سجالات واتهامات متبادلة ومصالح ذاتية في طريق تعيين الحاخامين الأكبرين لإسرائيل

وثائق وتقارير

*وتوقعات بتقديم موعد الانتخابات العامة الإسرائيلية إلى نهاية العام الحالي بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية- الاجتماعية*

 رغم تلاشي الاحتجاجات الاجتماعية التي عمّت المدن والبلدات في إسرائيل، خلال الصيف الماضي، إلا أنه تتعالى تقديرات، من داخل الحكومة وخارجها، تتوقع عودة هذه الاحتجاجات وربما تكون بقوة أكبر مما كانت عليه في الصيف.

 

وتأتي هذه التقديرات في أعقاب تراكم أسباب إضافية، منها ما يتعلق بأزمة أسعار السكن المرتفعة، ومنها ما يتعلق بالأعباء الملقاة على كاهل فئات اجتماعية دون أخرى، ويرى الكثيرون أنها تستدعي تجدد الاحتجاجات في الشهور المقبلة.

وبرزت خلال الأسبوع الماضي تصريحات لشخصيات رسمية إسرائيلية توقعت عودة الاحتجاجات.

وأعلنت السكرتيرة العامة لحزب "إسرائيل بيتنا"، عضو الكنيست فاينا كيرشنباوم، التي تعتبر مقربة جدا من رئيس الحزب ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، أنه سيتم تقديم موعد الانتخابات العامة الإسرائيلية إلى نهاية العام الحالي بدلا من نهاية العام المقبل، وأن أحد أسباب تقديم الانتخابات هو عودة الاحتجاجات الاجتماعية.

وقالت كيرشنباوم خلال مشاركتها في ندوة "السبت الثقافي" في مدينة رامات هشارون، يوم السبت الماضي، إن "الانتخابات ستجري في تشرين الأول أو تشرين الثاني من العام 2012. وسيكون للانتخابات سببان محتملان: السبب الأول هو موازنة العام 2013. والسبب الثاني سيكون الاحتجاجات الاجتماعية، التي أقدر أنها ستعود في الصيف المقبل".

وتطرق وزير الدفاع، إيهود باراك، إلى هذا الموضوع خلال تواجده في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا. فقد نقلت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، التابعة لشبكة "هآرتس" عن باراك قوله، خلال حفل العشاء التقليدي في المؤتمر، إنه "إذا لم يكن هناك رد فعل من جانب الحكومة [الإسرائيلية] على الاحتجاجات فإنها ستعود بعنف وقوة".

ولفتت الصحيفة إلى أن حفل العشاء في المؤتمر، الذي يجري في كل عام، يتميز في غالب الأحيان بخطابات يتم إلقاؤها وتصور إسرائيل فيها كدولة مزدهرة وكمثال يحتذى به لمجتمع متضامن وقوي. لكن باراك، الذي خطب لأول مرة في الحفل، فاجأ الحاضرين بخطاب شمل مضامين قالت الصحيفة إنها معروفة للإسرائيليين ولكنها ليست معروفة لليهود الأميركيين والأوروبيين الذين يحضرون حفل العشاء التقليدي، ويعرفون إسرائيل بالأساس من خلال أفكار مسبقة تتعلق بإمبراطورية الهاي- تك الإسرائيلية والاقتصاد القوي والمزدهر رغم الأزمة الاقتصادية العالمية.

وروى باراك نكتة متداولة في إسرائيل مفادها أن ثلث السكان في إسرائيل يسددون الضرائب، وثلث يعمل، وثلث يتجند للخدمة العسكرية في إطار قوات الاحتياط، لكن المشكلة هي أن هذا الثلث هو نفسه من المجتمع الإسرائيلي.

وقال باراك "علينا أن نحمي النسيج البشري في إسرائيل، فهذا هو الحصان الذي علينا أن نمتطي عليه خارج العاصفة التي نتواجد فيها. والعقد الاجتماعي عندنا قد انكسر والجمهور يشعر بأن الحكومة لم تحمه. وعلينا أن نفكر كيف نعطي الجمهور إجابات". وكرر وجهة نظره التي بموجبها فإن المخاطر الأساسية التي تواجهها إسرائيل هي في المجالين الاجتماعي والأمني. وقال "علينا أن ندير المخاطر الأمنية والاجتماعية والمالية".

وحذر باراك قائلا "إننا ملزمون بإعطاء رد فعل على الاحتجاجات الاجتماعية. فهذه الاحتجاجات ستأتي بصورة عنيفة ومكثفة إذا لم نعقب عليها. وينبغي أن نتلمس طريقنا بحذر. ولدينا أشخاص جيدون مثل [محافظ البنك المركزي الإسرائيلي] ستانلي فيشر. وكنزنا الأساسي هو الموهبة، والمادة الرمادية في أدمغتنا".

