تدهور كبير في أوضاع التعليم العالي في إسرائيل

على هامش المشهد


تعريف:

أصدرت جمعية "عير عاميم" (مدينة الشعوب) تقريرًا أكدت فيه أن أعمال العنف والاستفزازات المنطلقة من خلفية قومية متطرفة وأيديولوجية عنصرية ضد الفلسطينيين في القدس تحولت في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة خطيرة تتطلب موقفا ومعالجة جادين من جانب السلطات والجهات الرسمية.

وفيما يلي أبرز ما ورد فيه.

 

 

توطئة

 

حفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية في صيف العام الماضي (2012) بكم كبير من التقارير والأخبار التي تحدثت عن جرائم كراهية وأعمال عنف ارتكبها شبان يهود إسرائيليون ضد مواطنين فلسطينيين في مدينة القدس.

وكان من أبرز هذه الاعتداءات وأشدها قسوة ووحشية الاعتداء الذي تعرض له الشاب المقدسي جمال الجولاني في منتصف شهر آب 2012، حيث هاجم عشرات الشبان اليهود ثلاثة فتية فلسطينيين، بينهم جمال، في ميدان مركزي وسط القدس الغربية، وواصلوا الاعتداء على هذا الأخير (الجولاني) بالضرب المبرح حتى بعد أن انهار وفقد وعيه.

وعلى الرغم من خطورة الحادث ووضوح خلفيته القومية والعنصرية، إلا أن أيا من الساسة الإسرائيليين، ومن ضمنهم رئيس البلدية نير بركات، لم يسارع إلى شجب واستنكار ما حدث في مركز المدينة في السادس عشر من شهر آب 2012.

وليس هذا وحسب، ففي 15 كانون الثاني 2013 أعلن أن المحكمة المركزية في القدس صادقت على صفقة إدعاء تخفف بموجبها التهم الموجهة إلى اثنين من الشبان اليهود الضالعين في حادث الاعتداء، ليقتصر الاتهام الموجه لهما على "مخالفة تحريض" فقط.

 

 

الاعتداءات العنصرية على الفلسطينيين

في القدس- قائمة جزئية

 

 

بالإضافة إلى حادث الاعتداء على جمال الجولاني الذي شكل، حسب وصف تقرير جمعية "عير عاميم"، ذروة العنف ضد العرب في القدس، فقد ظهرت في وسائل الإعلام في الأشهر اللاحقة تقارير متواترة عن اعتداءات مشابهة تعرض لها فلسطينيون في أنحاء مختلفة من القدس الغربية.

وأورد التقرير قائمة (جزئية) تتضمن حوادث الاعتداءات التي نشرت أخبار حولها في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، وجاء في أبرزها:

- في 6/9/2012 تعرض إبراهيم أبو طاعة للاعتداء بالضرب المبرح من قبل خمسة شبان يهود (ألقت الشرطة القبض عليهم) مما أدى إلى إصابته بكسور في ساقه ونقل على أثرها للعلاج في المستشفى.

- في 7/9/2012، اعتدى عدد من الشبان اليهود بالضرب على العامل الفلسطيني نسيم أبو رموز في أثناء عمله في محطة للوقود في حي "بيت هكيرم"، وقد أصيب برضوض نقل على أثرها للعلاج في المستشفى.

- في 11/10/2012 تعرض العامل محمد سعيد لاعتداء بالضرب على أيدي سبعة شبان إسرائيليين في ذات الساحة التي وقع فيها الاعتداء على جمال الجولاني، وألقت الشرطة على أثر ذلك القبض على 4 شبان يهود بينهم مشتبه مركزي في الاعتداء على الجولاني.

- في 25/12/2012 أعتدي بالضرب على فتى فلسطيني عمره 15 عاما، أصيب جراء ذلك بجروح متوسطة وأدخل للعلاج في المستشفى.

- في 24/1/2013 اعتدى شبان يهود على عدد من التلاميذ العرب كانوا يستقلون حافلة ركاب إسرائيلية قرب مستوطنة "بسغات زئيف" في طريق عودتهم من المدرسة.

- في 26/2/2013 تعرضت امرأة فلسطينية حامل (هناء امطير) لاعتداء بالضرب من قبل 3 نساء يهوديات في محطة القطار الخفيف في حي "كريات موشيه" في القدس الغربية، وقال شهود عيان إن حارس الأمن الإسرائيلي الذي تواجد في المكان لم يتدخل لمنع الاعتداء.

