مراقبون: انخفاض وتيرة التضخم يدل على تباطؤ اقتصادي

وثائق وتقارير

 *الاستطلاع الذي أجرته سلطة التطوير الاقتصادي الحكومية يؤكد أن نسبة الأكاديميين العرب المنخرطين في سوق العمل أقل من اليهود *24% من أصحاب العمل اليهود يرفضون تشغيل العرب *معدل رواتب الأكاديميين العرب 55% من معدل رواتب اليهود *الغالبية الساحقة من الأكاديميين العرب لا تعمل في مهن تلائم كفاءاتها *تقرير سلطة التشغيل يوضح أن البطالة بين العرب 20% مقابل 5ر4% بين اليهود* 

 

 كتب برهوم جرايسي:

 بيّن استطلاع مسحي أجرته "سلطة التطوير الاقتصادي في المجتمع العربي"، وهي سلطة تابعة لديوان رئيس الحكومة، عمق البطالة بين الأكاديميين العرب، وأن الغالبية الساحقة بين من يعمل منهم، لا تعمل في مهن ووظائف تلائم شهاداتها وكفاءاتها، كما أن معدل رواتبهم يساوي 55% من معدل رواتب الأكاديميين اليهود، كما جرى استطلاع مواقف أصحاب العمل، وتبين أن 24% منهم جاهروا برفضهم تشغيل العرب على خلفية عنصرية قومية.

 

ويقول الاستطلاع إن نحو 50% من المواطنين العرب في إسرائيل هم ما بين 18 عاما وحتى 65 عاما، بمعنى في جيل العمل، ولكن حسب تقارير أخرى، فإن نسبة انخراطهم في سوق العمل تصل إلى 54%، بسبب عمق نسبة البطالة بين النساء العربيات، حوالي 70%، ويظهر أيضا أن نسبة من هم دون سن الـ 18 من بين العرب تفوق 43%.

 

وأشار الاستطلاع إلى إن عدد حملة الشهادات الأكاديمية بين العرب وصل حتى قبل عامين إلى 100 ألف شخص، وهؤلاء يشكلون 13% من الجمهور فوق سن 18 عاما، في حين أن هذه النسبة بين اليهود تصل إلى 27%، ولكن الاستطلاع ذاته يشير إلى أن نسبة الأكاديميين العرب في الشريحة العمرية من 25 عاما إلى 34 عاما تصل إلى حوالي 19%.

 

ويتبين أيضا أن 82% من الأكاديميين العرب هم من حملة اللقب الاول مقابل 63% بين اليهود، و16% يحملون اللقب الثاني مقابل 34% بين اليهود، و2% يحملون اللقب الثالث مقابل 5ر3% بين اليهود.

 

وتبلغ نسبة الأكاديميين العرب المفروض أن يكونوا منخرطين في سوق العمل (بمعنى الذين يعملون أو العاطلين عن العمل) نحو 86% مقابل 90% بين اليهود، والنسبة المتبقية بغالبيتها الساحقة باتت في جيل التقاعد أو لا تعمل إطلاقا لأسباب أخرى، أما بين الأكاديميات العرب فإن نسبة انخراطهن في سوق العمل 77% مقابل 83% بين الأكاديميات اليهوديات.

 

ويقول الاستطلاع إن نسبة البطالة بين الأكاديميين العرب تصل إلى 5ر2% بينما هي بين اليهود 1ر4%، ولكن هذه النسبة التي تتناقض مع تقارير سابقة قد يكون سببها، كما سنرى لاحقا، أن الأكاديميين العرب مستعدون للعمل في وظائف ليست بمستوى شهاداتهم وكفاءاتهم المهنية.

 

ويتضح من الاستطلاع أن غالبية حملة الشهادات الأكاديمية من العرب تتجه إلى وظائف ليست بمستوى مؤهلاتها، فمثلا 3ر1% فقط من حملة شهادات التقنية العالية يعملون في وظائف تلائم كفاءاتهم، بينما أكثر من 50% من حملة شهادات التقنية العالية يتجهون إلى التدريس بسبب إغلاق أبواب العمل في وجوههم.

 

كما يشير الاستطلاع إلى الفجوات في الرواتب، فمعدل رواتب الأكاديميين العرب، بحسب تقارير العام 2009، كان 7255 شيكلا، مقابل معدل 12120 شيكلا بين الأكاديميين اليهود، أي أن معدل رواتب العرب يساوي أقل من 60% من معدل رواتب اليهود.

 

وتتسع الفجوة في الرواتب بين الأكاديميين العرب ذوي المهن الحرة والحرفيين، فمعدل أجورهم بين العرب 8383 شيكلا، وبين اليهود 15683 شيكلا، أي أن معدل راتب هذه الشريحة من العرب يساوي حوالي 53% من معدل رواتب اليهود من الشريحة نفسها.

 

البطالة بين العرب

 

 

وكما ذكر، فإن الاستطلاع يتركز أساسا في وضعية عمل الأكاديميين العرب، الذين يشكلون أقلية من بين الأجيرين العرب في إسرائيل، فالمشكلة بين الذين لا يحملون شهادات أكاديمية هي أضعاف المشكلة التي يعالجها البحث، لأن نسبة البطالة بين العرب، وفق تحليل للمعطيات الرسمية، تفوق 20%، والسبب الأساس هو كون البلدات العربية محرومة من مناطق العمل والمناطق الصناعية.

 

ففي تحليل للمعطيات الرسمية الصادرة عن سلطة التشغيل عن شهر نيسان الماضي، يتبين ان نسبة البطالة بين العرب أكثر من 20% بينما هي بين اليهود أقل من 5ر4%، وما يثبت هذا هو لائحة البلدات المنكوبة بالبطالة التي نشرتها سلطة التشغيل عن الشهر ذاته، وهي معطيات شبيهة بمعطيات التقارير السابقة.

 

فقد دلت المعطيات على ان نسب البطالة في المدن والقرى العربية الكبرى كانت كالتالي: أم الفحم 30% وراهط 29% وعرابة 25% وسخنين وطمرة 23% والمغار 22% والطيبة 21% وشفاعمرو 17% والناصرة 7ر12%.

 

وفي هذه المدن والبلدات يسكن 380 ألف فلسطيني، يشكلون حوالي 28% من مجمل العرب في إسرائيل، ومعدل البطالة في هذه البلدات وحدها مجتمعة، يصل إلى 7ر21%، ولكن استنادا إلى تقارير سابقة فإن البطالة في البلدات التي فيها عدد سكان اقل تكون أعلى من غيرها، وبشكل خاص في منطقة النقب.

 

وكما هو معروف، فإن إسرائيل كانت تتبع حتى نهاية العام الماضي مقاييس لاستطلاع البطالة، مخالفة لتلك التي تتبعها الدول المتطورة الأعضاء في منظمة OECD، وحينما اضطرت إسرائيل إلى اتباع المقاييس ذاتها قفزت البطالة دفعة واحدة من 4ر5% إلى 7%، والسبب لأن المقاييس الجديدة باتت تشمل بلدات أصغر بمعنى بلدات عربية أكثر.

 

 

أصحاب عمل يرفضون

تشغيل عرب

 

وشمل الاستطلاع الذي أجرته سلطة التطوير الاقتصادي استيضاح موقف أصحاب العمل في القطاع الخاص من تشغيل العرب، وتبين من معطياته أن 50% فقط من اصحاب العمل اعلنوا موافقتهم على تشغيل عرب في مصالحهم ومؤسساتهم، بينما جاهر في رفضه لتشغيل عرب نحو 24% من اصحاب العمل، وحسب التقديرات فإن النسبة الحقيقية ستكون اعلى، لأن هناك من يفضل عدم المجاهرة بعنصريته.

 

وأمام هذا الوضع، انطلقت سلطة التطوير الاقتصادي بمشاركة ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحملة اعلامية دعائية، تشجع اصحاب العمل على تشغيل العرب، وخاصة الأكاديميين منهم.

 

وفرضية العمل التي تتبعها الخطة هي استمرار للنهج القائم على مر السنين، وهو عدم معالجة جذر مشكلة البطالة بين العرب، وهي انعدام مناطق صناعية وأماكن عمل كبرى في البلدات العربية.

 

والبحث الذي أعدته سلطة التطوير يغيّب أمرا لا يقل أهمية، وهو أنه إلى جانب توجهات عنصرية في عدم تشغيل العرب، هناك سبب آخر هام، ليس من مصلحة المؤسسة الحاكمة الاعتراف به، وهو أن تشغيل العرب في مهن ذات شأن مكلفة لصاحب العمل، كون العامل العربي سيأتي من بعيد، فنسبة البطالة في البلدات البعيدة عالية ايضا في البلدات اليهودية، ولكن يتم حلها عن طريق الهجرة الداخلية.

 

ودعما لهذا الاستنتاج، نرى أنه في حين ان معدل البطالة بين اليهود في حدود 5ر4%، فإنها في بلدات الجنوب ديمونة 15% وأوفكيم 13% وكريات ملاخي 11%.

 

 

جلسة برلمانية خاصة

 

 

هذا وقد أجرت لجنة العمل والرفاه البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي بحثا حول الاستطلاع، ومسألة انخراط العرب في سوق العمل في إسرائيل، وذلك بمبادرة النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والنائب إيتان كابل، من حزب "العمل" والذي رئس قبل شهرين قائمة منافسة على قيادة اتحاد النقابات- الهستدروت- في الانتخابات التي جرت في 22 أيار الماضي.

 

وقال بركة في كلمته إن الامتناع عن تشغيل العرب لا يبدأ في القطاع الخاص، الذي هو أيضا يتحمل مسؤولية، بل بالأساس في القطاع العام، فقبل عام طرحت هذا الموضوع في الهيئة العامة للكنيست بحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وما تفاخر به نتنياهو يومها هو فتح روضات وتحسين المواصلات ولكن الأمر الأساس لم يتم ذكره، فالحكومة تتعامل مع العرب على أنهم عمال احتياط وتنقلهم إلى مسافات بعيدة، ولكنها لا تخطط وليست معنية بفتح مناطق صناعية وعمل في البلدات العربية، وحتى عندما تفتح مناطق كهذه على أراض عربية تكون تابعة للبلدات اليهودية.

 

وأضاف بركة أنه حتى عندما نتحدث عن 18% بطالة بين العرب، فإن هذه النسبة من المفترض أن تكون أعلى، لأن المقاييس الجديدة كالقديمة لا تحتسب الذين لم يشاركوا في حياتهم في سوق العمل بسبب حرمانهم من فرص العمل والحديث هنا عن النساء العربيات.

 

وقال النائب إيتان كابل إنه توقع أن تكون نسبة الممتنعين عن تشغيل عرب لأسباب عنصرية أعلى مما ذكره الاستطلاع، وفي كل الأحوال فإن الأمر مثير للقلق، خاصة وأن الحديث هنا يجري عن ذوي مؤهلات أكاديمية، ولكن التمييز يلحق أيضا بباقي شرائح المجتمع العربي.

 

وأضاف كابل أن الامتناع عن تشغيل العرب ليس فقط في القطاع الخاص، بل بالأساس في القطاع العام ولا يوجد أي جهة رسمية بإمكانها القول إنها تشغل عربا بالقدر الكافي، وفقط المجالس المحلية العربية هي التي تشغل عربا، وهذا أيضا مثير للقلق.

 

 

رد الجهات الحكومية

 

 

وشاركت في الجلسة البرلمانية جانيت شالوم، ممثلة عن سلطة مساواة الفرص، فقالت إن مشكلة الامتناع عن تشغيل العرب ليست جديدة واستطلاعات السنوات السابقة أشارت إلى نتائج مشابهة،

 

وادعت أن السلطة التي تمثلها وضعت برامج من بين اهدافها زيادة دمج العرب في سوق العمل وليس فقط في القطاع العام، وإنما أيضا في القطاع الخاص.

 

وقالت شالوم إنه في العام الماضي تلقت السلطة 781 شكوى بسبب تمييز ولكن 2% منها فقط على خلفية قومية، وقالت إن هذا يعود إلى عدم معرفة لدى الجمهور. وعندما سألها النائب عفو إغبارية عما إذا كانت السلطة تنشر عن ذلك، قالت إن النشر يتم عبر موقع السلطة على الانترنت، فرد عليها أن هذا ليس كافيا.

 

واستعرض ممثل سلطة التطوير الاقتصادي في المجتمع العربي روعي أساف حيثيات الاستطلاع، وقال إن من الأمور الجيدة التي ظهرت فيه أن 94% ممن شغلوا لديهم عربا كانوا معنيين بتشغيل العرب مستقبلا ايضا، بمعنى أن الحواجز سقطت، وأن الحملة الإعلامية التي بدأت في الايام الأخيرة تهدف إلى كسر حواجز أكثر.

 

وقال أساف إنه في الآونة الأخيرة تلقت السلطة 500 توجه لتشغيل عرب، وقد تم توجيه الطالبين إلى مختلف العناوين.

 

وأكد ممثل سلطة التشغيل موشيه نسيم أن المشكلة الحقيقية هي غياب مناطق صناعية وأماكن عمل في البلدات العربية، وقال إن الحل يكمن في نقل اماكن العمل إلى البلدات العربية، وأوضح أن 30% من العاطلين عن العمل في منطقة المثلث والخضيرة هم من العرب وأن غالبيتهم من العاطلين عن العمل المزمنين.

 

وشاركت في الجلسة عن وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل إيمان طربيه القاسم فقالت إن الوزارة تقدم مساعدات مالية لمدة 30 شهرا لمن يشغل عربا، وتتلخص المساعدة في تمويل 25% من الراتب، على أن لا يتعدى الدعم ألف شيكل شهريا عن كل عامل، بالإضافة إلى الدعم والمشاركة في دورات التأهيل المهني.