*وضع حزب العمل الآن أفضل مما كان عليه في الانتخابات الماضية لكن المشكلة هي أن نمط تصويت الفئات التي يتوجه حزب العمل إليها يتغير بسرعة* قوة اليمين تتراجع وينطوي ذلك على أمل معين للمستقبل* أوباما يواجه مشاكل في الشرق الأوسط أكبر بكثير من خلافه مع نتنياهو*
كتب بلال ضاهر:
يغادر رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، مساء غد الأربعاء، متوجها إلى نيويورك للمشاركة في افتتاح أعمال الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سيلقي خطابا أمام الجمعية.
وقال نتنياهو لدى افتتاحه الاجتماع الأسبوعي لحكومته، أول من أمس الأحد، إنه سيلتقي في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الوزراء الكندي ووزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون. وأكد على أنه سيكرر في خطابه القول أنه "لا يمكن أن يُسمح لأخطر دولة في العالم [ويقصد إيران] بأن تمتلك أخطر الأسلحة في العالم".
وبرز في هذه الأقوال التي أدلى بها نتنياهو أنه لا يتوقع، حاليا، الالتقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وكانت تقارير إسرائيلية عديدة تحدثت مؤخرا عن أن أوباما ليس معنيا بلقاء نتنياهو قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، التي ستجري في السادس من تشرين الثاني المقبل. ويعكس ذلك الخلافات العلنية، الظاهرة في تصريحات الاثنين، حول الموضوع النووي الإيراني ومعارضة الولايات المتحدة إقدام إسرائيل على شن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، قبل الانتخابات الأميركية. كذلك طالب نتنياهو أوباما بوضع "خطوط حمراء" أمام إيران، فيما رفض الأخير ذلك. وبدا للإدارة الأميركية أن نتنياهو، الذي صعد انتقاداته لأداء أوباما، يسعى لإضعافه في المعركة الانتخابية مقابل منافسه الجمهور، ميت رومني، الذي تربطه علاقات صداقة قديمة مع نتنياهو.
من جهة ثانية، أطلق نتنياهو تصريحات، في الفترة الأخيرة، وسرب معلومات إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن في نيته تقديم موعد الانتخابات العامة. واشترط نتنياهو تقديم موعد الانتخابات بحال عدم إقرار الميزانية العامة الإسرائيلية. لكن في مقابل ذلك، تظهر استطلاعات الرأي، أنه كلما تقدم الوقت يفقد نتنياهو، وحزب الليكود الذي يتزعمه، من شعبيتهما، مقابل ارتفاع شعبية حزب العمل ورئيسته، شيلي يحيموفيتش. كذلك تظهر استطلاعات الرأي حدوث تراجع في قوة أحزاب اليمين مجتمعة، رغم أنها ما زالت تشكل أغلبية في الكنيست، بعد الانتخابات المقبلة.
وفي سياق آخر، جرى في نهاية الأسبوع الماضي، التوقيع على صفقة بيع صحيفة "معاريف" إلى رجل الأعمال اليميني – المتدين – المستوطن شلومو بن تسفي، ناشر صحيفة اليمين "مَكور ريشون". وتوقع صحافيون وإعلاميون أن هذه الصفقة ستؤثر على خريطة الإعلام في إسرائيل.
حول هذه المواضيع أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع المحاضر في "قسم تاريخ إسرائيل" في جامعة حيفا، البروفسور داني غوطفاين.
(*) "المشهد الإسرائيلي": يجري الحديث مرة أخرى الآن عن احتمال تقديم موعد الانتخابات العامة. وهناك تصريحات لنتنياهو في هذا الاتجاه. هل تعتقد أنه سيتم تقديم الانتخابات أم أنها ستجري في موعدها في تشرين الثاني من العام المقبل- 2013؟
غوطفاين: "يصعب معرفة ذلك، لأن هذه مسألة تتعلق بقرار سيتخذه نتنياهو. ولكن كقارئ صحف فإن الانطباع هو أنه سيتم تقديم موعد الانتخابات. وعلى ما يبدو أن نتنياهو سيفضل الذهاب إلى انتخابات مبكرة بسبب الضربات الاقتصادية وإقرار الميزانية العامة. لكن من جهة ثانية فقد رأينا انضمام حزب كاديما وانضمام رئيسه، شاؤول موفاز، إلى الحكومة، وهذا يشير إلى احتمال حدوث تطور سياسي ما في المستقبل وأي رهان في هذا الاتجاه قد يكون صحيحا، وذلك إلى حين اتضاح القرار الذي سيتخذه نتنياهو".
(*) نتنياهو لن يتمكن الآن، أو في ظل التركيبة الحالية للحكومة، أن يقر ميزانية والحصول على دعم أغلبية في الكنيست. هل هذا صحيح؟
غوطفاين: "لا. المسألة هي أن نتنياهو يتمتع بحيز مناورة واسع جدا. ووفقا لانطباعي فإنه إذا كان نتنياهو راغبا جدا في إقرار الميزانية فإنه سيكون بإمكانه إقرارها. إذ أن لديه تحالفا واسعا وأغلبية كبيرة في الكنيست. لكن هناك أيضا الحساب السياسي حول ما إذا كان مجديا الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وربما سيجد أنه من الصعب الذهاب إلى انتخابات بعد إقرار ميزانية تشمل تقليصات وزيادة ضرائب وما إلى ذلك، أو أن يقرر الذهاب إلى انتخابات قبل إقرار الميزانية".
(*) ومتى يتوقع إجراء الانتخابات في حال تقديم موعدها؟
غوطفاين: "لأن منطق تقديم الانتخابات يتعلق بموضوع الميزانية، فإن التوقعات هي أن تجري قبل نهاية آذار المقبل. أي خلال شهري شباط أو آذار المقبلين. وربما يبدو هذا موعدا بعيدا، ولذلك فإني لا أستبعد إجراءها قبل ذلك أيضا. وفي جميع الأحوال، سواء تم إجراء الانتخابات في هذا التاريخ أو في تاريخ آخر، فإننا أصبحنا موجودين في سنة انتخابات. والمؤسسة السياسية تتصرف كأنها داخل معركة انتخابية".
(*) في سياق الانتخابات، كيف ترى وضع حزب العمل بقيادة شيلي يحيموفيتش؟
غوطفاين: "واضح أن وضع حزب العمل اليوم أفضل مما كان عليه في الانتخابات الماضية. وحاله أفضل من حال حزب كاديما. وحزب العمل يمثل، الآن، الطبقة الوسطى المستقرة. ونسبة كبيرة من هذه الطبقة صوتت لكاديما، ويتوقع أن تذهب نسبة جيدة من هذه الأصوات إلى العمل. لكن السؤال الكبير هو ماذا ستفعل [رئيسة كاديما السابقة] تسيبي ليفني، التي في حال رشحت نفسها، ستنافس على هذه الأصوات. كذلك فإن الحيز الذي كان كاديما يحتله أصبح يحتله الآن يائير لبيد، لكن قسما من الأصوات سيذهب إلى العمل. لكن، مرة أخرى، ماذا سيحدث إذا تأسس حزب بقيادة ليفني وحاييم رامون وسيحاول المنافسة على أصوات الطبقة الوسطى. والمشكلة هي أن نمط تصويت الفئات التي يتوجه حزب العمل إليها يتغير بسرعة، وهذا جمهور يميل إلى تغيير مواقفه بسرعة، ولذلك فإنه ليس مضمونا أن الشعبية التي يتمتع بها العمل اليوم ستبقى على ما هي بعد نصف عام أو عام".
(*) وهل يتوقع أن تكون هناك مفاجأة في الانتخابات المقبلة، مثل أن يسقط حكم اليمين؟
غوطفاين: "كان مقررا أن تجري الانتخابات في أيلول الحالي، وبعد ذلك انضم كاديما إلى التحالف وتم إلغاء هذا الموعد. وعندما جرى الحديث عن إجراء الانتخابات في أيلول كان يبدو فوز نتنياهو في هذه الانتخابات واضحا. والآن، عندما أنظر إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، أرى أن [أحزاب] اليمين تشكل أغلبية لكن قوتها تتراجع. أي أن هناك تراجعا في قوة اليمين خلال الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة. هل سيستمر هذا التراجع وسيتغير التوازن بين معسكري اليمين والوسط – يسار؟ هذا ليس مؤكدا وربما يكون بعيدا عن الواقع. لكن الحقيقة هي أن قوة اليمين تتراجع ويوجد في ذلك أمل معين للمستقبل".
(*) سيتوجه نتنياهو إلى نيويورك، مساء غد، للمشاركة في افتتاح دورة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وسيلتقى خلال ذلك مع زعماء دول ومع وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون. ماذا يتوقع أن يقول في خطابه أمام الجمعية العامة، وهل يمكن أن يعود من زيارته هذه إلى الولايات المتحدة بإنجاز ما لإسرائيل؟
غوطفاين: "واضح أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة متوترة حاليا ولا يبدو أنه سيكون هناك إنجاز كبير في مجال العلاقات الثنائية الإسرائيلية – الأميركية. وأعتقد أن ما سيطرحه نتنياهو على الأجندة الدولية هو الموضوع الإيراني. وفي الموضوع الفلسطيني سيقول إن الفلسطينيين يرفضون الدخول في مفاوضات، كما يريد لهذه المفاوضات أن تكون".
(*) حسبما تبدو الأمور اليوم، فإن نتنياهو لن يلتقي مع أوباما، بسبب رفض الأخير استقباله. إلى هذه الدرجة الأزمة عميقة بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية؟
غوطفاين: "هذه أزمة عميقة بكل تأكيد. وهي عميقة بسبب الانتخابات الرئاسية الأميركية القريبة وفيما يبدو نتنياهو كمن يدعم المرشح الجمهوري، ميت رومني. عدا ذلك فإن هناك فجوة عميقة جدا بين الجانبين في الموضوع الإيراني. وهناك خلاف كبير في نظرة الجانبين إلى الوضع في الشرق الأوسط. هذا يعني أنه توجد خلافات كبيرة في وجهات نظر الجانبين. لكن ينبغي القول إنه رغم كل الخلافات في وجهات النظر بين إسرائيل والولايات المتحدة والتوتر بينهما، إلا أن العلاقات بين الدولتين ما زالت جيدة. ونتنياهو هو سياسي محترف ويملك خبرة كبيرة وربما سيستغل زيارته إلى الولايات المتحدة لتغيير حالة التوتر هذه. هذا أمر ممكن. فهذه أمور يمكن أن تتغير بسرعة".
(*) ماذا سيحدث في حال فاز أوباما في الانتخابات؟ هل ألحقت سياسة نتنياهو وخلافاته مع إدارة أوباما ضررا كبيرا بإسرائيل؟
غوطفاين: "على ما يبدو أن أوباما سيفوز في الانتخابات، وفقا للاستطلاعات الأخيرة. وكون إسرائيل انجرت إلى داخل المعركة الانتخابية الأميركية هو أمر ليس حكيما ولا مفرحا. من جهة أخرى، فإنني لا أعتقد أن أوباما سيقوم بخطوات عقابية تجاه إسرائيل، بسبب مواقف نتنياهو. فالأمور لا تسير بهذا الشكل. وتوجد بين إسرائيل والولايات المتحدة خلافات كبيرة في المواقف، ومن الجهة الأخرى فإنه يتعين عليهما العيش مع هذه الخلافات. ودعنا لا ننسى أن أوباما يواجه مشاكل في الشرق الأوسط أكبر بكثير من خلافه مع نتنياهو. وعلى ضوء هذا الوضع فإنه لا تزال هناك قاعدة واسعة جدا من التعاون بين إسرائيل وأميركا".
(*) تم بيع صحيفة "معاريف"، الأسبوع الماضي، إلى جهة يمينية – دينية – استيطانية. كيف سيؤثر هذا الأمر على خريطة الإعلام في إسرائيل؟
غوطفاين: "لا أعتقد أن هذا سيؤثر بشكل كبير. وعلى ما يبدو أن ’معاريف’ ستنافس صحيفة ’يسرائيل هيوم’ [المقربة من نتنياهو]. صحيح أن ’معاريف’ ستصبح صحيفة يمينية لكن بما أن العلاقات بين [ناشر "معاريف" الجديد شلومو] بن تسفي و[ناشر "يسرائيل هيوم" شلدون] إدلسون هي علاقات متوترة فإننا سنرى منافسة بين صحيفتين داخل اليمين، وذلك أقل من المنافسة بين صحف اليمين وصحف مثل ’يديعوت أحرونوت’ و’هآرتس’. وبالمناسبة، إذا نظرنا إلى صحيفة بن تسفي ’مَكور ريشون’ فإنك سترى أنها تشكل خيارا آخر لـ ’يسرائيل هيوم’. وهذا ما سيفعله بن تسفي ل’معاريف’ التي ستفقد الكثير من مكانتها الحالية".