كتلة السلام الاسرائيلية: شريط إستيطاني جديد غربي الجدار لمحو الخط الأخضر

أحزاب وحركات سياسية

هدفنا هو تحقيق مستقبل آمن لدولة إسرائيل. والمفتاح لخلق وإيجاد هذا المستقبل هو فهم الواقع وتوطيد قوتنا ومناعتنا القومية، خاصة وأننا نعيش في بيئة قد تكون الأكثر إشكالية وتعقيداً في العالم. فهي تنطوي على عدم استقرار بنيوي وسط صعود مقلق للمتطرفين الإسلاميين الذين يناصبوننا العداء جهاراً نهاراً.

 

 

في بيئة من هذا النوع، لا يجوز لنا أن ندفن رأسنا في الرمال أو أن نغرق في الأوهام. ينبغي تشخيص المخاطر والفرص القائمة في الواقع كما هي، ولا بد من بناء سياسة تقوم على تنمية وتعزيز القوة القومية من أجل ردع أعدائنا ومن أجل السعي إلى اتفاقات سلام مستقرة مع جيراننا.

 

هناك ثلاثة مكونات أساسية في قوتنا ومناعتنا القومية وهي: الأمن، الاقتصاد والهوية اليهودية. الأمن هو المفتاح لوجودنا ولإحلال السلام. والاقتصاد الوطني هو شرط ضروري لا غنى عنه للأمن والرفاه الاجتماعي ولاستمرار الهجرة... أما الهوية اليهودية وتراث إسرائيل فهما السبب الذي جعلنا نعود لهذه البلاد ومن أجله نبقى فيها.

 

السياسة الأمنية:

أحد الأشياء الأساسية المطروحة على بساط البحث في هذه الانتخابات هي استمرار سياسة الانسحاب الأحادية الجانب دون مقابل، والتي ينبغي رفضها. هذه السياسة تشكل مكافأة للمتطرفين الذين ينتهجون الإرهاب وتضعف المعتدلين الذين يتبنون طريق المفاوضات السلمية. فالشارع العربي يفهم من خلال ذلك أن إسرائيل تنسحب تحت ضغط الإرهاب، وهذه حقيقة، إذ لا توجد اتفاقية سلام مصاحبة للانسحاب، وإنما هناك إرهاب فقط... والجمهور الفلسطيني يسأل: من الذي يطرد إسرائيل؟ - حماس. من الذي يزداد قوة؟ - حماس. من يزداد ضعفاً؟ - السلطة الفلسطينية... هذه الديناميكية تبعد السلام والأمن وتقوّي عناصر الإرهاب.

 

سياسة الانسحاب الأحادي الجانب دون مقابل، لها بديل واضح وجلي: سياسة التبادلية. فهذه السياسة تكافئ السلوك المسؤول نحو السلام وتعاقب النشاط الإرهابي المنافي للسلام. لكن كل التسويات والتنازلات يمكن أن تتم فقط في ظل واقع من كبح الإرهاب واحترام التعهدات من قبل الطرف الثاني. ومثلما لا توجد في الاقتصاد وجبات مجانية، كذلك في السياسة لا يجوز أن تكون هناك تنازلات مجانية، وبالقطع ليس تحت ضغط الإرهاب. ولا بد من إدراك أن سياسة التبادلية تعمل أيضاً في الاتجاه الثاني، بمعنى إذا واجهنا إرهابًا فسوف نرد الصاع صاعين.

 

هكذا تصرفت كرئيس للحكومة... فقد قمت بتنازلات مدروسة ومسؤولة في نطاق اتفاق الخليل واتفاقية "واي ريفر" مقابل قيام السلطة الفلسطينية بتنفيذ عمليات وخطوات واضحة ومحدّدة ضد الإرهاب والتحريض. نتيجة لهذه السياسة التي اتبعتها كانت فترة الحكومة التي عملت برئاستي لمدة ثلاث سنوات، هي الفترة الأكثر هدوءاً واستقراراً في العقد الأخير. والسبب يعود للسياسة الأمنية التي اتبعناها، والتي أدت إلى انخفاض حاد في أعمال الإرهاب.

 

لذلك يتعين علينا نبذ سياسة الانسحابات دون مقابل والعودة إلى سياسة تستند إلى التبادلية والأمن. هذه السياسة الأمنية جيدة قطعاً في وضع يتوفر فيه شريك يمكن أن نجري معه مفاوضات رسمية للسلام، لكنها (أي السياسة الأمنية ذاتها) ملائمة أيضاً لوضع لا يتوفر فيه شريك للمفاوضات. وفي هذه الحالة سوف نعزز مصالحنا الحيوية ونكافئ السلوك المسؤول من جانب الطرف الثاني.

 

الشرطان الأساسيان لوجود الشريك هما: نبذ الهدف المتمثل في القضاء على إسرائيل وحل المنظمات الإرهابية، بعد ذلك سيظهر المستقبل ما إذا كان لدينا شريك للتفاوض معه أم لا؟! ولكن كما أسلفنا فإن غياب الشريك لا يعني أننا لا نستطيع عمل شيء. بل يجب علينا أن نعمل ونتحرك وذلك بالذات لأن ضعف السلطة الفلسطينية وصعود حماس يشكلان خطراً علينا. في غزة يتمثل الخطر قي صعود دويلة إرهاب بقيادة حماس، وفي "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) يتمثل الخطر في إمكانية إقامة دولة إرهاب "حماسية" أكبر تتبنى نموذج غزة وتهدّد القدس وتل أبيب والبلاد بأكملها. في مواجهة هذه المخاطر يتعين علينا العمل بسرعة من خلال تكريس وتوطيد الحدود الأمنية.

 

لكن ما هي حدودنا الأمنية... الحدود القادرة على ضمان الاستقرار والهدوء والطمأنينة لمواطني إسرائيل؟؟

 

حزب "العمل" يعلن صراحة أن هذه الحدود هي "خطوط 67" مع تعديلات طفيفة، وأن على إسرائيل أن تنسحب إلى هذه الخطوط. حزب "كديما" يقول نفس الكلام لكنه يحاول تمويه ذلك. وبالرغم عن محاولة "كديما" تمويه هذا الموقف إلاّ أن تصريحات كبار مسؤوليه والحديث الذي يدور داخل أروقة الحزب يظهران تماما أن هذا هو المقصود. الفرضية المشتركة التي ينطلق منها حزبا "كديما" و"العمل" مؤداها أنه إذا انسحبت إسرائيل حتى خطوط 67 مع تعديلات بسيطة فسوف نتمكن من إحراز استقرار أمني ومن التقدم نحو السلام!!

 

نحن في "الليكود" نرفض هذه الفرضية جملة وتفصيلاً. ففي الظروف السائدة لا تشكل خطوط 67 حدوداً لتسوية النزاع بل وسيلة ومدخلاً لتخليد وإدامة هذا النزاع. فهي ليست خطوطاً أمنية وإنما خطوط لانعدام الأمن، كما أنها لن تضعف الإرهاب بل على العكس ستعززه.

 

فالقوى المتطرفة التي يزداد وزنها في صفوف الفلسطينيين لا تقبل هذا الخط أو هذه الحدود، أي أن الانسحاب لخطوط العام 67 لا يعدو كونه بالنسبة لـ"حماس" والجهاد الإسلامي وكتائب (شهداء) الأقصى استراحة قصيرة في الطريق إلى الخط النهائي الذي يسعون للوصول إليه، وهو خط البحر المتوسط. هذا ما يدعو إليه أيضاً الرئيس الإيراني الذي صرّح بأن الهدف الحقيقي لدولته هو القضاء على دولة إسرائيل.

 

حتى إذا وصلنا إلى خطوط 67 بموجب اتفاق سياسي، كما يريد حزب "العمل"، فإن من المشكوك إذا ما كانت هذه الحدود ستكون ثابتة ومستقرة لفترة زمنية طويلة، وبالتالي ستكون المهمة الدفاعية أمام إسرائيل صعبة للغاية، وسيكون الإغراء بشن هجوم جديد علينا أكبر، كما حصل عشية حرب "الأيام الستة" (حزيران 67).

 

لكن الأخطر من ذلك هو أن أي تقهقر إسرائيلي إلى هذا الخط دون اتفاق وتحت ضغط الإرهاب سيخلق انهيارا أمنياً حقيقياً، إذ أن ذلك سيفضي إلى إيجاد ديناميكية عدم استقرار تؤدي إلى تعزيز التوقعات باستمرار الانسحابات (الإسرائيلية) مما سيوفر للمتطرفين ليس سندا قويا وحسب وإنما أيضا قواعد هجومية متطورة سينطلقون منها لمواصلة حربهم ضدنا.

 

إضافة إلى ذلك فإن العودة إلى خطوط 67 كفيلة بإعادة إسرائيل إلى وضع أسوأ من الوضع الذي ساد قبل حرب حزيران 67.

 

إن الخطوة الأولى المطلوبة في ضوء الوضع المتكون هي تحقيق حدود آمنة لإسرائيل. يتعين علينا أولا وقبل كل شيء تأمين وحماية العمق الإستراتيجي لإسرائيل ومن ثم المناطق الأمنية في الغلاف المحيط. والعمق أو الجوهر الإستراتيجي لإسرائيل هو القدس الكبرى وتل أبيب وما بينهما: مثلاً مطار "بن غوريون" الدولي وشارع رقم 443، شارع القدس- موديعين- تل أبيب. فلا يجوز ترك هذه المناطق مكشوفة لهجمات من أي نوع كان، ولا يجوز السماح بوقوع هجمات إرهابية تشنها "حماس" في قلب القدس.

 

إن حكومة برئاستي سوف تعمل على إبعاد جدار الأمن عن مطار "بن غوريون" وعن شارع 443 ومحيط القدس الكبرى، وتعيده إلى مساره الأصلي الذي يبقى المناطق المطلة على هذه المواقع الحيوية وعلى منطقة "غوش دان" تحت سيطرتنا، بحيث تكون بعيدة عن مرمى صواريخ الكتف (المضادة للطائرات) وصواريخ القسّام.

 

نحن ملزمون بالحفاظ على أمننا وعلى حياة مواطنينا. سنقوم بكل ما هو مطلوب لهذا الغرض، فالحياة قبل كل شيء... إذن حماية العمق الإستراتيجي لإسرائيل هو الخطوة الأولى في رسم وتحديد الحدود الأمنية لإسرائيل. الخطوة الثانية هي تكريس وتوطيد سيطرتنا في منطقة غور الأردن و"صحراء يهودا"، التي تشكل حزام الأمان الشرقي لإسرائيل.

 

حالياً تولد انطباع بأن إسرائيل ستتخلى عن هذه المناطق، ذلك لأن الجدار الأمني يتبع مسار الخط الأخضر، من شمال "السامرة" وحتى نهر الأردن، وفي الجنوب من "صحراء يهودا" وحتى البحر الميت. هذا الخط لا يتيح ضم هذه المناطق ضمن التواصل الإقليمي الإسرائيلي الواقع خارج الجدار. يتعين علينا رسم مسار جديد لجدار يتجه من الشمال إلى الجنوب وليس من الشرق إلى الغرب، وهو ما يعني إدراج غور الأردن و"صحراء يهودا" ضمن الحدود الأمنية لإسرائيل. ومن الجدير بالتوكيد أن هذه المناطق (أراضي الغور والصحراء) ليست مأهولة أو معمَّرة، إذ لا يقطنها سوى عدد ضئيل جداً بل وغير ملموس تقريباً، من السكان العرب، ومن هنا فإن المسألة الديمغرافية ليست مطروحة في هذه الحالة. لكن هذه المناطق ذاتها لها أهمية هائلة كمناطق فاصلة في حال صعود قوة المتطرفين في الشرق، وذلك من حيث ضمان استقرار الأردن ومنع دخول أو تهريب أسلحة إلى المناطق الفلسطينية المأهولة (في الضفة الغربية).

 

الخطوة الثالثة المطلوبة هي استكمال الجدار الأمني حول كتل الاستيطان الكبيرة، حسبما أُقرّ في خطة الحكومة الأصلية ولم يطبق فعلياً حتى الآن.

 

في مقابل تنفيذ هذه الخطوات الثلاث، ينبغي القيام بكل الإجراءات الممكنة لتقليص الاحتكاك مع الفلسطينيين. هذا الأمر يعني تفكيك مواقع استيطانية لم تحصل على تراخيص قانونية. سوف ننفذ هذه الخطوة، وإذا ما قامت الحكومة الحالية بتنفيذها فسوف تحظى بتأييدنا.

 

إضافة إلى ذلك، فبعد تكريس حدود الأمن لن يكون هناك من سبب يحول دون عدم تقليص وجودنا العسكري في مناطق "يهودا والسامرة" وتقليص عدد الحواجز وزيادة حرية التنقل على الطرقات.

 

على أية حال، وسواء في ظل وجود اتفاق أو بدونه، فإنه ليست لدينا أية نية للعودة إلى السيطرة في المدن وفي التجمعات السكانية الفلسطينية، ليست لدينا نية لضمها إلينا، بل ستبقى تحت سيطرة فلسطينية. من هنا فإن الإدعاء القائل بأن علينا العودة إلى خطوط 67 بسبب المشكلة الديمغرافية إنما هو ببساطة إدعاء مغلوط. فالغالبية الساحقة من الفلسطينيين موجودة حالياً وستبقى في المستقبل تحت سلطة فلسطينية، بينما ستبقى المناطق الأمنية في المستقبل المنظور تحت سيطرة إسرائيل، وهي مناطق خالية تقريباً من السكان.

 

الليكود لن يعود للسيطرة على المدن الفلسطينية في نابلس وجنين ورام الله. إذا اتضح وجود قيادة مسؤولة لدى الفلسطينيين فسوف نكون على استعداد لإجراء مفاوضات معها على قاعدة مبدأ التبادلية.

 

أريد أن أؤكد مجددًا أن مفاوضات كهذه ستكون بطبيعة الحال منوطة بتقديم تنازلات من الطرفين أي من الطرف الإسرائيلي أيضاً. قبل إبرام أية اتفاقية سلام مرتبطة بتنازلات، سيتم إجراء استفتاء عام من أجل تمكين الجمهور في إسرائيل من أن يقرر بشكل مباشر حول أية حلول إقليمية حاسمة.

 

الوسائل التي أشرنا إليها- المناطق الأمنية العازلة- ستسهم في أمن الطرفين، ونحن لا نرى أي سبب يحول دون التعاون مع الفلسطينيين في مواضيع مفيدة للطرفين كالمشاريع الاقتصادية ومعالجة جودة البيئة ومكافحة الأمراض والأوبئة والتعاون في مجالات مصادر المياه وشبكات الصرف الصحي وغيرها.

 

ما طرحته هنا هو خلاصة للخيار المصيري المطروح أمام الشعب في هذه الانتخابات: استمرار الانسحابات الأحادية الجانب حتى خطوط العام 67 مع تعديلات طفيفة أو حدود آمنة لإسرائيل وسط تقليص الاحتكاك مع الفلسطينيين؟.

 

فيما يتعلق بالتهديد الإيراني، فقد أوضحت جميع حكومات إسرائيل، بما في ذلك الحكومة التي ترأستها، أنه لا يمكن لنا القبول بوضع تتسلح فيه إيران بسلاح نووي. ليس لدي ما أضيفه إلى هذا الموقف، ما عدا نصيحة لزملائي في الحكومة: من الجدير في هذا الصدد تبني مقولة الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت الذي قال: "امسك بفأس كبيرة وتحدث بصمت!".

 

خطة اقتصادية

 

الرؤيا: إسرائيل بين الدول العشر المتصدرة للاقتصاد العالمي

باستطاعة إسرائيل الوصول في غضون عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً إلى قائمة الدول العشر المتصدرة في الدخل للفرد على مستوى العالم. هذه القائمة تضم اليوم خمس دول يقل تعداد سكانها عن خمسة ملايين نسمة. بعض هذه الدول لم تكن مدرجة ضمن هذه القائمة قبل 10 سنوات أو 15 سنة، لكنها اتبعت سياسة مشابهة في معظم مكوناتها للسياسة المتبعة حالياً في إسرائيل. فبواسطة مثل هذه السياسة المنهجية فقط يمكن زيادة الدخل للفرد والقضاء على الفقر ومنح كل مواطن مستقبلاً أفضل.

 

ينقسم سكان العالم إلى ثلاث مجموعات: نحو 5 مليارات نسمة يعيشون في "دول السهل" مع دخل للفرد يصل إلى حوالي 7500 دولار في السنة، ونحو 300 مليون نسمة (ومن ضمنهم مواطنو إسرائيل) يعيشون فـي "دول المنحدر" مـع دخل متوسط للفرد، ونحو 800 مليـون نسمة يعيشون في "دول القمة" مع دخل للفرد يصل إلى 27 ألف دولار وأكثر في السنة.

