تدهور كبير في أوضاع التعليم العالي في إسرائيل

على هامش المشهد

 

 

 

ارتفاع النمو الاقتصادي في إسرائيل خلال الربع الثاني بنسبة 1ر5% يفاجئ الحلبة الاقتصاديةلمؤسسة الإسرائيلية الرسمية تستمر في إصدار تقارير اقتصادية وردية بعد إقرار الميزانية التقشفية *ارتفاع النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام بنسبة 4ر3%، وارتفاع مستوى المعيشة بنسبة 1ر3% *المحللون متفائلون ولكن يحذرون*

 

 

أشار تقرير آخر جديد إلى أن معطيات الاقتصاد الإسرائيلي ليست بتلك السوداوية التي ظهرت حتى عشية إقرار الميزانية العامة التقشفية للعامين الجاري والمقبل. فبعد أن ظهر تقرير رسمي يشير إلى انخفاض حاد في العجز في الميزانية، نتيجة ارتفاع كبير في جباية الضرائب، وعرضناه في عدد "المشهد الإسرائيلي" الماضي، فالآن يتحدث تقرير مكتب الإحصاء المركزي عن أن النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري ارتفع بنسبة 1ر5%، مقابل 7ر2% في الربع الأول، وهذا خارج كل التقديرات، وبذلك يكون النمو قد ارتفع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 4ر3%، مع مؤشر لارتفاعه أكثر حتى نهاية العام الجاري.

 

وكنا قد أشرنا في العدد السابق من "المشهد الإسرائيلي" إلى أن هذه التقارير الوردية باتت تقليدا في ظل الحكومة الحالية والسابقة، وكلاهما برئاسة بنيامين نتنياهو، إذ تكثر الحكومة في نثر التقارير السوداوية، قبل إقرار الميزانية، لتنشر تقارير نقيضة بعد إقرارها، وهذا ما حصل بعد أيام من إقرار ميزانية العامين 2009 و2010 في صيف 2009، وأيضا غداة إقرار ميزانيتي 2011 و2012، وهذا يحدث في هذه الأيام أيضا.

 

 

النمو الاقتصادي

 

وقال مكتب الإحصاء المركزي في تقريره إن النمو الاقتصادي ارتفع بشكل حاد، نسبيا، في الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 1ر5%، مقابل ارتفاع بنسبة 7ر2% في الربع الأول الماضي، و1ر3% في الربع الأخير من العام الماضي، فيما سجل الاستهلاك الفردي هو أيضا ارتفاعا حادا بنسبة 7ر6%، والاستهلاك العام بنسبة 3ر8%، وبذلك يكون النمو قد ارتفع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 4ر3%.

 

كذلك يشير التقرير إلى أن الاستهلاك الفردي سجل في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 1ر5%، في حين أنه ارتفع في النصف الثاني من العام الماضي بنسبة 1ر2%.

 

ويشير تقرير المكتب إلى أن مؤشر الاستهلاك الفردي يعد مؤشرا واضحا للتغيرات الاقتصادية، وخاصة في مستوى المعيشة، الذي ارتفع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 1ر3%، بعد أن كان قد راوح مكانه، تقريبا، في النصف الثاني من العام الماضي بارتفاعه بنسبة 2ر0%.

 

ومن المتوقع أن تكون هناك تغيرات طفيفة على النسب المئوية، التي طرحها مكتب الإحصاء، الذي عادة ما يجري تعديلات على هذه المعطيات، بعد استكمال أكثر لكافة التقارير، ولكن هذه المعطيات تعكس الواقع إلى حد كبير.

 

 

 

ارتفاع الضرائب

 

وكنا في العدد الماضي من "المشهد الإسرائيلي" قد نشرنا التقرير "الوردي الأول" لموسم ما بعد اقرار الميزانية التقشفية، والمتعلق بزيادة مداخيل الضرائب، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في العجز المالي. وبيّن تقرير سلطة الضرائب أن مجموع الضرائب التي جرت جبايتها في شهر تموز الماضي 2ر23 مليار شيكل (5ر6 مليار دولار) مقابل 2ر20 مليار شيكل في نفس الشهر من العام الماضي، أي بزيادة نحو 15% عن العام الماضي، وزيادة 7ر12% بعد خصم تأثيرات التضخم المالي.

 

كذلك يظهر أنه في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري جرت جباية أكثر بقليل من 140 مليار شيكل (24ر39 مليار دولار) مقابل 6ر129 مليار شيكل في نفس الفترة من العام الماضي، وهذا يشكل زيادة فعلية بنسبة 6ر6%.

 

ويقول تقرير سلطة الضرائب إن جباية الضرائب في الأشهر الثلاثة الماضية، أي من شهر أيار إلى شهر تموز، كانت أعلى بنحو 3ر4 مليار شيكل (نحو 2ر1 مليار دولار)، ويظهر أن هذه الزيادة جاءت من بابين أساسيين: 920 مليون دولار من صفقات بيع كبيرة، ولمرّة واحدة، و280 مليون دولار زيادة في ضريبة الشراء، بسبب الارتفاع الحاد في شراء بيوت وسيارات في شهر أيار، استباقا لارتفاع ضريبة المشتريات في الشهر التالي بنسبة 1%.

 

وتقول تقديرات المؤسسات المالية الرسمية إنه بسبب المداخيل العالية، وأكثر من المتوقع في الأشهر الأخيرة، مقابل مصروفات أقل من المخطط لها في الوزارات والمؤسسات الرسمية، فإن العجز المالي في الميزانية من شأنه أن يكون هذا العام أقل مما هو مخطط له، إذ أقرت الحكومة أن يكون العجز لهذا العام 65ر4% من إجمالي الناتج القومي، وهو ما يعادل 6ر45 مليار شيكل (77ر12 مليار دولا)، وقد يتراوح إجمالي العجز في نهاية العام ما بين 5ر3% إلى 4% من إجمالي الناتج.

 

وبحسب تلك التقديرات، التي نشرتها الصحافة الاقتصادية الإسرائيلية، فإن استمرار هذا الوضع، الذي وصفته الصحافة بـ "الجيد"، من شأنه أن ينعكس على العام المقبل- 2014، بحيث سيكون العجز وفق ما حددته الحكومة 3%، وبالتالي فإن الحكومة لن تطلب مزيدا من رفع الضرائب كما أوحي سابقا.

 

 

المحللون متفائلون ويحذرون

 

 

يقول المحلل الاقتصادي ومحرر الملحق الاقتصادي "مامون" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سيفر بلوتسكر "إن هذه بشرى قاسية لذوي النظرات السوداوية، فالاقتصاد الإسرائيلي سجل في الربع الثاني من العام الجاري نموا بنسبة سريعة حوالي 5%، وفي تلخيص للنصف الأول من السنة الجارية، نستطيع القول واثقين إن اقتصادنا نجا حاليا من خطر الركود الاقتصادي، وعاد من جديد إلى مسار النمو".

 

وتابع بلوتسكر كاتبا "صحيح أن مركبات النمو جيدة بدرجة أقل من الماضي، ولكن في هذا عزاء لكل من يصرخ من على المنابر: إن الاقتصاد يشهد انهيارا والنمو يساوي صفرا، ومستوى المعيشة في تراجع، وما شابه من حقائق لا نختلف عليها، ولكن من باب الدقة، فمن يتجرأ على الاعتراض على هذا، يتم اعتباره بأنه شخص ليس سوياً، وأنه رجل دعائي وإعلام في خدمة الحكومة".

 

ويقول بلوتسكر إنه يجب إضافة عاملين لمعطيات مكتب الإحصاء: الأول هو أن الاستيراد تراجع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 3ر2%، مقابل ارتفاع في الصادرات بنسبة 4%، ما يعني أن ميزان المدفوعات لاقتصادنا في العالم شهد تحسنا.

 

إلا أن بلوتسكر يدعو إلى الحذر في التعاطي مع معطيات مكتب الإحصاء، لأنه من شأنها أن تتغير ببعض الكسور المئوية، ولكن بشكل عام فإنه بات واضحا أننا لسنا أمام مشهد تباطؤ، ولذا فإن موظفي وزارة المالية كانوا سعداء في نشر هذه المعطيات.

