النتائج النهائية: "الليكود" - 37، "العمل" - 19

على هامش المشهد

 

ماذا تفعل دولة إسرائيل من أجلي

 

 

بقلم: ميراف أرلوزوروف

(صحيفة ذي ماركر)

 

 

 

*قراءة في تحليل أجراه بنك إسرائيل لحصة البنود المدنية في الميزانية العامة والمتغيرات عليها خلال 10 أعوام *الحصة المدنية لم تتغير جوهريا والحكومة الحالية توقفت عن نهج الالتزام بزيادة الصرف على البنود المدنية على حساب "الأمن"*

 

 

هل تهتم دولة إسرائيل بمواطنيها؟

 

من أجل الاجابة على هذا السؤال، يجب فحص استخدام الحكومة لوسيلة التنفيذ الوحيدة التي بحوزتها، وهي ميزانية الدولة. فمنذ حملة الاحتجاجات الشعبية في صيف العام 2011، حين بدأ الجمهور يفهم أن ما هو مهم حقيقة بالنسبة له، هي ميزانية الدولة، وكيفية ادارة الميزانية، ومدى تأثير الرقابة الشعبية على ميزانيات الرفاه الاجتماعي.

 

وفي إطار الرقابة الشعبية بدأت في الآونة الأخيرة تُطرح أسئلة في أكثر القضايا المصيرية، في كل ما يتعلق بإدارة الميزانية: تركيبة الميزانية، أو هل سلم الأفضليات المعلن من قبل الحكومة هو بالفعل سلم الأفضليات الحكومي الحقيقي، وهل ينعكس الأمر فعلا على ميزانية الدولة؟.

 

إن الإجابة الصارخة لبنك إسرائيل في هذا التحليل، هي: كلا. فالدكتور عادي براندر، مدير قسم "الأبحاث الميكرو اقتصادية" في بنك إسرائيل المركزي، أجرى تحليلا لتركيبة مصروفات ميزانية الدولة في السنوات العشر الأخيرة، وقارن في تركيبة المصروفات بين ما كان قائما في العام 2004 وما هو مقرر للعام 2014، وما يتضح من تحليل براندر هو أنه إذا كان هناك سلم أفضليات للحكومة فإنه غير ملموس في الميزانية وفي التطبيق، ما يعني أن تركيبة ميزانية الدولة بقيت على حالها في السنوات العشر الأخيرة، ولم يتغير فيها شيء جوهري.

 

وفحص براندر تركيبة المصروفات المدنية وحدها، من دون الأمن، ومن دون دفع الفوائد وتسديد الدين العام، واتضح من فحصه أن حصة غالبية بنود الميزانية في السنوات العشر الأخيرة بقيت على حالها من دون تغيير. فمثلا، كانت حصة ميزانية التعليم والتعليم العالي 25% من حجم ميزانيات البنود المدنية، وهي النسبة التي كانت قائمة قبل عشر سنين. وطرأ تراجع طفيف على ميزانية الصحة، من 13% إلى 12%، كما لم تتغير حصة المخصصات الاجتماعية.

 

وللتذكير، ففي العام 2007 عملت دولة إسرائيل على الدفع بأجندة اقتصادية- اجتماعية، من أجل تقليص الفجوات الاجتماعية والفقر في إسرائيل، ومن سيبحث عن شهادات لتثبت وجود هذه السياسة سيصعب عليه أن يجدها.

 

وعمليا فإن سلم الأفضليات الحكومي المثبت الوحيد في الميزانية هو "طفل بنيامين نتنياهو المدلل"- المواصلات، إذ ارتفع الصرف على هذا البند من 3% في العام 2004 إلى 6% في ميزانية العام 2014.

 

ومن يدفع ثمن هذه النتيجة هما قطاعان في الجهاز المدني: الإسكان والمجالس البلدية والقروية، فحصة البناء والإسكان انخفضت من 1ر3% في العام 2004 إلى 1ر2% في العام 2014، وحصة الصرف الحكومي على المجالس البلدية والقروية انخفضت من 3% إلى 6ر1%، وإذا كان هناك من هو بحاجة إلى إثبات على أن دولة إسرائيل توقفت عن الاستثمار في مجال الإسكان، وعلى أن الحكومة أهملت الحكم المحلي، منذ الأزمة الاقتصادية في العام 2003 وحتى اليوم، فها هو الإثبات.