وختم باراك أقواله "إذا أردنا أن يبقى الشبان في إسرائيل وأن يأتي أولادكم [أي أولاد اليهود الحاضرين في حفل العشاء] إلى إسرائيل فإننا ملزمون بأن نكون مجتمعا متفوقا وأن نكون في الطليعة التكنولوجية وفي طليعة العلوم والثقافة. ونحن ملزمون بأن نقود نحو جودة حياة ومستوى حياة مرتفع. ولدينا القدرة على القيام بذلك".

كذلك حذر من عودة الاحتجاجات الاجتماعية البروفسور مانويل تراختنبرغ، مستشار الاقتصاد القومي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس اللجنة من أجل التغيير الاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل، التي شكلها نتنياهو في أعقاب الاحتجاجات، الصيف الماضي. فقد هاجم تراختنبرغ، خلال مؤتمر للحاخامين عقد قرب طبرية، المعايير التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، بشأن السكن الشعبي. وقال إن "المعيار الذي يمنح استحقاقا للزوجين بسكن شعبي بموجب عدد سنوات الزواج ليس عادلا". وأضاف أن الاحتجاجات الشعبية لم تتلاش وإنما "هي تتفاعل تحت سطح الأرض".

ويذكر أن الاحتجاجات الاجتماعية في إسرائيل، التي رفعت شعار "العدالة الاجتماعية"، جاءت على خلفية أزمة أسعار السكن، وبعد أن أصبحت الأزواج الشابة تواجه صعوبة في شراء بيوت، أو حتى استئجار البيوت.

وأشار تراختنبرغ في تصريحاته إلى أن المعايير الجديدة التي تضعها الحكومة من أجل الحصول على حقوق شراء مساكن بأسعار منخفضة نسبيا، من شأنها أن تشكل سببا يُضاف إلى أسباب أخرى ستؤدي إلى تجدد الاحتجاجات. وقال "إنني لا أفهم ما هي العلاقة بين المعايير التي تم وضعها، وبضمنها معيار عدد سنوات الزواج، وبين العدالة الاجتماعية. وإذا كان الهدف تحسين الوضع في قطاع معين [في إشارة إلى الحريديم] فليضعوا ذلك على الطاولة".

وحذر تراختنبرغ من أنه "إذا كان هناك من يعتقد بأن الاحتجاجات تلاشت فإنه مخطئ. إنها تتفاعل تحت سطح الأرض... ولأول مرة، منذ الصيف الماضي، أرى انحرافا عن توصيات اللجنة" التي ترأسها ووضعت حلولا، تثير جدلا، لحل أزمات اقتصادية واجتماعية في إسرائيل.

وتطرق تراختنبرغ إلى الفقر في إسرائيل وقال "إنني أنظر بخطورة إلى حقيقة أن دولة إسرائيل ميزت حتى اليوم ضد الحريديم الذين يطالبون بالخروج إلى سوق العمل" بدلا من الدراسة في المعاهد الدينية اليهودية والحصول على مخصصات مالية ضئيلة.

وعقب رئيس الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين وأحد قادة الاحتجاجات الاجتماعية، ايتسيك شمولي، بالقول إن "تراختنبرغ يؤكد على صراخ الطلاب الجامعيين، بأنه لا توجد أية علاقة بين محاولة وزير [الإسكان أريئيل] أتياس الركوب على ظهر الاحتجاجات وبين العدالة الاجتماعية. ورئيس الحكومة يوافق بصمت على بيع الطبقة الوسطى والقضاء عليها وبذلك هو يعمل ضدنا جميعا. والإسكان هو راية الاحتجاجات، وإذا تمت المصادقة على خطة أتياس فإن الطلاب الجامعيين سيحركون موجة احتجاجات أخرى".

من جانبها قالت دافني ليف، وهي أبرز قادة الاحتجاجات الشعبية، إن "الوزير أتياس لم يفهم على ما يبدو أن جمهورا بأكمله قد صحا في الشهور الأخيرة". ورأت أن برنامج الإسكان الشعبي في الوقت الذي لا تأخذ الحكومة بالحسبان القدرة على تلقي راتب منخفض هو بمثابة "بصقة في وجه جمهور واسع وعامل وعلماني يصون هذه الدولة واقتصادها".

وواصلت ليف مهاجمة أتياس، الذي ينتمي إلى حزب شاس الحريدي، وقالت "نحن نعمل بجد طوال ساعات اليوم وانسد الأفق أمامنا. وفي هذه الأثناء فإن جمهورا بأكمله [تقصد الحريديم] يهين النساء في بيت شيمش ويستمتع بثمار الاحتجاجات. فيا أتياس، إنك تمارس سياسة فرق تسد وتحظى بالسيادة. ولقد سئمناكم أيها الفاسدون".