تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

على هامش المشهد

كتب بلال ضاهـر:

خيم صمت غريب على الحكومة الإسرائيلية في اليومين الماضيين، بعد أن طالب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزراءه بعدم التحدث في الموضوع السياسي المتعلق بالمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وجاء هذا الصمت في أعقاب ما يبدو أنها ضغوط شديدة تمارسها الولايات المتحدة على نتنياهو من أجل تمديد تجميد البناء في المستوطنات. ومن الجهة الأخرى، تحدثت تقارير صحافية إسرائيلية عن أن نتنياهو يجري اتصالات مع الإدارة الأميركية بهدف الحصول على مطالب وضمانات أميركية، في عملية ابتزاز مكشوفة، من جهة، ومن أجل إقناع وزراء في حكومته بتأييد تجميد البناء لمدة شهرين إضافيين.

 

ورغم طلب نتنياهو من وزرائه التزام الصمت، إلا إن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، سرب إلى موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، أمس، تصريحات له قالها خلال اجتماع لحزبه. وشدد ليبرمان على رفضه تجميد البناء الاستيطاني وأن حزبه سيعارض قرارا بالتجميد في حال تم طرحه على الحكومة. كذلك اعتبر أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سوف يفرض حلا للصراع على إسرائيل من خلال انسحاب الأخيرة من الضفة الغربية مع تبادل أراض، وأن تمديد تجميد البناء الاستيطاني يهدف إلى تمرير الحل الأميركي.

وفي غضون ذلك يعقد نتنياهو اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، غدا الأربعاء، سيتم تخصيصه للبحث في تمديد تجميد البناء الاستيطاني لمدة شهرين وذلك في أعقاب ضغوط مارستها عليه الإدارة الأميركية ودول أوروبية. ونقلت صحيفة هآرتس، أمس، عن وزراء أعضاء في الكابينيت ومصادر في حزب الليكود الحاكم تقديرهم أن نتنياهو سيعرض أمام الكابينيت مسودة "رسالة الضمانات" الأميركية والتي تتضمن مكافآت كبيرة في المجال الأمني لإسرائيل مقابل موافقة الأخيرة على تمديد تجميد البناء الاستيطاني لمدة شهرين. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم التصويت على قرار بتمديد التجميد خلال الاجتماع.

من جهة أخرى، وفي سياق الجمود الذي وصلت إليه المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، قالت صحيفة هآرتس، أول من أمس الأحد، إنها حصلت على معلومات تفيد بأنه في الوقت الذي حاولت فيه الولايات المتحدة تجميل صورة المفاوضات المباشرة إلا إنه في الواقع لم يتقدم الجانبان بتاتا ولم يبحثا قضايا هامة. ووفقا للصحيفة فإن نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، لم يبحثا خلال ثلاثة لقاءات عقداهما في شهر أيلول الماضي في أية قضايا جوهرية. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية وفلسطينية قولها إن الولايات المتحدة حاولت عرض صورة جميلة للمفاوضات لكن لم يحدث خلال هذه المفاوضات أي تقدم.

وقال دبلوماسيون التقوا عباس على هامش افتتاح أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إن الرئيس الفلسطيني محبط جدا من سير لقاءاته مع نتنياهو وأبلغ الدبلوماسيين بأن الأخير لم يوافق على البحث بجدية في أي من قضايا الحل الدائم باستثناء موضوع الأمن "ولم أسمع من نتنياهو أي شيء سوى مجاملات".

وأشارت هآرتس إلى أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل كان قد لخص اللقاءات الثلاثة بين عباس ونتنياهو، في واشنطن وشرم الشيخ والقدس، بالقول إن وتيرة تقدمها أسرع من وتيرة تقدم محادثات السلام في ايرلندا الشمالية والتي كان وسيطا فيها. وأضاف ميتشل أن "أبو مازن ونتنياهو يبحثان في جميع القضايا الصعبة ولا يرجئان المواضيع الصعبة إلى النهاية". وقالت هآرتس إن مقربين من عباس ونتنياهو اطلعوا على مجرى الأمور في المحادثات بين الجانبين وصفوا أقوال ميتشل بأنها "غير دقيقة".