- في 6/3/2013 هوجمت مدرستان، إحداهما عربية (سهاد أبو زميرو)، من قبل مجموعة من طلاب إحدى المعاهد الدينية اليهودية في حي "كريات موشيه"، بينما كانتا في زيارة تعزية، وقد رشق المعتدون سيارة المدرستين بالحجارة وحطموا نوافذها وثقبوا إطاراتها.

 

ويضيف تقرير "عير عاميم" أن مهاجمة الفلسطينيين والاعتداءات عليهم ليست ظاهرة جديدة في القدس لكن مثل هذه الأحداث لا تنشر دائما في وسائل الإعلام، وعلى سبيل المثال فقد وقعت في الشهر السابق لحادث الاعتداء الوحشي على جمال الجولاني (أي في تموز 2012) العديد من حوادث التخريب لسيارات فلسطينيين والاعتداء بالضرب على مارة فلسطينيين في "الحي اليهودي" في القدس القديمة لم يرد أي ذكر لها في الأخبار.

 

ويشير التقرير في هذا السياق إلى حادثين خطيرين وقعا في العامين الأخيرين، ونالا تغطية واسعة في وسائل الإعلام، وهما حادث الطعن حتى الموت للشاب المقدسي حسام الرويضي في شباط 2011، من قبل مجموعة من الشبان اليهود في شارع "بن يهودا" وسط القدس الغربية، وقد أدين المعتدي المركزي في الحادث بتهمة القتل غير العمد وحكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات فقط، وحوادث الاعتداء على شبان فلسطينيين وسط القدس الغربية أيضا، من قبل "عصابة" مكونة من حوالي 20 فتى يهوديا، ألقت الشرطة القبض على تسعة منهم حتى الآن.

 

 

خلفية ومكونات الظاهرة

 

أكد التقرير أنه لا يمكن تجاهل الخلفية التي تقف وراء مثل هذه الاعتداءات، وأن تشخيصها كظاهرة عنف على خلفية قومية متطرفة آخذة في الاتساع، هو الذي يتيح فقط تقديم تحليل سليم للعوامل والأسباب الكامنة خلف انتشارها واتساع حجمها ونطاقها، بما يمكن بالتالي من العمل من أجل اجتثاثها.

 

وفي ضوء هذا الفهم، سعى التقرير إلى تشخيص المكونات الرئيسة لظاهرة العنف القومي اليهودي في القدس، ومغزى "العوامل المشجعة، وربما المنظمة" لهذا العنف:

 

· مهاجمة رجال فلسطينيين على خلفية علاقات مع نساء يهوديات: بالإضافة إلى الحوادث آنفة الذكر، وقعت اعتداءات أخرى على رجال فلسطينيين شوهدوا برفقة نساء يهوديات. إحدى السمات البارزة في هذه الاعتداءات تتمثل في نظرة أو موقف المعتدين تجاه العلاقة بين رجال فلسطينيين ونساء يهوديات كسبب لاعتداءاتهم.. فقد دل تحقيق الشرطة في الاعتداء على ج. جولاني على أن الحادث بدأ عقب ادعاء إحدى الفتيات اليهوديات بأنها اغتصبت على يد شخص عربي. كذلك وقعت بعض الاعتداءات الأخرى المشار إليها، على خلفية علاقة- متخيلة أو حقيقية- بين فلسطيني ويهودية. ومن الواضح أن هناك أشخاصًا ومنظمات ممن توجد لهم مصلحة في توتير العلاقات بين الفلسطينيين واليهود في القدس، يعملون على إشاعة أجواء محمومة حول هذه المسألة، التي تنظر إليها بعض الأوساط اليهودية كظاهرة خطيرة وغير مشروعة. وحتى لو كانت مثل هذه الأوساط والمنظمات تحصر نشاطها العلني في "الدعاية"، إلا أن لهجتها العنيفة والتحريضية تثير النزاعات والميول العدوانية. وإحدى المنظمات البارزة في التحريض على هذه الخلفية هي منظمة "لهفاه" (لمنع الذوبان) التي أقيمت قبل حوالي ثلاث سنوات، وتضم في صفوف نشطائها البارزين مؤيدين لحركة "كاخ" العنصرية المحظورة. وتنشط منظمة "لهفاه"، التي يشغل سكرتيرها العام عضوية مجلس مستوطنة "كريات أربع"، في بث رسائل تحريضية شديدة اللهجة ضد أي شكل من العلاقات بين رجال فلسطينيين ونساء يهوديات (زواج، صداقة، عمل في مكان واحد.. إلخ). وتنظم مرارا حملات تحريضية لمقاطعة أماكن العمل التي يعمل فيها رجال فلسطينيون سوية مع نساء يهوديات، ولا تتورع عن توجيه تهديدات لفلسطينيين يقيمون علاقات مع يهوديات، مكررة رسالتها التي تماثل بين "الاختلاط والذوبان" وبين "إراقة الدم اليهودي"، وتكثر من إطلاق التصريحات ضد تواجد الفلسطينيين في المناطق والأماكن التي تعتبرها "يهودية"، وتمارس التحريض العلني على العنف (ضد العرب الذين يتواجدون في مثل هذه الأماكن أو يقيمون أي شكل من العلاقات مع يهوديات) وترتبط هذه الحملات ("لمنع الذوبان والاختلاط") بموضوع "العمل العبري" الذي تقوده منظمات مختلفة كجزء من محاربة خطر "الذوبان"، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى المسح الذي أجراه نشطاء اليمين لأماكن العمل والمتاجر والحوانيت التي تشغل عربا في سوق "محنيه يهودا" (تموز 2012)، والحملة لمقاطعة بعض شبكات التسويق الإسرائيلية التي يعمل فيها عمال فلسطينيون إلى جانب نساء يهوديات. يذكر أيضا أن منظمة "لهفاه" كانت قد بادرت في كانون الأول 2010 إلى صياغة وإصدار "نداء" بتوقيع زوجات حاخامين مركزيين يدعو النساء اليهوديات إلى الامتناع عن المكوث أو التواجد بصحبة رجال عرب (سواء لأغراض العمل أو الترفيه أو "الخدمة الوطنية")، الأمر الذي عزز من شرعية نشاط هذه المنظمة اليمينية المتطرفة وأكسبها صبغة الرسالة الدينية المشروعة، بينما هي تتخذ من ذلك في الحقيقة غطاء لنشاطاتها التحريضية والعنصرية الخطيرة.

· تصدير العنف من الضفة الغربية إلى شوارع القدس: يقول تقرير "عير عاميم": إذا كانت حوادث تدنيس المساجد وكتابة الشعارات المشينة وإتلاف وتخريب الممتلكات الفلسطينية والاعتداءات الجسدية على مواطنين فلسطينيين قد وقعت بشكل رئيس فيما مضى في القرى القريبة من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فقد سجل خلال أعوام 2011- 2013 عدد كبير من الأعمال والاعتداءات المشابهة داخل إسرائيل، ولا سيما في مدينة القدس. وأورد التقرير قائمة جزئية أشارت إلى أن فترة العام الممتد من أواخر 2011 وحتى أواخر 2012 شهدت وقوع عشرات الاعتداءات والحوادث المنسوبة لمتطرفين يهود، مثل كتابة الشعارات والعبارات المسيئة على جدران مساجد ونبش وتخريب مقابر إسلامية وإحراق مساجد وسيارات. وقد أظهرت معطيات رسمية نشرتها شرطة لواء القدس في آذار 2013 أن ارتفاعا حاداً قد سجل في العام 2012 على حوادث الاعتداء والتخريب التي تتم في نطاق ما يعرف بحملة "جباية الثمن" التي تقف خلفها مجموعات يمينية متطرفة.

ويضيف التقرير أن هناك مجموعات متطرفة لديها نظرية منظمة تدمج بين عقيدة تبرر إيذاء الفلسطينيين، وبين أساليب وخطط عمل تقوم على العنف، مشيرا إلى أن معهد "عود يوسيف حاي" الديني الذي يترأسه الحاخام المتطرف إسحق غينزبورغ في مستوطنة "يتسهار" القريبة من نابلس، يشكل أحد المراكز الرئيسة التي تبث هذه النظرية. وكان حاخامو هذا المعهد قد أصدروا كتابا بعنوان "توراة الملك" تضمن فتاوى ومبررات تبيح قتل العرب، ونشر الحاخام يوسف أليتسور، أحد المشاركين في تأليف الكتاب، مقالا تحت عنوان "ضمان متبادل لإستراتيجيا"، فصل فيه التكتيكات والأساليب التي ينبغي إتباعها. وقد تمت حوادث الاعتداءات المختلفة، التي جرت تحت اسم "جباية الثمن" و"ضمان متبادل"، بإيحاء وتأثير مباشرين لمقال الحاخام أليتسور. وفي أواخر العام 2011 ومطلع العام 2012 أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إبعاد إدارية بحق حوالي عشرين مستوطنا يهوديا يقطنون في مستوطنات الضفة الغربية (غالبيتهم من مستوطنة "يتسهار") وذلك في ضوء معلومات استخباراتية تشير إلى ضلوعهم في أعمال عنف ضد فلسطينيين وضد الجيش الإسرائيلي. وقد انتقل عدد كبير من هؤلاء الناشطين المتطرفين المبعدين للسكن في القدس، وفي الأشهر التي تلت ذلك سجل وقوع الاعتداءات التي شهدتها المدينة، حسب التفصيل المبين آنفا، وقد ألقت الشرطة القبض، في أواخر العام 2011 وخلال العام 2012، على عدد من النشطاء المبعدين من المستوطنات للاشتباه بوقوفهم وراء اعتداءات ونشاطات مناوئة للفلسطينيين و"لتواجد العرب" في أحياء استيطانية في القدس مثل "التلة الفرنسية" و"بسغات زئيف".

· تحريض الحاخامين: تتوفر داخل صفوف المجموعات الدينية- المتطرفة أرضية خصبة مشابهة لتلك التي عمل فيها الحاخام غينزبورغ في مستوطنة "يتسهار"، تلتف فيها جماعة حول طريق وزعيم روحيين، وتضع من ضمن أهدافها ترويج وتطبيق أيديولوجيا عنصرية وعنيفة. وفي مثل هذه الظروف يحظى "الناشطون الميدانيون" الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين بالدعم الروحي والمعنوي، الصريح أو الضمني، من جانب لفيف من الحاخامين، الذين يحضون في المواعظ والاجتماعات الدينية على عدم تشغيل العرب وعدم تأجيرهم أو بيعهم شققا في أحياء يهودية، وذلك تحت شعار درء "خطر الذوبان والاختلاط". وقد نظمت في مرات عديدة في السنوات الماضية اجتماعات لنفس الغرض والأهداف شارك فيها عشرات الحاخامين، بينهم حاخامون مركزيون مثل شموئيل إلياهو ويعقوب يوسيف ودافيد شاليم، وأعضاء كنيست، قدم على أثر أحدها للمحاكمة عدد من الحاخامين بسبب تفوهات عنصرية.

 

 

عنف وتعصب قومي في كرة القدم

 

 

في 26 كانون الثاني 2013 رفع قسم من مشجعي وأنصار نادي "بيتار" القدس، يافطة ضخمة كتب عليها "بيتار نقي إلى الأبد"، وذلك تعبيرا عن موقفهم الرافض لنية إدارة النادي ضم لاعبين مسلمين إلى فريقه لكرة القدم.

وفي حادثين منفصلين آخرين، وقعا في أوائل شهر شباط 2013 هاجم مشجعون لاعبين مسلمين ضما إلى الفريق وأضرموا النار في مكاتب النادي وخربوا سيارة رئيسه. وفي حادث سابق (في آذار 2012) قام المئات من مشجعي الفريق، بعد مباراة للفريق على أرض ملعبه (استاد تيدي)، بأعمال شغب رددوا خلالها هتافات عنصرية ("الموت للعرب") واعتدوا بالضرب على عمال فلسطينيين في المركز التجاري في المالحة. وقد وقع العديد من الأعمال والحوادث المشابهة من جانب أنصار النادي في مناسبات أخرى، خلال العام الأخير.

 

ولاحظ تقرير جمعية "عير عاميم" أن الشرطة الإسرائيلية كانت في معظم الحالات تغض الطرف عن الممارسات والأعمال والتفوهات العنصرية المنتشرة في صفوف أنصار النادي (الذي يعتبر منذ تأسيسه مقربا من أوساط اليمين وحزب الليكود) ولا تقوم باتخاذ أية إجراءات قانونية رادعة ضد المشاركين في مثل هذه الأعمال.

 

إضفاء صبغة التطرف

على "مسيرة يوم القدس"

 

يقول التقرير إن ما يسمى بـ "يوم القدس" (الذي تحتفل فيه إسرائيل بذكرى ضمها للقدس الشرقية المحتلة) والمسيرة التي تجري خلالها تحولا في السنوات الأخيرة إلى ساحة أخرى تشكل فيها "مناسبة رسمية" منصة لإذكاء مشاعر التطرف والعنصرية المناوئة للعرب، والتي تنزلق في الكثير من الأحيان إلى حوادث اعتداء بالضرب على الفلسطينيين من أصحاب المتاجر وعابري السبيل في الطريق والشوارع التي تمر فيها المسيرة في القدس الشرقية.

 

ويضيف تقرير "عيرعاميم": في العام 2010 جرى تقليص المسار المخصص لعبور المسيرة، ولكن في العام التالي (2011) أدخل تعديل على المسار ليشمل المرور أيضا في حي "الشيخ جراح"، مما شكل في حد ذاته إعلاناً سياسياً سافراً، في ظل ما يشهده هذا الحي الفلسطيني في قلب المدينة من صراعات على السيطرة والملكية بين سكانه الفلسطينيين والجمعيات الاستيطانية اليمينية المتطرفة التي تسعى إلى تهويد الحي، وتمكنت بمساعدة السلطات والمحاكم الإسرائيلية من الاستيلاء على عدد من المنازل فيه، أخلي أصحابها منها بالقوة وبأوامر المحاكم، ليحل مكانهم مستوطنون متطرفون. وفي العامين الأخيرين تخللت المسيرة، التي يشارك فيها الآلاف من أنصار اليمين والمستوطنين، هتافات عنصرية مناوئة للعرب والمسلمين، خاصة في أثناء مرورها في أماكن مثل حي الشيخ جراح وساحة باب العامود وطرقات بلدة القدس القديمة مما أدى في الكثير من الأحيان إلى وقوع مشاجرات بين المشاركين في المسيرة وبين المواطنين الفلسطينيين.

 

ولفت التقرير في هذا السياق إلى محاولة الشرطة الإسرائيلية في المرة الأخيرة إقناع أصحاب المتاجر الفلسطينيين في باب العامود عدم فتح محالهم في يوم المسيرة، مما يشير إلى محاولة الشرطة التنصل من مسؤوليتها ومهمتها في توفير الحماية لسكان المدينة.

 

 

 

مستوطنات خط التماس-

بؤرة للنشاط العنصري

 

تشكل أحياء - مستوطنات - خط التماس في القدس الشرقية، مثل بسغات زئيف والنبي يعقوب والتلة الفرنسية، بؤر توتر شديد بين اليهود والفلسطينيين في القدس، فهي ممر إجباري للفلسطينيين المتوجهين إلى أماكن ومناطق أخرى في المدينة، كما أنهم يضطرون إلى استخدام ما فيها من مرافق وخدمات عامة، تحرص البلدية الإسرائيلية على إقامتها وتطويرها في مثل هذه الأحياء اليهودية، ولا تعبأ بتاتا بإقامة مرافق مشابهة في الأحياء الفلسطينية، كذلك يجد بعض الفلسطينيين (المقدسيين) أنفسهم مضطرين أحيانا لشراء أو استئجار شقق سكنية في هذه الأحياء الاستيطانية للتغلب على مشاكل السكن في المدينة في ظل القيود والمتطلبات الصارمة التي تضعها السلطات على تراخيص البناء الجديدة في الأحياء الفلسطينية.

 

في ضوء كل ذلك بدأت تظهر في السنوات الأخيرة نشاطات متزايدة ضد تواجد الفلسطينيين في الأحياء الاستيطانية في "مناطق التماس"، وخصوصا في "بسغات زئيف" التي يلاحظ وجود دور كبير لعناصر اليمين المتطرف في النشاطات المناوئة لتواجد الفلسطينيين فيها، والتي تشمل تنظيم تظاهرات وتجمعات تدعو إلى طرد العرب، ووصلت في بعض الأحيان إلى حد استخدام العنف الجسدي. وقد بلغ العنف المنظم مسبقا على هذه الخلفية، في "بسغات زئيف"، ذروته في نيسان 2008، حين هاجم عشرات الشبان اليهود، المسلحين بالهراوات والسكاكين، شابين فلسطينيين بالقرب من المركز التجاري في الحي الاستيطاني، أدخلا للعلاج في المستشفى إثر إصابتهما بجروح ورضوض خطيرة جراء الاعتداء.

