خمس يهود إسرائيل يؤيدون طرد العرب و4,5 بالمئة يؤيدون إبادتهم

وثائق وتقارير

"ميرتس" التي حظيت في الانتخابات الأخيرة بعشرة مقاعد، لا تنجح حتى في أفضل الاستطلاعات في عبور حاجز الـ (8-9) مقاعد. مثل هذه النتيجة، لو تحققت، ستبقي يوسي بيلين (المكان الـ 11) وعضو الكنيست ياعيل ديان (المكان الـ 12) وممثلة الوسط العربي، عضو الكنيست حسنية جبارة (المكان العاشر)، خارج الكنيست. من الممكن أن الاجابة على السؤال، لماذا لا تتقوى "ميرتس"، التي سنت أكبر عدد من القوانين الاجتماعية في الكنيست الحالية – 20 قانونًا -، بالذات الآن، في الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية؛ من المكن أن الاجابة تكمن في "مفارقة مويئيل".

في أكتوبر 2000، قبل إندلاع "إنتفاضة الأقصى" بأيام قليلة، إلتقى أيلي مْويئيل، رئيس بلدية سديروت، مع رئيس "ميرتس"، عضو الكنيست يوسي سريد، وتباحثا في طرق دمج مويئيل في "ميرتس".

تعرف مويئيل، العضو في حركة "الليكود"، على سريد عندما شغل الأخير منصب وزير التربية في حكومة براك، واكتشف فيه شريكًا لمنظومته الاجتماعية. من جهته، رأى سريد في مويئيل ممثلاُ حقيقيًا لبلدات التطوير، ورغب في تجنيده للثورة الاجتماعية التي حاولت "ميرتس" أن تحققها. وخلال اللقاء، بدا المستقبل المشترك واعدًا - الاستطلاعات الداخلية التي أجرتها "ميرتس" تنبأت بما لا يقل عن (19) مقعدًا، ومويئيل كان قريبًا جدًا من تحقيق الانقلاب السياسي في حياته.

كانون الثاني 2003: مويئيل يظهر في الدعاية الانتخابية لـ "ميرتس"، يمتدح عملها الاجتماعي، يتحدث عن سريد كأفضل وزير للتربية، لكنه بقي في "الليكود". ويفسر مويئيل المفارقة الكامنة في تصرفاته، على أن "‘ميرتس‘ لم تلائم نفسها للواقع السياسي الجديد الذي حلّ بعد سنتين ونصف السنة من الانتفاضة" - هذا الأمر الذي يظلل، بحسب رأيه، على عملها الاجتماعي ويفرض على "ميرتس" "جمودًا إنتخابيًا".

* مفارقة مويئيل

حاليًا، يبدو الجمود الانتخابي كتوقع تفاؤلي. "ميرتس" التي حظيت في الانتخابات الأخيرة بعشرة مقاعد، لا تنجح حتى في أفضل الاستطلاعات في عبور حاجز الـ (8-9) مقاعد. مثل هذه النتيجة، لو تحققت، ستبقي يوسي بيلين (المكان الـ 11) وعضو الكنيست ياعيل ديان (المكان الـ 12) وممثلة الوسط العربي، عضو الكنيست حسنية جبارة (المكان العاشر)، خارج الكنيست. من الممكن أن الاجابة على السؤال، لماذا لا تتقوى "ميرتس"، التي سنت أكبر عدد من القوانين الاجتماعية في الكنيست الحالية – 20 قانونًا -، بالذات الآن، في الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية؛ من المكن أن الاجابة تكمن في "مفارقة مويئيل". بكلمات أخرى، "ميرتس" – نتيجة لمواقف سياسية حمائمية ونتيجة لصورة "شمالية" (كناية عن شمال تل أبيب، رمز البرجوازية اليهودية الاستعلائية - المحرر) بعيدة - لم تحقق احتمالاتها الانتخابية في أوساط الطبقات الضعيفة، التي تستمر في تصويتها لـ "الليكود" ولـ "شاس". "‘الليكود‘"، يقول مويئيل، "ليس حزبًا اجتماعيًا، هو بعيد عن ذلك. لكن المذهل هنا، أنه يستمد قوته من أولئك الذين يحرمهم من القوة. هذا الأمر متروك لعلماء النفس".

ولكن، ليس سكان بلدات التطوير فقط، من يشعرون بعدم الارتياح مع منظومة "ميرتس" السياسية. حتى في "ميرتس" يعترفون بأن مصوتي "ميرتس" هم يمينيون أكثر من مواقف الحزب نفسه. سريد بنفسه قال في الأسبوع الماضي، إن "ميرتس" هي الحزب الذي يدفع الثمن الأكبر على الوضع الأمني، لأنها تُستوعب كـ "صديقة للعرب". في "ميرتس" يَعُون صورة "كارهي إسرائيل" عنهم، بالذات في الأوساط التي تنشط "ميرتس" من أجلها. لهذا السبب، لم يحمل إنضمام "الحمامتين" بيلين وديان، بعد تركهما لحزب "العمل"، أية بشرى إنتخابية.