 

ويشير بلوتسكر في تفسير للمعطيات إلى أن زيادة جباية الضرائب تعني زيادة النشاط الاقتصادي ميدانيا، وهذا يستدعي محاسبة النفس لدى اولئك المكلفين بنشر التوقعات الاقتصادية، إذ أن لا أحد منهم توقع هذا الارتفاع الحاد في النمو، وغالبيتهم تحدثت عن تخوفات من انحدار الاقتصاد نحو تباطؤ وحتى ركود اقتصادي، وقلة قليلة منهم توقعت استقرارا، والاستنتاج المطلوب هو أنه لا يضر خبراء الاقتصاد، إذا ما خرجوا من حين إلى آخر من الغرف المكيفة، من أجل لمس ما يجري في الاقتصاد بشكل حقيقي، وأمام ناظرهم.

 

إلا أن المحلل الاقتصادي في صحيفة "دي ماركر" موطي باسوك كان قد قال في مقال سابق له، إن وزارة المالية كانت على علم بوضعية الاقتصاد قبل إقرار الميزانية التقشفية، ولكنها اختارت طرح الميزانية التقشفية كي تسير في الطريق الآمن.

 

ويقول باسوك في مقاله تعليقا على معطيات النمو الأخيرة، إن النمو سجل في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 4ر3%، أكثر بكثير من معدل الدول الأوروبية، وأقل بكثير من معدل الدول النامية اقتصاديا في الشرق الاقصى، ويقصد بذلك باسوك دولا مثل الصين والهند، حيث تتراوح نسب النمو ما بين 7% إلى 10%، إذ كانت تقارير خبراء قد أشارت إلى أنه إذا ارادت إسرائيل اللحاق بمعدل الفرد من الناتج في الدول الأوروبية، ما يعني مستوى المعيشة، فعليها أن تسجل نموا اقتصاديا بمعدلات دول الشرق الأقصى النامية، إلا أن ثمن الحرب والاحتلال يمنعها من ذلك، بحسب تقرير "ثمن الاحتلال" الصادر في العام الماضي عن مركز "أدفا".

 

 

وكانت معدلات النمو قد سجلت ارتفاعا محدودا أيضا في بعض الدول الأوروبية، فقد لامست نسبة النمو في المانيا في الربع الثاني من العام الجاري 3%، و8ر2% في تشيكيا، و7ر2% في اليابان، و5ر2% في بريطانيا، و9ر1% في فرنسا، و7ر1% في الولايات المتحدة الأميركية، بينما بلغ معدل النمو في دول الاتحاد الأوروبي في نفس الفترة، نحو 2ر1%.

 

ولوحظ أن عددا من الدول الأوروبية سجل ما بين الركود والانكماش الاقتصادي، فقد ارتفع النمو في سلوفاكيا بنسبة 1%، وهنغاريا 4ر0%، بينما تراجع في السويد بنسبة 2ر0%، وفي إسبانيا 5ر0% وفي هولندا 7ر0% وفي إيطاليا 1%.

 

ويحذر باسوك من أن خبراء الاقتصاد لا يفضلون التعامل مع معطيات اقتصادية لفترة قصيرة، مثل ربع سنة، ويفضلون نصف سنة، لأن الكثير من المؤثرات العابرة قد تؤثر على فترات قصيرة، ولا تعكس الواقع الحقيقي، ويدعي باسوك أن الاقتصاد الإسرائيلي ما زال بعيدا عن أن يكون جيدا، ولكن في نفس الوقت ما زال بعيدا عن أن يكون سيئا.

 

ويقول باسوك إن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من تأرجحات كثيرة، فمثلا صادرات التقنيات العالية التي تشكل 43% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، سجلت في الأشهر الثلاثة أيار حتى تموز تراجعا بنسبة تقارب 23% بمعدل سنوي، وهذا على الرغم من الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، التي تعد عنوانا مركزيا للصادرات الإسرائيلية هذه. كذلك، فإن ارتفاع إجمالي الصادرات الإسرائيلية في النصف الأول من العام الجاري بنسبة تلامس 4%، يبقى بعيدا كثيرا عن معدلات الارتفاع في سنوات سابقة.

 

إلا أن باسوك يستدرك ويقول إن إسرائيل تدخل حاليا في مرحلة استقرار من ناحية الميزانية العامة، وهذا ما سيتعزز مع تعيين محافظ جديد لبنك إسرائيل.