المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رأت تحليلات إسرائيلية متطابقة أن تحذير الرئيس الأميركي دزنالد ترامب الذي أكد فيه أنه لا يستبعد أي خيار رداً على تجربة الصاروخ الإيراني، يعيد إلى جدول الأعمال اليومي، نظرياً على الأقل، احتمال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران. وفي الوقت نفسه أكدت أن احتمالات شن هجوم أميركي على منشآت نووية أو منشآت للصواريخ في إيران باتت أكبر من الماضي إذا خرقت هذه الأخيرة الاتفاق النووي الموقع بينها وبين الدول العظمى الست. كما أكدت أن من المحتمل ألا يتحفّظ ترامب مثل سلفه باراك أوباما من إمكانية شن هجوم إسرائيلي من أجل تعزيز الردع.

وبرز بين هذه التحليلات ذلك الذي كتبه إفرايم كام، وهو باحث كبير في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أمس الاثنين ("يسرائيل هَيوم")، تحت العنوان "ترامب يحاول استعادة القدرة على الردع".

وقال كام:
إن تحذير الرئيس ترامب بأنه لا يستبعد أي خيار رداً على تجربة الصاروخ الإيراني، يعيد إلى جدول الأعمال اليومي، نظرياً على الأقل، احتمال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران. إن التحذير بالتأكيد موجّه إلى برنامج الصواريخ، لكن تحذيراً مشابهاً تطرق خلال ولاية الإدارات السابقة إلى البرنامج النووي واحتمالات حصول إيران على سلاح نووي.

وخلال حقبة أوباما طرأ تبدل على توجه الولايات المتحدة حيال العمل العسكري. وكانت تعلن أنه ما لم يتحقق تقدم حقيقي في المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق، فإنها لا تستبعد مثل هذا الخيار. ومثل موقف إسرائيل، حذر الأميركيون من أن جميع الخيارات إزاء إيران مطروحة على الطاولة. وهذان النظامان كانا الوحيدين اللذين حذرا إيران بهذه اللغة، بينما تخوفت الدول الأخرى من المخاطر المترتبة على ذلك.

وتابع: لكن حتى قبل توقيع الاتفاق النووي كان هناك فارق بين وجهتي نظر إسرائيل والولايات المتحدة. فقد ادعى الأميركيون أنه على الرغم من طرح الخيار العسكري، فإن الظروف لم تنضج للقيام به. أولاً، لأن هذا العمل لن يوقف البرنامج النووي بل سيؤجله لسنوات قليلة؛ ثانياً، سترد إيران بمهاجمة أهداف تابعة للولايات المتحدة وحلفائها، مما سيؤدي إلى تدهور عام في الشرق الأوسط، وأخيراً- عمل عسكري سيحث إيران على تسريع برنامجها النووي وسيقدم لها حجة من أجل المضي نحو سلاح نووي. ولهذه الأسباب تحفظت الإدارة الأميركية من هجوم إسرائيلي أيضاً خوفاً من أن تتورط فيه هي كذلك. في مقابل ذلك، لم تتحفظ إسرائيل من القيام بمهاجمة إيران، وانتقدت الإدارة الأميركية لأنها بموقفها هذا تمس صدقية الخيار العسكري بقولها إن الوقت لم يحن لتنفيذ هكذا خيار.

وأشار كام إلى أنه في المحادثات التي جرت قبيل الاتفاق النووي، قللت الإدارة الأميركية السابقة من تطرقها إلى الخيار العسكري خوفاً من تكدير الأجواء. وعندما كان الاتفاق يتجه نحو التبلور، وبخاصة بعد التوصل إليه، أوضحت الإدارة الأميركية أن عملاً عسكرياً ضد إيران لن يكون مفيداً، وحذرت إسرائيل من القيام بهكذا عمل. وخلال وقت قصير زعم مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية الأميركية أن الاتفاق يشكل تبريراً لعمل عسكري عند الحاجة.

وبرأي هذا الباحث أضر استبعاد الإدارة الأميركية للخيار العسكري بصدقيته في نظر إيران، التي استنتجت أنه ما دام الاتفاق قائماً فإن الولايات المتحدة لن تهاجم. لكن الاتفاق النووي أضر بصدقية خيار إسرائيل العسكري أيضاً، لأنه أصبح واضحاً أنه ما دام الاتفاق ساري المفعول فإن إسرائيل لا تستطيع المبادرة إلى عمل عسكري والتسبب بانهيار الاتفاق والمس بالعلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. وفي مثل هذه الحال ستجد اسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة إيران من دون دعم أميركي.

وختم كام: إن إعلان ترامب أن إدارته لن تكون لطيفة مع إيران كالإدارة السابقة، وأن إيران تحت الإنذار وكل الخيارات على الطاولة، يهدف قبل أي شيء آخر إلى استعادة الولايات المتحدة قدرتها على الردع إزاء إيران، هذه القدرة التي تآكلت بصورة كبيرة. ومن المعقول افتراض أن ترامب لن يسارع إلى الهجوم لأسباب عدة: إيران لم تخرق الاتفاق بعد؛ الشركاء الآخرون في الاتفاق سيعارضون مهاجمة إيران؛ وقبل رفع القيود المفروضة على برنامج إيران النووي، فإن حسنات الاتفاق تفوق سيئاته. لكن مع ذلك قواعد اللعبة تغيّرت، ولا تعرف إيران ما هي خطة ترامب تجاهها، وهي مضطرة إلى أن تكون حذرة لأنه عندما يكون في البيت الأبيض رئيس لا يمكن توقع ردود فعله، فإن معقولية هجوم أميركي على منشآت نووية أو منشآت للصواريخ، أكبر من الماضي إذا هي خرقت الاتفاق. ومن المحتمل أن ترامب لن يتحفظ مثل سلفه من إمكانية هجوم إسرائيلي من أجل تعزيز الردع.

المصطلحات المستخدمة:

باراك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات