تقرير جدير لمركز "كيشف": تفاقم التهديدات لحرية الصحافة في إسرائيل خلال العام الأخير

وثائق وتقارير

*ليفني: ثقافة الكذب والخداع في ديوان نتنياهو يجب أن تؤرق جميع مواطني إسرائيل* تعليقات صحافية: هل نتنياهو هو الشخص المناسب الذي بإمكان الإسرائيليين أو يودعوا بين يديه عملية اتخاذ القرار بشأن إيران؟*

 أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، النائب شاؤول موفاز، أنه يعتزم عقد جلسة خاصة لهذه اللجنة البرلمانية للبحث في الاتهامات الخطيرة التي وجهها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عوزي أراد، إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وأشار إلى أنه سيدعو الأخير للمشاركة في الجلسة للرد على الاتهامات، فور عودته من زيارته الحالية إلى الولايات المتحدة.

 

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الاثنين، عن موفاز قوله: "إنني أعتزم عقد اجتماع للجنة الخارجية والأمن ودعوة عوزي أراد ورئيس الحكومة من أجل البحث في الموضوع". وأضاف أنه إذا كانت اتهامات أراد لنتنياهو صحيحة فإننا "إزاء قضية خطيرة جدا. وعلى ما يبدو توجد شبهات خطيرة بأن ديوان رئيس الحكومة يشوش بشكل مكشوف ومتعمد عمل مجلس الأمن القومي من خلال عدم تطبيق نص القانون وبشكل فظ. وهذا الأمر لا يجوز المرور عليه مرور الكرام. وإذا كان ما تم نشره صحيحا، فإن هذا يشكل خطرا على الأمن القومي الإسرائيلي".

في هذه الأثناء، يخضع نتنياهو ومستشارون له لتحقيق يجريه مراقب الدولة الإسرائيلية، القاضي ميخا ليندنشتراوس، ويتعلق بتسريبات بشأن قضايا أمنية من ديوان رئيس الحكومة لوسائل إعلام، اتهم أراد بتسريبها وتم دفعه إلى الاستقالة. لكن أراد قال في مقابلة أجراها معه الصحافيان ناحوم برنياع وشمعون شيفر، وهما أكبر محللين سياسيين في "يديعوت أحرونوت"، ونشرتها الصحيفة يوم الجمعة الماضي، إن "نتنياهو مقتنع بأن المراقب يخطط للقضاء عليه سياسيا، ولذلك فإن روح (أي تعليمات) القائد هي أنه مسموح الكذب" في التحقيقات، وأن "كل من يتعاون مع التحقيقات يتم اعتباره بمثابة حصان طروادة".

وقال أراد إن ديوان نتنياهو مليء بالمؤامرات، وإن أحد أسباب الخلافات داخله هو صراع القوى بين المستشارين، مثل المستشار العسكري، اللواء يوحنان لوكير، الذي حاول التأثير على نتنياهو في عدة قضايا أمنية وإستراتيجية، وإن هذه المنافسة تخالف قانون مجلس الأمن القومي.

وأضاف أن نتنياهو أعطى تعهدات تناقض هذا القانون، بينما قال مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي إن هذه التناقضات نابعة بشكل خاص من تعيين إيهود باراك وزيرا للدفاع، بالإضافة إلى تعيين إسحق مولخو، محامي نتنياهو الشخصي، مبعوثا له للمفاوضات مع الفلسطينيين، وبعد ذلك تحول إلى مبعوث خاص لمهمات أخرى أيضا.

وتابع أراد أن نتنياهو سعى إلى إقصائه عن مهامه واتهامه بتسريب معلومات من مداولات واجتماعات سرية لوسائل إعلام، وبينها تسريب معلومة حول تعهد أميركي بتزويد إسرائيل بمواد انشطارية وتكنولوجيا لإقامة مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، ما يستدعي مراقبة المشروع النووي الإسرائيلي الذي يخضع لتعتيم بالغ. وعلى خلفية ذلك اتهم أراد المستشارة القانونية لديوان نتنياهو بالعمل على المس بتحقيقات مراقب الدولة.

وقال أراد إنه بعد عودته من إحدى سفراته إلى خارج البلاد، وكان يرأس مجلس الأمن القومي، أوقفه محققو جهاز الأمن العام (الشاباك) واستجوبوه طوال ساعات عديدة من دون أن يعرف أحد مكانه ما أثار قلقا لدى عائلته حول اختفائه. وأضاف أن تصرف الشاباك سببه أن رئيس الجهاز السابق، يوفال ديسكين، يريد الانتقام منه لأنه "يشكّ في أن أراد أحبط تعيينه رئيسا للموساد" بعد نهاية ولايته في رئاسة الشاباك.

وحسب أراد فإنه بعد تحقيقات عديدة أجراها الشاباك معه حول التسريبات لوسائل الإعلام وخضوعه لجهاز فحص الكذب (بوليغراف)، قال محاموه أمام محققي الشاباك إن نتنياهو تخلى عن أراد لا بسبب التسريبات وإنما بسبب إيران. وأضاف أراد أن محاميه أبلغوا محققي الشاباك بأنه على أثر السجال المتصاعد في إسرائيل حول هجوم عسكري إسرائيلي محتمل ضد إيران، فإنه قدم لنتنياهو مقترحات تضمنت بدائل لعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وتابع أراد أن المقترحات التي قدمها إلى نتنياهو تضمنت استعراضا للنتائج المتوقعة على أثر شن هجوم ضد إيران، وأن إسرائيل قد تتضرر بشكل كبير جراءها. لكن نتنياهو لم يحب تحليلات أراد ورفض طلبه توثيق التحليلات والبدائل للعملية العسكرية في وثائق تقدم للوزراء لبحثها. ووفقا لأراد فإن نتنياهو رفض توثيق التحليلات خوفا من تسرب هذه الوثائق في حال تشكيل لجنة تحقيق في عواقب هجوم محتمل ضد إيران.

 

 

تشكيك في قدرة نتنياهو

 

وقد أثارت أقوال أراد ضجة في إسرائيل، وشكك سياسيون ومحللون في قدرة نتنياهو على اتخاذ قرارات إستراتيجية، مثل مهاجمة إيران.

وأشار المحلل برنياع في مقال نشره في صحيفته، أول من أمس الأحد، إلى أن جميع رؤساء حكومات إسرائيل الـ 12 غيروا مستشارين ومساعدين "لكن اثنين منهم فقط فعلا ذلك بطريقة شبه دموية، وهما (وزير الدفاع إيهود) باراك ونتنياهو".

وكتب برنياع أن أكثر ما أثار قلقه وقلق زميله، شمعون شيفر، خلال عملهما على المقابلة مع أراد، هو أنه "هل نتنياهو، كما تم كشفه في المقابلة، هو الرجل المناسب الذي بإمكان الإسرائيليين أن يودعوا بين يديه القرار حول ما إذا كان يجب مهاجمة إيران أو عدم مهاجمتها؟"، معتبرا أن "جميع الأسئلة الأخرى تتقزم أمام هذا السؤال المصيري".

من جانبه، كتب المحلل السياسي - الأمني في صحيفة "هآرتس"، أمير أورن، الأحد، أن "الجانب الشخصي لأراد، مهما كان مثيرا للفضول في قدرته على إضاءة الزوايا المعتمة في أداء نتنياهو وزوجته ومكتبه، يتقزم قياسا بقضيتين جوهريتين، وهما اتخاذ قرارات أمنية مصيرية وعلى رأسها شن عملية عسكرية محتملة ضد إيران، والتحقيقات في تسريبات بمبادرة رئيس الحكومة وبتنفيذ الشاباك".

وأضاف أورن أن أقوال أراد، الذي كان "أمين سر" نتنياهو طوال الـ 15 عاما الماضية، تستوجب إجراء تحقيق جذري لأنه "يظهر منها أن إسرائيل، التي قد تجد نفسها على عتبة مغامرة حربية، موجودة بأيد لا يمكن الوثوق فيها، ويحظر أن تبقى هذه الأقوال معلقة في الهواء".

وعقبت رئيسة حزب كاديما والمعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، على أقوال أراد في المقابلة الصحافية بالقول إن "ثقافة الكذب والخداع في ديوان رئيس الحكومة، التي تحدث عنها رئيس مجلس الأمن القومي، يجب أن تؤرق جميع مواطني إسرائيل. ويؤكد رئيس الحكومة للمرة الثانية خلال أسبوع أن من يتعاون مع المستشار القانوني للحكومة أو مع مراقب الدولة هو واشٍ ومكانه في البيت، وهذا يشكل خطرا بالغا على الدولة وعلى سلطة القانون". وكانت تشير بذلك إلى أقوال أراد وإلى تعقيب نتنياهو على تقديم ثلاثة من مستشاريه شكوى إلى المستشار القانوني للحكومة حول قيام مدير ديوان رئيس الحكومة، نتان إيشل، بالتحرش بموظفة في الديوان، وبعد اضطرار إيشل إلى الاستقالة امتدحه نتنياهو وفي الوقت نفسه انتقد المستشارين الذين قدموا الشكوى.

ونقلت "هآرتس"، أول من أمس الأحد، عن أراد قوله: "إنني لن أتراجع حتى يتم توضيح الأمور برمتها. وأنا أقول الحقيقة ولا أقول شيئا غير الحقيقة، لكني لم أقل بعد كل الحقيقة. ونتنياهو يصدر تعليمات لرجاله بالكذب".

وأضاف أراد أن أقل ما يمكن أن يقبل به هو الاعتذار له علنا. ولوح بأنه "إذا كنت سأتوجه إلى هيئات قضائية فإنه قد تُكشف مخالفات خطيرة أكثر ارتكبتها جهات في ديوان رئيس الحكومة".

وعقب نتنياهو، المتواجد في الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وبحث الموضوع الإيراني، على أقوال أراد قائلا إنه لا ينبغي الغضب على أحد يطلق أقوالا خلال ضائقته. وأضاف نتنياهو أنه يحترم مراقب الدولة وعمله وأنه يرى في المراقب أداة ضرورية لتحسين الأداء.

"بيبي تورز"!

 

من ناحية أخرى كُشف النقاب، يوم الجمعة الماضي، عن أن نتنياهو خضع للتحقيق لدى مراقب الدولة خلال الأسبوع الفائت، في قضية أخرى غير التسريبات الأمنية، وتتعلق بشبهات فساد.

وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن نتنياهو خضع لتحقيق مراقب الدولة، لأول مرة، حول القضية التي باتت تعرف باسم "بيبي تورز"، والمتعلقة بحسب الشبهات بحصوله على تمويل مزدوج لسفراته مع زوجته إلى خارج البلاد والإقامة في فنادق فاخرة جدا والحصول على تمويل لحملاته الانتخابية على رئاسة حزب الليكود.

وقالت "هآرتس" إن مراقب الدولة ليندنشتراوس حقق خلال الشهور الماضية مع العديد من مستشاري ومساعدي نتنياهو خلال الأعوام الماضية بشأن قضية "بيبي تورز". وقال موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إن عددا من الوزراء الإسرائيليين خضع للتحقيق لدى المراقب في الفترة الأخيرة، وإن هذه التحقيقات تتعلق هي الأخرى بقضية "بيبي تورز".

وشملت تحقيقات المراقب مستشاري ومساعدي نتنياهو عندما كان يتولى منصب وزير المالية في حكومة أريئيل شارون، وكرئيس للمعارضة خلال ولاية رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، الذي اضطر للاستقالة على أثر توجيه اتهامات ضده تتعلق بالفساد السلطوي واتهامات مشابهة لتلك التي يشتبه نتنياهو الآن بارتكابها.

وقالت "هآرتس" إن مستشاري ومساعدي نتنياهو أدلوا بإفادات مفصلة حول طبيعة تمويل سفرات نتنياهو وزوجته، سارة، إلى خارج البلاد وحول هوية الممولين لهذه السفرات وطريقة تحويل الأموال وتغطية نفقات الرحلات الجوية والإقامة في فنادق فخمة.

وفي موازاة ذلك نقل محامو نتنياهو، خلال الشهور الأخيرة، وثائق وسندات قبض وفواتير بشأن هذه السفرات، المتعلقة بالسنوات الست الماضية، إلى مكتب مراقب الدولة في محاولة لإثبات أن أداء نتنياهو كان قانونيا.

ونقلت الصحيفة عن جهات قانونية تقديرها بأن التحقيق مع نتنياهو يشكل المرحلة الأخيرة للتحقيق في هذه القضية، وأن مسودة أولية بشأن نتائج التحقيق ستسلم لرئيس الحكومة بعد شهر أو شهرين كحد أقصى.

ويشار إلى أن ليندنشتراوس سينهي مهامه كمراقب الدولة بعد أربعة شهور، ولذلك فإنه سينهي التحقيق في قضية "بيبي تورز" قبل ذلك. وفي حال وجود شبهات مؤكدة فإنه سيتم تحويل الملف إلى المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، لاتخاذ قرار بشأن تقديم أو عدم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو.

وكان نتنياهو، بحسب الشبهات، حصل على تمويل من الكنيست لسفرته إلى لندن خلال حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، من أجل المشاركة في الحملة الإعلامية الإسرائيلية المرافقة للحرب. لكن المحلل السياسي للقناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، رافيف دروكر، كشف في شهر آذار من العام الماضي أن نتنياهو حصل على تمويل لهذه السفرة من مؤسسة "البوندز" أيضا.

وفي أعقاب ذلك قرر ليندنشتراوس فتح تحقيق في الشبهات ضد نتنياهو وفي سفرات وزراء ونواب وزراء منذ العام 2006 وحتى اليوم، وهو تحقيق يجري في موازاة التحقيق في قضية "بيبي تورز".

وتظهر التحقيقات في القضية أن نتنياهو سافر جوا مرات كثيرة في الطائرة الخاصة التي يملكها الثري الأميركي سبنسر بارتريدج، وأنه بين الأعوام 1999 و2001، أي بعد انتهاء ولايته الأولى في رئاسة الحكومة وتجميد عمله السياسي، سافرت زوجته 24 مرة إلى خارج البلاد بتمويل من جهات خاصة ورجال أعمال. وتفيد التحقيقات أيضا بأن عائلة نتنياهو سافرت إلى خارج البلاد بتمويل جهات خاصة حتى بعد عودة رب العائلة إلى العمل السياسي.

ونفى نتنياهو وزوجته في عدة مقابلات صحافية وجود أي عيب أو مخالفة في تمويل سفراتهم في العالم. وقال في إحدى المقابلات "يوجد صحافيون لا يحبون أني رئيس للحكومة، ويحاولون تغيير ذلك بطريقتهم".