وثائق وتقارير

*تقويمات الخارجية الإسرائيلية: نتنياهو "غير خطابه الذي سيلقيه في الكونغرس، ولن يطرح خطة سياسية جديدة"*

اعتبرت إسرائيل أن من حقها التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية وتحديد العلاقات بين الحركات الفلسطينية، كما دل رد فعلها على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، الذي تم توقيعه يوم الأربعاء، بعد أن تم الإعلان عن التوقيع عليه بالأحرف الأولى قبل ذلك بأسبوع. ورأى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن بإمكانه استغلال المصالحة ليستمر في رفض استئناف المفاوضات وعمليات السلام بين الجانبين. 

وقالت صحيفة "معاريف"، أول من أمس الأحد، إن نتنياهو سيصرح خلال الخطاب الذي سيلقيه أمام الكونغرس الأميركي، في نهاية الشهر الحالي، أنه لا يوجد احتمال للتوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بسبب المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وطالما أن حماس لا تستجيب لشروط الرباعية الدولية، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والموافقة على الاتفاقيات السابقة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "قضية اتفاق المصالحة مع حماس ستكون مركبا هاما في الخطاب" الذي سيلقيه نتنياهو.

وأضافت أن التقويمات في وزارة الخارجية الإسرائيلية تشير إلى أن نتنياهو غيّر خطابه "ولن يطرح خطة أو مسارًا سياسيا جديدا" وأن "نتنياهو يعتقد أن أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أدار ظهره لعملية السلام عندما وقّع على اتفاق مع حماس".

ودعا نتنياهو، يوم الثلاثاء الماضي، عباس إلى إلغاء اتفاق المصالحة بدعوى أن حماس لا تعترف بإسرائيل وتمجد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله خلال لقاء مع مبعوث الرباعية الدولية توني بلير في القدس "أدعو أبو مازن إلى إلغاء الاتفاق مع حماس واختيار السلام مع إسرائيل". واعتبر نتنياهو أن "الاتفاق بين فتح وحماس يلحق ضررا كبيرا بعملية السلام" المتوقفة منذ أكثر من عامين بسبب رفض إسرائيل تجميد الاستيطان والتفاوض حول قضايا الحل الدائم.

وأضاف نتنياهو "كيف بالإمكان التوصل إلى سلام مع حكومة (فلسطينية) نصفها يدعو إلى القضاء على إسرائيل وحتى أنها تمجد كبير الإرهابيين أسامة بن لادن؟" في إشارة إلى استنكار رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، إسماعيل هنية، قتل بن لادن ووصفه بـ "المجاهد". وقالت مصادر في ديوان رئيس حكومة إسرائيل إن نتنياهو قال أمورا مشابهة لنظيره البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال لقائه معهما الأسبوع الماضي.

وكان وزراء أعضاء في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) قد أكدوا أنهم فوجئوا من اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بعد الإعلان عن توقيعه بالأحرف الأولى في 27 نيسان الماضي. وقدروا مع شخصيات سياسية أخرى أن الاتفاق سيدعم عباس مع اقتراب شهر أيلول الذي ستصوت خلاله الجمعية العامة للأمم المتحدة على اعتراف دولي بدولة فلسطينية في حدود 1967.

وقال وزراء أعضاء في الكابينيت لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إن اتفاق المصالحة بين حماس وفتح يأتي بشكل مفاجئ لأن الموضوع لم يكن مطروحا أبدا في الهيئات السياسية والأمنية الإسرائيلية كما لم يتم طرح احتمال التوصل إلى اتفاق مصالحة.

وعقب نتنياهو على توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بالأحرف الأولى بوقت قصير جدا بالقول إن على السلطة الفلسطينية الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو حماس. وأضاف في بيان نُشر على موقع رئيس الحكومة الإسرائيلية الالكتروني إن "على السلطة الفلسطينية الاختيار إما السلام مع إسرائيل أو مع حماس. ولا يمكن السلام مع كليهما لأن حماس تتطلع إلى القضاء على دولة إسرائيل وتقول ذلك علنا". وأضاف أن "حماس تطلق الصواريخ على مدننا وقذائف مضادة للمدرعات على أولادنا. وأعتقد أن مجرد فكرة المصالحة تظهر ضعف السلطة الفلسطينية وتثير تساؤلات حول ما إذا كانت حماس ستسيطر على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) مثلما سيطرت على غزة". وتابع "آمل أن يكون اختيار السلطة الفلسطينية صحيحا وأن تختار السلام مع إسرائيل والخيار بيدها".

وقال نتنياهو خلال اجتماع لحكومته، يوم الأحد من الأسبوع الماضي، إن "الاتفاق بين حماس وفتح يجب أن لا يقلق إسرائيل فقط وإنما كل من يتطلع في العالم إلى رؤية السلام". واعتبر أنه بالإمكان تحقيق السلام في المستقبل "فقط مع من يريد العيش إلى جانبنا وليس مع من يريد القضاء علينا، فإسرائيل تنشد السلام وتمد يد السلام إلى جميع جيراننا ومن الجهة الأخرى فإننا سنقف بصلابة ضد من يريد المس بنا وسوف أمرر هذه الرسالة إلى عواصم العالم".

 

باراك: احتمالات دراماتيكية

 

وعقب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بالقول إن المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس تنطوي على احتمالات دراماتيكية. وقال للإذاعة العامة الإسرائيلية إن "المصالحة الداخلية الفلسطينية تنطوي على احتمالات دراماتيكية، لكن يبقى شك في ما إذا كانت ستثمر إلى حد إقامة حكومة مشتركة". واعترف بأن إسرائيل "توقعت وجود احتمال ضئيل للتوصل إلى مصالحة داخلية فلسطينية".

وأضاف أنه لا يمكن معرفة كيف ستؤثر المصالحة الفلسطينية على مفاوضات تبادل الأسرى واستعادة إسرائيل جنديها الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت.

وكرر باراك الموقف الإسرائيلي الرافض إجراء محادثات مع حماس التي وصفها بأنها "حركة دموية هدفها القضاء على إسرائيل". وتابع أنه في حال تشكيل حكومة وحدة فلسطينية "سيتعين على إسرائيل التوضيح أنه ستجري مفاوضات معها فقط في حال فككت حماس بنيتها الإرهابية واعترفت بإسرائيل وبالاتفاقيات السابقة مع منظمة التحرير الفلسطينية".

 

ليبرمان: تجاوز الخط الأحمر

 

 

عزا رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية إلى التحولات الحاصلة في العالم العربي. واعتبر أن حماس ستسيطر على الضفة الغربية في نهاية المطاف مثلما سيطرت على قطاع غزة.

 

وقال ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن رئيس المكتب السياسي لحماس "خالد مشعل يرى ربيبه رئيس سورية (بشار) الأسد يرش المساجد بالنيران ويشعر بضائقة جراء الاحتجاجات. ومن الجهة الثانية يخشى أبو مازن، الذي اعتمد طوال سنوات على الرئيس المصري المخلوع (حسني) مبارك، من أن يستولي الإخوان المسلمون، الحركة الأم لحماس، على الحكم ويفقد دعمها". وقدر ليبرمان أن اتفاق المصالحة سيؤدي إلى تقويض الوضع الأمني في الضفة الغربية بشكل كبير وقال إن "أحد بنود وثيقة المصالحة يتحدث عن إطلاق سراح أسرى حماس من السجن الفلسطيني الأمر الذي سيؤدي إلى إغراق الضفة الغربية بمخربين مسلحين وعلى الجيش الإسرائيلي الاستعداد بما يتلاءم مع ذلك".


وقال ليبرمان إنه في أعقاب المصالحة الفلسطينية سيتعين على إسرائيل أن تستعد لمواجهة تأثيرها من الناحية السياسية معتبرا أن "هذا الاتفاق يشكل بالنسبة لنا تجاوزا لخط أحمر، إذ أن الرباعية الدولية عرّفت حماس منذ العام 2003 على أنها منظمة إرهابية وتقرر دائما عدم إجراء مفاوضات مع منظمات كهذه التي تضع هدفا  بالقضاء على إسرائيل". وقدر أن يتوقف الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية.