وقال دبلوماسي أوروبي لهآرتس إنه التقى أعضاء وفد المفاوضات الفلسطيني في نيويورك قبل أسبوع وأنهم غاضبون على ميتشل لأنه "يعرض صورة وهمية للتقدم" في المفاوضات. وقالت هآرتس إنها التقت خمسة مصادر مختلفة بعضها إسرائيلي وبعضها الآخر دبلوماسيون أجانب وجميعهم اطلعوا على مضمون اللقاءات بين نتنياهو وعباس ووصفوا صورة صعبة لحال المحادثات وذلك حتى لو تم حل مسألة البناء في المستوطنات. وتبين من أقوال المصادر الخمسة أن المشكلة الأساسية هي أن نتنياهو ليس مستعدا لطرح مواقف جوهرية أو البحث في قضية حدود الدولة الفلسطينية. وقال دبلوماسي أوروبي إن عباس فوجئ خلال اللقاء الثالث عندما قال نتنياهو إنه يريد التوصل إلى اتفاق إطار خلال عام لكن تنفيذه سيستغرق 20 عاما. وأضاف أن اللقاء في القدس أبقى الوسيطين الأميركيين، ميتشل ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، محبطين للغاية وحتى أن قسما من طاقم المفاوضات الأميركي تساءل بصوت مرتفع حول ما إذا كانت المحادثات قد تراجعت.

وقال مصدر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إن نتنياهو لم يوافق على الدخول في بحث مفصل حول موضوع الحدود وغيره من قضايا الحل الدائم وتم تفسير ذلك بأنه طالما لا يتم حل مسألة البناء الاستيطاني فإن نتنياهو يرفض طرح مواقفه بشأن موضوع الحدود الأمر الذي يعتبر أنه سيشكل خطرا سياسيا عليه وعلى سلامة حكومته.

فهل وصلت المفاوضات إلى طريق مسدودة؟ أم أن هناك حراكا غير معلن لاستئناف المفاوضات المباشرة؟. وقال عضو الكنيست السابق عن حزب ميرتس، موسي راز، لـ "المشهد الإسرائيلي" إنه "يصعب القول إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدودة. لكن آمل أن يتمكن الرئيس الأميركي من إقناع الجانبين بالجلوس حول طاولة المحادثات".

(*) "المشهد الإسرائيلي": ألا تعتقد أن المفاوضات قد تعطلت على خلفية قضية الاستيطان ورفض إسرائيل تجميد البناء في المستوطنات؟

راز: "ليس لدي أدنى شك بأن البناء في المستوطنات هو مشكلة وأن المفاوضات تفجرت في إثر ذلك. لكني أعتقد ومؤمن بأن هذا التفجير مؤقت وأنه سيتم التوصل إلى حل بشأن البناء في المستوطنات، وكلي أمل بأن يعود الجانبان إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام".

(*) يصادف في هذه الأيام مرور عشر سنوات على اندلاع الانتفاضة الثانية. وخلال هذه السنوات تم بناء الجدار العازل، وإضافة عشرات آلاف المساكن في المستوطنات، وعزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية، والأهم هو أنه سقط آلاف القتلى وغالبيتهم من الفلسطينيين. باستثناء كل هذا، ما الذي تغير في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني من الناحية السياسية؟

راز: "لم تتغير أمور كثيرة. فقد تم بناء الجدار الفاصل. وخلال السنوات العشر هذه شهدنا تصعيدا في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. كانت هذه عشر سنوات عنيفة، ولأسفنا فإنه باستثناء ما قلته لم يتغير شيء. ربما يمكن القول إن هناك اعترافا متزايدا، في الجانب الإسرائيلي بالأساس، بأنه ينبغي التوصل إلى حل الدولتين وإن هناك اعتدالا أكثر في المواقف وقناعة بتقديم تنازلات أكثر من أجل التوصل إلى حل. لكن من الجهة الأخرى، فإنه بعد هذه السنوات العشر فقد الإسرائيليون والفلسطينيون الأمل بحل الصراع. وأنا لست واثقا من أن هذه الأمور كانت بهذا الشكل في بداية العقد".

(*) كذلك فإنه يصادف في هذه الأيام مرور عشر سنوات على أحداث أكتوبر في العام 2000، التي قتل خلالها 13 مواطنا عربيا بنيران الشرطة الإسرائيلية. ويؤكد العرب في إسرائيل أن لا شيء قد تغير في تعامل الدولة مع مواطنيها العرب. ما رأيك؟

راز: "لست واثقا من أنه لم يتغير شيء، لكن الوضع ما زال سيئا. والفصل في المجتمع الإسرائيلي، بين اليهود والعرب، يتسع باستمرار. فالجمهور اليهودي يريد الانفصال عن الجمهور العربي وهذا أمر خطير للغاية".

(*) الادعاء في إسرائيل هو أنه في السنوات الأخيرة أضيفت تهديدات إستراتيجية عليها. هل تعتقد أن هذا نابع من غياب السلام؟ وكيف ينعكس هذا الوضع على المستقبل في ظل سياسة إسرائيل الحالية؟

راز: "قسم من التهديدات الإستراتيجية مرتبط بالجمود الذي كان حاصلا في العملية السياسية وغياب تسوية سلمية، لكن القسم الآخر من التهديدات ليس مرتبطا بذلك وإنما بحدوث تطرف إسلامي في العالم العربي كله. وهذا التطرف يهدد أنظمة إسلامية معتدلة، كما أنه يشكل خطرا على إسرائيل وحتى أن هذا الخطر أكبر من الخطر على الأنظمة الإسلامية المعتدلة".

(*) إسرائيل تمتنع عن التوصل إلى سلام مع العرب عموما والفلسطينيين خصوصا. ما هو رأيك في هذا القول؟

راز: "حكومة إسرائيل ترفض دفع الثمن من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، أي الانسحاب إلى حدود العام 1967، ولذلك فإنه لا يمكنها التوصل إلى اتفاق في وضع كهذا. ليس أنها لا تريد السلام، بل هي تريد السلام لكنها ليست مستعدة للتنازل عن المناطق المحتلة".

(*) في حال طرأ تغيير على تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الحالية وانضم حزب كاديما برئاسة تسيبي ليفني إلى التحالف الحكومي، هل هذا الأمر سيغير شيئا في الوضع السياسي؟

راز: "أعتقد أن الوضع سيصبح أسوأ. فعندما كان حزب كاديما في الحكم كان الوضع أسوأ مما هو عليه اليوم. فقد خاضت إسرائيل في فترة حكومة كاديما الحرب على لبنان والبناء في المستوطنات كان واسعا جدا. وتسيبي ليفني أكثر تطرفا من نتنياهو. وهي تنتهج سياسة خطيرة وقد عارضت تجميد البناء الذي أعلن عنه نتنياهو قبل عشرة شهور. ولذلك فإنه من الأفضل أن تبقى خارج التحالف الحكومي".

(*) هل ما زال اليسار الإسرائيلي حيا وهل بإمكانه القيام بدور ما؟

راز: "أعتقد أن اليسار في إسرائيل يؤدي دورا، فهو عامل يدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق".

(*) لم أقصد حزب العمل عندما أقول اليسار الإسرائيلي، وإنما أنتم في حزب ميرتس.

راز: "أعتقد أن اليسار اليهودي - العربي يحظى بتأييد ضئيل سواء بين الجمهور اليهودي أو الجمهور العربي".