المراسل السياسي والدبلوماسي في صحيفة هآرتس: أتوقع أن ينتهي اللقاء بين نتنياهو وأوباما بمزيد من النفور

على هامش المشهد

*هذه المخططات غير مرتبطة بحملة الانتخابات فقط وإنما أيضًا بمحاولة فرض مزيد من الوقائع على الأرض لمنع استئناف المفاوضات وعرقلة حل الدولتين*

 

كتب بلال ضـاهر:

 

قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرد على قبول فلسطين دولة مراقبة وغير كاملة العضوية في الأمم المتحدة بالإعلان عن مخططات لبناء آلاف الوحدات السكنية في القدس الشرقية والضفة الغربية.

 

وقد أعلن في البداية عن بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية، ودفع مخططات بناء استيطانية في منطقة "إي1"، تهدف إلى ربط الكتلة الاستيطانية "معاليه أدوميم" بالقدس الشرقية، وخاصة المستوطنات فيها، الأمر الذي من شأنه قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وعزل القدس عن الضفة الغربية.

وبعد ذلك صادقت حكومة إسرائيل، من خلال لجنة التخطيط والبناء في منطقة القدس التابعة لوزارة الداخلية، ولجنة التخطيط والبناء المحلية التابعة لبلدية القدس، على مخططات بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات في شرقي المدينة. وبين هذه المخططات، مخطط لإقامة مستوطنة جديدة في جنوب القدس الشرقية باسم "غفعات هماتوس" وبناء 2610 وحدات سكنية فيها إضافة إلى مشروع سياحي يشمل فنادق.

كذلك تم نشر عطاءات لمشاريع بناء قرابة 6000 وحدة سكنية في مناطق داخل الخط الأخضر، وبينها قرابة ألف وحدة سكنية في المستوطنات.

وأقرت لجنة التخطيط والبناء لمنطقة القدس مخطط بناء 1500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة "رامات شلومو" في شمال القدس الشرقية. وكانت حكومة إسرائيل قد أعلنت عن مشروع البناء الأخير هذا خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسرائيل في شهر آذار من العام 2010، وأثار هذا الإعلان في حينه أزمة في العلاقات بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية.

وبدا أن المصادقة على مشاريع البناء الاستيطانية هذه جاءت كرد فعل إسرائيلي على الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة وأن نتنياهو يسعى إلى استغلال ذلك في إطار حملته الانتخابية. لكن المسؤولة عن متابعة الاستيطان في حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان، حاغيت عوفران، أكدت لـ "المشهد الإسرائيلي" أن نتنياهو وحكومته يسعيان أيضًا إلى فرض مزيد من الوقائع على الأرض.

وقالت عوفران "هذا قرار استراتيجي. إن حكومة نتنياهو تريد استغلال فترة الانتخابات من أجل وضع أكثر ما يمكن من الوقائع على الأرض، وذلك قبل أن تتم، ربما، ممارسة ضغوط ما على الحكومة المقبلة من أجل الدخول في مفاوضات. والآن لا توجد أية ضغوط دولية كهذه لأننا في فترة ما قبل الانتخابات. وتعتبر الحكومة أنه توجد فرصة الآن من أجل تنفيذ أعمال بناء في المستوطنات ومنع إمكانية استئناف المفاوضات وتنفيذ حل الدولتين".

(*) "المشهد الإسرائيلي": أنتم في حركة "السلام الآن" تتحدثون عن إقرار مخططات بناء في المستوطنات تشمل 11 ألف وحدة سكنية.

عوفران: "لقد حدثت عدة أمور وإقرار تصاريح بناء في مراحل مختلفة، وجرى طرح عطاءات لبدء تنفيذ أعمال بناء في المستوطنات. ونحن نتحدث عن وحدات سكنية ضمن المخططات التي تم إقرارها مؤخرا يزيد عددها عن 11 ألفا".