 

وهدد ليبرمان بأن أحد ردود الفعل الإسرائيلية المحتملة على اتفاق المصالحة الفلسطينية سيكون إلغاء تصاريح عبور للقياديين الفلسطينيين وبينهم عباس ورئيس الحكومة، سلام فياض، ووقف تحويل أموال للفلسطينيين من مستحقات الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية. كذلك توقع عدم مشاركة إسرائيل في مؤتمر الدول المانحة في شهر حزيران المقبل والذي يشكل الأداة الرئيسة التي تساعد السلطة الفلسطينية من الناحية الاقتصادية. 

 

بيريس: المصالحة خطأ

 

 

واعتبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس أن "الاتفاق بين فتح والمنظمة الإرهابية حماس هو خطأ جسيم سيمنع إقامة دولة فلسطينية ويخرب احتمالات السلام والاستقرار في المنطقة". وأضاف "كنا نريد أن نرى الشعب الفلسطيني يتوحد، لكن من أجل السلام. وما حدث هو حملة ستقود إلى عدم اتفاق واضح، بمعنى أنه يوجد معسكران فلسطينيان واحد يدعو إلى السلام والثاني يدعو إلى القضاء على إسرائيل". وتابع أن حماس لن تتغير في أعقاب التوقيع على اتفاق المصالحة "ولن تتوقف عن كونها منظمة إرهابية تخدم إيران وتهرب أسلحة".

 

ووجه بيريس نداء شخصيا إلى عباس وقال "أدعو القيادة الفلسطينية أن ’اتحدوا من أجل السلام ولا تقوموا بمظهر خداع لوحدة لا تمكنكم من التحرك بأي اتجاه’. والخيار ماثل أمامنا جميعا ويحظر إهدار الفرصة الناشئة للسلام لصالح صدام لا يتوقف". وأضاف أن "الذهاب يدا بيد مع منظمة إرهابية سيؤدي إلى العودة إلى الوراء ويمنع قيام دولة فلسطينية" ودعا العالم إلى عدم تأييد دولة يشارك في حكمها "تنظيم إرهابي بكل معنى الكلمة".

 
من جانبه وصف وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، موشيه يعلون، المصالحة بأنها "عرض خيالي لمصالحة، يحظر على المجتمع الدولي التعاون معه". وقال يعلون للإذاعة العامة الإسرائيلية إن "حماس أعلنت أنها لن تنصاع لشروط الرباعية الدولية ولا يوجد احتمال بأن يسيطر أبو مازن على هذه الحركة". ومضى قائلا إن "مصر التي توسطت بين الحركتين لم تنسق خطواتها مع إسرائيل أو مع الولايات المتحدة وينبغي التدقيق في خطواتها". وأضاف أن اتفاق المصالحة مرتبط بالأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط ومتأثر بها.

 

 

ليفني: المحك قبول شروط الرباعية

 

 

من جهتها عقبت رئيس حزب كاديما والمعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، على المصالحة بالقول إن "حماس هي منظمة إرهابية تمثل أيديولوجيا متطرفة لا تعترف بحق إسرائيل بالوجود ولا بالاتفاقيات السابقة مع إسرائيل". وأضافت أن "اختبار الحكومة الفلسطينية الجديدة سيكون بقبول شروط الرباعية الدولية" التي تطالب الفلسطينيين بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل واحترام الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

 

موفاز ينتقد التصريحات الإسرائيلية

 

وانتقد رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست والقيادي في  حزب كاديما، شاؤول موفاز، تصريحات القيادة الإسرائيلية وبينهم نتنياهو وليفني قائلا إن "تصريحات قادة الدولة كانت لأسفي سلبية حتى الآن. فقد جاء رئيس الحكومة وصرح برد فعل هلع ومتسرع وغير مدروس تجاه التوقيع الذي كان بالأحرف الأولى وهذا رئيس الحكومة نفسه الذي يريد التوصل إلى (حل) الدولتين".

واقترح موفاز "اعترافا متبادلا فورا وأن يقول رئيس حكومة إسرائيل ’إنني أعترف بالدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات والترتيبات الأمنية’. والغاية هي اتفاق مرحلي في الطريق إلى اتفاق دائم". وتابع أن "ثمة شرطا ينبغي علينا أن نحافظ عليه جدا وهو أن أي تشكيلة سياسية للحكومة الفلسطينية الجديدة ملزمة بالموافقة على شروط الرباعية الدولية الثلاثة وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والموافقة على الاتفاقيات  السابقة".

وتطرق عضو الكنيست من حزب العمل إسحق هرتسوغ إلى اتفاق المصالحة الفلسطيني وقال إن نتنياهو، الذي خير السلطة الفلسطينية بين السلام مع إسرائيل أو مع حماس، "يعمل كمن يبحث عن ذريعة للتهرب من مبادرة سياسية جريئة تمنع الارتطام بالجبل الجليدي السياسي في أيلول المقبل". ورأى هيرتسوغ أن "على نتنياهو الإعلان أن أي حكومة فلسطينية تعترف بإسرائيل وتحترم الاتفاقيات وتوقف الإرهاب هي حكومة مقبولة".

 

 

ديسكين يستبعد مصالحة حقيقية

 

استبعد رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يوفال ديسكين حدوث مصالحة فلسطينية حقيقية بين حركتي فتح وحماس بينما وصف رد الفعل الإسرائيلي على اتفاق المصالحة بأنه مبالغ  فيه. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ديسكين قوله، خلال لقاء مع مراسلين عسكريين، إن رد الفعل الإسرائيلي على اتفاق المصالحة كان خارج عن السياق وليس تناسبيا.

وتوقع ديسكين عدم نجاح المصالحة الفلسطينية وقال إنها "تتدحرج منذ وقت طويل وهي بالأساس لعبة (تبادل) اتهامات بين فتح وحماس وتهدف إلى اتهام كل طرف للآخر بفشل الاتفاق". وأضاف أن حماس اقتنعت بالموافقة على المصالحة، بعد أن رفضتها لسنوات عديدة، بسبب  التطورات في العالم العربي بالأساس وأن قادة الحركة يخشون انهيار النظام السوري وهم عالقون بين مطلب الرئيس السوري، بشار الأسد، بأن يعبروا عن دعم معلن له وبين توجهات رجال الدين السنة الذين يدعون إلى إسقاط النظام، وذكر في هذا السياق اسم الشيخ يوسف القرضاوي.

واعتبر ديسكين أن المصالحة هي "خطوة تكتيكية وليست إستراتيجية، وحماس تريد تحسين علاقاتها مع مصر" مشيرا إلى أن اتفاق المصالحة يتضمن بنودا لا أحد يعرف كيف سيتم تطبيقها. وقال "إنني لا أرى مصالحة حقيقية على أرض الواقع" وأن حماس لن تسمح لعباس بموطئ قدم في غزة وأنه "من أجل تحقيق ذلك ثمة حاجة لأجهزة أمن مشتركة وتمثيل لحماس في الضفة وتمثيل لفتح في غزة وأنا لا أرى أن هذا سيحدث".

وتحفظ ديسكين من الاقتراحات في إسرائيل بشأن تجميد تحويل أموال الضرائب  إلى السلطة الفلسطينية وقال إنه "من حيث القاعدة فإنه يجب إعطاء المال للسلطة الفلسطينية وإذا لم نعط نحن والأميركيون والدول العربية  المال فإنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية وهذا أصبح أمرا يحتاج إلى  قرار إستراتيجي". وأضاف أنه "الآن وطالما أن السلطة  الفلسطينية لم تتغير فإنه لا يوجد سبب يجعلنا نغير سياستنا تجاهها".

