موفاز: لا خيار أمام إسرائيل سوى مهاجمة إيران

وثائق وتقارير

*محلل سياسي: "انهيار الأنظمة من حولنا يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة"* "الجميع سيتذكر أوباما على أنه الرئيس الذي خسر تركيا ولبنان ومصر وخلال فترة حكمه انهارت منظومة التحالفات الأميركية في الشرق الأوسط"!*

 أبدى مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون استغرابهم من دعوات الإدارة الأميركية ودول أوروبية النظام المصري إلى عدم قمع المظاهرات في مصر وعبروا عن معارضتهم لها، معتبرين أن هذه الهبة الشعبية من شأنها أن توصل الأخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر، فيما سيضطر الجيش الإسرائيلي في حال سقوط النظام المصري إلى إعادة تنظيم نفسه.

 

وأجمعت الصحف الإسرائيلية الصادرة أمس الاثنين وأول من أمس، الأحد، على أن الهبة الشعبية في مصر أوجدت شرق أوسط جديدًا، وعلى أن الاستخبارات الإسرائيلية كغيرها فشلت في توقعها. وشددت على أنه ليس لدى إسرائيل ما تفعله باستثناء البدء في إعادة تنظيم جيشها استعدادًا لاحتمال نشوء جبهة جديدة ستكون أكبر جبهاتها.

وفي الوقت الذي التزم فيه السياسيون الصمت بأوامر من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فإن المحللين السياسيين والعسكريين في هذه الصحف أعربوا عن القلق جراء "أثر الدومينو" الذي قد ينجم عن الهبة الشعبية في كل من مصر وتونس ويسفر عن انتقالها إلى دول عربية أخرى بينها الأردن وسورية والسعودية واليمن، وانتقدوا بصورة مباشرة وغير مباشرة ما اعتبروه بأنه وقوف الولايات المتحدة ورئيسها، باراك أوباما، والدول الأوروبية إلى جانب الهبة و"التخلي" عن الحلفاء في الأنظمة الآيلة إلى الانهيار، وخصوصا نظام الرئيس المصري حسني مبارك.

وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، أهارون زئيفي فركاش، للإذاعة العامة الإسرائيلية، يوم الأحد: "إنني لا أفهم تصرف الولايات المتحدة ودول أوروبا ومطالبتهما بالديمقراطية في مصر". وأضاف "إنني أستغرب كيف أن الدول الغربية لا تعي التوتر بين السنة الذين يريدون حل المشاكل بالمفاوضات، مثل نظام مبارك، والشيعة الذين يريدون حل المشاكل بواسطة المقاومة المسلحة". ورأى فركاش أنه ما زال من السابق لأوانه التحدث عن انقلاب في مصر، وأشار إلى أن احتمالات نجاح الجيش المصري بإعادة الهدوء كبيرة جدا.

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن "الشكوك الإسرائيلية حيال سياسة الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط التي بدأت بخطاب الرئيس باراك أوباما قبل عام ونصف العام في جامعة القاهرة، استبدلت الآن بالذهول على ضوء الرسائل المتلعثمة الصادرة من واشنطن خلال اليومين الماضيين". وأضافت الصحيفة أن التخوف الإسرائيلي هو من أن الأخوان المسلمين سيكونون أول من سيستغل الهبة الشعبية في مصر ويستولون على الحكم.

فشل الاستخبارات

في توقع الهبة

 

ولفتت "هآرتس" إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تتوقع أبدا حدوث هبة شعبية في مصر، وحتى أن الرئيس الجديد لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أفيف كوخافي، قال أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الأسبوع الماضي، إن النظام المصري مستقر. ورغم ذلك فإن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية توقعت حدوث انقلابات في دول عربية خلال العام 2011 الحالي لكنها لم تتوقع أبدا حدوث هبة شعبية.

