أحزاب وحركات سياسية

تعتبر الأحزاب العربية في الساحة السياسية في إسرائيل أنه يتعين عليها أن تواجه بقوة تحديين أساسيين هما الأحزاب الصهيونية والدعوة لمقاطعة الانتخابات لتتمكن من إدخال ممثليها إلى الكنيست في الانتخابات العامة التي ستجري في إسرائيل في 28 آذار 2006.
وتخوض الأحزاب العربية المعركة الانتخابية الحالية في أربع قوائم هي: التجمع الوطني الديمقراطي برئاسة النائب عزمي بشارة (أعلن الحزب القومي العربي برئاسة النائب السابق محمد كنعان أخيرًا انسحابه من الانتخابات ودعمه لقائمة التجمع) والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة النائب محمد بركة والقائمة العربية الموحدة برئاسة رئيس الحركة الإسلامية- الجناح الجنوبي الشيخ إبراهيم صرصور وحزب دعم برئاسة أسماء إغبارية.

 

 ورغم انطلاق دعوات الى توحيد هذه الأحزاب لتخوض الانتخابات في قائمة واحدة فإنها لم تنجح بالوصول الى صيغة اتفاق في هذا الاتجاه.

 

وبعد إعلان دعم الحزب القومي العربي للتجمع أصبحت الجبهة القائمة الوحيدة التي تخوض الانتخابات لوحدها، فيما تشكلّت القائمة العربية الموحدة من ثلاث قوى هي الحركة الإسلامية- الجناح الجنوبي والقائمة العربية للتغيير التي يرأسها النائب أحمد الطيبي والحزب العربي الديمقراطي الذي يمثله النائب طلب الصانع.

 

يشار الى أن مركبات القائمة العربية الموحدة لا يمكنها بتاتا الوصول الى الكنيست فيما لو خاضت الانتخابات كلا على حدة، كونها تكثل قوى صغيرة في الساحة السياسية العربية مقارنة مع الجبهة والتجمع.

 

ويحتاج كل حزب الى عبور نسبة الحسم وتشكل 2% من مجموع أصوات المقترعين في إسرائيل ليتمكن من الدخول الى الكنيست، وهو ما يعني ضرورة حصول كل حزب على ما لا يقل عن 75 ألف صوت ليتمكن من إدخال ثلاثة مرشحين على الأقل.

 

وعلى ما يبدو فإنه لا أمل في دخول حزب دعم الى الكنيست بسبب التأييد القليل للغاية له.

 

ويبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع العرب قرابة 600 ألف، ومن المتوقع ان تبلغ نسبة التصويت حوالي 70%.

 

ويتبين من توجهات الناخبين العرب في المعارك الانتخابية الماضية وخصوصا منذ انتخابات العام 1996 أن 30% من الناخبين العرب يصوتون لأحزاب صهيونية مثل العمل والليكود وميرتس بشكل أساسي وسيضاف في هذه الانتخابات حزب كديما الذي أسسه قبل بضعة شهور رئيس الوزراء اريئيل شارون وأصبح الحزب الأوفر حظا بالفوز بتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة وفقا لكافة استطلاعات الرأي.

 

وأمام هذا الواقع بادر حزب التجمع الى إطلاق حملة ضد التصويت للأحزاب الصهيونية ووضع لافتات كبيرة عند مداخل المدن والقرى العربية جاء فيها "إذا كان صوتك صهيونيا فماذا تكون؟! – صوّتوا للأحزاب العربية".

 

رغم ذلك فإنه من غير المتوقع أن تنخفض نسبة تصويت العرب للأحزاب الصهيونية، إذ تجند 20 من رؤساء السلطات المحلية العرب لصالح حزب كديما.

من بين هؤلاء رئيس بلدية مدينة رَهَط في النقب طلال القريناوي الذي كان في الماضي عضوًا في حزب العمل.

 

"أهمية" الوجود في حزب سيشكل حكومة

 

وقال القريناوي في مقابلة خاصة إن "انضمامي لحزب كديما جاء نتيجة للتغيرات في توجهات اريئيل شارون نحو السلام والانسحاب من قطاع غزة والتوجهات الايجابية تجاه المواطنين العرب وتقديم مساعدات لمدينتي بشكل خاص حيث نسبة الفقر عندنا عالية جدا والمساعدات كانت على شكل وجبات طعام لطلاب المدارس ومنح قسائم أرض للأزواج الشابة".

 

ورفض القريناوي التطرق الى سؤال حول مخطط بادر إليه شارون تحت اسم "تطوير النقب والجليل" والذي يهدف أساسا الى "تهويد النقب والجليل" من خلال مصادرة أراضي العرب وإنشاء بلدات يهودية صغيرة يتم منع العرب من السكن فيها.

 

رغم ذلك اعتبر القريناوي أن "هناك تغيرات في توجهات قيادة كديما بخصوص قيام دولة فلسطينية رغم أنها ليست وفقا لتطلعات الفلسطينيين".

لكن القريناوي اعترف أن السبب الأساسي الذي جعله ينضم الى كديما هو التوقع بأن يحصل كرئيس بلدية على ميزانيات للبلدية.

وقال إن السلطات المحلية العربية "ليست لديها أية موارد تمكنها من خدمة مواطنيها وبلداتها" في إشارة الى التمييز اللاحق بالمواطنين العرب في إسرائيل.

 

واعتبر ان "وجودنا في حزب سيشكل حكومة يسهم في أن نكون أكثر قربا من الوزراء ومن صناع القرار للحصول على مساعدات حكومية".

 

وتوقع القريناوي أن يفوز حزب كديما بمقعد واحد بأصوات الناخبين العرب الأمر الذي يعني حصول هذا الحزب على قرابة 30 ألف صوت عربي.

 

الجدير بالذكر أن قائمة حزب كديما لا تشمل أي مرشح عربي بين المرشحين الخمسين الأوائل فيما أفادت صحيفة "شيفاع" (سبعة) المحلية التي تصدر في مدينة بئر السبع أن أعضاء حزب الليكود الذين انسحبوا من هذا الحزب وانضموا إلى كديما اشترطوا البقاء فيه بعدم ترشيح عرب في الأماكن الخمسين الأولى.

 

المقاطعة من أجل الاهتمام أكثر بإدارة الشؤون الذاتية

 

من جهة ثانية تصاعدت في هذه المعركة الانتخابية الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات للكنيست خصوصا من جانب لجنة مقاطعة الانتخابات المؤلفة من حركة "أبناء البلد" ومدراء جمعيات أهلية وأيضا من جانب الحركة الإسلامية- الجناح الشمالي الذي يقوده الشيخ رائد صلاح.

 

وقال عضو جمعية لجنة مقاطعة الانتخابات المحامي واكيم واكيم في مقابلة معنا إن هناك عدة أسباب لمقاطعة الانتخابات "أولها السبب العقائدي والذي ينظر إلى الكنيست على أنه أعلى مؤسسة ويجسّد رمزًا للدولة التي أقيمت على أنقاض الشعب الفلسطيني والدخول في اللعبة البرلمانية يشكل إقرارا بشرعية هذا الوضع".

 

وأضاف واكيم أن "السبب الثاني هو العامل السياسي الاحتجاجي ويستند إلى أنه لا يمكن تحقيق المساواة في دولة تعرف نفسها على أنها (دولة اليهود) وتعتمد بالأساس على مجموعة قوانين تحد من إمكانية تحقيق المساواة بين العرب واليهود في البلاد الأمر الذي يؤكد استحالة إمكانية التغيير على المستوى الرسمي والمستوى الحياتي اليومي".

وتابع واكيم أن "السبب الثالث للامتناع عن التصويت ولم نعتمده في الماضي هو أن هناك مجموعات من المواطنين العرب تعبر عن استيائها من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ومن أن ممارسات هذه المؤسسة لا تحتمل وجود مجموعة قومية عربية وتعتبرها عدوًا أو جسمًا غريبًا في الدولة.

"وهناك عامل آخر هو استياء مجموعات المواطنين العرب هذه من أداء الأحزاب العربية والرغبة في بديل ويجمعون أن علينا ألا نكتفي بالمقاطعة والبديل هو ضرورة أن تكون الانتخابات لمؤسساتنا لنكون فاعلين فيها أكثر من البرلمان الإسرائيلي وعلى رأس هذه المؤسسة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية إيمانا بحقنا كأقلية قومية في إدارة شؤوننا الذاتية على كافة المستويات".

 

وقال واكيم إن هدف لجنة مقاطعة الانتخابات هو أن يتجاوز عدد مقاطعي التصويت لانتخابات الكنيست 50% "وسنكون فاعلين في الشارع العربي في هذه الانتخابات لأننا نريد أن تكون هذه الانتخابات استفتاء للبديل الذي نطرحه ونريد أيضا أن تستنتج الأحزاب العربية أن لدى الجماهير العربية في الداخل سلوكًا سياسيًا جديدًا يجب أن تكون له استحقاقاته في المرحلة القادمة".

وادعى واكيم أنه في "الانتخابات السابقة جرى تزوير نسبة التصويت في الوسط العربي من خلال شطب آلاف الأسماء في قوائم الناخبين وإظهارها وكأنها أدلت بأصواتها، وهذه المرة سندخل صناديق الاقتراع قبل إقفالها لنتأكد من أن أسماء غير المصوتين لم تشطب".

 

وأضاف أن ممثلي الأحزاب في صناديق الاقتراع في المدن والقرى العربية يشطبون أسماء غير المصوتين ويوزعونها بينهم "ويعتمدون في ذلك على أننا لن نتوجه بشكاوى إلى الشرطة ضدهم".

 

لكن واكيم أكد في الوقت ذاته أن نشطاء حركة مقاطعة الانتخابات لن يعملوا على إقناع المصوتين للأحزاب العربية بعدم التصويت.

 

الانتخابات- ساحة مهمة لمواجهة السلطة

 

من جانبه أقرّ سكرتير الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة عودة بشارات، التي تخوض انتخابات الكنيست وهي ممثلة فيها منذ تأسيس الكنيست في العام 1948، بأن الأحزاب العربية تواجه تحديين أساسيين هما الأحزاب الصهيونية وحركة مقاطعة الانتخابات.

 

وقال بشارات، في حديث خاص، إن الأحزاب العربية التي تخوض انتخابات الكنيست "تحاول أن تقترح على جماهيرنا مشروع بناء يشمل منع الأحزاب الصهيونية من التغلغل بين الجماهير العربية في إسرائيل كما نحاول منع انخفاض نسبة التصويت لأن هذا يسيء ويضر ويعني ضرب التمثيل السياسي للعرب في إسرائيل وبالتالي ضرب وجود قيادة سياسية قادرة على أن تضع الأفق لنضال الجماهير العربية في إسرائيل.

"من ناحية ثانية نعتقد أن الأحزاب العربية تواجه الأحزاب الصهيونية ليس من الناحية الفكرية فقط وإنما أيضا من الناحية العملية ونحاول أن نخاطب عقل الناخب لأن 30% من الناخبين العرب عندما يصوتون للأحزاب الصهيونية لا يفعلون ذلك من منطلقات أيديولوجية وإنما قسم منهم يفعل ذلك انطلاقا من مصالح ضيقة أو اعتقادا بان هذه الأحزاب هي التي تملك التأثير".

 

ورأى بشارات أنه "ثبت منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا أن كل انجاز تم تحقيقه لصالح الجماهير العربية لم يتحقق بفضل الانضواء تحت عباءة السلطة والأحزاب الصهيونية وإنما هذه الانجازات جميعها تحققت بفضل مواجهة السلطة.

"ففي العام 1976 واجهنا السلطة (في يوم الأرض) ومنعنا مصادرة المزيد من الأراضي العربية إضافة إلى نضالات عديدة ضد هدم البيوت العربية. كما أن نضال المجالس المحلية أثمر من خلال لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية وفي المقابل فقد ثبت فشل كل انضواء تحت الأحزاب الصهيونية".

 

ولفت بشارات إلى وجود جانب آخر لمواجهة الأحزاب العربية للأحزاب الصهيونية التي "طرفها المتطرف ينادي بالترانسفير بينها أوساط في حزبي كديما والليكود والطرف الآخر الذي يبدو معتدلا (مثل حزبي العمل وميرتس) ينادي بتهويد الجليل والنقب واعتبار العرب مشكلة ديمغرافية ولذلك غير مفهوم تأييد العرب لهذه الأحزاب الصهيونية أمام هذا القوس من الأفكار المعادية للعرب".

 

كذلك اعتبر بشارات أن "الدعوة لمقاطعة الانتخابات ضارة جدا خصوصا وأننا لم نجرب في الماضي عدم وجود أعضاء كنيست عرب وأعتقد أن من حق الأقلية العربية، حتى لو لم يحقق ممثلوها مطالب من داخل الكنيست، أن يطلق نوابها صرخة في الكنيست ضد التمييز اللاحق بنا كأقلية وضد الاحتلال والاستيطان.

"وقد رأينا دائما منذ العام 1948 سعي القيادة الإسرائيلية إلى التشكيك في القيادات العربية الفلسطينية ليس في الداخل فقط وإنما أيضا على صعيد الشعب الفلسطيني كله، ولذلك نرى أن وجود برلمانيين عرب في الكنيست هو أمر بالغ الأهمية، أيضا من أجل رفع مطالب العرب في إسرائيل".