المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قالت مصادر مسؤولة في حزب الليكود إن الأزمة المندلعة داخل الائتلاف الحكومي على خلفية قانون التجنيد الذي أثار خلافاً حاداً بين حزب "إسرائيل بيتنا" من جهة وحزبي يهدوت هتوراة وشاس الحريديين من جهة أخرى، لم تُحلّ بعد.

 

وفي الوقت نفسه حذرت هذه المصادر من أنه لن يكون هناك أي حل للأزمة ما دام كل طرف يتشبث بموقفه. وأفادت هذه المصادر أنه حتى الآن ما من إشارة واحدة تدل على بداية حل متفق عليه للأزمة التي تهدّد استقرار الائتلاف الحكومي.

وكان حزب الليكود أوضح أنه لن يوافق على مناقشة الأزمة مع الحريديم (اليهود المتشددين دينياً) إلا إذا وافقت جميع كتل الائتلاف الحكومي، بما في ذلك "إسرائيل بيتنا"، مسبقاً، على الصيغة الجديدة لمشروع القانون التي ستطرحها وزيرة العدل أييليت شاكيد ("البيت اليهودي").

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قبيل توجهه إلى الولايات المتحدة ليلة السبت الماضية، إنه ليس هناك سبب للتوجه إلى انتخابات مبكرة بسبب هذه الأزمة، وأكد أنه مع وجود حسن نية لن يحدث ذلك. وتوقع نتنياهو نجاح الحكومة في الصمود حتى الموعد القانوني لنهاية ولايتها في تشرين الثاني 2019.

وذكرت قناة التلفزيون الإسرائيلية "حداشوت" أن نتنياهو وأياً من شركائه في الائتلاف لا يرغبون بالتوجه الى انتخابات مبكرة، إلا إنه لا يمكن لأي منهم الصمود أمام التداعيات السلبية التي قد تأتي بها تسوية هذا القانون المثير للجدل، وتوقعت بأن تُجرى الانتخابات في حزيران المقبل، قبل نحو عام ونصف عام من انتهاء الولاية الكاملة لحكومة نتنياهو.

ونقلت القناة عن أعضاء كبار في الائتلاف قولهم إن الانتخابات باتت وشيكة إذا لم يتراجع الحريديم في الأيام القريبة عن موقفهم.

وهدد حزبا يهدوت هتوراة وشاس بالتصويت ضد الميزانية العامة للعام 2019 ما لم تتم المصادقة على مشروع قانون يعفي الشبان الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية.

في المقابل هدد وزير المالية موشيه كحلون، رئيس "كلنا"، بالانسحاب من الحكومة في حال عدم التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على ميزانية 2019 في الأسبوعين المقبلين كما هو مخطط، وهي خطوة قد تتسبب أيضاً بانهيار الحكومة. وتوعد كحلون بالمحاربة على الميزانية حتى النهاية.

وقبل تفاقم هذه الأزمة كان نتنياهو وافق على إقامة لجنة مؤلفة من ممثلين عن أحزاب الائتلاف لوضع قانون متفق عليه يتعلق بالتجنيد العسكري الإلزامي. وجاء قرار إقامة هذه اللجنة في ختام اجتماع عقده نتنياهو في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس في نهاية الأسبوع الماضي، وشارك فيه الوزيران ياريف ليفين وزئيف إلكين من حزب الليكود، ونائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان وعضو الكنيست موشيه غفني من حزب يهدوت هتوراة، ووزير الداخلية أرييه درعي رئيس حزب شاس. وقبل إقامة هذه اللجنة تمكن رئيس الحكومة من إقناع أعضاء الكنيست الحريديم بالامتناع من طرح مشروعيْ قانون آخريْن، ينصان على إعفاء طلاب الييشيفوت (المدارس الدينية اليهودية) من الخدمة العسكرية الإلزامية، للتصويت في الكنيست، وذلك وسط خلاف متصاعد بين حزبي يهدوت هتوراة وشاس وحزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بشأن هذه المسألة.

وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة إن حزب الليكود اتفق مع الحزبين الحريديين على أن يترأس الوزير ياريف ليفين هذه اللجنة، وأن تضم مندوبين من أحزاب الائتلاف الأُخرى، بالإضافة إلى مندوب عن المستشار القانوني للحكومة.

وكان أعضاء الكنيست الحريديم اشترطوا دعمهم الميزانية العامة للعام 2019 بالمصادقة على مشروعيْ قانون إعفاء طلاب الييشيفوت من الخدمة العسكرية الإلزامية. وقال ليتسمان إنه بناء على تعليمات حاخامي "مجلس حكماء التوراة" (القيادة الروحية ليهدوت هتوراة)، لا يمكنه دعم ميزانية الحكومة قبل المصادقة على مشروعيْ القانون المقترحيْن. وأضاف أن موضوع إعفاء هؤلاء الطلاب هو جزء لا يتجزأ من اتفاق الائتلاف، وأكد أنه يتوقع من جميع أحزاب الائتلاف دعم مشروعيْ القانون، إذا كانوا راغبين في استمرار ولاية الحكومة الحالية.

ومن المقرر أن يتم التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على الميزانية الإسرائيلية العامة في الأسابيع المقبلة، قبل بدء عطلة الكنيست يوم 18 آذار الحالي.

وقدم أعضاء الكنيست الحريديم يوم الاثنين الفائت مشروعيْ قانون بشأن التجنيد العسكري: الأول، قانون أساس شبه دستوري يعترف بدراسة الديانة اليهودية للمدى الطويل كخدمة رسمية للدولة مساوية للخدمة العسكرية؛ الثاني، يلزم وزارة الدفاع بمنح إعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب الييشيفوت بناء على قانون الأساس المقترح. في المقابل أُعلن أن وزارة الدفاع تجهّز نسخة خاصة بها لقانون تجنيد الشبان اليهود الحريديم. وقال وزير الدفاع ليبرمان إن هذا القانون هو الوحيد الذي يمكن أن يحظى بدعم حزب "إسرائيل بيتنا". واتهم ليبرمان حزب يهدوت هتوراة بمحاولة ابتزاز الحكومة بتعهده التصويت ضد الميزانية العامة حتى في حال سقوط الائتلاف، وأكد أن حزبه لن يسمح بمثل هذا الابتزاز.

وأعربت مصادر مسؤولة في قيادة الليكود عن خشيتها من احتمال أن تتسبّب هذه المواجهة بين "إسرائيل بيتنا" وحزبي يهدوت هتوراة وشاس بأزمة جديدة في الحكومة، التي تزعزع استقرارها على خلفية التحقيقات الجنائية التي تجريها الشرطة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشأن شبهات فساد.

وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا ألغت، في أيلول 2017، قانوناً يعفي الشبان اليهود الحريديم الذين يدرسون في الييشيفوت من الخدمة العسكرية الإلزامية، وأكدت أنه يخالف مبدأ المساواة أمام القانون. وعلقت المحكمة قرارها لمدة عام للسماح باعتماد إجراء جديد، الأمر الذي يمنح الحكومة إمكان سن قانون جديد في هذا الشأن.

واستخدم الوزراء الحريديم وأحزابهم في الماضي التهديد بإسقاط الحكومة للدفع قدماً بقوانين تفرض مبادئ دينية، كان آخرها القانون الذي يمنع السلطات المحلية من السماح للمحال التجارية ولا سيما البقالات من العمل أيام السبت من دون الحصول على موافقة وزير الداخلية. وخلال المعركة السياسية لتمرير هذا القانون، الذي عارضه حزب "إسرائيل بيتنا"، هدّد وزير الداخلية آرييه درعي رئيس شاس بالاستقالة إذا لم يتم طرح مشروع القانون للتصويت عليه في الكنيست. وتم تمرير القانون في كانون الثاني الماضي، على الرغم من خروج "إسرائيل بيتنا" ضد الائتلاف والتصويت ضد القانون.

وفي تشرين الثاني 2017 استقال عضو الكنيست يعكوف ليتسمان من يهدوت هتوراة من منصب وزير الصحة احتجاجاً على أعمال صيانة لشبكة السكك الحديد أيام السبت، وعاد إلى الحكومة مكتفياً بمنصب نائب وزير، ضمن تسوية مع نتنياهو وأحزاب أخرى في الائتلاف لدعم إجراءات صغيرة، وتأجيل التعامل مع مسائل أخرى بما في ذلك قانون التجنيد العسكري.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات