الاعتداءات الإرهابية على فلسطينيي 48 تحت ستار الإخلاء

وثائق وتقارير

تقرير : وديع عواودة

 الاميركيون في العراق والاسرائيليون في فلسطين- احتلالان لأرض عربية، اولهما يتكلم الانجليزية والثاني العبرية، بيد انهما متشابهان في نقاط كثيرة الى ابعد الحدود سيما وانهما يواظبان على تبادل المعلومات والخبرات والتعاون في مجال اطالة عمريهما معتمدين كافة الاساليب التي لا تخطر على بال بشر في قمع اصحاب الدار وكسر ارادتهم والتي اعتبرتها "العفو الدولية" ايضا جرائم حرب. وفيما يواصل المجتمع الدولي الاعراب عن صدمته بصور فضائح التعذيب الوحشية في سجن ابو غريب وغيره من السجون العراقية فان هذه الصور باتت كما يبدو مصدرا للالهام والايحاء بالنسبة للاحتلال الاسرائيلي في تعذيب الاسرى الفلسطينيين ومادة لتبرير جرائمه على طريقة "لماذا لا نسمح لانفسنا بما يقوم به الاميركيون هناك"، كما فعل قادته يوم حاولوا تبرير مجزرة رفح بالزعم ان مثل هذه "الاحداث" تقع في الحروب، مثلما تم قصف حفل زفاف بطائرة الاباتشي وقتل 40 عراقيا من المشاركين فيه.. وفي بعض السجون تستخدم مصلحة السجون الاسرائيلية جنودا وضباطا كثيرين في أعمال التنكيل والقمع ضد المناضلين الفلسطينيين.

 

هذه هي صورة واقع الاحتلال في فلسطين كما تعكسها شهادات جديدة حصل عليها "المشهد الاسرائيلي" من خلف قضبان سجون "شطة" و"هداريم" و"مجيدو"، حيث تحدثت الى مجموعة من الاسرى الفلسطينيين عبر هواتف خليوية تم تهريبها اليهم وبعضهم تحدث باسمه الحقيقي مؤكدا على استعداده لتحمل تبعات ذلك من اعمال انتقامية، فيما فضل البعض الآخر انتحال أسماء اخرى.

 

غوانتينامو الاسرائيلي

 

في سجن مجيدو، الواقع بين جنين وبين حيفا، يقبع نحو 1100 أسير فلسطيني في ستة اقسام، خمسة منها عبارة عن خيام. ومن هؤلاء الاسير المحكوم بعشر سنوات احمد ابو عز الدين، الذي اكد تصعيد التعامل الوحشي معهم مؤخرا واستخدام وسائل تعذيب وانتقام غير مسبوقة مشيرا الى قيام السجانين باخضاع الاسرى الفلسطينيين الى عمليات تفتيش مذلة يقومون خلالها باجبارالاسير الجديد او العائد من المحكمة او المستشفى على خلع كافة ملابسه ليبدو كما ولدته امه وسط سيل من الاهانات وشتمنا وشتم شقيقاتنا وامهاتنا.

 

وزاد: "كنت في سجن شطة قبل نحو الشهر قبل ان ينقلوني الى هنا في سجن مجيدو. عند دخولي استقبلوني بالقول "أهلا بك في مملكة الدروز"، ولما رفضت الامتثال لأوامرهم بخلع كل ثيابي أشبعوني ضربا بعد ان اوثقوا يدي وقدمي بالاصفاد واخذوا يتناوبون على ضربي بأرجلهم وانا ممدد ارضا كالخروف المذبوح وهم يقولون ما فعلوه بكم في غوانتينامو وابو غريب " قليل عليكم". وبعد ذلك ارغموني على شتم الذات الالهية وانا أئن ألما ووجعا مع توالي هراواتهم على كافة انحاء جسمي. ثم قاموا بتعريتي بالكامل واجروا على جسدي تفتيشا شاملا لكنهم لم يكتفوا بذلك اذ اخذوا يعبثون باعضائي التناسلية بآلات تفتيش كهربائية بحجة التفتيش عن "مهربات" وهم يبدون في نشوة من الفرحة مستخدمين افظع التعابير التي اخجل ان اكررها على مسامعك. وبعد دخولي الى قسم السجناء الامنيين اكتشفت ان احدا لم ينج من هذه العملية وسرعان ما فهمت ما قصدوه ب"مملكة الدروز"، حيث تبين ان الكثيرين من الضباط المسؤولين في سجن شطة هم من الدروز".

 

واوضح ابو عز الدين ان السجناء الفلسطينيين بادروا عدة مرات الى التحدث مع هؤلاء السجانين في محاولة لثنيهم عما يفعلونه بهم ومطالبتهم بان يعاملوهم بشكل أفضل، الا ان ذلك لم يسفر عن نتيجة حيث يحاول هؤلاء "ان يثبتوا ولاءهم وان يكونوا ملكيين اكثر من الملك وربما يسعون الى الفوز بالترقي في رتبهم على حسابنا. وقد زعم بعضهم بان ما يقومون به هو من أجل تأمين احتياجاتهم المادية وانه لا مكان عمل آخر أمامهم".

