تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

وثائق وتقارير

 *جمعية حقوق المواطن: الشرطة الإسرائيلية استخدمت الرصاص المطاطي بشكل مخالف للقانون لتفريق مظاهرات في القدس*

 قالت منظمة بتسيلم (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) إن ثمة تخوفات لديها من أن تكون قيادة الجيش الإسرائيلي قد أجازت، الأسبوع الفائت، إطلاق الرصاص القاتل على فلسطينيين قاموا بإلقاء الحجارة على الجنود في حالات لم يتعرّض فيها هؤلاء الجنود إلى أي خطر على حياتهم.

 

وجاء في بيان خاص صدر عن هذه المنظمة في هذا الشأن:

منذ بدء عملية "عمود السحاب" في غزة، جرت في أرجاء الضفة الغربية مظاهرات احتجاجية. وفي بعض هذه المظاهرات ألقى فلسطينيون الحجارة باتجاه قوات الأمن الإسرائيلية، وفي عدة حالات قام جنود وأفراد من شرطة حرس الحدود بإطلاق الرصاص الحيّ.

من خلال فحص منظمة بتسيلم للأحداث، أثير الشكّ في أنّ المستوى القيادي قد سمح للجنود باستخدام الرصاص الحيّ، حتى في المواجهات مع رماة الحجارة غير المسلحين، وفي مواقف لم يتعرض فيها الجنود لأيّ خطر على حياتهم. وقد قُتل جراء ذلك فلسطينيان: في يوم السبت، 17/11/2012، أصيب رشدي التميمي، 31 عامًا، وأب لبنت، بالرصاص الحيّ الذي أطلقه الجنود على شبان كانوا يلقون عليهم الحجارة في قرية النبي صالح. وقد توفي متأثرًا بجراحه يوم الاثنين 19/11/2012. في يوم الاثنين، 19/11/2012، قتل أفراد قوات الأمن حمدي الفلاح، 22 عامًا، في أثناء مواجهات في منطقة جسر حلحول- الخليل عند الشارع رقم 35. وقد أصيب بأربع رصاصات حيّة في صدره ويده ورجله. ومن خلال الاستقصاء الذي أجرته بتسيلم يتضح أنّ الفلاح وجّه قلم ليزر إلى الجنود، وأنّ أيّ أحدٍ من رماة الحجارة لم يكن مسلحًا.

وقد أصيب 39 فلسطينيًا آخر على الأقل برصاص قوات الأمن الإسرائيلية منذ يوم الخميس، 15/11/2012، في أثناء أحداث قام فيها فلسطينيون بإلقاء الحجارة باتجاه قوات الأمن الإسرائيلية . ومن بين هؤلاء الجرحى، هناك 16 شخصًا أصيبوا بالرّصاص الحيّ، ومن بينهم ستة إصاباتهم بالغة.

وقد أصيب 13 فلسطينيًا بالرّصاص المعدنيّ المغلف بالمطاط، تسعة منهم أصيبوا في رؤوسهم، وعشرة أصيبوا إصابات مباشرة بقنابل الغاز، سبعة منهم أصيبوا في رؤوسهم. ومن بين المصابين فتًى في الرابعة عشرة أصيب برأسه جراء إصابة مباشرة من قنبلة غاز أطلقها شرطيّ حرس الحدود يوم 18/11/2012. وقد أدّت الإصابة إلى كسر في جمجمته، وهو يمكث في مستشفى الأهلي في الخليل ووضعه مُعرّف على أنه موت سريريّ. كما أصيب شاب في العشرين من بيت لحم يمكث في مستشفى الأهلي في الخليل وهو يعاني كسرًا في الجمجمة ونزيفَ دم في الدماغ. وهذه المعطيات لا تشمل الأشخاص الذين أصيبوا جراء استنشاق الغاز المُسيل للدموع أو بخاخ الفلفل.

وأضاف البيان: إن الإصابات الصعبة النّاجمة عن إطلاق قنابل الغاز والرّصاص المعدنيّ المغطى بالمطاط، هي نتيجة مباشرة للممارسات الفعلية القائمة بين قوّات الأمن الإسرائيلية، وهي إطلاق النيران بشكل غير قانونيّ بواسطة هاتين الوسيلتين، والتي وثقتها بتسيلم بتوسع في السنوات الأخيرة. إن جنودا وأفرادا من شرطة حرس الحدود يطلقون قنابل الغاز المصنوعة من الألومنيوم مباشرة إلى الناس، رغم أنّ تعليمات الجيش تمنع ذلك. وفي السّنوات الأخيرة قُتل فلسطينيان وأصيب العشرات من قنابل الغاز التي أُطلقت باتجاههم مباشرة. أضف إلى ذلك أنّ قوات الأمن تطلق الرّصاص المغطى بالمطاط من مسافات أقصر ممّا تسمح به الأوامر، وبما لا يسمح بالامتناع عن إصابة أعضاء حسّاسة في الجسد.

على صعيد آخر، وجهت جمعية حقوق المواطن يوم الأربعاء الماضي رسالة إلى قائد الشرطة في لواء القدس تطالبه فيها بالتحقيق في تصرفات الشرطة الإسرائيلية في القدس خلال الأسبوع الفائت الذي شهد احتجاجات واسعة على العملية العسكرية ضد قطاع غزة.

وجاء في بيان صادر عن الجمعية أن هذا التوجه يأتي بعد أسبوع حافل بالاعتصامات والمظاهرات الرافضة للعملية العسكرية على غزة، سُجلت خلالها حوادث مختلفة تعزز الشكوك بأن الشرطة الإسرائيلية انتهكت حق السكان في التعبير عن آرائهم، إذ قامت الشرطة في كثير من الأحيان بفض اعتصامات السكان بشكل عنيف، على الرغم من أن أغلب تلك الاعتصامات كانت مطابقة لتعليمات القانون الإسرائيلي فيما يخص الاعتصامات، وكانت على شكل وقفات احتجاجية تُرفَع فيها اللافتات وتهتف فيها الشعارات من دون السير من جهة إلى أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن أفراد الشرطة الإسرائيلية لم يكلفوا أنفسهم ولو بشرح السبب الذي يدعوهم لتفريق المتظاهرين، ولم يُعطوا للمتظاهرين حتى فرصة النقاش معهم حول تغيير عامل معين في المظاهرة كمكانها على سبيل المثال.

وذكرت الرسالة أن الإفادات التي وصلت إلى جمعية حقوق المواطن تظهر أن الشرطة الإسرائيلية لجأت إلى استخدام غير متناسب وغير مبرر لوسائل فض المظاهرات أو المواجهات التي وقعت في بعض الأحياء المقدسية، وذلك من دون استنفاد أية وسائل بديلة أخرى. فقد استخدم أفراد الشرطة الرصاص المطاطي بشكل مخالف للقانون، وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة في عدة أحياء منها: العيسوية، جبل المكبر، مخيم شعفاط، حاجز قلنديا، رأس خميس، الطور، وسلوان. ومن المعلوم أن هذه التصرفات تُعرض - بلا أدنى شك- حياةَ السكان للخطر، وقد سجلت في الماضي وهذه المرة أيضا بالفعل إصابات عديدة منها ما كان في الرأس بالرصاص المطاطي.

وذكرت الرسالة أنه تم تسجيل ثلاث حالات على الأقل قامت فيها الشرطة الإسرائيلية بتفريق مظاهرات قانونية بالقوة وبشكل غير مبرر قانونياً، وهي: المظاهرة الإسرائيلية المناهضة للعملية العسكرية في ميدان باريس في القدس الغربية، مظاهرة للسكان الفلسطينيين أمام باب العامود، ومظاهرة أخرى للطلاب الفلسطينيين أمام الجامعة العبرية في جبل المشارف. وفي هذه الحالات الثلاث تم توقيف عدد من المتظاهرين، وفي الحالتين الأخيرتين في مناطق القدس الشرقية، لجأت الشرطة إلى وسائل عنيفة لتفريق المظاهرين منها الخيالة، والاعتداء بالضرب على بعض المتظاهرين، واعتقال آخرين.

وفي هذا الصدد، أكدت جمعية حقوق المواطن أن على الشرطة احترام حق السكان في التعبير عن آرائهم والاحتجاج، ودعتها إلى الامتناع عن استخدام أساليب عنيفة في تفريق المظاهرات، لا سيما وأن تلك المظاهرات لم تخالف تعليمات القانون، ولم يكن فيها ما يدعو إلى استخدام مفرط للعنف. والأخطر من ذلك، أن الشرطة لجأت إلى الوسائل العنيفة من دون استنفاد جميع الوسائل الممكنة وغير العنيفة لتفريق المظاهرات، كما أن التفريق العنيف لم يتم بشكل تدريجي، مما يعكس إصراراً لدى الشرطة على تفريق المظاهرات بدون وجود مبرر واضح ومقنع.

وأكدت الجمعية في رسالتها أنه في الفترة التي تولى فيها الضابط السابق نيسو شاحم قيادة لواء القدس، اتبعت سياسة امتنعت فيها عن استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي داخل الأحياء السكنية قدر الإمكان، بسبب الخطر الكامن في استخدامها سواء على المشاركين في المظاهرات والمواجهات أو على السكان المقيمين في تلك المناطق. ولكن على ما يبدو فإن هذه السياسة الحذرة والتي تأخذ سلامة السكان بعين الاعتبار قد تغيرت مؤخرًا.

وقالت المحامية كيرين تسافير، من جمعية حقوق المواطن، والتي كتبت نص الرسالة، إنه "خلال العام ونصف العام الماضيين تمكنت الشرطة الإسرائيلية من تفريق مظاهرات عديدة والتعامل مع مواجهات بدون استخدام الرصاص المطاطي أو الغاز المسيل للدموع، من هنا يمكننا الاستنتاج أن الشرطة يمكنها أن تقوم بمهمتها من دون اللجوء إلى وسائل عنيفة وخطيرة كهذه".

وختمت الجمعية الرسالة بالتذكير أنه من المفروض على الشرطة الإسرائيلية، وخاصة في مثل الأوقات العصيبة التي سادت الأسبوع الماضي، أن تلتزم بسياسة تحدّ من استخدام القوة تجاه السكان، وتسمح لهم بالتعبير عن رأيهم والاحتجاج بدون تعريض حياتهم للخطر.