كتلة السلام الاسرائيلية: شريط إستيطاني جديد غربي الجدار لمحو الخط الأخضر

وثائق وتقارير

في النقاشات الداخلية الدائرة في الاشهر الاخيرة في القيادة العامة وفي المستويات السياسية الرفيعة يردد رئيس الاركان الاسرائيلي موشي يعلون الرسالة التالية: بعد ثلاث سنوات سيكون لدولة اسرائيل جيش مختلف. ويقول: صحيح انه بعد حرب يوم الغفران أيضاً، في عام 1973، أقيم جيش أكبر وأقوى، ولكن بعد ثلاث سنوات سيكون الجيش أصغر، وحجم القوات سيكون أصغر، ولكن أقوى بكثير، ومزود بشكل أكبر بالتكنولوجيا، ومتلائم أكثر مع التهديدات. وتيرة عملية اتخاذ القرارات في الجيش الاسرائيلي متأثرة اليوم أكثر من أي شيء من التقليص الحاد في ميزانية الأمن. ولكن تطبيق القرارات وتنفيذها سيتأثر من نتائج الحرب في العراق.

 

من وجهة نظر قادة الجيش والخبراء الاستراتيجيين الاسرائيليين، غيّرت الحرب الامريكية المصطلحات الاساسية في فن الحرب. "خرجت الولايات المتحدة للحرب مع استراتيجية رائعة، مقرونة بحرب نفسية. اختاروا نقاط الضعف لدى الجيش العراقي ونظام صدام حسين، وأرهقوا الدماغ دون المس بالجسد"، يقول حاييم آسا، الذي كان رئيساً للطاقم الاستراتيجي في حكومة اسحق رابين. "المفهوم الأكبر للحرب هو، أنه لا حاجة اكثر لإلقاء قنبلة ذرية. من الممكن احتلال دولة منحرفة ومهووسة وإلحاق الهزيمة بها في وقت قصير، وبثمن بسيط جداً ومع احتمال كبير جداً للنجاح. جرت الحرب على مرأى كل العالم، ومع وجود المواطنين العراقيين، دون أن تمس حياتهم الروتينية تقريباً. كل هذا يغيّر تماماً الصورة الاستراتيجية العالمية. أنا واثق من أن حرب الولايات المتحدة القادمة ستكون أكثر تقنية من هذه الحرب أيضاً. لقد دخلوا في حالة تغيير لا يتوقف".

يقول مصدر عسكري كبير، إن "الجيش الاسرائيلي سيحاول ان يلائم تقريباً كل ما يمكن ملاءمته من بناء القوة واستخدام الوسائل القتالية وفن تفعيل القوات الامريكية في العراق. جزء من هذا قد تمت ملاءمته". هكذا ينقلب الدولاب. بعد حرب "يوم الغفران" وصل الى اسرائيل خبراء عسكريون أمريكيون لكي يتعلموا من الجيش الاسرائيلي كيف أفاق من صدمة المباغتة وانتقل من الدفاع الى الهجوم. استوعب الجيش الامريكي الكثير من الدروس بعد الاهانة في فيتنام من نظرية تفعيل الجيش الاسرائيلي. واليوم فإن الجيش الامريكي، بعد أن خاض معارك كثيرة في العقد الأخير، أصبح يمتلك الخبرة المتراكمة الأكبر في تفعيل قوات عسكرية كبيرة. والجيش الاسرائيلي يريد ان ينسخ ويذوّت فنون الحرب الجديدة التي أظهرها الامريكيون في العراق.