 

 

الحكومة لا تسيطر

بصورة فعلية

 

إن الاستنتاج المحزن لبنك إسرائيل من هذا التحليل هو أن الحكومة لا تسيطر فعليا، ما يعني أنها لا تسيطر فعليا على تركيبة الميزانية، وهي ليست قادرة حقيقة على تغيير جذري في سلم الأفضليات، ولهذا فإن غالبية توقعات مواطني إسرائيل من أن الحكومة تهتم بهم، سيثبت أن لا أساس لها. والفرضية القوية الأساسية العاملة في إسرائيل هي أن ما كان هو ما سيبقى وسيكون.

 

لكن قبل أن نندب ضعف أيادي كل الحكومات المتتالية، من الضروري الانتباه إلى معطيات أخرى في تحليل براندر، وهي المعطيات المتعلقة بالبنود غير المدنية في الميزانية العامة، أي ميزانية الأمن وتسديد الفوائد وأقساط الدين العام، إذ يتضح وخلافا لما هو قائم في البنود المدنية أنه حصلت في هذين البندين "دراما" كبيرة، فحين حلل براندر كل التغيرات في الميزانية ككل، وليس فقط في البنود المدنية، اكتشف أن الصرف على "الأمن" انخفض من 24% من صرف العام 2004 إلى 19% في الصرف في العام 2014، أي أنه حصل تقليص بنسبة 5% في ميزانية الأمن.

 

كذلك، فإن الصرف على تسديد الفوائد وأقساط الديون جرى فيه تغيير جدي: فالصرف على الفائدة انخفض بنسبة 3% من الميزانية العامة، ما يعني أن الصرف على الديون والأمن انخفض بنسبة 8%، أي توفير بقيمة 7ر6 مليار دولار، وهذه الأموال انتقلت للصرف على البنود المدنية، ما يعني أن الصرف على البنود المدنية ارتفع في الميزانية العامة بنسبة 8%، وهي زيادة هامة وذات مغزى، فصحيح أن التقسيم الداخلي للصرف على البنود المدنية لم يتغير، ولكن حصة الصرف على البنود المدنية ككل ارتفعت بنسبة جدية، وبهذا فإن كل بند من البنود المدنية حصل على مال أكثر.

 

والاستنتاج الحاصل من هذا التحليل هو أنه من الصعب بالنسبة لحكومة إسرائيل أن تجري تغييرات في تركيبة الميزانية المدنية لديها، ولربما بسبب الصعوبة في اتخاذ قرار بتقليص بند واحد، لنفترض الصحة، من أجل منح بند آخر ميزانية أكثر، ولنفترض ميزانية التعليم، فهذا من نوع القرارات التي لا تحظى بشعبية، ولذا فإن الحكومة تتهرب من اتخاذها.

 

ومقابل هذا، فإن للحكومة سيطرة أفضل بكثير في البنود غير المدنية، التي فيها اعتبارات المكاسب السياسية أقل من غيرها، مثل الدين العام والفائدة، وميزانية الأمن، فقد بذلت الحكومة جهودا ضخمة في بداية العقد الماضي، من أجل تقليص العجز والديون، مثل اقامة لجنة بروديت (لفحص ميزانية الجيش والأمن) ومحاولة لجم زيادة ميزانية الأمن، وهذه محاولات قدمت مساهمة هامة جدا في تحسين الخدمات المدنية.

 

لكن ما هو مخيب للآمال أن الالتزام الحكومي هذا، أيضا في ما يتعلق بتقليص العجز في الميزانية العامة، وأيضا في مسألة تقليص حجم ميزانية وزارة الأمن، ضعف جدا خلال ولاية حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، ولذا فإننا في مواجهة خطر فقدان قدرة هذه الحكومة الحالية على الاستمرار في زيادة الصرف على البنود المدنية لدينا.

 

وبوسع حكومة بنيامين نتنياهو الحالية أن تتخذ القرار المطلوب، قرار العودة إلى نهج الالتزام بالهدف الذي وضع، من أجل أن تضمن الحكومة بأن تكون إسرائيل قادرة على الاستمرار في الاهتمام بمواطنيها، بفعل مالي، أي من خلال تطبيق ملموس في الميزانية وليس فقط بواسطة الكلام.

 

(ملاحظة محرر الصفحة الاقتصادية: جرت في السنوات الأخيرة تعديلات في بنود ميزانية الأمن، فبعض بنود الصرف على مستوطنات الضفة الغربية، وحتى على البؤر الاستيطانية في القدس المحتلة، انتقلت إلى بنود ميزانيات وزارات متخصصة، مثل الاسكان وغيرها. كذلك فإن التقرير الدوري الصادر عن مركز "أدفا": "ثمن الاحتلال"، والذي يُنشر مرة كل عامين، أثبت في العام الماضي، أن حصة إجمالي الصرف على الأمن والاحتلال والاستيطان لم تتغير وهي تبتلع سنويا قرابة ثلث الميزانية العامة).