وقالت الصحيفة إنه في حال إسقاط نظام مبارك فإنه سيتعين على الجيش الإسرائيلي إعادة تنظيم نفسه، لأنه منذ ثلاثين عاما لم يستعد الجيش الإسرائيلي "لاحتمال مواجهة تهديد مصري"، إضافة إلى أن "السلام مع القاهرة خلال العقود الأخيرة جعل الجيش الإسرائيلي يخفض من عدد قواته بصورة تدريجية ويخفض سن الإعفاء من الخدمة العسكرية الاحتياطية ويقوم بتحويل موارد كبيرة إلى أهداف اقتصادية واجتماعية".

وأضافت الصحيفة أن التدريبات والمناورات التي يجريها الجيش الإسرائيلي منذ انتهاء حرب لبنان الثانية (في صيف 2006) ركزت حتى الآن على محاربة حزب الله وحماس وحاكت هذه التدريبات في أقصى حد سيناريو حرب مع سورية "لكن لا أحد، مثلا، تخيل احتمال دخول فيلق عسكري مصري إلى سيناء".

وعقد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، ورئيس هيئة أركان الجيش، غابي أشكنازي، سلسلة مداولات أمنية على ضوء الوضع في مصر، ورأت التقديرات الإسرائيلية أن "نظام مبارك ليس زائلا بالضرورة، لكن في جميع الأحوال فإن الوضع في مصر لن يعود إلى سابق عهده".

ونقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى أجروا اتصالات مع نظرائهم المصريين قولهم إن الانطباع الذي تكوّن لديهم بعد هذه الاتصالات هو أن الجيش المصري صعد بشكل كبير من ضلوعه في الأحداث، وأن قادة الجيش أمْلوا على مبارك خطواته الأخيرة بشأن تعيين وزير المخابرات، عمر سليمان، نائبا له وتعيين رئيس حكومة جديد. وقدر المسؤولون الإسرائيليون بأن الجيش المصري يسعى إلى تنظيم عملية تنحي مبارك عن الحكم، لكن في حال اشتداد الضغط الشعبي فإن الجنرالات سيضطرون إلى تنحية مبارك مبكرا.

وفي هذا السياق كتب المحلل السياسي في "هآرتس"، ألوف بن، أمس الاثنين، أن "سيناريو الرعب المتمثل في انهيار نظام مبارك وإقامة جمهورية إسلامية وراء الحدود يقلق زعماء إسرائيل منذ بضع سنوات، ولذلك تمنوا طول العمر للنظام والرئيس المصري. وتحدث رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو (لدى افتتاحه اجتماع الحكومة، الأحد)، عن ’الجهود للاستمرار والحفاظ على الاستقرار والأمن في منطقتنا’. وقد لخصت أقواله بجملة واحدة السياسة الخارجية الإسرائيلية، التي لا تحب التغيرات، خصوصا عندما تكون مرتبطة بفقدان حليف هام".

وأكد بن على أن إسرائيل لا يمكنها التأثير على التحولات في العالم العربي. لكنه حذر من أن "تكتفي إسرائيل بالتعبير عن القلق، على لسان مصادر أمنية مجهولة، أو بالتمترس المتوقع خلف المتاريس المتآكلة مثل ’لا يوجد أحد يمكن التحدث معه’ و’حذرنا دائما من أنه لا يمكن الاعتماد على العرب’. ومن الأفضل (لإسرائيل) أن تنظر إلى أبعد من ذلك، وأن تتعرف على فرص كامنة في تزعزع النظام الإقليمي القديم. وإذا ما عمل نتنياهو بشكل صحيح فسيكون بإمكانه تحويل انهيار الأنظمة من حولنا إلى تحسن كبير في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة".

ورأى بن أنه "عندما يتمعن أوباما ومستشاروه في خريطة المنطقة، فإنهم سيرون دولة واحدة فقط بإمكانهم الاعتماد عليها، وهي إسرائيل. فالنظام هنا مستقر، والدعم الأميركي عميق ومتجذر. وأوباما يتحفظ من نتنياهو وسياسته تجاه الفلسطينيين. لكن بعد أن فقد حلفاءه في كل من تركيا ولبنان ومصر، وبعد أن أصبح أصدقاؤه في الأردن والخليج خائفين على حكمهم، فإن الإدارة ستواجه صعوبة في التدقيق بالاختيار. وسيتعين عليها التقرب من إسرائيل. وسيكون لديها سبب آخر لذلك، وهو أن إسرائيل الخائفة ستكون إسرائيل عصبية وتميل إلى القيام بمغامرات عسكرية، وهذا آخر شيء يحتاج أوباما إليه" في الوقت الحالي.

وأضاف أنه حانت الآن ساعة الامتحان لنتنياهو وباراك لتبرير الادعاء بأن إسرائيل هي "فيللا في الغابة"، وأنها "الموقع الغربي الخارجي في الشرق الأوسط". كذلك فإنه "لا توجد لدى إسرائيل خيارات كثيرة، بعد أن فقدت خلال أقل من عام التحالفات الإستراتيجية مع تركيا ومصر. والحاجة المتبادلة تنشئ إمكانيات مثيرة لإبرام صفقة إسرائيلية - أميركية. والمحادثة الهاتفية بين أوباما ونتنياهو، في نهاية الأسبوع الماضي، وبعد قطيعة متواصلة بينهما، هي تعبير أولي عن هذا التفاهم". ونصح المحلل نتنياهو أن يستغل لقاءه مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي وصلت أمس إلى إسرائيل ولديها علاقات وثيقة مع أوباما، من أجل ترميم العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

شرق أوسط

جديد

 

وكتب كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع أن الجماهير المصرية التي نزلت إلى الشارع في الأيام الماضية طالبت "بالخبز والعمل ونظافة اليد والديمقراطية، ومن أجل هذه الحقوق الأساسية فإنها مستعدة للوقوف أمام الدبابات وخراطيم المياه وفي وجه دروع الشرطة". وأضاف برنياع أن "النوايا حسنة، ولا شك في ذلك"، لكنه اعتبر أن "المشكلة هي أنه في الشرق الأوسط تعتبر الطريق إلى جهنم مرصوفة في أحيان متقاربة بالنوايا الحسنة".

رغم ذلك رأى الكاتب أنه "على ضوء ما يحدث في مصر فإن إسرائيل لا يمكنها فعل شيء باستثناء أن تأمل، والأمل هو أن تتمخض الأزمة الحالية عن ولادة حكومة مستقرة تكون مخلصة للسياسة الخارجية للحكومة السابقة وبضمن ذلك اتفاق السلام والعلاقات مع إسرائيل والارتباط مع الغرب ونتنياهو تصرف بحكمة عندما فرض على وزرائه التزام الصمت".

وأشار في سياق الحديث عن العلاقات مع مصر إلى أن "اتفاق السلام مع مصر هو نجاح كبير، وقد حيّد (الدولة) الأكبر والأخطر من بين أعداء إسرائيل، وشق الطريق أمام الاتفاقين القادمين (يقصد مع الفلسطينيين والأردن)، ومنحنا حدودا طويلة وهادئة جعلت الجيش الإسرائيلي يتفرغ لمهمات أخرى". وأضاف أن "إسرائيل مدينة لمبارك ورجاله بالكثير، سواء بما فعلوه في العلن أو في السر، والمصلحة المتبادلة جذبت هاتين الدولتين الواحدة في اتجاه الأخرى قبل 33 عاما وهذه المصلحة ما زالت قائمة".

من جانبه رأى المحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم" دان مرغليت أنه "سيكون هناك انعطاف في اتفاق السلام، وفي أفضل الأحوال فإن التغيرات ستكون هامشية لكنها لن تتوقف عند هذا الحد، وما سيبدأ على أنه ثورة لا يقودها الأخوان المسلمون قد يتدهور خلال بضع سنوات إلى تبني موقف متطرف تجاه إسرائيل، ولن يكون هذا بإلغاء اتفاق السلام وإنما بالمس بمستوى العلاقات الدبلوماسية وبتشجيع الإرهاب من قطاع غزة".

وتساءل مرغليت حول ما إذا "كانت إسرائيل أقامت علاقات مع جهات في المعارضة (المصرية) حاكتها بعيدا عن أنظار النظام الحالي؟ وما هو حجم هذه العلاقات؟ وما هي أهميتها؟". وتابع أن "الشرق الأوسط وإسرائيل داخله يستيقظ هذا الصباح على عهد انعدام اليقين، وبالتأكيد على أيام مخيفة وحالة جهوزية فيما يتعلق بتأثير شعلة القاهرة على الاستقرار في عَمان وربما في عدة مراكز عربية في إسرائيل وفي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية".

 

"إسرائيل ستقدّم أية

مساعدة تطلبها مصر"!

 

والأمر الآخر الذي لفت المحللين الإسرائيليين هو فشل الاستخبارات الإسرائيلية، كغيرها من أجهزة الاستخبارات الغربية، في استشراف الهبة الشعبية المصرية. وكتب برنياع في هذا السياق أنه تمت مطالبة مسؤول كبير جدا في جهاز الموساد، وعلى ما يبدو أنه رئيس الجهاز السابق مئير داغان، بتقويم الوضع في مصر، وذلك عشية زيارة نتنياهو إلى مصر. ونقل برنياع عن المسؤول في الموساد قوله "إنني لا ألحظ وجود تهديد فوري على الحكم، واقدر أن قدرة القيادة الحالية على البقاء في الحكم معقولة حتى بعد مبارك، وثمة ثلاثة تحديات ماثلة أمام مصر وهي السن الكبير لمبارك وحالته الصحية، والوضع في السودان، والنقاش حول تقاسم مياه النيل، والمشكلة الرابعة هي الاقتصاد".

ورأى برنياع أن المتحدث لم يكن بإمكانه أن يخمن مسبقا أن يحدث ما حدث في تونس وأن الحريق الذي اشتعل سينتقل بسرعة إلى مصر "وهو لم يول اهتماما كافيا للضائقة الاقتصادية ولم يتطرق أبدا إلى مشاعر الغليان لدى الجمهور (المصري) تجاه فساد المقربين من النظام".

لكن المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أشار إلى أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي المعين، يوءاف غالانت، وعندما كان قائدا للجبهة الجنوبية، طالب قبل أربع سنوات بإعادة البحث في احتمال حدوث تطورات في مصر وإضافة قوات إلى قيادة الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي. وأضاف فيشمان أنه "بشكل تناقضي فإن غالانت بالذات، الذي أخذ يبتعد عن كرسي رئيس هيئة أركان الجيش (بسبب اتهامه بالكذب على المحكمة والاستيلاء على أراض عامة)، هو اليوم الضابط الأكثر معرفة وتخصصا بالجبهة المصرية".

وأشار إلى أن قيادة جهاز الأمن الإسرائيلي أجرت مداولات مكثفة مؤخرًا، وكتب أنه "في المرحلة الحالية تدخل إسرائيل في حالة تأهب على ضوء احتمال تسرب النيران من مصر إلى الأردن واحتمال أن تشعل معها الضفة أيضا". وأضاف أنه "فيما يتعلق بمصر فإنه يوجد شعور في إسرائيل بأننا داخلون في فترة مرحلية سيتم خلالها الحفاظ على السلام والعلاقات بين الدولتين لكن انتخابات ديمقراطية قد تؤدي إلى صعود مجموعة المعارضة الأكثر تنظيما في مصر اليوم إلى الحكم وهي الأخوان المسلمون". ورأى أن إسرائيل ستقدم أية مساعدة تطلبها مصر مثل إدخال قوات مصرية لإخماد تمرد في سيناء "وعندها فإن إسرائيل لن تلوّح باتفاقيات وقف إطلاق النار (التي تنص على إبقاء سيناء منزوعة السلاح وخالية من قوات الجيش) ولن تدقق في عدد الجنود أو الدبابات التي سيتم إدخالها".

 

خيبة أمل من ردة

فعل أوباما!

 

وكان هناك محور آخر تناوله المحللون الإسرائيليون هو تعامل الولايات المتحدة والدول الغربية مع النظام المصري ومطالبته بعدم قمع المظاهرات. وكتب فيشمان أن "خيبة الأمل الكبرى في إسرائيل وفي الشرق الأوسط هي من ردة فعل الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الثورة الجارية لدى الحليفة المركزية للغاية بالنسبة للولايات المتحدة".

وكتب المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، بتوسع حول هذا الموضوع، ورأى أنه فيما كان ينظر إلى الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر على أنه الرئيس الذي "فقد إيران" بسبب حدوث الثورة الإسلامية خلال ولايته فإن الجميع سيتذكر أوباما على أنه الرئيس الذي "فقد" تركيا ولبنان ومصر وفي فترة حكمه "انهارت منظومة التحالفات الأميركية في الشرق الأوسط".

وأشار بن إلى خطاب أوباما في جامعة القاهرة وسعيه إلى التقرب من العرب والمسلمين في العالم، وإلى أن "أوباما آمن على ما يبدو أن المشكلة المركزية في الشرق الأوسط هي الاحتلال الإسرائيلي للمناطق (الفلسطينية) وركز مطالبه على إسرائيل بتجميد الاستيطان والمحاولة الفاشلة لاستئناف المفاوضات حول إقامة دولة فلسطينية، وفشله جعله يسحب يديه من عملية السلام والتركيز على منع حرب بين إسرائيل وإيران". وأضاف أنه في الشهور الأخيرة تزايدت المقالات المنشورة في الصحف الغربية والتي تحدثت عن النهاية القريبة لنظام مبارك ودعت أوباما إلى مد يد العون للمعارضة.

وعلى أثر ذلك أصبحت الإدارة الأميركية تواجه معضلة. وكتب بن أن "بالإمكان التكهن أن أوباما تعاطف مع مؤيدي الديمقراطية في مصر وليس مع الدكتاتور المسن. لكن دولة عظمى عالمية هي ليست حركة حقوق إنسان. وإذا ما تنكرت لحلفائها عندما يواجهون مصاعب، فمن سيعتمد عليها غدا؟ ولهذا السبب وقف أوباما إلى جانب مبارك إلى حين حسمت المظاهرات أمر نظامه، يوم الجمعة (الماضي)".

وشدد المحلل على أن "ثورتي الشارع في تونس ومصر أظهرتا أن بإمكان أميركا أن تفعل القليل من أجل مقربيها إزاء غضب رعاياهم. والآن سيتهمون أوباما بأنه لم يقترب بالشكل الكافي من قادة المعارضة المصرية ولم يطالب مبارك بصوت مرتفع بأن يطلق سراح معارضيه من السجون. وسوف يدعون ضده أنه لم يمارس ضغوطا كافية على نتنياهو من أجل وقف الاستيطان وتخفيف، وإن بصورة غير مباشرة، الغضب المتصاعد في العالم الإسلامي. لكن هذه ليست سوى حكمة بعد فوات الأوان، إذ أنه ليس مؤكدا أن الجماهير المصرية أو التونسية كانت مستعدة لمواصلة العيش في ظل القمع حتى لو أنه تم تجميد البناء في (مستوطنة) أريئيل، أو لأنه تم إطلاق سراح عدد من المعارضين".

ورأى بن أن أوباما "سينتظر حتى تنتهي موجة المظاهرات ويقيم علاقات مع الحكام الجدد في المنطقة. وليس مؤكدا أن من سيخلفون مبارك سيكونون توائم لزعماء إيران وينتهجون سياسة متطرفة في معاداتها لأميركا. من الجائز أنهم سيحاولون تقليد رئيس حكومة تركيا، رجب طيب أردوغان، الذي يناور بين الدول العظمى والمعسكرات من دون التنازل عن العضوية في الناتو والعلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة. فقد حقق أردوغان صفقة جيدة لتركيا، التي تتمتع باستقرار سياسي ونمو اقتصادي، من دون أن يكون في جيب أحد. وهذا سيكون مناسبا لمصر أيضا".

 

بن إليعازر: مصر

ستحترم السلام

 

من جانبه أكد الوزير السابق وعضو الكنيست من حزب العمل، بنيامين بن إليعازر، أن مصر هي أهم دولة بالنسبة لإسرائيل وأن أي نظام جديد سيتولى الحكم فيها في حال تنحي مبارك سوف يحترم معاهدة السلام الإسرائيلية - المصرية، وذلك باستثناء حالة واحدة وهي تولي الأخوان المسلمين مقاليد الحكم.

وقال بن إليعازر، الذي يعتبر أكثر شخصية إسرائيلية مقربة من مبارك، لصحيفة "هآرتس"، يوم الأحد، إن "مصر هي الدولة الأهم بالنسبة لإسرائيل من كافة النواحي والاعتبارات ويجب أن نتذكر أنها الدولة التي لديها أكبر جيش وكانت ولا تزال عامل توازن وتهدئة في المنطقة وهي مركز وأساس الاستقرار في الشرق الأوسط". وأضاف "أنا لست قلقا على اتفاق السلام وفي تقديري أن أي أحد سيحل مكان مبارك، باستثناء الأخوان المسلمين، سوف يحترم اتفاق السلام لأن هذه هي مصلحة مصرية".

وقال بن إليعازر إنه فوجئ من الهبة الشعبية في مصر "وفوجئت من قوة الاحتجاجات وتواصلها. وأنا ملتصق بالتلفاز وأشاهد التقارير في جميع شبكات التلفزيون التي يمكنني مشاهدتها وشعوري هو أن هذا تطور مقلق للغاية".

وكان بن إليعازر قد رافق نتنياهو في زيارته إلى مصر ولقائه مع مبارك قبل أسبوعين، وأكد أنه لم يلحظ أن الرئيس المصري قلق "مطلقا". لكن بن إليعازر أضاف أنه "خلال محادثاتي مع المصريين في الفترة الأخيرة خرجت بشعور أنهم يتوقعون شيئا ما، لكن بالتأكيد ليس بهذا الحجم والدليل على ذلك هو (العدد القليل) لقوات الشرطة التي كانت منتشرة في الدولة".

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت الهبة الشعبية ستؤدي إلى نهاية حكم مبارك قال بن إليعازر إن "الحديث يدور هنا على جيش مخلص بشكل مطلق للرئيس، ولا يمكن أن يحدث أي انقلاب من دون القيادة العسكرية، ورئيس هيئة أركان الجيش المصري نما في ظل مبارك وقيادة الجيش ورئيس الاستخبارات (عمر سليمان) معه مئة بالمئة، والسؤال هو كم من الوقت سيستمر هذا؟". وأضاف أن الهبة الشعبية في مصر "ليست انقلابا إسلاميا وإنما ثورة جاءت من أسفل نتيجة لواقع اجتماعي صعب للغاية واستمر سنوات طويلة... وثمة أمر واحد واضح وهو أن تعيين الابن جمال مبارك أصبح مشكوكا فيه وإذا ما اضطر مبارك إلى التنحي فإن من سيخلفه سيكون أحد قادة الجيش".

ورأى بن إليعازر "وجود مشكلة في تأثير الهبة في مصر على المنطقة"، وأنه "إذا ما استمرت هنا عملية دومينو وجرت انقلابات أخرى في دول عربية فإننا سنواجه وضعا غير بسيط، وقد خشيت من هذا طوال الوقت عندما تحدثت عن واقع شرق أوسطي جديد". وشدد على أنه لا يتعين على إسرائيل الآن القيام بأية خطوات "فهذه قضية مصرية داخلية ويجب الانتظار ومتابعة التطورات".

وأضاف أنه "بالمفهوم الأوسع فإن على القيادة الإسرائيلية أن تجلس وتجري حسابا للذات، فقد كانت هذه (الهبة) إشارة تحذير، وعلى ما يبدو فإننا سنجد أنفسنا في واقع شرق أوسطي جديد تماما، وأكثر عنفا وعدوانية وآمل ألا يكون أكثر إسلامية".

ولفت بن إليعازر إلى "أننا لا نعيش في فراغ، وعلى القيادة الإسرائيلية أن تتعلم من ذلك درسا واحدا وهو ملحاحية ومصيرية مسألة دفع العملية السياسية قدمًا، فالجمود كارثة، وآمل ألا أكون صادقا، لكن الزمن يعمل ضد مصلحتنا ولا شك في أننا نقف أمام عهد جديد في الشرق الأوسط". وأضاف أنه "ما زال مبكرا نعي حكم مبارك لكن الهبة بحد ذاتها لا تبشر بالاستقرار وأي تغيير في الشرق الأوسط ليس في صالحنا، وقد نسبت ذلك في السابق للبرنامج النووي الإيراني لكن يتبين اليوم أنه يوجد عامل آخر، مرتبط بالوضع الاقتصادي - الاجتماعي الصعب في كافة الدول العربية".

ليبرمان: الصراع ليس

سبب مشاكل المنطقة

 

وقال وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، إن الأحداث التي يشهدها العالم العربي وعلى رأسها الهبة الشعبية في مصر ليست بسبب الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليبرمان قوله خلال اجتماع نظمته صحيفة اليهود المتزمتين دينيا (الحريديم) "هميفاسير"، أول من أمس، إن "أي إنسان عاقل يدرك أن التطورات التي تمر على العالم العربي الآن ليست مرتبطة بالقضية الإسرائيلية- الفلسطينية بتاتا".

وأضاف ليبرمان أنه "الآن بالذات، ومع كل نقاشاتنا مع الفلسطينيين، فإننا ننجح في السيطرة على الوضع. وكل هذه المقولة بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو المشكلة في الشرق الأوسط تنطوي على تناقض، واليوم يرون إلى أي مدى هذا التناقض كبير". وتابع أنه "يوجد العديد من الأحداث التي تحدث في العالم وحتى لو أخذنا الموضوع من الناحية الإحصائية فقط، فإنه من الواضح أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يصل إلى 2% من كل ما يحدث في المنطقة".

وكرر ليبرمان تصريحات سابقة له بأن "إيران هي التهديد المركزي اليوم. وبإمكانها أن تبقى في الوجود بدون حزب الله وحماس، لكن حزب الله وحماس لا يمكنهما البقاء بدون إيران".

وحول المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المتجمدة في هذه الأثناء قال ليبرمان إن "الحل الوحيد هو التوصل إلى اتفاق مرحلي طويل الأمد. ومع ذلك فإنه في كل ما يتعلق بالأمن والاقتصاد، يوجد بيننا تعاون وثيق، وقد أنهت السلطة الفلسطينية العام الماضي بنمو اقتصادي بنسبة تزيد عن 8%". وتابع ليبرمان أنه "قلنا منذ اليوم الأول بأننا مستعدون للحوار والتعاون لكن يجب أن يكون واضحا أن هذا يتم بصورة متبادلة، وقد نفذنا ما يكفي من مبادرات النية الحسنة من أجل الوصول إلى المفاوضات والحوار، والآن فإن الكرة موجودة لدى الجانب الآخر".