التضخم في نيسان يفجر حالة قلق من العودة إلى وتيرة تضخم عالية

وثائق وتقارير

 

الكاتب الصحفي زئيف شيف في "هآرتس": لا جديد في وثائق صحيفتي "يديعوت" و"معاريف" عن الحرب  

 تناول المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، زئيف شيف، الوثائق التي نشرتها صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" (الجمعة، 8/8) حول حرب أكتوبر 1973، والتي تستند الى تسجيل مكالمات الجنرال شموئيل غونين (غوروديش) قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الاسرائيلية في تلك الحرب، قائلاً إنها لا تحمل كشفاً كبيراً عن أسرار تلك الحرب، خاصة بالجانب الاسرائيلي.

 


وكتب في صحيفته (8/8) ان "حرب الجنرالات" التي اندلعت في اثناء المعارك واستمرت بعدها، تبدو - قبل شهرين من حلول الذكرى السنوية الـ 30 للحرب – في طريقها لأن تصبح "حرب الصحف". فقد وجدت كل واحدة من الصحيفتين الكبريين في اسرائيل، "يديعوت احرونوت" و"معريف"، لنفسها في المعركة الجديدة ضابط اتصال خدم تحت إمرة قائد لواء الجنوب ابان الحرب، شموئيل غونين (غوروديش)، وقد خبأ طوال السنين الماضية التسجيلات التي قام بها في الجيش الاسرائيلي، الى ان سلمها لوسائل الاعلام. والسؤال المركزي هنا، اضافة الى توفر فرصة لسماع صوتي اللوائين غونين واريئيل شارون في أوج الحرب، هو: هل تلقي هذه التسجيلات ضوءًا جديدًا، من ناحية الحقائق التاريخية، على ما جرى في حينه. ويجيب شيف: "الجواب هو: قليل جدًا، اذا كان هناك جديد اصلاً."

 

ثمة عدد من الاسئلة الاساسية، التي ربما بمقدور تسجيلات قائد لواء الجنوب في اثناء الحرب ان تؤكد أو تنفي الاستنتاجات التي توصلت اليها، منها، مثلا، "لجنة اغرانات" (التي حققت في "اخفاقات" الجيش والاستخبارات قبل واثناء الحرب)، والتي ادانت غونين بشدة.

 

فيما يلي الاسئلة الاساسية التي يطرحها شيف بوحي من الوثائق المنشورة في الصحيفتين:

 

** ما الذي تم الاتفاق عليه بين اللواء غونين وقائد اركان الجيش الاسرائيلي دافيد (دادو) العزار في لقاءين جمعاهما في يوم الغفران، قبل بدء اطلاق النار، فيما يتعلق بنشر القوات وفق الخطة الدفاعية "شوفاخ يونيم" (اي "برج الحمام")؟ هل سمح له العزار بتنفيذ الانتشار وفق "برج الحمام" فقط في ساعات ما بعد الظهر؟ هناك خلاف شديد حول هذه المسألة، وهي احد الاسباب التي ادت الى استخلاصات لجنة اغرانات بخصوص غونين. ولا توفر التسجيلات التي نشرت في هذه الاثناء من قبل ضابطي الاتصال، تجديدات في هذه القضية.

 

** متى اتخذ القرار، تحديدًا، باخلاء تحصينات خط بارليف، ومتى صدرت موافقة اللواء غونين بالسماح بانسحاب المقاتلين الاصحاء وليس فقط الجنود المصابين؟ فالتسجيلات، كما نشرت، لا تكشف عن حقائق جديدة فيما يتعلق بهذه المسألة الحساسة.

 

** ما الذي دفع غونين الى اصدار امر للواء ابراهام ادان (بيرن)، قائد كتيبة جنود احتياط شاركت في المعارك، يقضي بالاستيلاء على جسر فوق قناة السويس قرب تحصين "حيزيون"، بمحاذاة فيردان، وللواء شارون بالاستيلاء على جسر في المنطقة الجنوبية للقناة؟ لماذا صدر امر بنقل قوات الى غرب القناة، رغم ان الامر كان يتعارض مع خطة الهجوم المضاد الاولى للجيش الاسرائيلي في الحرب، كما تم اقرارها مساء اليوم السابق من قبل قائد هيئة الاركان العزار؟ هناك جواب جزئي فحسب على هذا السؤال في اليوميات التي دونها غونين وفي التسجيلات، الا انها لا تتضمن موادا جديدة من شأنها اثارة تساؤلات بخصوص استخلاصات لجنة اغرانات.

 

ويظهر في التسجيلات ان غونين ادعى في احدى محادثاته مع اللواء ادان بانه حصل على موافقة لعبور القناة والسيطرة على تحصين يقع على ضفتها الغربية. الا انه في مساء اليوم السابق، كما ذكر آنفا، تم الاتفاق في جلسة بين رئيس هيئة الاركان وغونين وقادة الكتائب في سيناء. وقد صادق رئيس هيئة الاركان في حقيقة الامر على انه اذا أمكن الاستيلاء على جسر مصري، سيقوم رتل من الدبابات بعبور القناة. وكان من المفترض ان يحدث ذلك في اثناء الهجوم المضاد الاول في الثامن من تشرين الاول، حتى انه سرت اشاعات وصلت الى هيئة الاركان تفيد بأن الجيش الاسرائيلي نجح بعبور القناة. وقد نقل اللواء رحبعام زئيفي رسالة بالموضوع الى رئيس هيئة الاركان الذي تواجد في ذلك الوقت في جلسة للحكومة، الا ان العزار شكك في ان المعلومات حقيقية.

 

** قضية مركزية اخرى، هي كيف حدث ان اصدر غونين امرا لشارون بالتحرك مع كتيبته جنوبا باتجاه مدينة السويس، وعندها اصدر امرا اخر لشارون بالعودة الى حيث كان والتحرك نحو الشمال؟ هذه القضية ايضا لم تضف التسجيلات اليها معلومات جديدة حيال اعتبارات غونين او حيال النقاش بينه وبين شارون.

 

** مما تم نشره من محتويات التسجيلات، لا توجد ايضا معلومات جديدة او مميزة بخصوص ما جرى بين غونين وقائد الكتيبة شارون، الذي كان قائد لواء الجنوب قبل غونين. فقد كان الادعاء ان غونين لم ينجح في فرض قراراته او ان الجيش يتجاهل دعواته.

 

ثمة تفاصيل جديدة في اماكن متفرقة في التسجيلات. مثلا، بلاغ قام غونين بنقله يفيد بورود معلومة حول هجوم بسلاح كيماوي على احد الحصون. وفي مكان اخر يوجد بلاغ حول هجوم بسلاح كيماوي على مقر قيادة الكتيبة 252 (التي يقودها اللواء البرت مندلر). وقد اكتشف بعد وقت قصير ان هذه المعلومات لم تكن دقيقة. معلومة جديدة اخرى هي اقتباس بموجبه كان غونين مستعدًا في لحظة معينة لسحب الجيش الاسرائيلي، وهكذا فهم منه قائد الاركان العزار. وذلك بعد ان كان غونين قد اعترض بشدة على اقتراح قدمه موشيه ديان بهذا الخصوص. ويظهر من المواد المنشورة (التسجيلات) ان غونين تراجع بسرعة عن امكانية الانسحاب.

 

وصف اخر ومفصل للغاية بدا كأنه معلومات جديدة، هو رفض قائد الوحدة رقم 198، عمير يافيه، الانصياع الى امر صادر من اللواء ادان بتنفيذ هجوم. وقد ادعى يافيه ان الهجوم كان غير ضروري وسيحصد ضحايا كثيرين. ورد ادان على ذلك، مؤخرًا، انه لا يعرف شيئا عن هذه الحادثة وان يافيه الذي يعتبر احد قادة الوحدات العسكرية الممتازين في الحرب، لم يكن ابدًا في اطار الاتصال اللاسلكي معه كقائد كتيبة. واضاف انه لم يحصل ان طلب اقصاء احد قادة الوحدات العسكرية التي تحت قيادته وتعيين نائبه، كما جاء في يوميات غونين.

 

اما بالنسبة الى المعلومة التي تفيد بأن غونين كان ينوي اغتيال وزير الدفاع الاسرائيلي في ذلك الوقت، موشيه ديان، فانها غير جديدة وقد نشرت قبل سنوات عديدة في "يديعوت احرونوت" . ولم يخف غونين غضبه على موشيه ديان. وكان ادعاء غونين ان ديان خلق وضعاً ادى الى اقصائه والى تشويه سمعته قبل ان قدمت لجنة اغرانات توصياتها. ويشار الى ان غونين كان يجمع سلاحا وخناجر قتالية، واعتاد على القول انه يفكر ويحلم كيف سيقوم "باعدام" ديان، الذي انتابه اثناء الحرب تشاؤم شديد.

 

في نهاية حياته نفى غونين نفسه الى غابات افريقيا، وهناك مرض ومات نتيجة نوبة قلبية (كما حصل لقائد الاركان العزار) في 30 ايلول 1991. وقد برز بين المشاركين في جنازة غونين، اسحاق رابين، الذي كان قائده في حرب الايام الستة، وقال عنه انه كان من بين الذين حققوا النصر في حرب الايام الستة وعلى هذا النحو يجب ان يذكر.