معيار آخر يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على "ميرتس"، هو تحليق "شينوي". لقد ذخّر حزب "شينوي" لنفسه راية العلمانية وجرف إلى أحضانه عددًا غير قليل من المقاعد، نتيجةً لذلك. "ميرتس"، التي رفعت راية العلمانية خلال سنوات، تركت "شينوي" يُسيطر على الحلبة ليبدو وكأنه الوحيد الذي يعارك ابتزاز "الحريديم". في عملية فحص ميزان القوى بين "ميرتس" و"شينوي"، يجب إضافة العامل الأيديولوجي. "شينوي" يُستوعب كحزب يميني، ولذلك فإنه متعلق أكثر في جهاز سياسي يميل لليمين. "ميرتس"، مقابل ذلك، يُستوعب كحزب يساري فوضوي. لأول وهلة، يبدو أن "ميرتس" يخسر لصالح "شينوي" حصةً إنتخابيةً هامة؛ ولكن بحسب إستطلاع "ديالوغ"، بإشراف بروفيسور كميل فوكس، فإن الانتقال من "ميرتس" إلى "شينوي" قليل ويتلخص بمقعد واحد. مقابل ذلك، يخسر "ميرتس" لصالح "العمل" مقعدين. واحد من التعليلات لذلك هو أن وضع متسناع على رأس "العمل" مكّن مصوتي "ميرتس"، الذين رغبوا في انتخاب إمكانية واقعية أكثر، من الانضمام إلى "العمل" من دون التنازل عن منظومتهم السياسية.

تحليل الاستطلاعات يدل أيضًا على أن العمل الاجتماعي الذي أنجزه "ميرتس"، والذي إختير ليقود الحملة الانتخابية، هو تقريبًا معدوم التأثير. تبدو هذه الظاهرة، لأول وهلة، مذهلةً، أن مجموعات سكانية تصوّت ضد نفسها. مويئيل يفسّر هذا بأن الوضع الأمني المتدني لا يمكّن تلك الشرائح من التصويت بما يعارض نهج التصويت التقليدي عندهم، وبما يعارض ما هو متبع في بيئتهم الاجتماعية. من أجل القيام بذلك، هناك حاجة لقوى نفسية عظيمة. وبحسب أقواله، "فإن سقف الدخول الأيديولوجي إلى ‘ميرتس‘ هو عالٍ جدًا، ومثل هذا الانتقال يجب أن يتم تدريجيًا، على ما يبدو. قلتُ ليوسي (سريد) مرارًا وتكرارًا، أنتم كوب الشاي في بلدات التطوير وفي الأحياء، ولكن ليس باستطاعتكم أن تنبشوا في خبايا الناس طيلة الوقت وأن تسألوا عما يفكرون به عن عرفات، لأن هذا يبعدهم، الآن بالذات. يبدو لي"، يلخص مويئيل، "أن هذا هو مصير الحزب التراجيدي".

* أيام صعبة لليسار

وصل حزب "ميرتس" إلى ذروة قوته في العام 1992، تحت رئاسة شولاميت ألوني، حيث فاز حينئذ بـ 12 مقعدًا. منذ تلك الانتخابات لم يستطِع إعادة تحقيق هذا النجاح. في حملة 2003 حاولت حركة "ميرتس" أن تمرر الكثير من البلاغات: علمانية، اجتماع، إقتصاد، مواضيع سياسية؛ حتى أنها شملت في برنامجها الانتخابي إلتزامًا بفحص شرعنة المخدرات الخفيفة بحسب الموديل الأوروبي، في محاولة للتوجه للشباب. في القائمة الحالية ضمن "ميرتس" ثلاثة أماكن للنساء في الأماكن العشرة الأولى، مكان لعربي في الأماكن العشرة الأولى، ومكان لممثل عن المهاجرين عضو الكنيست رومان برونفمان (الخيار الديمقراطي) الذي وُضع في المكان الخامس، وأيضًا مكان ليوآف كراييم، من قياديي نضال المعوّقين، الذي نُقل من الموقع الثاني عشر إلى الموقع الرابع عشر، بعد ضمان مكانين لبيلين وديان. في الواقع، حاول "ميرتس" أن يكون جيدًا مع الجميع، أن يلبي طلبات عدد كبير من الشرائح في المجتمع. في خطوته هذه حاول أن يجمع الأصوات من أكبر ما يمكن من الجماهير، بما في ذلك مصوتو "الليكود"، الذي لا يُعدون مصوتين طبيعيين له. حاليًا، لم ينجح "ميرتس" في تجنيد مجموعات مصوتين جديدة، وهو في الواقع، يحارب على الحفاظ على قوته.

بحسب أقوال مدير حملة "ميرتس"، الاعلاني درور شطرنشوس، فإن الحزب يربح أصواته عن طريق العمل المضني، وعليه أن يجمع هذه الأصوات من الكثير من المواقع. في تقديره، ستكون نتائج الانتخابات عالية أكثر بكثير من المتوقع بحسب الاستطلاعات، كما حصل في الانتخابات السابقة. الوزير السابق حاييم أورون يرفض التأثر من وضع "ميرتس" في الاستطلاعات، أيضًا. بحسب أقواله، هناك في الأسابيع الأخيرة "إرتفاع بطيء في الاستطلاعات"، لأن جزءًا من المترددين يعودون إلى "ميرتس"، "وهذه الظاهرة بادية ليس في الاستطلاعات فقط، وإنما في النشاطات الميدانية وفي الحلقات البيتية". أورون يدعي أنه يجب تأمل وضع "ميرتس" من خلال السياق الواسع لكتلة اليسار الاجمالية، التي تمر بأزمة. بحسب أقواله، "أنا أسمع أن هناك من انتقل إلى ‘شينوي‘، لأنهم يبحثون عن مواقف أكثر يمينية. نحن نواجه مزاجًا قويًا عند الجمهور الاسرائيلي. من جهة، هناك خيبة أمل كبيرة من خطوات براك ومن الانتفاضة، ومن جهة ثانية، لائحتنا الاجتماعية لا تعوّض دائمًا عن هذه الأحاسيس".

أرورون وسريد يشددان على أنهما لا يشعران بخيبة أمل من أن الجمهور الذي يعمل "ميرتس" من أجله في المجال الاجتماعي، هو بالذات من لا يكافئه. بحسب أورون، "لم أعتقد قط بأن هناك علاقة ‘واحد على واحد‘، أو حتى ما هو أقل من ذلك، بين مدى نشاطاتنا في القضية الاجتماعية وبين المكافأة الانتخابية الفورية. قالوا لي مسبقًا في بلدات التطوير بأنني إذا وعدت بألا أقول كلمة فلسطيني خلال خمس سنوات، فإنهم سيصوتون لـ ‘ميرتس‘. لكننا لا نستطيع أن نكون شيئًا آخر".

أورون، سريد، بيلين وبرونفمان يعلقون آمالاً على إقامة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد الانتخابات. حاليًا، الاعلان عن هذه الخطوة أيضًا لم يعُد بالنتائج الانتخابية المتوخاة. بحسب أورون، فإن الثمار ستأتي في المستقبل ولذلك ليس من الصحيح الحكم على إنضمام بيلين، ديان وبرونفمان بتقييم آنيّ. الوزير السابق عن "ميرتس"، والعضو في الطاقم الاستراتيجي الحالي، يئير تْسَبان، يؤمن أيضًا بأن أيام "ميرتس" الكبيرة هي قادمة. بحسب أقواله، "هذه الأيام هي أيام سيئة لليسار عامةً". تسبان، مُسن القبيلة، خفّض من التوقعات منذ بداية المعركة الانتخابية: "قلتُ لأصدقائي آنذاك، إنه من اللازم أن نكون واقعيين بالنسبة للتوقعات، لأن مفارقةً تحدث في الخارطة السياسية: اليمين واليسار تحولا إلى المستوى السياسي فقط. من ناحية المواقف، فإن الجمهور يتجه يسارًا؛ ولكن من ناحية سياسية- حزبية فإنه يجنح بقوة لليمين". بحسب أقواله، "اليوم هناك غالبية كبيرة في البلاد تعرف، مع بعض الزيادة أو النقصان، ماذا ستكون مركبات السلام، لكن نفس الشخص، الذي غيّر مواقفه لليسار لأول وهلة، جنح على التدريج الحزبي إلى اليمين. في وضع كهذا لا يمكن بناء التوقعات".

على الرغم من وضع "ميرتس" الحالي واليسار عامةً، يوضح تسبان أن حزب "ميرتس" يطمح للكثير، حتى ولو بدا أن طموحاته "ترتفع عاليًا جدًا". في بداية الحملة أعلن رؤساء "ميرتس" عن أن هدفهم هو تحقيق (15) مقعدًا، وأن كراييم (المكان الرابع عشر) موضوع في موقع مضمون. في تقدير تسبان، فإن الانتخابات ستكون صحوةً من حكم "الليكود" وسيُطلب من حزب "العمل" أن يكفّر عن خطاياه لجلوسه في حكومة الوحدة القومية. عندها ستبدأ مفاهيم اليسار واليمين، التي ذابت في حكومة الوحدة، بالتشكل من جديد، وسيكون بمقدور "ميرتس" أن يقطف ثمار عمله.

(مازال موعاليم، "هآرتس"، 22 كانون الثاني)

ترجمة: "مدار"