* تهجمات باراك جاءت بسبب تخوفه من فوز ليفني برئاسة كديما وتقديره أنها ستقود إسرائيل إلى انتخابات مبكرة *
"المشهد الإسرائيلي"- خاص
وجه قياديون في حزب العمل الإسرائيلي انتقادات إلى رئيس الحزب ووزير الدفاع، إيهود باراك، في أعقاب تهجماته على وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، المرشحة لرئاسة حزب كديما، في الأسبوع الفائت. وكان باراك قد رأى، خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن ليفني غير مؤهلة للوصول إلى كرسي رئاسة الحكومة واتخاذ قرارات سياسية. وقال سكرتير حزب العمل، عضو الكنيست إيتان كابل، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن "لحزب العمل شأنا بنفسه وحسب، ولا يجوز لنا أن نتدخل في ما يحدث في حزب كديما". لكن كابل أضاف أن "الجميع يتعاملون مع كديما وكأنه يحطم بقية الأحزاب في استطلاعات الرأي العام، وهذا ليس صحيحا بتاتا".
ودعا باراك ليفني باسمها "تسيبورا" وليس "تسيبي"، وهو ما يشير إلى الاستخفاف بها. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ نشوء الخلاف بين ليفني ورئيس الحكومة، إيهود أولمرت، أخذ الأخير يدعوها "تسيبورا" أيضا. كذلك لقبها باراك خلال المقابلة الإذاعية بلقب "هذه المرأة". وقال إن "ليفني ليست مبنية بالضرورة لإعطاء الأجوبة المطلوبة، لا في الساعة الثالثة ليلا ولا في الساعة الثالثة ظهرا. وحقيقة أن إنسانا كان حاضرا في اجتماعات اتخذت فيها قرارات لا تجعله مؤهلا لاتخاذ قرارات". وأضاف أن "ليفني تتفاخر بأنها حققت اتفاق وقف إطلاق النار في حرب لبنان الثانية" في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. واعتبر باراك أن "هذا الأمر يضع علامات سؤال حول ترجيح الرأي لديها"، إذ يصف باراك القرار 1701 بأنه فاشل.
ووصف باراك حزب كديما بأنه "مخيم لاجئين" و"حزب لمرة واحدة"، ورأى أن هذا الحزب جلب على إسرائيل فك الارتباط في قطاع غزة وحرب لبنان الثانية وسلسلة قضايا الفساد المحرجة المتورط أعضاء من كديما فيها.
وأدت تهجمات باراك ضد ليفني إلى التفاف منافسيها على رئاسة كديما من حولها والدفاع عنها. وقال وزير المواصلات وأهم منافس لليفني على رئاسة كديما، شاؤول موفاز، إن "تهجمات باراك على ليفني كانت شخصية وهذا ليس أمرا حسنا". من جانبها عقبت ليفني نفسها على أقوال باراك بالقول لمؤيديها "دعوكم من التهجمات فهذه أمور صغيرة بالنسبة لي ولنا، هذه أمور صغيرة بالنسبة لكديما".
من جهة ثانية قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن تهجمات باراك ضد ليفني جاءت بسبب خيبة أمله من شعبيته في استطلاعات الرأي العام وتفوق ليفني عليه. ونقلت الصحيفة عن قيادي في حزب العمل قوله إن "باراك أصبح غير ذي صلة مع الواقع". وقال مسؤول سياسي رفيع المستوى إن باراك نادم على الخطوة التي بادر إليها والمتعلقة باستبدال أولمرت. وأضاف المسؤول ساخرا أن "باراك واثق من أنه أفضل من جميع المرشحين لرئاسة كديما وفق كل مقياس وفي كل مجال، لكنه يشعر أنه ليس مشاركا في العملية السياسية الإسرائيلية. فهو أصبح ممحوا. وخوفه الكبير هو أن تفوز ليفني برئاسة كديما. وموفاز بالذات يُبقي لديه أملا ما بأن ينتصر" في انتخابات عامة.
من جانبه رأى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرتر، أن "باراك، وبتأخير كبير، أدرك أن ليفني تشكل تهديدا كبيرا وخطرا عليه وعلى حزبه الضعيف الذي يجره خلفه... ولذلك، وبذهن صاف، قرر شن تهجماته على ليفني والتحدث إلى الجمهور حول قدرات ليفني وحول عدم ملاءمتها لتولي منصب رئيس الحكومة". وكتب فيرتر أن "باراك يقدر أنه في حال فوز ليفني برئاسة كديما في 17 أيلول المقبل فإنها لن تحاول فعلا تشكيل حكومة بديلة وإنما ستعمل على الفور على تقديم موعد الانتخابات، ربما إلى نهاية شهر كانون الثاني المقبل. وبالنسبة لباراك، فإننا في بداية معركة انتخابية عامة، ولا يجدر إضاعة الوقت".
من ناحيته رأى بن كسبيت، المراسل السياسي لصحيفة معاريف، أن هجوم رئيس العمل ووزير الدفاع، إيهود باراك، على وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، قد جاء متأخرًا للغاية. ومنذ نصف عام قالوا له إنه يجب البدء بهذا الهجوم. وبعد هذا الهجوم وصف شخص ما من حزب كاديما باراك بأنه "الرئيس الجديد لطاقم ليفني"، لكونه نجح في أن يوحد الحزب من حولها، وفي أن يرسخ مكانتها باعتبارها الخطر الأكبر عليه، وفي أن يتيح الفرصة لها للظهور في مظهر البديل الحقيقي للجنرالات.
وأضاف كسبيت: إن ما بقي لرئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي يقف متفرجًا ويفرك يديه فرحًا، هو أن يقول إن كليهما [ليفني وباراك] على حق. وفي ظل أجواء من هذا القبيل لن يكون في إمكان حتى نتنياهو نفسه أن يعطل فوزه في الانتخابات القريبة. إن استطلاعات الرأي العميقة تظهر أن ليفني ستحطم حزب العمل في الانتخابات. وباراك يدرك ذلك، ولذا فإن الحرب التي يخوضها عليها الآن هي حرب دفاعية عن حزبه. غير أن هجومه أقرب إلى الوقاحة. إن معظم المشكلات، التي تحط على رؤوسنا حاليًا، هي بسبب باراك. وسواء أكان القرار 1701، الذي هاجم باراك ليفني بسببه، ناجحًا أو فاشلاً، فإنه على الأقل أدى إلى إبعاد حزب الله عن السياج الحدودي، بعد أن أتى إلى هناك عقب هروب باراك من لبنان، الذي شجع على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية أيضًا.
أمّا يوئيل ماركوس، كبير المعلقين السياسيين في صحيفة هآرتس، فرأى أن الأوضاع الحالية في حزب العمل تجعل باراك غير قادر على تولي رئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
ومما كتبه ماركوس في هذا الخصوص:
بالإمكان أن نفترض أن إيهود باراك، باعتباره وزير الدفاع، يستثمر ذكاءه الخارق وتجربته العسكرية من أجل أن يستعيد قوة الردع الإسرائيلية، ولأن معظم ما يفعله في هذا المجال سريّ، فإن نجاحه الأمنيّ سيظهر عندما يوضع على المحك فقط.
غير أنّ باراك، باعتباره رئيسًا لحزب العمل، لم يتغيّر كثيرًا عما كان عليه من قبل، ولا يزال من الصعب أن تدرك دائمًا ما الذي يرغب فيه. ولا توجد لديه سيطرة حتى على أعضاء الكنيست من حزبه، الذين يبلغ عددهم 19 عضو كنيست. كما أن التململ منه في قيادة الحزب آخذ في التفاقم. أمّا في استطلاعات الرأي المتعلقة برئاسة الحكومة فإن باراك يحلّ ثالثًا، بعد [رئيس الليكود] بنيامين نتنياهو و[وزيرة الخارجية] تسيبي ليفني.
غير أن صورة القيادة الإسرائيلية برمتها هي صورة مرتبكة ومخيبة للآمال. وعلى ما يبدو فإن الوقت الحالي، خاصة في ظل الفوضى الداخلية التي تعصف بحزب كاديما، هو وقت مثالي كي يعود العمل ليصبح حزبًا قائدًا، لكن ذلك لا يحدث بسبب عدم قدرة باراك على أن يتعاون مع آخرين.
على الرغم من أن باراك حاول، خلال الأيام القليلة الفائتة، أن يخوض معركته الأخيرة بواسطة تشويه صورة ليفني، إلا أنها ما زالت تتقدّم عليه في استطلاعات الرأي المتعلقة برئاسة الحكومة. وعلى ما يظهر فإن باراك لن يصبح رئيس الحكومة المقبل، في ظل الأوضاع الحالية القائمة في حزب العمل.