رئيس الاركان الاسرائيلي "رأى العنوان على الجدار". وقد دفع المبادرة للاصلاحات في الجيش الاسرائيلي الى الأمام حتى قبل القرار النهائي للتقليص في ميزانية الأمن وقبل بدء الحرب على العراق. في شهر تشرين الثاني 2002 أقامت القيادة العامة للجيش ورشة عمل وعرضت فيها الخطوط الهيكلية الأولى للاصلاحات. وفي أعقاب ذلك تم تشكيل أربعة طواقم توجيه، لتدارس عملية التهديدات الارهابية وتهديدات الدائرة الثانية والثالثة وأسلحة الدمار الشامل ومخاطر التسلح النووي وبنية الجيش الاسرائيلي والقوة البشرية. وفي غضون نحو شهرين سيتم الانتهاء من بلورة الخطة متعددة السنوات للجيش الاسرائيلي وفي شهر أيلول سيتم عرضها على الحكومة.

رباعية متناسقة

تعتقد القيادة العسكرية الاسرائيلية أن الاصلاحات ستؤدي الى عملية تحريك وتنقلات في الجيش والى ثورة في سلم الافضليات. تعكف القيادة العامة بأكملها، برئاسة يعلون، على العملية برمتها. تشمل المجموعة التي تقود الامور في القيادة العامة، التي تدفع سوية مع يعلون نحو الانقلاب في الجيش الاسرائيلي، نائب رئيس الاركان غابي اشكنازي، وقائد سلاح الجو دان حلوتس وقائد القوات البحرية يديديا يعاري. ويقول الخبراء الاستراتيجيون، المشاركون في أعمال القيادة في الجيش الاسرائيلي، انه لم تكن فيه منذ زمن طويل رباعية كهذه متناسقة ومصممة على تنفيذ الاصلاحات. احدى الافضليات هي، ان يعلون لديه الوقت المطلوب لإنجاز هذه الاصلاحات.

نقطة الانطلاق للاصلاحات في الجيش الاسرائيلي هي التغييرات الملحة في مفهوم الأمن لدى الجيش الاسرائيلي. تم بلورة الرؤية الأمنية، فور اقامة الدولة العبرية، من قبل دافيد بن غوريون، لكن لم يتم تعديلها حتى الآن قط. في عام 1997 كانت هناك محاولة وحيدة: وزير الدفاع آنذاك، اسحق مردخاي، بادر الى اجراء فحص مجدد لهذه الرؤية، حيث قام بتعيين الجنرال دافيد عبري رئيساً لورشة العمل. ومن خلال خمسة طواقم توجيه، فحَص عبري مجدداً دائرة التهديدات، ووضع المجتمع الاسرائيلي والاقتصاد وانعكاسات كل هذه الامور على قدرة الانذار المبكر والردع وقدرة التزود بالمعدات ومستوى جاهزية الجيش الاسرائيلي، والتغييرات المنشودة في مبنى القوة وطريقة التنظيم. الطواقم التي عملت على مدار اكثر من سنة اعدت وثائق ضخمة. لكن وزيري الأمن اللذين خلفا مردخاي، موشي آرنس وإيهود باراك، اعتقدا انه لا حاجة لإحداث تغيير في المفهوم الأمني.

في الاسبوع الماضي، أعلن مكتب وزير الدفاع شاؤول موفاز عن اقامة القسم السياسي - الأمني. وسيتولى رئاسة القسم الجديد الجنرال عاموس غلعاد، الذي يشغل في هذه الأيام منصب منسق عمليات الحكومة في الاراضي المحتلة. ومن ضمن الصلاحيات التي منحت لهذا القسم برئاسة غلعاد: العمل على تطوير الرؤية الأمنية. ولكن يبدو ان موفاز جاء متأخراً. لأن أعمال التعديل والتطوير تجري الآن عملياً بواسطة المستوى العسكري.

البروفيسور اسحق بن يسرائيل، رئيس دائرة الأبحاث وتطوير الوسائل القتالية في وزارة الدفاع سابقاً وأحد رؤساء طواقم التوجيه في ورشة عبري، لا يتأثر من هذا: "لا يوجد في دولة اسرائيل تقليد من يطور او يبلور المفهوم الأمني. مطلوب تقليص فوري لسنة 2003 مقداره 3 ملياردات شيكل في ميزانية الأمن، وتقليص متدحرج لـ 3 ملياردات أخرى حتى عام 2006. عندها سيقولون، تعالوا لنفحص بشكل منظم كيف يجب ان تكون الرؤية الأمنية. القيادة العامة تفعل ذلك باشراف رئيس الاركان".

