لم يكن السيف في الماضي، وفي الحاضر، ولن يكون في المستقبل بديلا لميزان العدل والعدالة. ولن يتمكن الجنرالات، مهما امتلكوا من بلاغة القتل، من تحويل الأوامر العسكرية اليومية، إلى بديل لمعنى السلام في قواميس اللغة، أو في مبادئ كونية تحدد الفرق بين تعايش المجتمعات الإنسانية، وبين فوضى الغابة.
ليس لمقاومة الفلسطينيين من أسماء سوى الكفاح الوطني لإنهاء الاحتلال، ونيل الحرية والاستقلال. وليس للحملة العسكرية الإسرائيلية الضارية ضدهم من أسماء سوى العمل على ديمومة احتلال، هو الأطول في تاريخ القرن العشرين، وآخر الاحتلالات في زمن يحتفي بحقوق الإنسان، ويعترف بحقوق الشعوب في الحرية وتقرير المصير.
وإذا كنّا ندرك أن هذا الاحتلال إلى زوال، مهما طال الزمن أو قصر، فإن من واجبنا وواجبكم العمل على تقصير عمر هذا العنف الدموي، وتفادي سقوط المزيد من الضحايا في الجانبين. الحل واضح وصريح: الاحتلال هو العنف، وزوال الاحتلال يضمن سلام وأمن الجانبين. أما الحكومة الراهنة في إسرائيل فهي تريد الاحتلال والسلام معا، أي تريد قبولنا بالعبودية، مقابل الكف عن قصفنا بالطائرات.
وقد بات واضحا لنا، كما أصبح واضحا لقطاعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي، وفي المجتمع الدولي بشكل عام، أن الحكومة الشارونية الراهنة لا تفتقر إلى خطة للحل السياسي وحسب، بل تقاوم كل محاولة للخروج من دائرة القتل، بمزيد من القتل، تفاديا لفضيحة الاعتراف بإفلاسها السياسي والأخلاقي، أيضا.
لقد قبلنا بالعيش والتعايش معكم في اثنين وعشرين بالمائة من مساحة وطننا التاريخي، نقيم عليها دولة مستقلة، ونتمتع فيها بما تتمتع به بقية شعوب الكون من حرية وكرامة واستقلال. وليس من معنى لهذه الحرب الضارية ضدنا سوى تجريدنا من هذا الحق، بقوة السلاح، وعنف القتل.
وإذا كان لدى إسرائيل ما لديها من فائض القوة ، فإن ذلك لن يمنح رغبتها في احتلال شعب آخر، شبهة الحرب العادلة، أو وهم الدفاع عن النفس. وإذا كنّا نعاني ما نعاني من ضعف الموارد، ونفتقر إلى أدوات الدفاع عن النفس، فإن ضعف الموارد لم يُضعف على مدار التاريخ قضية عادلة، ولم يجردها من جدارة أخلاقية تمكّن الدم من الانتصار على السيف.
فلنعمل معا على وقف حلقة العنف المفرغة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإنهاء الاحتلال، عندئذ تنفتح أمامنا وأمامكم آفاق السلام والتعايش.
الموقعون:
محمود درويش،
ادوارد سعيد،
سميح القاسم،
ياسر عبد ربه،
حنان عشراوي،
حنه ناصر،
جورج جقمان،
فؤاد مغربي،
سليم تماري،
حسن خضر،
علي الجرباوي،
مراد قسيس،
اصلاح جاد،
صالح عبد الجواد،
ممدوح نوفل،
يحيى يخلف،
سميح شبيب،
ريما حمامي،
سعاد العمري،
حسين برغوثي،
عزت غزاوي،
فيصل حوراني
* نشر في "هارتس" 13 مارس 2002