باراك يقول إن أهدافا انتخابية وراء تصعيد الدعوات الإسرائيلية لاستئناف حرب غزة

على هامش المشهد

هذا ما يقوله المحلل السياسي في هآرتس، عوزي بنزيمان، في لقاء خاص للمشهد الإسرائيلي، على هامش انعقاد مؤتمر هرتسليا الثامن حول "ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" * ويؤكد أنّ قضايا الفساد هي العامل الأساس خلف انعدام الثقة العامة بمؤسسات الحكم الإسرائيلية وأن الليكود سيفوز في حال تبكير الانتخابات

 

 

كتب بلال ضاهر:

 

حول التراجع في ثقة الجمهور اليهودي في إسرائيل بالمؤسسات الحكومية والمحكمة العليا، والذي ظهر في مؤشرات مؤتمر هرتسليا الثامن حول "ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" [بدأ في 20 كانون الثاني الجاري ويستمر حتى 23 منه]، قال المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، عوزي بنزيمان، لـ"المشهد الإسرائيلي" إن "هذا التراجع يظهر أيضا في استطلاعات أخرى وليس فقط في مؤشر المناعة الوطنية. فقد تعرضت المحكمة العليا في السنوات الأخيرة لتهجمات لا تتوقف. ونحن نرى حتى وزير العدل (دانيئيل فريدمان)، الذي تولى منصبه قبل بضعة أشهر، يشن هجوما ضاريًا على هذه المحكمة بشكل متواصل ويبادر إلى طرح مشاريع قوانين غايتها المعلنة، وهو لا يخفي نواياه، تقليص صلاحيات المحكمة العليا وفقا لأيديولوجيته. فهو يعتبر أن المحكمة العليا حصلت على صلاحيات أكثر مما ينبغي، ويعارض تدخل المحكمة في إلغاء قوانين يسنها الكنيست. هذا جانب يوضح التراجع في مكانة المحكمة، لكن قبل تولي فريدمان وزارة العدل كانت هناك تهجمات على المحكمة، ولم يخجل سياسيون وأحزاب معينة من مهاجمة المحكمة العليا. وهذه التهجمات تتغلغل شيئا فشيئا في وعي الرأي العام والنتيجة تكون أن الجمهور يفقد ثقته بالمحكمة العليا. وفيما يتعلق بالمؤسسات الحكومية فإن قضايا الفساد هي العامل الأساس لانعدام الثقة بهذه المؤسسات".

 

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هي أهمية "مؤتمر هرتسليا" السنوي؟ هل يُملي هذا المؤتمر أجندة معينة على الحلبة السياسية الإسرائيلية؟

 

- بنزيمان: "أعتقد أن هذا المؤتمر عبارة عن مراسم، أكثر من كونه جهة في إمكانها إملاء أجندة. لا أعتقد أن لمؤتمر هرتسليا أهمية كبيرة. لكنه من الجهة الأخرى يُعتبر منصة لإسماع آراء. وقبل عدة سنوات اختار (رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق) أريئيل شارون الإعلان عن خطة فك الارتباط من خلال خطابه في مؤتمر هرتسليا. رغم أنه قبل ذلك أعلن عن وجود هذه الخطة في مقابلة مع الصحافي في هآرتس، يوئيل ماركوس. لكن في المؤتمر يتم أحيانا إطلاق تصريحات تجذب الأنظار إليه، ولذلك يعتقد الكثيرون أنه مكان هام للتعبير عن آرائهم فيه. لا يمكنني أن أشير إلى استنتاجات تم الإعلان عنها في مؤتمر هرتسليا على أنها غيّرت شيئا في الحياة العامة في إسرائيل من الناحية الفعلية. فلم يحدث أن أخذت الحكومة استنتاجات مؤتمر هرتسليا وغيّرت سياستها بموجب هذه الاستنتاجات. لا أذكر حدوث أمر كهذا".

 

(*) ثمة ادعاء يقول إن "مؤتمر هرتسليا" هو عمليا منصة لأوساط اليمين الإسرائيلي. ما رأيك؟

 

- بنزيمان: "يجب تفحص الأمور وفقا لجوهرها. أنا نفسي كتبت قبل سنة أو سنتين مقالا بهذا الاتجاه، لأنه في حينه أعطى المؤتمر منصة لمواقف يمينية. لكني كتبت المقال في حينه كردة فعل على مؤتمر بعينه، لا بصورة عامة. ولتقييم المؤتمر الحالي يتوجب الانتظار حتى نهايته (غدا الأربعاء) ومتابعته ورؤية ماذا قيل فيه. من جهة أخرى، نعرف مسبقا أن من يرأس المؤتمر، عوزي أراد، هو رجل يحمل أفكارا يمينية بصورة واضحة. هل هذا يؤثر على شكل المؤتمر؟ لا أعرف إلا أن هذا من شأنه أن يؤثر على نقاط البحث المطروحة في المؤتمر. لكن لا يمكن القول إن هذا يؤثر على كل من يتحدث في المؤتمر".

 

الليكود سيفوز في حال تقديم الانتخابات

 

(*) في مقالك المنشور في "هآرتس" يوم الأحد (20.1.08)، كتبت أن حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف يمثل جمهورا واسعا في إسرائيل، رغم أن قسما من هذا الجمهور لم يصوت لهذا الحزب، لكن هذا يعني أن قسما كبيرا من الإسرائيليين لا يؤيدون العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. على ماذا اعتمدت؟

 

- بنزيمان: "هذا صحيح. وقد اعتمدت على استطلاعات تم نشرها في الآونة الأخيرة. وقد أظهرت استطلاعات تم نشرها قبل أسبوع ارتفاعا كبيرا جدا في تأييد الجمهور لأحزاب اليمين، مثل الليكود وإسرائيل بيتنا. وإذا جمعنا عدد المقاعد التي سيحصل عليها معسكر اليمين في حال جرت انتخابات مبكرة فإنها ستكون أكثر من المقاعد التي سيحصل عليها معسكر الوسط واليسار".

 

(*) هل تتوقع أن يصعد اليمين، أي الليكود في هذه الحالة، للحكم في حال جرت انتخابات مبكرة؟

 

- بنزيمان: "نعم. وهذا بحسب الاستطلاعات. لكن هناك طبعا سؤال كبير حول ما إذا كانت الاستطلاعات تعكس الواقع أم لا؟ فقد رأينا مؤخرا فقط كيف أن الاستطلاعات لم تكن صحيحة فيما يتعلق بالمنافسة بين مرشحي الرئاسة الأميركيين عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون وباراك أوباما. وحدث هذا أيضا هنا في إسرائيل في الماضي. بحسب الاستطلاعات الحالية فإن اليمين في إسرائيل سيفوز في الانتخابات في حال جرت في الفترة القريبة المقبلة. وهذا ناتج عن وجود خوف لدى الجمهور الإسرائيلي على مجرّد وجوده، أو عن غضب كبير على العرب عموما والفلسطينيين خصوصا. ولذلك أنا أقول إنه عندنا مريح أكثر الاعتماد على الخطر الفلسطيني. ومثال غزة- أي أننا انسحبنا من قطاع غزة لكن الصواريخ ما زالت تُطلق علينا- يعزز الاعتقاد لدى الإسرائيليين بأن كل ما سنفعله لن يحقق السلام، وأنه إذا ما انسحبنا من الضفة فإنه سيتواصل الإرهاب ضدنا. طبعا هذا ليس رأيي وأعرف أن الفلسطينيين يفسرون الأمور بصورة مختلفة، لكن أوساطا واسعة في إسرائيل تفكر بهذا الشكل وبأنه لا يوجد أي احتمال للاتفاق مع الفلسطينيين ومع العالم العربي لأنه لا يريدنا هنا".

 

(*) هل هذا يعني أن الأغلبية في إسرائيل لا تريد سلاما مع الفلسطينيين؟

 

- بنزيمان: "الاستطلاعات تشير إلى وجود تناقض. من جهة، عندما تسأل الإسرائيليين لمن ستصوتون تقول الأغلبية اليوم إنها ستصوت لأحزاب اليمين. وأحزاب اليمين تؤيد التوصل إلى تسويات لكنها ليست، مثلا، مثل حزب ميرتس. من الجهة الأخرى، تظهر الاستطلاعات ذاتها وجود استعداد كبير لدى الإسرائيليين للتوصل إلى سلام وللتنازل عن أراض. ويوجد هنا تناقض واضح".