصلون على الجنسية الإسرائيلية لهذا الغرض، بينما يواصلون نشاطهم المالي في الولايات المتحدة.

 

وتفند الصحيفة ضمنا مزاعم أجهزة تطبيق القانون الإسرائيلية بأنها تتعاون مع جهات دولية، وقالت إن تهديد جهات دولية ودول أخرى بوقف التعاون مع إسرائيل في قضايا تهريب الأموال وتبييض الأموال، قاد إلى أن تبدأ إسرائيل في التعاون مع الإنتربول في مثل هذه القضايا، ولكن كما يُفهم من التقرير فإن ظاهرة اللجوء إلى إسرائيل بهدف التهرب من دفع الضرائب مستمرة.

 

وتقول الصحيفة إن البيوت الفخمة التي اشتراها الفرنسيون اليهود في إسرائيل ساهمت أيضا في ارتفاع أسعار البيوت في إسرائيل، وهذا انعكاس واحد من جملة انعكاسات، لكن الأهم هو أن الإعفاء الضريبي الذي ينص عليه القانون جعل من إسرائيل ملجأ لمن يخفون أموالهم عن سلطات الضرائب في دولهم، وملجأ لمن يعملون في تبييض الأموال، وهذا ما جعل سلطة الضرائب الإسرائيلية تعيد تفكيرها من جديد في الوضع الناشئ، الذي يتسبب بغضب الكثير من دول العالم التي تلاحق أمثال هؤلاء الأثرياء.

 

كما تشير الصحيفة إلى أن محاولات برلمانية لتعديل القانون الإسرائيلي واجهت الفشل في الآونة الأخيرة، وكما يبدو بسبب ضغوط كبيرة من داخل إسرائيل، في حين يقترح أحد خبراء الاقتصاد، في حديث للصحيفة، عدم تعديل القانون وإنما إلزام أمثال هؤلاء الأثرياء بأن يستثمروا في إسرائيل بعد السنوات العشر للإعفاء الضريبي، على أن لا تقل استثماراتهم عن 100 مليون دولار.

 

وتقول أرلوزوروف: ليس واضحا ما الذي جنته إسرائيل من تعديل هذا القانون، ومن جعل نفسها ملجأ للمتهربين من دفع الضرائب، فهؤلاء الأثرياء لم ينقلوا مصالحهم ومشاريعهم الاقتصادية إلى إسرائيل، لأن نقلا كهذا سيلزمهم بدفع ضرائب، وبذا فإسرائيل لم تربح من زيادة مداخيل، ولا من فتح أماكن عمل جديدة من استثمارات هؤلاء المالية، وهذا أمر سيستمر لكل واحد منهم عشر سنوات، في حين أن القانون لا يلزمهم بالبقاء في إسرائيل بعد تلك الفترة.

 

يذكر أن إسرائيل أقرت في سنوات الألفين سلسلة من الأنظمة والقوانين بهدف تشجيع مئات آلاف حاملي الجنسية الإسرائيلية الذين هاجروا من إسرائيل على مر السنين على العودة إليها، وبحسب التقديرات هناك ما يزيد عن 800 ألف شخص من حاملي الجنسية الإسرائيلية يعيشون خارجها على شكل مهاجرين، لكنهم مسجلون في سجل السكان لأن القانون الإسرائيلي لا يلزم بإلغاء جنسيتهم، لئلا "يختل الميزان الديمغرافي" بين اليهود وفلسطينيي 48 في إسرائيل.

 

ولم تؤثر كل هذه المشاريع في استقدام عشرات الآلاف كما كان متوقعا خلال ولايتي حكومتي إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو السابقتين، فالإسرائيليون يواصلون الهجرة سنويا بأعداد كبيرة، وبحسب المعدل الذي يعلن عنه مكتب الإحصاء المركزي يغادر سنويا قرابة 22 ألف شخص، مع مؤشرات لمكوث لفترة طويلة جدا، وهو إحدى تسميات الهجرة من إسرائيل، في حين يعود سنويا ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف شخص، ويحصلون على امتيازات مالية وضريبية، ما يعني أنه سنويا يغادر إسرائيل مهاجرا ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف شخص، وهو معدل شبه ثابت في سنوات الألفين.