(*) إعلان نتنياهو عن دفع مخططات بناء في منطقة "إي1" أثار غضب العالم بشكل خاص. ما الفرق بين البناء في هذه المنطقة والبناء في المستوطنات في مناطق أخرى من القدس الشرقية والضفة الغربية؟

عوفران: "بداية، أعتقد أن أية أعمال بناء استيطانية خلف الخط الأخضر هي ضد المصلحة الإسرائيلية، وتبعد احتمال التوصل إلى سلام وتطبيق حل الدولتين. لكن مخطط البناء في ’إي1’ هو مخطط خطير بشكل خاص لأنه في حال تنفيذ مخطط البناء هذا فإن ذلك يعني أنه إذا تم التوصل إلى سلام ينبغي إخلاء المستوطنة هناك، لأن هذه المنطقة هي منطقة مصيرية من أجل وجود تواصل جغرافي بين شمال وجنوب الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي".

(*) سلطات التخطيط والبناء صادقت بموجب تعليمات من الحكومة الإسرائيلية على مخطط لإقامة مستوطنة جديدة باسم "غفعات هماتوس" في جنوب القدس الشرقية. ما هي تبعات ذلك؟

عوفران: "هذا المخطط لإقامة المستوطنة الجديدة سيؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين القدس الشرقية وبيت لحم. وعمليا فإن هذين المخططين- ’غفعات هماتوس’ و’إي1’- يشكلان ضربة شديدة فعلا لحل الدولتين. و’غفعات هماتوس’ تتسبب بأن ضاحية بيت صفافا ستكون محاطة بأحياء (مستوطنات) يهودية، ما يعني أنه لن يكون هناك اتصال بين هذه الضاحية العربية وبين الدولة الفلسطينية. ولذلك فإنه لن يكون بالإمكان التوصل إلى حل الدولتين مع عاصمة فلسطينية في الأحياء العربية في القدس الشرقية. وهناك مخططات أخرى تقطع التواصل الجغرافي لدولة فلسطينية. وبين هذه المخططات البناء في مستوطنة ’إفرات’. فالحكومة الحالية نشرت عطاءات لبناء مئات الوحدات السكنية في ’إفرات’، وهي مستوطنة تقع جنوبي بيت لحم، وموجودة شرقي الشارع رقم 60. وهذا يعني أنه إذا أرادت إسرائيل ضم ’إفرات’ فإنه سيتعين عليها ضم الشارع رقم 60 أيضا. ويعني أمر كهذا أن كل المنطقة الواقعة بين بيت لحم والخليل ستكون معزولة عن الشارع رقم 60. ولن يكون هناك شارع يربط بين بيت لحم والخليل. ولذلك فإن تطوير ’إفرات’ هو أمر خطير جدا".

(*) في موازاة تصعيد البناء الاستيطاني هناك مخططات لهدم بيوت فلسطينية في القدس؟

عوفران: "ما جرى فيما يتعلق بهدم البيوت هو أن المحكمة الإسرائيلية نظرت في هذه القضية، بعد التماس قدمه نشطاء اليمين وطالبوا بتنفيذ أوامر هدم بحق 300 بيت تقريبا، تلقى أصحابها إخطارات بالهدم صادرة عن السلطات الإسرائيلية. وقالت المحكمة إن صلاحية هدم هذه البيوت هي من مسؤولية لجنة التخطيط والبناء في منطقة القدس التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية، ولكن الأوامر لا تطلب هدم البيوت في الوقت الحالي. ولذلك فإن ما تم نشره في وسائل الإعلام بأن اليمين نجح في المحكمة وأنه يجب هدم 300 بيت فلسطيني الآن، ليس دقيقا. ورغم ذلك نحن نرى أن إسرائيل تهدم بيوتا فلسطينية كل أسبوع، وهذا جزء من السياسة الإسرائيلية الرامية إلى منع تطوير المناطق المحتلة في العام 1967".

(*) تواصل حكومة إسرائيل شرعنة بؤر استيطانية عشوائية. وهذا نوع من إقامة مستوطنات جديدة. وحتى أن هذه البؤر لا تقع داخل الكتل الاستيطانية، التي تدعي إسرائيل أنها ستبقى تحت سيطرتها في إطار أي اتفاق سلام مستقبلي.

عوفران: "صحيح. وعمليا فإن حكومة نتنياهو هي أول حكومة إسرائيلية منذ سنوات التسعين، وفي الواقع منذ نهاية ولاية حكومة إسحق شامير، في العام 1992، التي تقيم مستوطنات جديدة بواسطة شرعنة بؤر استيطانية عشوائية وتحويلها إلى مستوطنات".

(*) هل حكومة نتنياهو تعمل على إلغاء "تقرير البؤر الاستيطانية" الذي أعدته المسؤولة السابقة في النيابة العامة، طاليا ساسون، بتكليف من رئيس الحكومة الأسبق، أريئيل شارون، وتحاول تشريع جميع البؤر الاستيطانية؟

عوفران: "الحكومة الحالية شكلت لجنة جديدة، هي "لجنة إدموند ليفي"، والتي أنهت عملها وقدمت توصيات كثيرة غايتها التسهيل على المستوطنين والسماح لإسرائيل، خاصة في مجال الأراضي، بالسيطرة على الأراضي، ووضع صعوبات أمام الفلسطينيين أصحاب هذه الأراضي في كل ما يتعلق بعملية استرجاع أراضيهم. وفي هذه الأثناء لا يزال هذا تقرير سياسي غايته مساعدة المستوطنين في النقاش السياسي والقانوني الجاري في إسرائيل من أجل تمكينهم من السيطرة على أراض فلسطينية أخرى. لكن واضح أنه بموجب القانون الدولي، لا توجد أية مستوطنة قانونية، والاحتلال برمته لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل من الناحية القانونية".

(*) يوجد في إسرائيل إجماع واسع جدا حول الاستيطان حتى في الأحزاب التي تعتبر محسوبة على تيار الوسط - اليسار. ورئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، صرحت، الأسبوع الماضي، بأنه طالما لم يتم التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين فإنه ينبغي مواصلة البناء في المستوطنات وتطويرها.

عوفران: "أعتقد أن معظم الإسرائيليين ليسوا مهتمين بالمستوطنات. وهذا يعني أنه، من جهة، لا يهتمون إذا ما جرت أعمال بناء في المستوطنات وما إذا تم توسيعها، ومن الجهة الأخرى فإنهم لا يكترثون إذا ما تم إخلاء المستوطنات. والمواطنون الإسرائيليون بغالبيتهم الكبرى لم يزوروا المستوطنات ولم يصلوا إلى الخط الأخضر وحتى أنهم لا يعرفون أين يقع الخط الأخضر. وأعتقد أن السبب الذي يجعل حكومة نتنياهو تحظى بالتأييد على أثر البناء في المستوطنات هو أن الجمهور يشعر بأنه ليس مهما ما نفعله وأن كل شيء يبقى متعلقا بالفلسطينيين، وإذا أرادوا السلام فإننا سنصنع سلاما معهم. والإسرائيليون بشكل عام يعتبرون أن الفلسطينيين لا يريدون سلاما. أي أن دعاية اليمين الإسرائيلي نجحت. وأعتقد أن هذه الأجواء في إسرائيل تدل على وجود يأس حيال احتمال السلام. ولكن نحن كحركة إسرائيلية نسعى إلى محاربة هذه الأجواء، ونؤكد أن أي بيت يتم بناؤه خلف الخط الأخطر إنما يبعد السلام وحسب. ونحن نؤمن بأن السلام ممكن ونأمل في أن نحقق نجاحا أكبر في التأثير على الرأي العام الإسرائيلي".

(*) لكن هذا "يأس" لا يوجد ذنب للفلسطينيين بوجوده.

عوفران: "أنا أيضًا لا أعتقد أن الفلسطينيين مذنبون في هذا الأمر. بل إني أعتقد أن الفلسطينيين يائسون أيضا، ولا يؤمنون بأن إسرائيل ستصنع سلاما. وهذا وضع خطير جدا، لأنه لا يوجد أمل، كما أن العالم بدأ ييأس. ولكن سبب يأس الإسرائيليين مرتبط كثيرا بالدعاية التي يروجها اليمين عندما يقول إنه تمت تجربة الفلسطينيين وقدمنا لهم كل شيء لكنهم رفضوا. وهذا هو خطاب اليمين الإسرائيلي. ونحن نعتقد أنه إذا قامت إسرائيل بخطوات في اتجاه السلام فإن السلام سيتحقق. كما أن كل هذا الوضع مرتبط بالصراعات السياسية داخل إسرائيل. والمشكلة لدى الجمهور في إسرائيل ليست أنه لا يريد التوصل إلى سلام، وإنما عدم إيمانه بأن السلام ممكن".