مراقبون: انخفاض وتيرة التضخم يدل على تباطؤ اقتصادي

أحزاب وحركات سياسية

تسابق رسامو الكاريكاتير الإسرائيليون في مطلع الأسبوع الجاري على رسم الكاريكاتير الأنسب لحال حزب "العمل" الإسرائيلي بزعامة وزير الدفاع إيهود باراك، وكانت في خيالهم عملية إنقاذ عمال المناجم في تشيلي. واختار رسام "يديعوت أحرونوت" رسم باراك في قاع المنجم، وقد غادرت طواقم الإنقاذ من دون أن تخرجه أو تسمع صراخه، لأنها نسته. أما رسام صحيفة "هآرتس" فإنه وضع فكرة نقيضة، فبعد مغادرة طواقم الإنقاذ ربط قادة "العمل" زعيمهم من أجل إدخاله في "طائر العنقاء"، وهو "المركبة" التي أخرجت عمال المناجم، كي يدخلوه إلى ذلك المنجم ويتخلصوا منه.

 

كتب برهوم جرايسي:

 

 

تسابق رسامو الكاريكاتير الإسرائيليون في مطلع الأسبوع الجاري على رسم الكاريكاتير الأنسب لحال حزب "العمل" الإسرائيلي بزعامة وزير الدفاع إيهود باراك، وكانت في خيالهم عملية إنقاذ عمال المناجم في تشيلي. واختار رسام "يديعوت أحرونوت" رسم باراك في قاع المنجم، وقد غادرت طواقم الإنقاذ من دون أن تخرجه أو تسمع صراخه، لأنها نسته. أما رسام صحيفة "هآرتس" فإنه وضع فكرة نقيضة، فبعد مغادرة طواقم الإنقاذ ربط قادة "العمل" زعيمهم من أجل إدخاله في "طائر العنقاء"، وهو "المركبة" التي أخرجت عمال المناجم، كي يدخلوه إلى ذلك المنجم ويتخلصوا منه.

 

في ظل مشهد كهذا، قرر وزير الرفاه الاجتماعي إسحاق هيرتسوغ أن يعلن منافسته على رئاسة حزب "العمل"، هذا الحزب المتهاوي الذي استعرضنا وضعيته في العدد السابق من "المشهد الإسرائيلي، ولكن إعلان هيرتسوغ قد يكون بداية النهاية لعلاقة طويلة بين الاثنين، أو فاتحة لعلاقة تنعكس فيها المعادلة، من باب الافتراض والتكهنات.

 

وإسحاق هيرتسوغ (50 عاما) هو محام بمهنته، وشريك أول في واحد من أكبر مكاتب المحاماة في إسرائيل، وهو نجل رئيس إسرائيل الأسبق حاييم هيرتسوغ في سنوات الثمانين، الذي كان على مر سنين أحد أبرز قادة حزب "العمل" بتسمياته السابقة.

 

وقد ظهر هيرتسوغ على الساحة السياسية حينما استقدمه رئيس الحكومة في حينه، إيهود باراك، ليكون سكرتيرا لحكومته في العام 1999، وهناك برز نجمه السياسي على أنه كان من أكثر المقربين لباراك، ودخل إلى الكنيست لأول مرة في انتخابات مطلع العام 2003، ثم انتخب وزيرا للبناء والإسكان عن الحزب في حكومة أريئيل شارون الثانية، إذ دامت شراكة الحزب في تلك الحكومة حوالي عشرة أشهر.

 

كذلك انتخب هيرتسوغ وزيرا عن الحزب في حكومة إيهود أولمرت، وتولى على التوالي منصبي وزير السياحة ثم الرفاه، وكان داعما لعودة إيهود باراك إلى رئاسة الحزب في صيف العام 2007، وعلى مر السنين، وخاصة في الانتخابات الداخلية التمهيدية التي جرت في الحزب في العامين 2006 و2009، تبوأ هيرتسوغ على التوالي المكانين الثاني والثالث على لائحة الحزب، باعتباره شخصية إجماع في صفوف الحزب.

 

غير أن هيرتسوغ لم يكن يوما زعيما لتيار، ولهذا ليس من الواضح حتى الآن كيف ستتعامل معه التيارات القائمة، وبشكل خاص التيار الذي يتسلط عليه رئيس اتحاد النقابات العامة عوفر عيني والذي كان اسمه واردا للمنافسة على رئاسة الحزب.

 

لم يقف هيرتسوغ في أي يوم في صف المواجهة أمام باراك، وبشكل خاص لدى تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو قبل عام ونصف العام، حين دعم موقف باراك بالانضمام إلى حكومة نتنياهو، إلا إنه في الآونة الأخيرة، وعلى ضوء تردي وضعية الحزب الذي تتنبأ له استطلاعات الرأي حصوله على ثمانية مقاعد كحد أقصى من أصل 13 مقعدا له اليوم بعد أن كان حزبا حاكما، وأيضا على ضوء المواقف اليمينية التي عبر عنها أو دعمها باراك، وبشكل خاص قانون المواطنة العنصري، وقف هيرتسوغ موقف المواجهة أمام باراك وهاجمه في وسائل الإعلام، وكما يبدو فإن طريقهما انفصلت كليا مع إعلانه منافسة باراك على رئاسة الحزب.

 

وفور إعلان هيرتسوغ المنافسة على رئاسة الحزب، أعلن أعضاء الكنيست إيتان كابل وعمير بيرتس، رئيس الحزب السابق، ودانيئيل بن سيمون، والعربي غالب مجادلة، الذي يعتبر من جناح باراك في الحزب، دعمهم لهيرتسوغ، ودعوا في بيان مشترك لهم إلى انسحاب الحزب من حكومة نتنياهو. غير أن هذه الأسماء الداعمة، حتى الآن، ليست كافية، وهيرتسوغ سيحتاج إلى أسماء أقوى وأبرز في صفوف الحزب، وكما يبدو فإن هناك بين النواب الذين لم يعلنوا عن موقفهم، من يعتزم المنافسة أيضا على رئاسة الحزب.

 

وفي ضوء غياب تاريخ محدد للانتخابات الداخلية في حزب "العمل" يكون من الصعب حصر الأسماء التي ستنافس على زعامة الحزب، ولكن هناك أسماء قوية يجري تداولها في وسائل الإعلام، من بينها وزير "الأقليات" أفيشاي برافرمان، الذي تبقى فرصه هي الأضعف، حتى في معادلة هيرتسوغ- باراك، وكذلك النائبة شيلي يحيموفيتش، التي قد تشكل خطرا مباشرا على هيرتسوغ، كونهما من نفس التيار السياسي في الحزب.

 

ولكن يبدو أن من يمكنه أن يبعد الثلاثة عن الواجهة هو رئيس اتحاد النقابات العامة عوفر عيني، الذي يعتبر الشخص الأقوى في الحزب بسبب منصبه، فبعد التراجع الحاد جدا في عضوية الحزب بقي موظفو النقابات العامة والمهنية المجموعة الملتزمة أكثر من غيرها، وهذه الحال هي التي أعادت باراك إلى رئاسة الحزب بعد أن حصل على دعم عيني.

 

كذلك فإنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان باراك ينوي المنافسة مجددا على رئاسة الحزب، أم أنه سيختار التنحي، مخلصا نفسه من "بهدلة" تنتظره، لكن إن قرر التنازل فسيطلب ثمنا لذلك إذا قرر أصلا البقاء في الحلبة السياسية، وليس من المستبعد أن يدعم باراك من خلال البقية التي لا تزال تناصره المرشح هيرتسوغ، مع أنه من الأفضل للأخير الحفاظ على مسافة بعيدة عن باراك إذا ما أراد تعزيز فرص فوزه برئاسة الحزب.

 

ونضيف إلى هذه التكهنات أيضا ظهور شخصيات أخرى غائبة مرحليا عن المشهد السياسي، أو أنها كانت في الصف الأول للحزب، مثل الوزير الأسبق أوفير بينيس، الذي إن عاد فقد يختار دعم صديقه هيرتسوغ، ونذكر أيضا رئيس الكنيست الأسبق أبراهام بورغ.

 

بشكل عام سيبقى المشهد ضبابيا، وهناك شك في ما إذا كانت المنافسة في داخل "العمل"، مهما تبلغ سخونتها، ستحرض وسائل الإعلام على الإثارة، فوسائل الإعلام هذه باتت تتعامل مع "العمل" كحزب كمرحلي، إلى حين السقوط الإضافي القادم في الانتخابات المقبلة، ولهذا فإن السؤال الأهم بالنسبة لها هو: هي سيبقى الحزب في الحكومة أم لا؟ وفي هذه المسألة بالذات، فإن هيرتسوغ لم يلتفت إلى أربعة نواب ساندوه بإعلانه الترشح حينما طالبوه بالعمل على انسحاب الحزب من الحكومة، وذلك لأنه يتبنى موقف باراك بأنه لا يجوز الانسحاب في ظل الحديث عن مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني، وهذا الموقف يضعف هيرتسوغ أمام مجموعات في الحزب، ومنها شبيبة الحزب التي انطلقت بحملة تدعو إلى إخراج العمل من الحكومة.