قائد سلاح الجو سابقاً، ايتان بن الياهو، قال ان "التغيير في المفهوم الأمني كان مطلوباً قبل 15 عاماً وليس فقط بسبب العراق. ولكن في اعقاب الحرب على العراق، خلقت فرصة لتغيير سلم أولويات الجيش. القيام بتغيير مبنى القوات على أن تتم دراسة الأمر بناء على حجم القوات الجديدة التي ستتشكل وكيفية تفعيل القوات. ولكن يجب أن نتذكر أمرين. الوقت قصير والتهديدات لم تزُل. فبعد حرب 67 اعتقدنا أن التهديدات قد زالت وبعد مرور ست سنوات، في حرب يوم الغفران، تعرضنا للتهديد الأكبر على وجودنا".

يعتقدون في الجيش الاسرائيلي أن نافذة الفرص التي فتحت الآن هي لمدة 3-4 سنوات. ويعتقد يعلون أن ما نراه الآن هو فقط جزء صغير من تأثيرات موجات الرجة من الهزيمة العراقية، وبالأخص فيما يتعلق بسلوك الدول المنحرفة. وحول جزء من هذا يقول رئيس الاركان الأسبق، امنون ليفكين شاحك: "عندما تضع امبراطورية قدميها على قطعة ارض، حتى وإن أخلت فيالق جيشها سريعاً نسبياً، فإنها هنا. الولايات المتحدة موجودة هنا منذ 1991. والقوة الجوية التي أبقوها بعد انصراف الجيش (في 91) خلقت الظروف للدخول السريع في الحرب في 2003. والآن أوضحوا بأنهم هنا لوقت طويل".

حسب رأي شاحك، هذا يعطي متسعاً من الوقت للتغييرات المطلوبة للثورة في الجيش الاسرائيلي. "يجب التذكر أنه بعد انتهاء الحرب في العراق لم يعد هناك تهديد من الجبهة الشرقية. ضعفت سوريا، ليس عسكرياً فقط انما اقتصادياً وسياسياً أيضاً. وحزب الله كذلك لا يستطيع اليوم ان يفعل ما فعله قبل ثلاث - أربع سنوات. الشيء الوحيد غير الواضح هو ما يجري مع الفلسطينيين. وهنا لن تسعفنا آلاف الدبابات ولا كل سلاح الجو- هناك حاجة لمخابرات جيدة وقدرة عالية على احباط العمليات المعادية".

إلتزام تجاه الشرق الأوسط

فرصة تنفيذ الاصلاحات في الجيش الاسرائيلي مرتبطة أيضاً بزوال او ابعاد اثنين من اللاعبين المؤثرين جداً في الشرق الاوسط عن الحلبة: صدام حسين وياسر عرفات. رئيس معهد ابحاث نظرية المعركة في الجيش الاسرائيلي، د. شمعون نافيه يقول: "الولايات المتحدة اوضحت التزاماتها للشرق الاوسط. ليس صدفة انها اختارت العمل ضد السيد في الحي، وليس صدفة أنها ربطت خارطة الطريق بالحرب على العراق. والآن هي تجلس وتنظر الى السوريين داخل ساحتهم الخلفية. وليس صدفة أنهم أخذوا ينفثون البخار على السوريين. كما أن ايران تعيش حالة ضغط غير طبيعي".

ويتحدث نافيه عن تغييرات في الموازين الاستراتيجية. "توجد هنا مجموعة استراتيجية جديدة. الولايات المتحدة هنا، ونحن حلفاؤها. اسرائيل، في نظر الولايات المتحدة، ليست مصر. هي عنصر يمكن الاستناد عليه. وكل هذا متعلق بتعزيز مركبات الردع والانذار المبكر في الرؤية الأمنية. لأنه لو لم تنجح الولايات المتحدة في حربها التي خاضتها ضد العراق، لكان هذا يرمز الى شيء ما بالنسبة لنا أيضاً. ولكان أدى الى اضعاف قوة ردعنا. اليوم تستطيع اسرائيل أن تأخذ بعض الوقت لكي تجري تحديثاً جدياً في قواتها العسكرية".