 

خبراء في الخارجية الإسرائيلية: المصالحة "فرصة إيجابية"

 

من جهة أخرى وبصوت مختلف عن "الجوقة" السياسية اليمينية في إسرائيل، رأى تقرير سري تم إعداده في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن اتفاق المصالحة الفلسطينية هو "فرصة إيجابية" لإسرائيل، ووجه انتقادا مبطنا لردود فعل نتنياهو على الاتفاق. ونقلت صحيفة "هآرتس"، يوم الأربعاء الماضي، عن  التقرير أن "الخطوة الفلسطينية ليست خطرا أمنيا، بل هي فرصة إستراتيجية لإجراء تغيير حقيقي في الحلبة الفلسطينية. وهذا التغيير من شأنه أن يخدم المصالح الإسرائيلية في المدى البعيد".

وبدلا من رفض إسرائيلي مطلق للمصالحة وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية يوصي التقرير باتخاذ "توجه بناء يؤكد أكثر على المعضلة التي يواجهها الفلسطينيون" بشأن برنامج الحكومة وعدم استعداد حماس للاعتراف بإسرائيل. وقال التقرير إن توجها إسرائيليا إيجابيا أكثر تجاه الخطوة الفلسطينية سيدعم العلاقات الإسرائيلية - الأميركية وأن "على إسرائيل العمل كلاعب ضمن فريق وتنسيق رد الفعل تجاه حكومة الوحدة الفلسطينية مع الإدارة الأميركية، وهذا الأمر سيزيد قوة الولايات  المتحدة ويخدم المصلحة الإسرائيلية".

ووجه التقرير انتقادا مبطنا لنتنياهو الذي سارع إلى التعقيب على المصالحة الفلسطينية ورفضها بالمطلق وجاء فيه إن "على إسرائيل في المرحلة الحالية وقبل توقيع الاتفاق أن تتوخى الحذر في سياستها وتصريحاتها". وأعد التقرير دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية وتم تسليمه إلى ليبرمان والمدير العام للوزارة رفائيل باراك. وأشارت "هآرتس" إلى أن دائرة التخطيط السياسي هي هيئة مؤلفة من دبلوماسيين مهنيين ومسؤولة عن بلورة سياسة إسرائيل في قضايا مختلفة تتعلق بعلاقاتها الخارجية، وتحولت هذه الدائرة في أعقاب استنتاجات "لجنة فينوغراد" حول إخفاقات إسرائيل في  حرب لبنان الثانية إلى هيئة مركزية في الوزارة بعد أن تم توسيع طاقمها.

وأوصى التقرير السري بأن رد الفعل الإسرائيلي على تشكيل حكومة  وحدة فلسطينية يجب أن يكون موزونا وأن يأخذ بالحسبان الحاجة إلى مواجهة نية الفلسطينيين بطلب اعتراف دولي بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل. وجاء في  التقرير أنه "يجب الامتناع عن إطلاق تصريحات أو تنفيذ خطوات تقيّد أيدي إسرائيل أمام الفلسطينيين في الحلبة الدولية وخصوصا على ضوء التحديات الإستراتيجية المتوقعة خلال العام الحالي".

وتضمن التقرير عدة توصيات أخرى بينها الحفاظ على استمرار التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية "الذي يشكل مصلحة إسرائيلية وأدى إلى  انخفاض دراماتيكي للأنشطة الإرهابية". كذلك أوصى معدو التقرير أن تطالب إسرائيل بأن يضع المجتمع الدولي معايير مفصلة أمام الحكومة الفلسطينية الجديدة. وأوصوا أيضا بإيفاد وفد إلى القاهرة لإجراء محادثات من أجل زيادة التنسيق مع الحكم المصري المؤقت.

 

إسرائيل توقف تحويل  أموال الضرائب

 

وفي غضون ذلك أمر وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، مسؤولين في وزارته بوقف تحويل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية وذلك كإجراء انتقامي على اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن شتاينيتس أمر موظفين بوزارته إلغاء اجتماع كان مقررا عقده مع مفوض ضريبة القيمة المضافة الفلسطيني وكان يفترض أن يصادق الوزير الإسرائيلي في نهايته على تحويل 300 مليون شيكل إلى خزينة السلطة الفلسطينية.

ويشار إلى أن هذه الأموال تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية من الضرائب والجمارك وضريبة القيمة المضافة بموجب اتفاق موقع بين الجانبين. ووفقا للصحيفة فإن شتاينيتس أمر موظفين في وزارته بإلغاء اجتماع آخر كان مقررا عقده في جسر اللنبي لبحث طلب فلسطيني بتغيير نظام المدفوعات والفوائد لشركة الكهرباء الإسرائيلية.

وقرر شتاينيتس إلغاء الاجتماعين في أعقاب مشاورات مع نتنياهو وكإجراء عقابي للسلطة على توقيعها اتفاق المصالحة. وقال شتاينيتس خلال هذه المشاورات إنه "يجب التدقيق في وجهة الفلسطينيين والتأكد من أن الأموال لا تذهب في طريق الإرهاب وعدم الاعتراف بإسرائيل، وأنه في هذه الحالة لن تتمكن إسرائيل بأي شكل من الأشكال من تحويل أموال إلى السلطة التي قد تتسرب إلى أيدي حماس".

وكان وزير المالية قد دعي إلى اجتماع "الهيئة السباعية" الوزارية الإسرائيلية الذي عقد يوم الخميس قبل الماضي وتم خلاله البحث في رد الفعل الإسرائيلي واتخاذ إجراءات انتقامية ضد الفلسطينيين في أعقاب الإعلان عن المصالحة. ويذكر أن إسرائيل كانت قد استخدمت إجراءات مشابهة وأوقفت تحويل المستحقات المالية إلى السلطة الفلسطينية في أعقاب تشكيل حماس حكومة فلسطينية بعد فوزها بالانتخابات التشريعية في العام 2006.

 

استمرار التنسيق الأمني

 

واصل الجيش الإسرائيلي التعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية ونفي في هذه الأثناء احتمال وقف تعاون كهذا على أثر اتفاق المصالحة وأكد أنه توقع هذه المصالحة.

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الرسائل التي تصدر عن الجيش الإسرائيلي في أعقاب اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية هي أن "الأمور تسير كالمعتاد" وأنه لم يتم حتى الآن اتخاذ قرارات بشأن طبيعة التنسيق الأمني مع الأجهزة التابعة للسلطة الفلسطينية.

وبغياب تعليمات من الحكومة الإسرائيلية إلى الجيش فإن الأخير لا يعتزم تغيير مستوى التنسيق الأمني مع الجانب الفلسطيني لكنه سيراقب ما إذا كان أداء الأجهزة الفلسطينية سيتغير في أعقاب المصالحة. وينظر الجيش الإسرائيلي إلى المصالحة على أنها اتفاق يخلو من جوهر فعلي أو تفاصيل تتعلق بترتيبات أمنية، ويقدر أن أحد أسباب الإعلان عن المصالحة هو الاستجابة لمطلب الشارع الفلسطيني الذي يطالب الحركتين بإنهاء الانقسام والاتحاد.

وأضافت تقديرات الجيش الإسرائيلي أن الرغبة بالاستجابة لطلب الشارع نابعة من أن حكومة حماس والرئيس عباس أيضا تجاوزا الولاية المحددة لهما وأن التخوف من انتقادات قد تتصاعد وتتفجر كانت بين الأسباب التي جعلت جميع مركبات حماس، في دمشق وغزة وذراعها العسكري، توافق على الاتفاق مع فتح.

ولفتت "هآرتس" إلى أن أحد المؤشرات التي ستوجه الجيش الإسرائيلي في قراراته بشأن مواصلة التنسيق الأمني سيكون سياسة الاعتقالات التي تتبعها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وأنه في حال  توقفت الأجهزة عن اعتقال نشطاء حماس فإن مستوى التنسيق سينخفض.

وقالت "هآرتس" إن الجيش الإسرائيلي رفض تصريحات أطلقها سياسيون إسرائيليون، وبينهم وزير الدفاع ايهود باراك، وجاء فيها إن أجهزة الاستخبارات لم تحذر من أن الفلسطينيين على وشك التوقيع على اتفاق مصالحة داخلي ينهي الانقسام بين حركتي فتح وحماس. وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات لم تحذر بشكل عيني من توقيع اتفاق المصالحة قبل يومين لكن تقييمات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كانت تتوقع منذ وقت طويل أن توقع الحركتان الفلسطينيتان على اتفاق مصالحة. كما أن التقويم الاستخباراتي السنوي الأخير الذي تم تقديمه إلى وزير الدفاع أشار إلى وجود "احتمال كبير" للمصالحة.

 

إسرائيل تقرر وقف  الاتصالات السياسية

 

وقررت إسرائيل وقف الاتصالات السياسية مع السلطة الفلسطينية على أثر إعلان الفلسطينيين عن التوصل إلى اتفاق المصالحة. وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة نتنياهو أجرى سلسلة مشاورات في مكتبه في تل أبيب يوم الخميس الماضي وبينها مشاورات منفردة مع باراك. كذلك عقد نتنياهو اجتماعا خاصا لـ "الهيئة السباعية" الوزارية استعرض خلاله مسؤولون أمنيون عدة تقارير وتقرر في ختام الاجتماع وقف الاتصالات السياسية مع السلطة الفلسطينية وعدم الدخول في مفاوضات مع حكومة وحدة فلسطينية يتوقع تشكيلها في الفترة المقبلة.

وقال مسؤولون سياسيون إسرائيليون إنه "إذا تغير الوضع وغيرت حماس طريقها واعترفت بإسرائيل فسنبحث ذلك في حينه، وفي هذه الأثناء لا توجد أية اتصالات أو مفاوضات مع الفلسطينيين حتى تتضح الصورة".

ويشار إلى أن المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية متوقفة منذ الحرب على غزة في نهاية العام 2008 ولم تستأنف سوى لشهر واحد في أيلول الماضي حيث التقى نتنياهو مع غباس ثلاث مرات تحت رعاية أميركية وعاد بعدها الجمود إلى عملية السلام على أثر رفض نتنياهو مطالب دولية وفلسطينية بتجميد الاستيطان.

 

إسرائيل لن  تقنع أوروبا

 

وتدل تقديرات متطابقة في إسرائيل على أن المجتمع  الدولي لن يوافق على أية إجراءات عقابية تتخذها إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية. وقال مسؤولون سياسيون إسرائيليون لموقع "يديعوت أحرونوت": "يبدو أنه لن يكون سهلا إقناع الأوروبيين بتبني الخط الإسرائيلية فيما يتعلق بحماس كشريك بالحكومة الفلسطينية. والتخوف هو أنه خلال فترة قصيرة ستعاد الكرة إلى ملعبنا وستطالب إسرائيل بطرح خطة ونوايا واضحة في المجال السياسي".

ولفت المسؤولون ذاتهم إلى أنه لا يوجد تأثير على أرض الواقع للموقف الأميركي المعارض للتصويت على اعتراف دولي بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة في أيلول المقبل وعبروا عن خشيتهم من اقتراب ذلك. وأضافوا أن "الفلسطينيين سيدّعون أنه توجد وحدة داخل السلطة الفلسطينية الآن ولذلك فإن الإعلان عن دولة فلسطينية هو أمر صائب أكثر من أي وقت مضى وأن أبو مازن بحاجة إلى مساعدة في الانتخابات الفلسطينية في شباط المقبل وهذه المساعدة يحتاج إليها من المجتمع الدولي ومن إسرائيل".

وقال أحد المسؤولين السياسيين الإسرائيليين إن "من يعتقد أنه ستكون الآن بضعة شهور من الهدوء فإن أوهامه ستتبدد وأوروبا تميل إلى إعطاء فرصة للمصالحة والحكومة المشتركة وهذا بالتأكيد  لن يخفف عن إسرائيل".