 

ولفت ابو عز الدين إلى أن تصعيد اعمال التنكيل بالسجناء الفلسطينيين تزامن مع بدء الحرب على العراق وتسليط الاضواء على ما يجري من مذابح في الساحتين العراقية والفلسطينية، ما اتاح لادارة السجون الاسرائيلية الاستفراد بالاسرى فيقومون تحت جنح عتمة السجون باقتراف ما هو غير مسبوق من ناحية القسوة والاهانة بالتعامل. ووجه مناشدة لكل الشرفاء في الطائفة الدرزية وخارجها للعمل من اجل منع الاحتلال من استخدام السجانين والجنود الدروز "رماحا يغرسها في قلوب الفلسطينيين".

 

كلاب وتنكيل جنسي

 

اما الاوضاع في سجن هداريم، الواقع في منطقة الساحل والذي يقبع فيه 450 اسيرا خلف القضبان، فصورتها مماثلة لتلك في شطة ومجيدو من حيث ازدياد قسوة معاملة الفلسطينيين ومن ناحية ممارسات بعض السجانين. وعن ذلك حدثنا الاسير حسن عوض الله فأكد ان اكراه السجناء على خلع كافة ثيابهم بات امرا عاديا يتعرض له الاسرى كل يوم تحت التعذيب والاعتداءات. وعما حصل له شخصيا قال " قبل اسبوع اصطحبوني باكرا للادلاء بشهادة في محكمة متهم فلسطيني آخر ولما عدنا في ساعات الظهر رفضت ان اخلع ثيابي الداخلية فهوجمت من قبل عدة سجانين ولم اكن اعرف كيف احمي اطرافي من اللكمات والركلات وسرعان ما احضروا ثلاثة كلاب انقضت علي وعضتني في انحاء جسدي وكل ذلك امام طبيب السجن، من اجل مداواتي اذا ما اصبت ". واكد عوض الله ان معظم السجانين الذين اعتدوا عليه كانوا من الدروز. وزاد "عوراتنا هذه لم تكشفها سوى امهاتنا ونحن صغار وها هم يهتكون بها ونحن كبار، والانكى من ذلك انهم يقومون بتعريتنا بشكل جماعي احيانا بحجة التفتيش فيبدأون بالتهكم علينا ويلهون مدة طويلة وهم يصنفوننا الى التنظيمات الفلسطينية حسب مواصفات اجسادنا العارية ومواقعها الحساسة، دون اي وازع من اخلاق او انسانية..".

 

يخلطون الزيت بالقهوة والسكر

 

وفي سجن شطة، الذي يؤوي 430 مناضلا فلسطينيا، الحالة المأساوية مماثلة بل أكثر قسوة. وعن ذلك حدثنا محمد ابو الهيجاء فكشف عن قيام السجانين بالاعتداء المستمر على الاسرى الموثقين بالسلاسل قبيل تفتيشهم عراة ومسح اجسادهم بالماكنة الالكترونية. وزاد "ولا يكتفون بذلك بل يقومون باقتحام الغرف احيانا ويعيثون فيها الفساد خالطين الزيت بالقهوة والسكر. وبسبب فظاعة ما تقترفه اياديهم اخجل من سرد كل تفاصيل الاعتداءات والتنكيل بنا خاصة من قبل الجنود الدروز الذين يواظبون على معاملتنا بوقاحة واستفزاز ووحشية".

 

يفعلون عكس ما يقولون

 

واللافت ان موقع مصلحة السجون الاسرائيلية على الانترنت يعكس "صورة وردية" لما يحصل داخل منشآته حتى يخال القارىء انه في موقع سياحي يشرح الامتيازات ونقاط الجذب في المواقع المعدة للسفر. ففيما يتعلق بسجن "هداريم"، مثلا، جاء في الموقع : " خطط وبني هذا السجن بموجب نظرة عصرية حددت شروط الاعتقال بما يتوافق مع حرية الانسان وكرامته، فالسجناء يعيشون في غرف مضاءة وفي أجنحة مجهزة بأماكن الصلاة وصالات الطعام ضمن ظروف مناسبة تخلو من اي شيء يمس بصحتهم واحترامهم ...".

 

السجناء الفلسطينيون الذين تحدثنا اليهم واطلعناهم على ما جاء في الموقع اكتفوا بالقول "الحقيقة معكوسة بالضبط وهذا لا يفاجئنا فهم يفعلون عكس ما يقولون".

 

جمعية انصار السجين: سنقاضي المعتدين

 

في حديث ل"المشهد الاسرائيلي" اكد منير منصور، من "جمعية أنصار السجين"، صدق ما ورد من شهادات على لسان الاسرى الفلسطينيين مؤكدا اطلاعه على تصعيد مصلحة السجون للمعاملة اللاإنسانية تجاههم في السجون الثلاثة. وأوضح أن التدهور الخطير حصل منذ حوالي العام وتزامن مع تعيين يعقوب غانوت مديرا جديدا لمصلحة السجون حيث كان قراره الاول بناء حائط زجاجي عازل الى جانب الشبك الحديدي للفصل بين الاسير وبين ذويه اثناء الزيارات ولمنع ملامسة اصابع بعضهم البعض، ما دفع السجناء الى الاضراب عن استقبال الزوار حتى اليوم. واوضح منصور ان "جمعية انصار السجين" تقوم بجمع المواد المطلوبة لمقاضاة السجانين محليا وعالميا بواسطة جمعيات حقوق الانسان الدولية.

 

وعلى ما ورد في التقرير كافة عقب الناطق بلسان مصلحة السجون بما يلي:"استغرب الادعاءات القاسية بشأن التنكيل بالسجناء الامنيين. نحن على استعداد لفتح ابواب السجون المذكورة لزيارتها والتأكد من المعاملة القانونية التي يلقاها هؤلاء".!