د. عوزي أراد، رئيس معهد السياسات والاستراتيجية في "المركز متعدد المجالات" في هرتسليا، يعرض توجهاً مختلفاً. "يجب أن نسأل فيما اذا كانت اسرائيل قد رصدت وخصصت قوات لمعالجة العامل العراقي وهل هذه المخصصات يمكن تقليصها. بناء على احساسي، لم تكن هناك أموال خاصة قد رصدت للجبهة العراقية. العراق لم يكن عاملاً من عوامل الرؤية الأمنية، ما عدا موضوع الاسلحة غير التقليدية".

يشير اراد الى تطوّرين خطيرين كشف النقاب عنهما في اعقاب الحرب على العراق. أحدهما متوقع - من الممكن جداً أن تسرّع ايران الان برنامجها النووي. والثاني غير متوقع - سلوك تركيا ورفضها السماح للقوات العسكرية الامريكية بالمرور عبر اراضيها الى العراق. ويقول أراد: "تعتبر تركيا حليفة استراتيجية لاسرائيل. ماذا إذاً تعني التقييدات التركية على اسرائيل - من الناحية الاستراتيجية، ومن زاوية نظر سلاح الجو الاسرائيلي الذي يتدرب في اراضيها؟ هل تستطيع اسرائيل أن تبني عليها؟"

أحد التغييرات في الرؤية الأمنية الجديدة التي تبلورت في الجيش الاسرائيلي في اعقاب ورشة العمل في تشرين الثاني 2002 كان في قبول التوجه بأن دائرة التهديد الأولى، الكلاسيكية، ازاء الدول ذات الحدود المشتركة مع اسرائيل قد فقدت اهميتها. د. آفيآم سيلع، من كبار قادة سلاح الجو سابقاً، يقول: "هذه الدائرة غير موجودة. سوريا لا تشكل خطراً. ولدينا اتفاقية سلام مع مصر والأردن. ولم يعد هناك جيش عراقي. لذا، يجب أن نلجأ الى المخاطرة المحسوية لنقول: نحن نجمد قدرات كنا قد طوّرناها لحروبات كلاسيكية. وقد حان الوقت لاغلاق فرق مدرعات وحتى تجميد طائرات قتالية". ويتحدث سيلع عن جيش مكون من ثلاث طبقات: جيش نظامي، رجال احتياط مدربين وقوات احتياط يتم تدريبها قبيل الحرب فقط.

ويقول آسا، ان الجيش الاسرائيلي اليوم هو نتاج حرب يوم الغفران، "وهو الجيش الأكثر جاهزية للحرب التي كانت. هذه رؤية قديمة، مبنية على قوات برية كبيرة لا تأخذ بالحسبان الثورة التكنولوجية". رؤية سيلع، التي يشاركه فيها رئيس الاركان الأسبق أيضاً، شاحاك، والجنرالات بن الياهو وبن يسرائيل، ونافيه وحاييم آسا، مقبولة اليوم على القيادة العليا. وهناك أيضاً تفسير ذو حساسية للانفتاح الذي يبديه الجيش الاسرائيلي اليوم للتوجه الجديد. قيادة الجيش مكونة من جنرالات وقادة فرق معدل أعمارهم أقل من خمسين سنة. وكانوا ضباطاً صغاراً في حرب يوم الغفران أو أنهم لم يتجندوا آنذاك بعد في الجيش الاسرائيلي. وهم لم يعيشوا أجواء الصدمة. ولم يكونوا شركاء، بعد انتهاء الحرب، في ترميم الجيش. وهم أيضاً ليسوا مأسورين بالرؤية التي ترى بقوات المدرعات الكبيرة أفضلية في ساحة الحرب.

يقترح شاحك، في أعقاب زوال التهديد في الدائرة الأولى، الغاء واحدة من قيادات القطاعات الثلاثة في الجيش الاسرائيلي. وهذا يعني الغاء قيادات والقيام بتقليص حاد في تشكيلات قوات الاحتياط. ويقول بن يسرائيل: "لدى اسرائيل جيش بري ضخم. بعد حرب يوم الغفران استعدوا لهيكلية "الحرب الشاملة". ولكن لم تكن هناك معارك مدرعات أخرى، ولذلك يجب تقليص عدد قوات الجيش الاسرائيلي. وعلى الجيش الاسرائيلي أن يعتمد على دبابات الميركفاه المتطورة". ووفق التقرير السنوي لمركز يافه للابحاث الاستراتيجية المجاور لجامعة تل أبيب، يمتلك الجيش الاسرائيلي نحو 4000 دبابة، من بينها نحو 1300 دبابة من نوع ميركفاه. والتقليص في المدرعات سيؤدي الى تقليص كبير في الناحية اللوجستية للجيش الاسرائيلي.

لقد فاجأت الولايات المتحدة العالم باستخدامها المقلص للقوات المدرعة. هذا هو أحد الدروس الهامة التي تدرس للاستفادة منها الآن في الجيش الاسرائيلي. ووفق التقديرات، فإن القوات المدرعة الامريكية التي تحركت من الكويت باتجاه العراق بلغ عددها بين 500 الى 600 دبابة. ويقول نافيه: "القوات المدرعة الامريكية اندفعت من الكويت الى العراق على مصفحات، وبأقل من فرقتين عسكريتين من قواتها المدرعة هزمت جيشاً يتكون من 21 فرقة مدرعة ومزّقته إرباً ". ويقول آسا: "وباسلوب تفعيل القوات، حتى لو كان لدى العراق 40 فرقة مدرعة، لم تكن الولايات المتحدة بحاجة الى استخدام قوات برية اكثر من تلك". وقد اقتنعوا في جهاز الأمن بأن الامريكيين استنفدوا بشكل تام الثورة التكنولوجية في حربهم التي خاضوها ضد العراق. وثمة ثورة لا تقل اهمية وهي بناء اساليب قتالية ملائمة للتكنولوجية التي تم تطويرها.

وسائل متطورة

اعتماداً على الخبرة الامريكية، هذا هو الخط المطلوب في بناء الجيش الاسرائيلي، ويفترض ان رئيس الاركان يعلون يؤيده. يدور الحديث عن قوات برية خاصة يتم تأهيلها للعمل بشكل اندماجي مع طائرات مقاتلة. وسيتم التشديد بشكل اكبر على تطوير اسلحة موجهة بدقة، طائرات بدون طيار تحمل صواريخ وتقوم بالتصوير من الجو بالاضافة الى الاتصالات. الحرب في العراق أكدت الحاجة الى عدد كبير من المروحيات القتالية ومروحيات هجومية. يقول آسا: "السر الكبير للامريكيين يكمن في القدرة على الدمج بين القوات في الجو وعلى الارض، والتي تستعين بأجهزة أقمار صناعية وأجهزة سيطرة ومراقبة. الدرس الذي قدمته الولايات المتحدة في الحرب هو الافضلية التي يمكن تحقيقها بواسطة استخدام قوة فعالة. قوة بمستوى كتيبة تعمل باندماج مع طائرات بدون طيار ومروحيات قتالية وطائرات قتالية هي انجع بكثير من فرقة عسكرية. وهكذا يمكن خلق حسم استراتيجي. وحسب تقديري القيادة العليا للجيش الاسرائيلي تدرك هذا الدرس".

الاستعداد في الجيش الاسرائيلي لتقليص حجم القوات مرتبط بعدد من الخطوات التي طرأت بالمقابل. الى جانب ازالة التهديد الوجودي من صوب سوريا والعراق والاضطرارات المتعلقة بالميزانية والتجربة الامريكية المثبتة في العراق، يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً الانجازات التكنولوجية والوسائل القتالية، التي تم تطويرها في اسرائيل. هذه الوسائل المتطورة تحتل مكان حجم القوات القديم.

ولكن في الوقت نفسه مع زوال تهديد الدائرة الأولى، تسعى القيادة العامة الى تركيز الجهود حول ايجاد رد لتطور دائرتي التهديد الأخريين: الارهاب المحلي والخارجي والتهديد النووي والاسلحة غير التقليدية. ويعتقد سيلع بأن الجيش الاسرائيلي بمقدوره، بواسطة الصناعات الأمنية الاسرائيلية، أن يطوّر قدرات لاحباط وصد المخاطر النابعة من دائرة التهديد النووي. ومن أجل ذلك هنالك حاجة لأقمار صناعية وأجهزة سيطرة ومراقبة وتسليح دقيق وصواريخ بحرية. الفائدة من تطوير هذه الوسائل والتزود بها في سبيل الاستعداد لهذه الدائرة هي مضاعفة: ستكون في هذه فائدة أيضاً ضد أي تهديد مستقبلي قد يتجدد من طرف دول لها حدود مشتركة مع اسرائيل. ولكن أهم ما في المشكلة هو دائرة الارهاب.

يقول سيلع، حتى اليوم استثمر الجيش الاسرائيلي بالاساس في تطوير تكنولوجيات ووسائل قتالية كما هو مطلوب وفق الرؤية الأمنية القديمة. "عالِم متوسط في سلطة تطوير وسائل قتالية ينكبّ حتى اليوم على تطوير صواريخ جو- جو. من هذه الناحية أمورنا مدبرة للسنوات العشرين القادمة. ما نحن بحاجة اليه اليوم هو تطوير وسائل لصد الارهاب. يقف في وجهنا مئات الآلاف من الفدائيين والانتحاريين المحتملين ولا يوجد لدينا أي رد ضدهم. من الميزانية الفائضة من وقف تطوير وسائل قتالية غير ضرورية سيتم تطوير وسائل تمكّن من اكتشاف سيارات فلسطينية تسير في الاراضي المحتلة. من غير المعقول أننا لم نطوّر حتى اليوم وسيلة تستطيع ان تكتشف حزاماً ناسفاً من على بعد عشرات الأمتار. ومن غير المعقول أن يكون رجل الأمن مزوداً بكاشف معادن يضطر معه أن يقترب الى مسافة سنتيمتر واحد من الانتحاري. لدينا الخبرة في الصناعات المتطورة، والعالم بأسره ينتظر البشرى التي ستخرج من هنا. حتى اليوم، في المجال الذي ندفع فيه الدماء ثمناً، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد وعلى الأمن الشخصي، وله أبعاد استراتيجية، فإن الجهاز لم يستثمر شيئاً".

تحقيق الهدف بربع عدد الغارات الجوية

الجنرال احتياط ايتان بن الياهو جمع معطيات للمقارنة حول الثورة التكنولوجية الامريكية منذ حرب الخليج في عام 1991 وتطبيقها في الحرب على العراق في 2003.

1991: 1800 طائرة قتالية، 120 ألف غارة، في 40 ألف غارة ألقيت قنابل، ثلثا القوة الجوية- قوة داعمة، 7%- 10% من التسليح- أسلحة دقيقة.

2003: 800 طائرة قتالية، 40 ألف غارة، في 30 ألف غارة ألقيت قنابل، ربع القوة الجوية- قوة داعمة، 100% من التسليح- أسلحة دقيقة.

بن الياهو: "بأقل من نصف القوات الجوية، وبربع عدد الغارات التي نفذت في عام 1991، حقّق سلاح الجو الامريكي نتائج أنجع بكثير بفضل التسليح الدقيق".

(امنون برزيلاي، هآرتس 7 أيار)