أوباما يمهل نتنياهو لتعديل موقفه من الاستيطان وحل الدولتين

وثائق وتقارير

مؤتمر دربن المنعقد مطلع ايلول في مقرها في نيويورك يثير حفيظة تل ابيب * هذا المؤتمر الدولي الثاني الذي تعقده في هذه السنة لجنة فلسطين التي تنشط في اطار الامم المتحدة. الاجتماع الاول عقد في آذار (مارس) 2003 في مدينة كيب في جنوب افريقيا وكرس لدراسة الاعلام الاسرائيلي وطرق مواجهته. الآن بدأوا في التحضير للمؤتمر الثالث المزمع عقده في كانون الاول (ديسمبر) المقبل في نيوزيلندا.

 

الامم المتحدة ايضا تجد صعوبة في التخلص من عاداتها القديمة والسيئة. في الوقت الذي يستغل فيه كوفي عنان كل فرصة تسنح أمامه للتذكير في إسهام منظمته في تطبيق خريطة الطريق من خلال الرباعية الدولية ودورها في الدفع نحو التغير في علاقات اسرائيل والسلطة الفلسطينية، الا ان هذه المنظمة التي يرأسها تواصل منح رعايتها وخدماتها للمؤسسات والهيئات التي نشأت في الامم المتحدة في ظل الصراع الاسرائيلي ـ العربي. علي هذا النحو يتواصل تدفق الاموال من ميزانية الامم المتحدة لتمويل النشاطات الهادفة الي اعادة الشعارات والمضامين التي تتعلق بالامور الشرق أوسطية التي عفا عليها الزمن، الي الحياة، وتكريس أنماط ردود الافعال التي هيمنت علي الساحة في الستينيات والسبعينيات. والمثال الأكثر مطابقة لما نتحدث عنه هو مؤتمر دولي من اعداد المجتمع المدني لدعم الشعب الفلسطيني الذي سيعقد في مطلع ايلول (سبتمبر) في مقر الامم المتحدة في نيويورك. كل الدول الاعضاء في المنظمة الدولية مخولة بالمشاركة في هذا المؤتمر، ولكن في مكانة المراقب المحدودة. الدعوات وجهت بصورة خاصة للمنظمات غير الحكومية المضمنة في اطار المصطلح الجديد المسمي المجتمع المدني الشائع في مقر الامم المتحدة مؤخرا. موضوع المؤتمر كما ظهر في نص الدعوة هو كفي للاحتلال! وهذا ما سيطرح في مركز النقاشات. الدبلوماسيون البارعون في نيويورك لاحظوا علامة التعجب. أحد الدبلوماسيين الغربيين المخضرمين علق علي ذلك قائلا: هذه هي المرة الاولي التي أري فيها في وثيقة رسمية للامم المتحدة علامة تعجب تهدف الي التأكيد علي الموضوع الذي سيطرح في المؤتمر .
هذا المؤتمر الدولي الثاني الذي تعقده لجنة فلسطين في هذه السنة التي تنشط في اطار الامم المتحدة. الاجتماع الاول عقد في آذار (مارس) 2003 في مدينة كيب في جنوب افريقيا وكرس لدراسة الاعلام الاسرائيلي وطرق مواجهته. الآن بدأوا في التحضير للمؤتمر الثالث المزمع عقده في كانون الاول (ديسمبر) المقبل في نيوزيلندا. مصادر في نيويورك تفيد بأن اسرائيل قد توجهت الي نيوزيلندا وحثتها علي معارضة عقد اللقاء علي اراضيها.
الجهود أثمرت حيث أعلمت نيوزيلندا اسرائيل أمس الاول بأنها لن تعقد المؤتمر علي اراضيها معللة ذلك بأن عقد مثل هذا المؤتمر سيكون ضارا في ظل جهود السلام المبذولة. مؤتمر مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان وضد العنصرية وكراهية الاجانب الذي نظم في دربن في عام 2001 تحول الي منبر للتحريض، وقراراته كانت مناهضة لاسرائيل بصورة شديدة. في سياق ذلك طرحت هناك اقتراحات أطلقت علي اعمال اسرائيل في المناطق اسم التطهير العرقي وطالبت بالتنديد باسرائيل كدولة عنصرية. اقتراحات القرارات الصعبة سقطت في نهاية المطاف، الا انها تسببت في ضرر كبير من مجرد طرحها.
موعد انعقاد المؤتمر الحالي من 4 ـ 5 ايلول (سبتمبر) ليس محض صدفة. فبعد هذا الموعد بأيام ستفتتح اعمال الجمعية العمومية السنوية للامم المتحدة بمشاركة رؤساء دول وزعماء عالميين. ومن شبه المؤكد ان منظمي مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني يأملون بأن تنعكس النقاشات والقرارات المتمخضة عنه في قسم من مداولات الجمعية العمومية التي ستتطرق للقضايا الشرق اوسطية.

منعزلون عن الواقع

بعثة اسرائيل في الامم المتحدة تنظر بخطورة الي المسائل التي ضمنت في برنامج المؤتمر التي برزت في الدعوة الرسمية. الدورة الاولي ستنعقد تحت عنوان الوضع الراهن ـ العقبات أمام السلام . وفي قائمة العقبات التي ستطرح علي بساط البحث: المستوطنات والجدار الفاصل والاغلاقات وحظر التجول والضائقة الانسانية والاقتصادية . أما الدورة الثانية فعنوانها المجتمع المدني تحت الحصار وفي قائمة المسائل المطروحة: النشاط المدني في المناطق الفلسطينية المحتلة: مميزات وضرورات قسرية . وفي ختام المؤتمر ستعقد ورشة حول مبادرات دعم خريطة الطريق و بناء الثقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين . نائب رئيس بعثة اسرائيل في الامم المتحدة، اريك ميكيل، اشتكي من ذلك وقال ان كلمة ارهاب باعتباره عقبة في طريق السلام لا تظهر في جدول اعمال المؤتمر، وأكد ان هذا المؤتمر نموذج علي انعزال الامم المتحدة عن الواقع إذ يوجد تعاون بين أبو مازن وشارون وتظهر بوادر انفراج وتقدم والامم المتحدة تتصرف وكأن شيئا لا يحدث.
مصدر امريكي بارز في نيويورك طلب عدم ذكر اسمه عبر عن تحفظه من عقد مؤتمر يتجاهل التطورات علي الارض. في أروقة الامم المتحدة يسود عدم الارتياح عند بعض الدبلوماسيين الغربيين وكبار المسؤولين في المجموعات الاقليمية غير القليلة مما يظهر كتكرار للقوالب الجاهزة وانعزال عن الواقع المتبلور علي الارض.
كوفي عنان يحب التفاخر بانتماء الامم المتحدة للرباعية الدولية ودورها في خريطة الطريق وتطبيقها. ولكنه في نفس الوقت يسمح بمنح مظلة وموارد مالية لتمويل أنشطة دبلوماسية ذات طابع مغرض واضح ومضامين سياسية معزولة تماما عن الواقع في الشرق الاوسط.
أحد الأمثلة علي الانفصال عن الواقع واهدار الموارد هو جولة ثلاثة من ممثلي لجنة التحقق من اعمال اسرائيل في المناطق التي أجروها مؤخرا في القاهرة ودمشق وعمان. الثلاثة ـ سفراء سيريلانكا وماليزيا والسنغال ـ طلبوا مساعدة سكرتاريا الامم المتحدة لتنفيذ جولة لجمع الحقائق في العواصم الثلاث. الجواب كان ايجابيا بدون عقبات وانضم للجولة حتي 17 مساعدا من موظفي الامم المتحدة. دبلوماسي غربي قال انهم يقومون الآن بالتحقق من المبلغ الذي صرف علي هذه الجولة في الوقت الذي تطالب فيه الامم المتحدة بالتقليص وشد الأحزمة.

تنديدات قديمة

في السنوات السابقة كانت محاولات اعادة تنظيم جدول اعمال الجمعية العمومية ومنع اعادة مناقشة قرارات قديمة من التي تتضمن تنديدا شديدا وسلبيا لاسرائيل تلاقي بالرفض المباشر. في هذه السنة تفيد مصادر في نيويورك بأن هناك جهودا محمومة تجري من خلف الكواليس من اجل منع عملية التصويت في الجمعية علي القرارات القديمة، وان هذه الجهود قد آتت أكلها وأثمرت عن تفهم عند بعض الدول، ومنها دول مـــــؤثرة ومركزية. التقارير تفيد ان بعض هذه الدول قد عــــبرت عن استعدادها لابداء تدخل نشط والانضمام للجهود المشتركة الساعية لتقليص عدد القرارات المنددة باسرائيل علي الأقل، هذه القرارات التي تحصل علي اغلبية اوتوماتيكية في الجمعية العمومية عادة.
المسألة تتعلق برزمة من 20 قرارا تطرح بعضها علي التصويت منذ عدة سنوات، مثل قرار ضد ضم القدس الشرقية وهضبة الجولان، وقرار شجب قصف اسرائيل للمفاعل النووي العراقي. الولايات المتحدة من ناحيتها تسعي لاقناع دول كثيرة باتخاذ خطوات ومساعي تتلاءم مع التغيرات علي الارض في الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
في هذا الاطار عقد مؤخرا لقاء في مقر البعثة الامريكية في الامم المتحدة بمشاركة السفير جون نغروفونتي ونظرائه من السفراء الاوروبيين. وحسب المصادر الامريكية طرحت في هذا اللقاء الذي لم ينشر أمر انعقاده، اقتراحات ومبادرات لمنع تكرار التصويت علي القرارات السابقة في الجمعية. كما علم ان سفير المانيا في الامم المتحدة، غينتر فلويغر، قد طرح في ذلك اللقاء مبادرة تدعو سفراء اوروبا الي القيام بخطوة دبلوماسية ساعية الي تقليص عدد القرارات القديمة. كما طرح امكانية المبادرة لقرار واحد يشمل أجزاء ومقاطع من القرارات القديمة.
دبلوماسيون اسرائيليون في نيويورك يقولون ان التدخل المتزايد من قبل سفراء امريكا واوروبا في الامم المتحدة قد حدث نتيجة للاتصالات التي أجراها وزير الخارجية سلفان شالوم خلال زيارته الأخيرة الي بروكسيل. بعض كبار المسؤولين في مقر الامم المتحدة يقولون ان عنان يدرك هذا الاتجاه الآخذ في الترسخ في اوساط دوائر غربية كثيرة في ان هناك تناقضا بين التطورات في علاقة اسرائيل مع الفلسطينيين وبين طابع ومضمون النشاط الدبلوماسي المتواصل في اطار لجنة فلسطين و لجنة التحقق من اعمال اسرائيل في المناطق اللتان تتمتعان برعاية المنظمة العالمية وبتمويلها.


(شلومو شمير، هآرتس - 9/8/2003)