 

ويؤكد تقرير "عير عاميم" أن مثل هذه النشاطات والأعمال تتم في الغالب بتأثير وتشجيع مباشرين من جانب مجالس إدارة هذه الأحياء الاستيطانية، أو قوائم يمينية تشارك فيها، مشيرة على سبيل المثال إلى أن قائمة "بسغات زئيف يهودية" برئاسة موشيه بن زكري، التي فازت في نهاية العام 2010 بأربعة مقاعد من أصل 9 مقاعد في مجلس الإدارة المحلي، اتخذت من شعار طرد الفلسطينيين من الحي، هدفا مركزيا في برنامجها. وقد اعترف بن زكري بأنه حصل على دعم ومشورة من حاخامي ونشطاء اليمين المتطرف في مستوطنة "يتسهار". ويسعى بن زكري، وناشطون يمينون آخرون من مستوطنات التماس في محيط القدس الشرقية، في الآونة الأخيرة، إلى أقامة ميلشيات حراسة ("حرس الأحياء") هدفها ملاحقة وتصفية تواجد الفلسطينيين في هذه الأحياء ومحاربة ما يصفونه بـ "ظاهرة الاختلاط والذوبان". وتحظى مثل هذه النشاطات أيضا بصدى من الدعم والتشجيع في الكنيست الإسرائيلي، ففي نقاش أجرته لجنة الداخلية التابعة للكنيست، على خلفية شكاوى من جانب سكان "أحياء خط التماس" تزعم ازدياد أعمال السرقة والمضايقات المنسوبة لفلسطينيين من سكان أحياء مجاورة، وصف عضو الكنيست (السابق) أرييه إلداد تواجد الفلسطينيين في هذه الأحياء بأنه "مؤامرة فلسطينية للسيطرة على القدس". وحول تواجد الفلسطينيين في حي "التلة الفرنسية" الاستيطاني قال رئيس لجنة الداخلية التابعة للكنيست دافيد أزولاي إن هذا الحي "تحول إلى منطقة مرور من العيسوية إلى مركز المدينة"، وهو كلام يستشف منه أن تواجد فلسطينيين في الحي يعتبر في حد ذاته أمراً غير مشروع. بالإضافة إلى ذلك فقد ربط أغلب أعضاء لجنة الداخلية بين تواجد ماكثين غير قانونيين من المناطق الفلسطينية المحتلة، وبين تواجد سكان القدس الفلسطينيين في الأحياء الإسرائيلية، وكأن الحديث لا يدور على سكان المدينة حملة الهوية الإسرائيلية.

 

 

تلخيص

 

حين لا يتمكن أكثر من ثلث السكان (نسبة السكان الفلسطينيين من مجموع السكان في القدس) من التنقل والحركة بحرية وأمان في مدينتهم بسبب هويتهم القومية، فإن الأمر يتطلب جهدا حقيقيا لتغيير الوضع.

 

إن هذا العنف- القومي اليهودي- الواسع (ضد الفلسطينيين في المدينة) يناقض بصورة تامة التوجه الرسمي الإسرائيلي نحو جعل القدس مدينة جذب سياحية، وعلى سبيل المثال فإن زيادة أعداد الحجاج المسيحيين القادمين لزيارة المدينة المقدسة (مضاعفة عددهم 3 مرات) كما يتطلع رئيس البلدية، لا يمكن أن تتحقق في موازاة كتابة شعارات التطرف والعنصرية و"جباية الثمن" على جدران الكنائس والمس برجالات الدين المسيحيين.

 

هناك أوساط عنصرية وعنيفة تستغل وتستخدم بسوء نية قيما مألوفة وعادية في الظاهر، من أجل تحقيق أغراضها وأجندتها التي تذكي التوتر والكراهية.

 

لذلك، ينبغي الإقرار بأن أعمال العنف والاستفزازات المنطلقة من خلفية قومية متطرفة وأيديولوجية عنصرية، ضد الفلسطينيين في القدس، هي ظاهرة تتطلب موقفا ومعالجة جادين من جانب السلطات والجهات الرسمية، وفي هذا السياق فإن هناك ما يدعو إلى القلق والتساؤل في كل ما يتعلق بتعامل أجهزة وسلطات تطبيق القانون مع الاعتداءات وحوادث العنف الموجهة ضد السكان الفلسطينيين، والذي ينم عن إهمال ولا مبالاة وتساهل في بعض الحالات.

 

وفي واقع تتعمق فيه حقيقة كون القدس مدينة ثنائية القومية، فإنه لا مناص من الإقرار والقبول بوجود ونصيب الفلسطينيين في الواقع المقدسي، الأمر الذي يتطلب توفر بنية تنظيمية وقيمية لاحتواء هذا الواقع، والعمل بصورة جادة وحازمة على اجتثاث ظاهرة العنف القومي اليهودي من واقع المدينة.

 

[ترجمة س. عيّـاش]