الأحزاب العربية: في إجمال المعركة الإنتخابية وتحليل نتائجها..

وثائق وتقارير

*تقارير إعلامية: تركيبة القضاة في ظل عهد الرئيس الجديد غرونيس ستكون ذات طابع يميني أو محافظ*

 أنهت رئيسة المحكمة العليا في إسرائيل، القاضية دوريت بينيش، ولايتها، يوم الثلاثاء الفائت، وبدأ خلفها القاضي آشير غرونيس، المعروف بميوله اليمينية، ولايته كرئيس للمحكمة، وذلك وسط ترحيب اليمين الإسرائيلي الذي وصف بينيش بأنها "يسارية متطرفة" وأنها كانت تدفع أجندتها السياسية من وراء كرسي القضاء. لكن تقارير إسرائيلية ذكرت أنه سيكون من الصعب الإشارة إلى التوجهات العامة للمحكمة وقراراتها في ظل تركيبتها الجديدة، بعد انتهاء عهد بينيش، التي كانت تعتبر في إسرائيل ليبرالية، وبعد خروج قضاة آخرين مثلها إلى التقاعد.

 

وقالت بينيش في مراسم إنهاء مهامها إنها التزمت طوال فترة عملها بما أملته عليها قناعاتها وضميرها. لكنها دعت إلى تصحيح الفجوات الاقتصادية الآخذة بالاتساع في إسرائيل، وحذرت من أن "الطبقة الوسطى التي تتحمل أعباء الدولة ينتابها شعور بالغبن، وهذه ظاهرة من شأنها أن تقوض هيكل المجتمع". واعتبرت أن المحكمة العليا "ممتازة ومهنية وليبرالية"، وامتدحت خلفها غرونيس قائلة إنه "قاض بكل جوارحه"، علما أنه معروف بميوله اليمينية والدينية القومية وتم تعيينه رئيسا للمحكمة بعدما سن الكنيست، المؤلف من أغلبية يمينية، قانونا خاصا يضمن تعيينه.

وكانت بينيش قد وجهت انتقادات ضد القوانين العنصرية المعادية للعرب، مثل "قانون النكبة"، و"قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل"، وضد القوانين المعادية للديمقراطية التي تستهدف تقييد نشاط المنظمات الحقوقية التي تعتبر يسارية. لكن بينيش أيدت قبل عدة شهور إسقاط التماس تم تقديمه للمحكمة العليا ضد "قانون المواطنة"، الذي يمنع لم شمل عائلات أحد الزوجين فيها من مواطني إسرائيل العرب والآخر من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي ظل هيمنة اليمين الإسرائيلي على الدولة، وخصوصا في المجالين السياسي والإعلامي، فإن ثمة أهمية لتركيبة المحكمة العليا. فخلال عهد رئيسي المحكمة العليا السابقين، بينيش وأهارون باراك، تم وصف حراكها بـ "القضاء النشط"، وذلك على خلفية إصرارهما، وخاصة القاضي باراك، على التصدي لسن قوانين تتعارض مع قوانين أساس سنها الكنيست. ومنذ صعود حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية إلى الحكم، قبل ثلاث سنوات، تم سن قوانين وطرح مشاريع قوانين عنصرية ومعادية للديمقراطية، يزيد عددها عن العشرين.

ورغم صعوبة استشراف أداء المحكمة العليا في عهد رئاسة غرونيس، إلا أن تقارير صحافية أشارت إلى أن تركيبة القضاة ستكون ذات طابع يميني، أو "محافظ" بحسب صحيفة "هآرتس". وتتألف المحكمة من 15 قاضيا، بينهم غرونيس، وسبعة قضاة منهم يعتبرون محافظين، وستة قضاة يعتبرون ليبراليين، وهناك قاضيان لم يتم تعريف ميولهما. إضافة إلى ذلك، هناك قاض مستوطن بين المحافظين. وهذا يعني، وفقا لأحد المحللين الإسرائيليين، أنه يجلس في المحكمة العليا الإسرائيلية قاض ينتهك القانون الدولي، الذي ينص على أن الاستيطان يتنافى مع القانون.

 

هجوم يميني

 

وفي ظل هيمنة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل لم يتردد أعضاء كنيست في مهاجمة بينيش، بسبب قراراتها ومواقفها، التي تعتبر في إسرائيل ليبرالية.

ورحب نواب اليمين بانتهاء ولاية بينيش وخصوصا في أعقاب أحد قراراتها الأخيرة المتعلق بإلغاء "قانون طال"، الذي ينظم تجنيد الحريديم، أي اليهود المتزمتين دينيا، والمتدينين القوميين للجيش الإسرائيلي ويخفض عدد سنوات خدمتهم العسكرية.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس كتلة "البيت اليهودي" اليمينية المتطرفة، عضو الكنيست يعقوب كاتس، قوله "سلام للقاضية بينيش وإلى غير لقاء"، واصفا إياها بأنها "قاضية تثير جدلا حولها، وأيديولوجيتها اليسارية الراديكالية تشكل وجهتها، والقضاء كان مجرد أداة بالنسبة لها".

واعتبر عضو الكنيست العنصري ميخائيل بن أري، الذي يدعو إلى طرد الفلسطينيين من البلاد، أن بينيش كانت تميز ضد المستوطنين وأنها "انتهجت سياسة تمييزية وعنصرية ضد اليهود، وشرعنت بناء غير قانوني للعرب بينما انتهجت صفر تسامح تجاه المستوطنين".

وقال عضو الكنيست ياريف ليفين، من حزب الليكود الحاكم والضالع في طرح مشاريع قوانين تهدف إلى تقييد قوة المحكمة العليا، إن "المحكمة العليا تحت قيادة بينيش اتخذت توجها نشطا متطرفا وحولت نفسها إلى لاعب في الحلبة السياسية".

ووصف بينيش وقسما من قضاة المحكمة بأنهم "أقلية يسارية - راديكالية". وأردف أنه "يكفي أن نذكر قرار الحكم الذي سمح بخوض حزب التجمع الوطني الديمقراطي وعضو الكنيست (حنين) زعبي الانتخابات، وقرار الحكم الذي منح الديراني (الأسير اللبناني مصطفى الديراني) الحق بتقديم دعوى (على أثر تعرضه للتعذيب)، واستباحة السمعة الطيبة للضابط ’ر’ (الذي أدين بقتل طفلة فلسطينية). وكل هذا إلى جانب وقوفها في رأي الأقلية (بين القضاة الذي طالبوا في السنوات الماضية) بإلغاء قانون المواطنة وفتح أبواب البلاد للهجرة العربية التي تعني القضاء على دولة إسرائيل كدولة يهودية".

كذلك فإن الأجواء السياسية المسيطرة على الحلبة السياسية في إسرائيل دفعت جوقة أعضاء كنيست من أحزاب اليمين إلى المطالبة بإقالة القاضي سليم جبران، وهو القاضي العربي الوحيد في المحكمة العليا الإسرائيلية، لأنه لم يشارك في إنشاد "هتيكفا"، أي النشيد الوطني الإسرائيلي، خلال مراسم تنصيب غرونيس رئيسا للمحكمة.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست، عضو الكنيست اليميني المتطرف دافيد روتيم، من حزب "إسرائيل بيتنا"، والعضو في لجنة تعيين القضاة، قوله إنه سيطالب وزير العدل، يعقوب نئمان، بإقالة القاضي جبران من منصبه بسبب عدم مشاركته في إنشاد "هتيكفا". وادعى روتيم أن مطالبته بإقالة جبران تأتي على أثر قول "مقربين" من القاضي العربي إنه يعارض بشكل مبدئي إنشاده.

واعتبر عضو الكنيست بن أري أن القاضي جبران "حقّر النشيد الوطني وبصق في وجه الدولة وأثبت أنه ليس جديرا بتولي منصب قاض في المحكمة العليا". ويطرح بن أري على جدول أعمال الكنيست مشروع قانون يقضي بعدم تعيين قاض في المحكمة العليا في حال لم يخدم في الجيش الإسرائيلي.

من جانبه قال وزير الثقافة الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل غالب مجادلة إن "روتيم وبن أري خرجا عن طورهما"، متسائلا "ما العلاقة بين قاض عربي وعبارة ’نفس يهودية تتوق’؟"، في إشارة إلى بيت في "هتيكفا" يتحدث عن توق اليهود للاستيطان في فلسطين. كذلك دافع عضو الكنيست دوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة عن القاضي جبران وقال إنه "حتى عضو الكنيست روتيم يفترض أن يدرك أنه لا توجد للعرب نفس يهودية تتوق". وقال عضو الكنيست أحمد الطيبي إن "التهجم المهووس لهذين الفاشيين على القاضي جبران هو وسام شرف بالنسبة له".

وأشارت صحيفة "معاريف" إلى أنه نشأت خلافات حول ذلك بين قضاة المحكمة العليا، ونقلت عن أحدهم قوله إنه "ليس مناسبا أن يمتنع قاض في المحكمة العليا عن إنشاد النشيد الوطني في مراسم كهذه"، بينما رأى قاض آخر أنه "توجد هنا مشكلة حقيقية إذ لا يوجد منطق في مطالبة عربي بإنشاد ’نفس يهودية تتوق’".

وتطرق نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الشؤون الإستراتيجية، موشيه يعلون، إلى هذا السجال وقال إن الهجوم على القاضي جبران "مستغرب ولا حاجة له وتشتم منه رائحة كريهة لملاحقة شخص بسبب أصله". وأضاف أن "الإصرار على مطالبة مواطني الدولة غير اليهود بإنشاد كلمات النشيد الوطني هو بمثابة إثارة فتن وخصومات". وأشار يعلون، وهو رئيس سابق لهيئة أركان الجيش، إلى أن "الجيش لا يطالب الجنود غير اليهود بإنشاد هتيكفا".