 

إن دولتين صغيرتين مثل إيرلندا وسنغافورة كانتا مدرجتين قبل 15 عاماً فقط خلفنا في منحدر الدخل للفرد، اتبعتا إصلاحات في مجال السوق الحرة واستطاعتا تخطي إسرائيل واللحاق باقتصاد دول عملاقة مثل بريطانيا واليابان. لقد نجحت هاتان الدولتان الصغيرتان في محو الفقر بصورة شبه تامة داخل مجتمعهما وتحولتا إلى قوى اقتصادية متصدرة على مستوى العالم، وذلك بعدما استوعبتا حقيقة أن الاقتصاد الحرّ هو القادر فقط على النجاح في ظل العولمة الاقتصادية.

 

ليس هناك من سبب يحول دون قدرة إسرائيل على تحقيق نتيجة مماثلة. إن باستطاعتها أن تتسلق الجبل بسرعة وأن تصل إلى قمة الاقتصاد العالمي. مفتاح هذه العملية يكمن في دمج الطاقات والكفاءات الضخمة الكامنة في شعبنا مع سياسة قائمة على الاقتصاد الحرّ قادرة على إطلاق طاقات الإبداع والخلق لدى الشعب الإسرائيلي. لكن تمتع السكان بمستوى عالٍ من التعليم والثقافة لا يشكل وحده شرطاً كافياً لضمان النمو والازدهار.

 

الشرط الثاني الضروري هو الحرية الاقتصادية، بمعنى اقتصاد مفتوح وتنافسي يشجع المبادرات والاستثمارات والعمل. إنه المكون الذي كان مفقودًا في الاقتصاد الإسرائيلي وهو التغيير الكبير الذي تسعى الخطة الاقتصادية والإصلاحات إلى تحقيقه. وحتى ترتقي إسرائيل إلى قمة اقتصاديات العالم يتعين عليها التمسك بالسياسة الحالية التي تبرهن على قدرتها على تحقيق النمو والتشغيل والرفاه الاجتماعي والازدهار لكل مواطني إسرائيل.

 

ثورة اقتصادية اجتماعية

كان للسياسة الاقتصادية أهداف اجتماعية واضحة، تتمثل في تشجيع من يستطيع العمل على الخروج للعمل ومساعدة من لا يستطيع أن يعمل. وبالفعل فمنذ بدء تطبيق الخطة الاقتصادية انخرط حوالي 200 ألف إسرائيلي في أماكن عمل جديدة بعضها أصبح شاغرًا عقب مغادرة عمال أجانب.

 

السياسة السابقة القائمة على إعطاء مخصصات دون تمييز بين من يستطيع العمل وبين من لا يستطيع العمل، تَبيَّنَ أنها سياسة هدّامة سواء من ناحية اقتصادية أو من ناحية اجتماعية. فتوسيع المخصصات أدى إلى رفع الضرائب التي أدت بدورها إلى انحسار أو انهيار الكثير من المصانع. نتيجة لذلك انضم إسرائيليون جدد إلى دائرة العاطلين عن العمل الذين يتلقون المخصصات، الأمر الذي أفضى مجدداً إلى رفع الضرائب وهكذا دواليك. لقد أوجدت سياسة المخصصات ورفع الضرائب دوامة مدمرة أدت فقط إلى تكريس وتوسيع دائرة الفقر.

 

إن السياسة الاقتصادية الجديدة تعتبر أيضاً السياسة الاجتماعية الصحيحة. فهي تشجع الانتقال من المخصصات ذلك لأنها تقر بأن الخروج من الفقر يستوجب الخروج إلى العمل، وبمقدار ما يكون هناك عدد أكبر من العاملين فعلياً في العائلة بمقدار ما يقل مستوى الفقر لدى هذه العائلة. وتقضي هذه السياسة الاقتصادية أيضاً بخفض الضرائب نظراً لأن ذلك يشكل الحافز الأول والأهم لتحقيق النمو. وبمقدار وتيرة النمو في الاقتصاد بمقدار ما يستطيع هذا الاقتصاد خلق أماكن عمل جديدة لتشغيل الأشخاص الذي ينتقلون من دائرة البطالة إلى دائرة العمل.

 

تطوير الضواحي...

غير أن السياسة الاقتصادية لها جانب اجتماعي آخر. فالفقر في إسرائيل يتركز بشكل أساسي في الضواحي، في الجليل والنقب. إن حقيقة وجود مفهوم "ضواحي" في دولة صغيرة مثل إسرائيل تعد في حد ذاتها أمراً منافياً للعقل والمنطق. هذا الأمر نعتزم وضع حدّ له عن طريق شق شبكة مواصلات سريعة من الشوارع والسكك الحديدية (قطارات لنقل الركاب) إلى النقب والجليل، بما في ذلك مد سكة قطار تربط أخيراً النقب وإيلات بوسط البلاد. هذه الخطوات ستواكبها إصلاحات في مجال الأراضي وإجراءات التخطيط والتنظيم بما يُتيح توفير أراض رخيصة للبناء في الشمال والجنوب.

 

فعندما يتمكن الأزواج الشبان من شراء منزل مستقل في الجليل والنقب والسفر مسافة أقل من ساعة إلى مراكز التشغيل والعمل الكبرى، عندئذٍ سيتغير الوضع الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي في هذه المناطق تغييراً جذرياً.

 

إضافة إلى ذلك نحن نخطط لإقامة مشاريع سياحية ضخمة في هذه المناطق، حيث سيقام بداية في منطقة إيلات، ثم إلى الشمال، موقع عالمي للسياحة يجمع بين مرافق الترفيه والمراهنات والفنادق. كما سيقام في منطقة بحيرة طبريا موقع خاص على مستوى عالمي لجذب فئات خاصة من السياح ذوي الدخل المرتفع من دول مختلفة في العالم. هذه المشاريع كفيلة بتوفير مصدر معيشة وعمل دائم لعشرات آلاف الإسرائيليين في الشمال والجنوب.

إذن يعتبر الاقتصاد المعافى والسليم شرطاً حيوياً لتوافر كل مقومات حياتنا القومية، وبضمنها الأمن الذي يرتبط دائماً بعامل الاقتصاد. وقد رأينا كيف انهارت أعظم ثاني قوة عسكرية في العالم، الجيش الأحمر السوفياتي، كنتيجة مباشرة للانهيار الاقتصادي للإتحاد السوفياتي. إن الاقتصاد الحرّ والمتطوّر يشكل شرطاً ضرورياً لوجود جيش قوي وعصري. انتهاج السياسة الاقتصادية الجديدة أتاح تخصيص مليارات الشواقل لبناء الجدار الأمني، وهو ما ساعد في تحقيق خفضٍ حاد في مستوى وحجم الإرهاب وإعطاء دفعة أخرى للنمو الاقتصادي. فالأمن يسهم في الاقتصاد والعكس صحيح. بديهي أن توصلنا إلى اتفاقيات سلام مستقرة مع جميع الدول المجاورة لنا سيقدم مساهمة أخرى في نمو الاقتصاد، شرط أن نستمر في إتباع سياسة الاقتصاد الحرّ.

إن اجتثاث الفقر والبطالة مرة وإلى الأبد يتطلب من إسرائيل التمسك بشكل دائب ومستمر بالسياسة الاقتصادية، مهما كانت الصعوبات، وحتى فيما لو طرأ تدهور مؤقت في معدلات الفقر جراء فترة انتقال وتكيف مجموعات معينة مع ثقافة العمل، فليس أمامنا من خيار سوى الاستمرار بانتهاج هذه السياسة وتخطي المرحلة الصعبة التي بات معظمها من ورائنا. لقد أثرت النتائج الإيجابية للتحوّل الاقتصادي والنمو المتجدّد نحو الأفضل على حياة عشرات آلاف العائلات التي انخرطت في دائرة العمل وحسنت مكانتها الاقتصادية. إذا واصلنا السياسة الاقتصادية الحالية فسوف تعود فوائد النمو الاقتصادي على جميع أنحاء البلاد وعلى جميع أقسام الشعب وفئاته. إن هذا السبيل هو الكفيل فقط بتقليص الفقر، وردم الفجوة التي نشأت بيننا وبين دول أخرى انتهجت إصلاحات في نظام السوق. باستطاعة إسرائيل الوصول إلى قمة الدول المتصدرة للدخل على مستوى الفرد. وتؤكد نتائج السياسة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الماضية (2003، 2004 و2005) أننا قادرون على تحقيق هذا الهدف، وأن نُحوّل الأزمة التي خرجنا منها إلى شيء من مخلفات الماضي الذي لن نعود إليه.

(شباط 2006)

 

_________________________________

 

(*) بنيامين نتنياهو رئيس حزب "الليكود" ومرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة، وقد أشغل في السابق مناصب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير المالية.

 

[عن موقع الحزب على الشبكة، ترجمة "مدار"]