تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

وثائق وتقارير

 تصاعد في الشهور الأخيرة السجال في إسرائيل حول تجنيد الحريديم (اليهود المتشددين دينيًا) للخدمة العسكرية، وذلك في أعقاب قرار المحكمة العليا الذي قضى أنه بحلول شهر آب المقبل سيتم إلغاء سريان مفعول قانون طال، الذي يمنح الحريديم امتيازات وإعفاءات في هذه الخدمة، والسماح لهم بمواصلة الدراسة في الييشيفوت، أي المعاهد الدينية، وهو مسار خاص يعرف باسم "توراته حرفته".

 

وبدا أن الحكومة الإسرائيلية قد تسقط حول هذا القانون، بعدما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أنه سيطرح مشروع قانون "الخدمة للجميع" في الجيش، وسط معارضة واسعة جدا من جانب الأحزاب الحريدية المشاركة هي الأخرى في التحالف الحكومي.

وفي هذه الأثناء، أظهر تقرير أصدره مراقب الدولة الإسرائيلية، في الأول من أيار الجاري، أنه على الرغم من تزايد عدد الحريديم الذين يؤدون الخدمة العسكرية في السنوات الأخيرة، إلا أنه في موازاة ذلك طرأ ارتفاع بعشرات النسب المئوية في منح إعفاءات من الخدمة العسكرية للشبان الحريديم.

وتبين من المعطيات أنه في العام 2005 كانت نسبة الحريديم الذين تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية على خلفية اتفاق "توراته حرفته" 36%. وارتفعت هذه النسبة إلى 52% في العام 2010. إضافة إلى ذلك فإن عدد الحريديم الذين تم إرجاء خدمتهم العسكرية على خلفية "توراتهم حرفتهم" بلغ 39200 في العام 2003، بينما ارتفع هذا العدد في العام 2010 إلى 63 ألفا، أي ارتفاع بنسبة 60%.

ووفقا لتقرير المراقب فإن نسبة الحريديم الذين يتجندون للجيش الإسرائيلي كانت 13% في العام 2011، وارتفعت إلى 16% في العام 2012، بينما نسبة التجند للجيش بين مجمل السكان اليهود وصلت إلى 75% في العام 2010.

وأفادت معطيات نشرتها دائرة التخطيط وإدارة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، في كانون الثاني الماضي، بأن 7500 من الحريديم من مواليد العام 1992 و7840 من مواليد العام 1993 أبلغوا سلطات الجيش بأنهم سيستفيدون من مسار "توراتهم حرفتهم"، وأن 870 شابا حريديا حصلوا على إعفاء من الخدمة العسكرية على خلفية "أسباب شخصية".

وتبين من تقرير المراقب أن برنامج خدمة الحريديم في الجيش الإسرائيلي (شاحر)، الذي تم إقراره من خلال قانون طال، أصبح البرنامج المركزي في هذا السياق. لكن المراقب أشار إلى أن الحاخام العسكري الرئيسي ومستشارة رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي لشؤون النساء- وهما جهتان يقترب مجالا مسؤوليتهما من برنامج خدمة الحريديم- لم يكونا شريكين في وضع السياسات المتعلقة بالحريديم.

وكان نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، بيني غانتس، وهو رئيس هيئة الأركان الحالي، قد صرح في آذار العام 2010، أن "المطلوب هو أن يكون حجم الحريديم الذين يخدمون في القوات النظامية، أكبر من مسارات ’شاحر’، وذلك سواء بنظرة شاملة تجاه احتياجات الجيش أو على ضوء تكلفة الموارد أو على ضوء الرسالة العامة الموجهة إلى المجتمع الحريدي". إلا أن تقرير المراقب أشار إلى أن عدد المجندين ضمن برنامج "شاحر" أعلى من التجند لوحدات عسكرية أخرى مؤلفة بغالبتها من الحريديم، مثل كتيبة "هناحال هحريدي".

 

شروط خاصة للحريديم

 

تمنح برامج التجنيد الخاصة بالحريديم في الجيش الإسرائيلي شروط وامتيازات خاصة، بدءا من الفصل عن النساء المجندات وحتى وجبات الطعام "الكاشير"، أي الحلال وفقا للشريعة اليهودية، وتخصيص الوقت لدراسة التوراة. كذلك فإن الحريديم في الجيش، خلافا لباقي المجندين، يعفون من الخدمة في أيام السبت، ولا يبيتون في القواعد العسكرية، الأمر الذي يتناسب مع خدمة الجنود المتزوجين وأرباب العائلات.

وتشير المعطيات إلى أنه بين قرابة 1500 جندي حريدي، هناك 1100 متزوجون و950 منهم لديهم أولاد. ولا تتوقع سلطات الجيش حدوث زيادة كبيرة في عدد المجندين الحريديم، وأن التوقعات للعام 2015 هي أن يتجند لجميع الوحدات الحريدية 2400 شاب حريدي.

وقال المراقب في تقريره إنه "على ضوء الأهمية البالغة لهذا الموضوع والزيادة المخطط لها في عدد المشاركين في البرنامج، فإنه يجدر برئيس هيئة أركان الجيش وهيئة الأركان العامة أن يدققا في مبادئ السياسة المتعلقة بدمج الحريديم في الجيش الإسرائيلي والمصادقة عليها".

لكن المراقب أشار إلى التوتر الذي تحدثه خدمة الحريديم في الجيش، وطالب شعبة القوى البشرية بالتدقيق في تبعات هذه الخدمة وإحداث توازن "بين القيم الأساسية المختلفة، المتعلقة بالحاجة والأهمية الكامنة في تجنيد الحريديم للجيش الإسرائيلي وبأهمية ذلك من أجل دمج الحريديم في المجتمع [خصوصا في سوق العمل]، وبين المبادئ الأساس المتعلقة بالخدمة الإلزامية للنساء في الجيش الإسرائيلي ومبدأ المساواة في كل ما يتعلق بخدمة النساء ومميزاتها".

من جانبها، قالت مستشارة رئيس هيئة أركان الجيش لشؤون النساء، العقيد غيلا كاليفي - أمير، إنه على الرغم من احترامها لحساسية الجنود الحريديم إلا أنها تعارض التطرف في الفصل المطلوب بين الجنود الحريديم والمجندات، ورأت أنه ينطوي على مبالغة زائدة تؤدي إلى المس بالمجندات وبالمساواة في الفرص وبمشاعر المجندات. وأضافت أن برنامج "شاحر"، ومنح الامتيازات للجنود الحريديم، ينتج عنه إقصاء اجتماعي تجاه المجندات ويمس باندماجهن في الجيش.

وأورد تقرير المراقب أمثلة على تحفظات كاليفي - أمير، وبينها أنه في وحدة الذخيرة تم إخلاء مجندات من مخزن للأسلحة من أجل الاستجابة لشروط خدمة الحريديم ضمن برنامج "شاحر" في كل ما يتعلق بعزل الجنود عن المجندات. ومثال آخر يتعلق بيوم تجنيد الحريديم، حيث تم إبعاد المجندات اللاتي تعملن بشكل دائم في تسجيل المجندين. وأشار مثال ثالث إلى أنه بسبب مشاركة حريديم في دورة عسكرية أساسية تدرسها ضابطة، تقرر ألا تتحدث الضابطة مع المجندين مباشرة وإنما عبر مرشد رجل.

من جانبها قالت رئيسة حزب ميرتس، عضو الكنيست زهافا غالئون، في مقابلة أجرتها معها صحيفة "هآرتس" ونشرتها يوم الجمعة الماضي، إنه "ليس مستعجلا بالنسبة لي أن يتم تجنيد الحريديم للجيش. ويهمني أكثر أن يدرس الحريديم المواضيع الأساسية [في جهازهم التعليمي] مثل الرياضيات والجغرافيا والعلوم الأخرى واللغات، وأن يتمكنوا من الاندماج في سوق العمل والعيش حياة حرة ومتقدمة".

وشددت غالئون على أنه "ليس مستعجلا بالنسبة لي أن تتم إقامة ميليشيات دينية [في إشارة إلى الوحدات والبرامج الخاصة بالحريديم في الجيش]، بل على العكس، وبهذه المناسبة فإن حزب ميرتس معني بحل الميليشيات الدينية الموجودة، وبينها الييشيفوت التي تُعد طلابها للخدمة العسكرية، وتخرج منها مظاهر إقصاء النساء، وسياسة بالبزة العسكرية من أجل المستوطنات. وبالمناسبة فإنهم هناك يخدمون لفترة 18 شهرا [بدلا من ثلاث سنوات]، فأين المساواة هنا في تحمل الأعباء؟".