المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ينجح وزير ماليتنا اللطيف، موشيه كحلون، في التعثر. فمن ناحية، يفاجئ كحلون المرّة تلو الأخرى بتعيينات مهنية نظيفة تثير الانطباع الجيد، وآخرها التعيين المناسب لشاؤول مريدور في منصب رئيس قسم الميزانيات. ومن ناحية أخرى، فإن كحلون يفرض حياة صعبة على تعييناته المهنية، بسبب قرارات ليست مهنية، أو لامتناعه عن اتخاذ قرارات مهنية. أنظروا كيف يتهرب كحلون بشكل متواصل من الحسم في مسألة رفع جيل التقاعد للنساء؟. فإلى حد كبير يختار كحلون أشخاصا مهنيين فقط من أجل أن يناورهم في احتمالات نجاحهم في مهماتهم، لتكون ضعيفة جدا.

 

فمريدور، وقبل أن يرتكز كليا على كرسيه، ستكون عليه مواجهة نهج كحلون الاشكالي في التعامل مع الموازنة العامة. وأولا وقبل كل شيء، سيكون عليه تنفيذ القرار الغريب بإقرار موازنة العام 2019، في الربع الأول من العام 2018 وليس في نهاية العام كما هو متبع. ومعنى هذا، ليس فقط تقديم موعد اقرار الموازنة في الكنيست بتسعة أشهر، ما سيضر بالمؤكد بواقعية الميزانية وحاجتها للاعتماد على توقعات أقرب إلى الدقة، وإنما أيضا تنفيذ اجراء سريع لإعداد الميزانية خلال ثلاثة أشهر فقط. وهذا ليس ممكنا، حتى لو كان قسم الميزانيات فعالا ونشطا جدا.

فما الذي يضطر كحلون لإقرار الميزانية في شهر آذار، بدلا من كانون الاول؟. التقدير السائد هو أن كحلون يعتقد انه في شهر كانون الأول 2018، سيكون قد بقي أقل من عام للانتخابات البرلمانية، في موعدها القانوني في خريف 2019، وحينها لن تكون في الكنيست أجواء ذات جاهزية كافية لإقرار الميزانية، ولهذا فإذا ما انتظر لشهر كانون الأول، فإن الميزانية لن تمر، والانتخابات سيتم تقديمها لمطلع العام 2019.

والتقدير الآخر، هو أن كحلون يحاول استبعاد الضغوط الحزبية الضخمة الممارسة عليه حاليا، بسبب الحاجة لاتخاذ قرار في غضون شهرين، بشأن توزيع الأموال الاحتياطية والفائضة في ميزانية 2018، وهي بمقدار 5ر3 مليار شيكل. وهذا سيكون قريبا جدا من موعد اقرار الموازنة العامة. وبحسب هذا التقدير فإن هذا الفائض خلق حراكا متطرفا حول طاولة الحكومة، وهو لا يستطيع لجمه.

إن اجمالي مطالبات الوزراء، من الفائض في الموازنة العامة، أعلى بكثير من الفائض القائم 5ر3 مليار شيكل. ويحاول كحلون دفع الضغوط، بمقولته للجميع "سيكون خيرا، وستحصلون على ما تطلبون في ميزانية العام 2019، التي سنقرها في شهر آذار 2019". ما يعني انه إذا لم يعبر كحلون هذه المرحلة القصيرة والمحدودة بخير وتقسيم الفائض، فكيف سيعبر بسلام اقرار موازنة 2019 في شهر آذار، أو حتى في كانون الأول؟.

إن الضغوط الحزبية متطرفة، وهي تملي نفسها على الميزانية، إذ تتجه الأنظار ليس فقط لميزانية 2019، بل إلى ميزانية العام المقبل 2018، التي تشهد منذ الآن تأرجحات تهددها. ففي ميزانية العام المقبل فرضيات متفائلة لزيادة مداخيل، من بينها مليار شيكل مفترض من "كيرن كييمت"، وفقط بعد ضغوط والتهديد بالتوجه إلى القضاء تم سحب هذا المبلغ.

كذلك فإن الحكومة موجودة الآن في مسار قضائي ضد جهة أمنية سرية لديها نشاط عالمي، وتريد الحكومة سحب أموال منها، ولكن وجهات نظر قضائية عالمية تمنع هذا الاجراء. وكما في حالة "كيرن كييمت"، فأيضا تجاه هذه الجهة الأمنية تمارس ضغوط سياسية ضخمة من أجل الحصول على الأموال، وكما يبدو فإن إسرائيل لن تحصل على هذا المال، وإن فعلت فإنها ستتورط على المستوى الدولي. بمعنى أن السياسيين يضغطون للحصول على أموال قائمة على فرضيات مالية كاذبة، ولن تكون مداخيل كهذه.

إن الضغوط التي يمارسها السياسيون لا تبشر خيرا تجاه ميزانية العام 2019، لأنه إلى جانب هذه الضغوط ستنضم حسابات العام الانتخابي، بمعنى الحسابات الحزبية، ما يعني أن الضغوط ستكون أشد، وهذا سينعكس سلبا على الميزانية في عدة اتجاهات.

كذلك فإن كفاح ذوي الاحتياجات الخاصة المستمر، لا يسكته ميزانية 4 مليارات شيكل، التي أقرت لزيادة مخصصاتهم. وينضم إلى هذا وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي يطلب اضافة 5ر4 مليار شيكل لميزانية الجيش، على الرغم من أن الوزارة وقعت على اتفاقية لمدة خمس سنوات بشكل حجم ميزانيتها. وهناك أيضا وزير الصحة يعقوب ليتسمان، الذي يطلب اضافة ميزانية لتمويل المساعدة الطبية الرسمية (للمرضى في بيوتهم)، ووزير التربية والتعليم نفتالي بينيت الذي يريد تقصير فترة العطلة الصيفية في المدارس، ووزير الداخلية آرييه درعي الذي يريد ميزانيات لاحداث انقلابات في شكل الحكم المحلي في الضواحي. ويطلب وزير الرفاه حاييم كاتس 600 مليون شيكل، لزيادة مخصصات المسنين الفقراء. وبطبيعة الحال كحلون ذاته يريد مليارات لتمويل مشروعه الهادف لزيادة المدخول الصافي للعائلات.

وكل هذا قبل أن نصل إلى أعضاء الكنيست، الذين يلمحون بشكل جيد فترة "آخر الموسم" (بمعنى اقتراب الانتخابات)، وهم يطرحون مشاريع قوانينهم الخاصة. وإذا ما أصر كحلون على تمرير ميزانية 2019 في الأشهر القريبة، فمن المتوقع أن تطول قائمة الطلبات أكثر، وهذه تكون آخر فرصة للسياسيين لتحقيق انجاز قبل الانتخابات، وكلهم معنيون بتحقيق رصيد لهم.

ولكن ماذا عن احتياجات الدولة؟ في الأجواء الحالية لا احتمال لها. فكحلون المبتسم ينضم إلى سلفه يائير لبيد المهلل، ويواصل نهج وزيري المالية اللذين سبقاه: التملق لجمهور الناخبين. فميزانية السنوات الاربع الأخيرة ليست فيها بشائر بنيوية ذات شأن.

ونسجل لكحلون بشرى هامة واحدة فقط: الخطط لتحويل ميزانيات كبيرة إلى المجتمع العربي والمجتمع البدوي (يشار هنا إلى أن هذه ميزانيات بقيت بغالبيتها العظمى حبرا على ورق، وان ما هو مفترض للتنفيذ لا يتعدى 18%، مما أعلن في حينه- المحرّر)، وهذا إلى جانب اجراءات مالية تستحق التقدير، كتلك التي تتعلق بسوق المال. وفي المقابل، فإن الاجراءات التي أقدم عليها، وخاصة التسهيلات الضريبية، تعتمد على ما تم تحقيقه في الماضي، في حين أن الدولة لا تهيئ الأرضية لضمان نمو اقتصادي استمراري في المستقبل.

إن على وزير المالية ومسؤول قسم الميزانيات في الوزارة أن يتحصنا وأن يصدا الضغوط السياسية عليهما في أجواء الانتخابات وأن يحافظا على ميزانية تشجع النمو الاقتصادي، لكن على أرض الواقع فإن وزير المالية يؤجج بنفسه أجواء الانتخابات.

ينجح وزير ماليتنا اللطيف، موشيه كحلون، في التعثر. فمن ناحية، يفاجئ كحلون المرّة تلو الأخرى بتعيينات مهنية نظيفة تثير الانطباع الجيد، وآخرها التعيين المناسب لشاؤول مريدور في منصب رئيس قسم الميزانيات. ومن ناحية أخرى، فإن كحلون يفرض حياة صعبة على تعييناته المهنية، بسبب قرارات ليست مهنية، أو لامتناعه عن اتخاذ قرارات مهنية. أنظروا كيف يتهرب كحلون بشكل متواصل من الحسم في مسألة رفع جيل التقاعد للنساء؟. فإلى حد كبير يختار كحلون أشخاصا مهنيين فقط من أجل أن يناورهم في احتمالات نجاحهم في مهماتهم، لتكون ضعيفة جدا.

فمريدور، وقبل أن يرتكز كليا على كرسيه، ستكون عليه مواجهة نهج كحلون الاشكالي في التعامل مع الموازنة العامة. وأولا وقبل كل شيء، سيكون عليه تنفيذ القرار الغريب بإقرار موازنة العام 2019، في الربع الأول من العام 2018 وليس في نهاية العام كما هو متبع. ومعنى هذا، ليس فقط تقديم موعد اقرار الموازنة في الكنيست بتسعة أشهر، ما سيضر بالمؤكد بواقعية الميزانية وحاجتها للاعتماد على توقعات أقرب إلى الدقة، وإنما أيضا تنفيذ اجراء سريع لإعداد الميزانية خلال ثلاثة أشهر فقط. وهذا ليس ممكنا، حتى لو كان قسم الميزانيات فعالا ونشطا جدا.

فما الذي يضطر كحلون لإقرار الميزانية في شهر آذار، بدلا من كانون الاول؟. التقدير السائد هو أن كحلون يعتقد انه في شهر كانون الأول 2018، سيكون قد بقي أقل من عام للانتخابات البرلمانية، في موعدها القانوني في خريف 2019، وحينها لن تكون في الكنيست أجواء ذات جاهزية كافية لإقرار الميزانية، ولهذا فإذا ما انتظر لشهر كانون الأول، فإن الميزانية لن تمر، والانتخابات سيتم تقديمها لمطلع العام 2019.

والتقدير الآخر، هو أن كحلون يحاول استبعاد الضغوط الحزبية الضخمة الممارسة عليه حاليا، بسبب الحاجة لاتخاذ قرار في غضون شهرين، بشأن توزيع الأموال الاحتياطية والفائضة في ميزانية 2018، وهي بمقدار 5ر3 مليار شيكل. وهذا سيكون قريبا جدا من موعد اقرار الموازنة العامة. وبحسب هذا التقدير فإن هذا الفائض خلق حراكا متطرفا حول طاولة الحكومة، وهو لا يستطيع لجمه.

إن اجمالي مطالبات الوزراء، من الفائض في الموازنة العامة، أعلى بكثير من الفائض القائم 5ر3 مليار شيكل. ويحاول كحلون دفع الضغوط، بمقولته للجميع "سيكون خيرا، وستحصلون على ما تطلبون في ميزانية العام 2019، التي سنقرها في شهر آذار 2019". ما يعني انه إذا لم يعبر كحلون هذه المرحلة القصيرة والمحدودة بخير وتقسيم الفائض، فكيف سيعبر بسلام اقرار موازنة 2019 في شهر آذار، أو حتى في كانون الأول؟.

إن الضغوط الحزبية متطرفة، وهي تملي نفسها على الميزانية، إذ تتجه الأنظار ليس فقط لميزانية 2019، بل إلى ميزانية العام المقبل 2018، التي تشهد منذ الآن تأرجحات تهددها. ففي ميزانية العام المقبل فرضيات متفائلة لزيادة مداخيل، من بينها مليار شيكل مفترض من "كيرن كييمت"، وفقط بعد ضغوط والتهديد بالتوجه إلى القضاء تم سحب هذا المبلغ.

كذلك فإن الحكومة موجودة الآن في مسار قضائي ضد جهة أمنية سرية لديها نشاط عالمي، وتريد الحكومة سحب أموال منها، ولكن وجهات نظر قضائية عالمية تمنع هذا الاجراء. وكما في حالة "كيرن كييمت"، فأيضا تجاه هذه الجهة الأمنية تمارس ضغوط سياسية ضخمة من أجل الحصول على الأموال، وكما يبدو فإن إسرائيل لن تحصل على هذا المال، وإن فعلت فإنها ستتورط على المستوى الدولي. بمعنى أن السياسيين يضغطون للحصول على أموال قائمة على فرضيات مالية كاذبة، ولن تكون مداخيل كهذه.

إن الضغوط التي يمارسها السياسيون لا تبشر خيرا تجاه ميزانية العام 2019، لأنه إلى جانب هذه الضغوط ستنضم حسابات العام الانتخابي، بمعنى الحسابات الحزبية، ما يعني أن الضغوط ستكون أشد، وهذا سينعكس سلبا على الميزانية في عدة اتجاهات.

كذلك فإن كفاح ذوي الاحتياجات الخاصة المستمر، لا يسكته ميزانية 4 مليارات شيكل، التي أقرت لزيادة مخصصاتهم. وينضم إلى هذا وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي يطلب اضافة 5ر4 مليار شيكل لميزانية الجيش، على الرغم من أن الوزارة وقعت على اتفاقية لمدة خمس سنوات بشكل حجم ميزانيتها. وهناك أيضا وزير الصحة يعقوب ليتسمان، الذي يطلب اضافة ميزانية لتمويل المساعدة الطبية الرسمية (للمرضى في بيوتهم)، ووزير التربية والتعليم نفتالي بينيت الذي يريد تقصير فترة العطلة الصيفية في المدارس، ووزير الداخلية آرييه درعي الذي يريد ميزانيات لاحداث انقلابات في شكل الحكم المحلي في الضواحي. ويطلب وزير الرفاه حاييم كاتس 600 مليون شيكل، لزيادة مخصصات المسنين الفقراء. وبطبيعة الحال كحلون ذاته يريد مليارات لتمويل مشروعه الهادف لزيادة المدخول الصافي للعائلات.

وكل هذا قبل أن نصل إلى أعضاء الكنيست، الذين يلمحون بشكل جيد فترة "آخر الموسم" (بمعنى اقتراب الانتخابات)، وهم يطرحون مشاريع قوانينهم الخاصة. وإذا ما أصر كحلون على تمرير ميزانية 2019 في الأشهر القريبة، فمن المتوقع أن تطول قائمة الطلبات أكثر، وهذه تكون آخر فرصة للسياسيين لتحقيق انجاز قبل الانتخابات، وكلهم معنيون بتحقيق رصيد لهم.

ولكن ماذا عن احتياجات الدولة؟ في الأجواء الحالية لا احتمال لها. فكحلون المبتسم ينضم إلى سلفه يائير لبيد المهلل، ويواصل نهج وزيري المالية اللذين سبقاه: التملق لجمهور الناخبين. فميزانية السنوات الاربع الأخيرة ليست فيها بشائر بنيوية ذات شأن.

ونسجل لكحلون بشرى هامة واحدة فقط: الخطط لتحويل ميزانيات كبيرة إلى المجتمع العربي والمجتمع البدوي (يشار هنا إلى أن هذه ميزانيات بقيت بغالبيتها العظمى حبرا على ورق، وان ما هو مفترض للتنفيذ لا يتعدى 18%، مما أعلن في حينه- المحرّر)، وهذا إلى جانب اجراءات مالية تستحق التقدير، كتلك التي تتعلق بسوق المال. وفي المقابل، فإن الاجراءات التي أقدم عليها، وخاصة التسهيلات الضريبية، تعتمد على ما تم تحقيقه في الماضي، في حين أن الدولة لا تهيئ الأرضية لضمان نمو اقتصادي استمراري في المستقبل.

إن على وزير المالية ومسؤول قسم الميزانيات في الوزارة أن يتحصنا وأن يصدا الضغوط السياسية عليهما في أجواء الانتخابات وأن يحافظا على ميزانية تشجع النمو الاقتصادي، لكن على أرض الواقع فإن وزير المالية يؤجج بنفسه أجواء الانتخابات.

(عن "ذي ماركر"-
ترجمة خاصة بتصرف)

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات