تجدّد الصراع بين المؤسستين السياسية والقضائية على خلفية محاولة شخصيات منتخبة التأثير على قرارات المحاكم

وثائق وتقارير

 

تقرير: وديع عواودة

 ضمن الجهود الدعائية التي تبذلها السلطات الاسرائيلية لتجميل صورتها والدفاع عن نفسها في اعقاب التقارير الصحفية المحلية والعالمية التي نشرت مؤخرا حول وجود انتهاكات من قبل سجانيها بحق الاسرى الفلسطينيين داخل سجني شطة وهداريم، نظمت مصلحة السجون امس الخميس زيارة لمندوبي وسائل الاعلام العربية لسجن "هداريم" مدعية ان الزيارة كانت اقرت سابقا في مارس / اذار السابق. مندوبو الفضائيات والصحف العربية العالمية استمعوا داخل السجن الى شروحات من مدير السجون في منطقة الشارون، نظيم سبيتي، حول ما أسماه "الشروط القانونية والمعقولة" التي يعيشها الاسرى الفلسطينيون من ناحية الاقامة الدائمة والزيارات والخدمات الطبية والمأكل والعمل والتعليم وتوفير الفرصة امامهم لتقديم الشكاوى ضد السجانين المخالفين للقانون، زاعما انه تم خلال العام الماضي تقديم لوائح اتهام بحق خمسة سجانين سرح ثلاثة منهم من العمل اثر ادانتهم بسوء المعاملة والاعتداء على الاسرى. وفيما عرض مسؤولو معتقلات مجمع"الشارون" الطعام المقدم للسجناء امام الكاميرات زاعمين انه ذات الطعام المقدم لادارة السجن اعترف نظيم سبيتي، قائد السجون في مجموعة سجون الشارون، بقيام مصلحة السجون بتشديد الاجراءات واتباع القبضة الحديدية ضد السجناء الفلسطينيين منذ العام ونصف العام نتيجة تعرض احد مدراء السجون الى محاولة قتل وتكرار محاولات تهريب الهواتف الخليوية بواسطة الزوار من الاهالي خاصة السيدات منهم نافيا الاتهام بان التغيير تزامن مع بدء الحرب على العراق وانشغال العالم بها . وعلل سبيتي اقدام السجون على اقامة الجدران الزجاجية الفاصلة بين الاسرى وبين ذويهم اثناء الزيارات بكثرة محاولات تهريب المواد الخطيرة من والى داخل المعتقلات وعرض نسخا من رسائل زعم أنها تنطوي على اوامر لتنفيذ "عمليات ارهابية" وكتبا واحذية ادعى انه تمت محاولة تهريب الهواتف والسكاكين بواسطتها موضحا ان ادارة سجن هداريم القت القبض امس الاول الاربعاء على ثلاثة كيلوغرامات من الاسمدة الكيماوية مرفقة بها ورقة تحمل تعليمات حول كيفية صناعة مواد متفجرة. واضاف "لذلك يقوم السجانون بتعرية الاسرى بشكل كامل في غرف انفرادية بهدف الفحص الدقيق واحباط عمليات التهريب طبقا للقوانين والنظم التي تحدد من قبل مصلحة السجون وليس من قبل السجانين" . وافصح سبيتي ان مجمع سجون الشارون (هداريم وافك وريمونيم والشارون) يشمل نحو 2990 سجينا امنيا منهم 80 من الصبيان و 50 من السيدات ومنهم 330 من فلسطينيي 48. وفي سياق شرحهم عن "الشروط المريحة المقدمة للاسرى" اشار مسؤولو مجمع الشارون الى انهاء 2130 سجينا فلسطينيا مرحلة التوجيهي في العام الدراسي المنصرم والى وجود العشرات ممن ينهون التعليم الاكاديمي عن طريق الجامعة الاسرائيلية المفتوحة على نفقة المنظمات الفلسطينية. ونفى مسؤولو معتقلات الشارون خلال استجوابهم في المؤتمر الصحفي داخل سجن هداريم استحداث وحدة خاصة لقمع الاسرى الفلسطينيين زاعمين ان هذه احدى فروع "نحشون" ،الوحدة الخاصة بالسجون وانها تعمل لتفريق "اعمال الشغب" بالهراوات وبدون استخدام السلاح الناري. وحول اتهامات السجناء الفلسطينيين لمجموعة من السجانين الدروز بالقيام بالتنكيل بهم والاعتداء على كراماتهم طمعا بالراتب وتأكيدا لولائهم لمصلحة السجون قال سبيتي "هذا غير قائم ولا فرق بين سجان وآخر فالجميع ينفذ سياسة وقوانين واحدة رغم ان نسبة غير اليهود في سجن هداريم تبلغ 40% من مجمل السجانين فيه". كما نفى سبيتي منع الاهالي من الزيارات وفرض غرامات باهظة على المخالفين من السجناء مدعيا ان ادارة السجن لا تزج بالاسرى في الزنازين الانفرادية الا فيما ندر.

 

وكانت ادارة سجن هداريم قد اهتمت بتقديم الشروحات للصحافيين قبل ان يتم فتح المجال امامهم للتحدث مع بعض السجناء من خلف فتحة صغيرة في القسم رقم اربعة لمدة لم تتعد ربع ساعة..

 الافطار التدريجي:علبة لبن واحدة لثلاثة سجناء عند الثامنة صباحا والخبز ظهرا..

 في حديث ل"المشهد الاسرائيلي" اكد الاسير كامل منصور من نابلس والمحكوم 23 سنة، بعد ادانته بالمشاركة في اعمال المقاومة ضمن عمليات " كتائب الاقصى"، ان السجناء يتعرضون داخل هداريم الى تعريتهم بالكامل كلما غادروا السجن وعادوا اليه فيما أشار شريكه في الغرفة (التي تبلغ مساحتها 4-5 امتار مربعة) فريد يونس (24 عاما) من العصيرة الشمالية والمحكوم بالسجن المؤبد و25 عاما اضافية الى ان السجناء في قسمه يعانون من الازدحام الشديد حيث ان الساحة المعدة للفورة اليومية لا تتسع لاكثر من 30 شخصا بينما يصل عدد الاسرى إلى 120 اسيرا. واكد الشريك الثالث في الغرفة- القفص، احمد سلام من نابلس(25 عاما )، البلدة القديمة ، والمحكوم 30 عاما لادانته بالانتماء الى فتح وتنفيذ عمليات عسكرية، انه جاء الى هداريم من سجن شطة حيث تعرض للضرب المبرح وللتعرية الكاملة ثم ارغم من قبل نائب رئيس السجن هناك على توقيع ورقة باللغة العبرية اتضح لاحقا انها الغاء شكواه المقدمة لمدير السجن . وكشف الاسرى الثلاثة ان وجبة الافطار التي تقدم لهم جميعا هي عبارة عن علبة لبن عند الساعة الثامنة فيما يحضر الخبز عند الساعة الثانية عشرة ظهرا..

 

السجينان الشقيقان هادي وشادي البرغوثي (26 و 27 عاما) من كوبر قضاء رام الله اوضحا في حديثهما لنا انهما ما زالا ينتظران الحكم عليهما بعد اتهامهما بالمشاركة في عملية عسكرية اودت بحياة ثلاثة جنود في عملية يبرود وان سلطة السجون تواصل رفض طلبهما بالانتقال الى عسقلان حيث يقبع والدهما فخري البرغوثي بعد حكمه بالمؤبد منذ اغسطس / اب 1977 لافتين الى مرارة وبطء الاوقات التي تمر عليهم خلف القضبان وانهما وحيدا ابويهما. وافاد الشاب ياسين بكري ( 26 عاما) من البعنة والمحكوم بالسجن المؤبد سبع مرات لادانته بمساعدة الاستشهادي الذي فجر حافلة في مفرق ميرون بالقرب من مدينة صفد ان شروط السجن تسلب الانسان عقله واحساسه اما احمد عبد الله من بيت لحم( 28 عاما) فاكد هو الاخر قسوة التعامل اليومي معهم من قبل السجانين البالغ حد الاهانات داعيا التنظيمات والسلطة الفلسطينية الى الاهتمام في قضايا الاسرى ضمن سلم اولوياتها وعدم اعتبارهم مجرد ارقام . ولوحظ ان الكثير من الاسرى في سجن هداريم ما زالوا في ريعان الشباب ولم يتعدوا العشرينات من اعمارهم .

الى ذلك كان الاسير عاطف وريدات ( 38 عاما) من ظاهرية الخليل الذي عرف نفسه كقائد كتائب الاقصى في الخليل السجين الوحيد الذي اخرجته ادارة سجن هداريم من اقفاص السجن للتحدث مع الصحافيين لبضع دقائق وعندما بدأ بسرد انتقاداته لواقع السجناء الفلسطينيين اخذ سجانوه يناقشونه في محاولة لتعديل بعض اقواله. ويشار الى انه طيلة الربع الساعة التي سمح للصحافيين بالتحدث الى بعض السجناء من خلف القضبان الحديدية لازم سجان واحد على الاقل كل صحفي واقفا الى جانبه من اجل منع ايصال او "تلقي رسائل"، كما برر المسؤولون ذلك الاجراء.

يذكر ان جمعية انصار السجين كانت نظمت يوم الثلاثاء اعتصاما وتظاهرة قبالة سجن شطة احتجاجا على ما يتعرض له السجناء من اعمال تنكيل كما اكدت وسائل الاعلام وجمعية الضمير استنادا الى شهادات الاسرى انفسهم. وقد شارك في الاعتصام اهالي السجناء ونشطاء سياسيون .