المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بنك "ليئومي" تورط أولا وتبين أن بنكي "هبوعليم" و"مزراحي طفاحوت" أودعا مبلغا احتياطيا في حساباتهما تحسبا لمطالبتهما بدفع غرامات للأجهزة الأميركية

اتضح من تقارير إسرائيلية نشرت في الأسبوع الماضي، أن السلطات الأميركية تلاحق بنكين إسرائيليين آخرين لتسترهما على متهربي ضرائب أميركان، بعد أن كانت الأجهزة الأميركية قد توصلت مع بنك ليئومي الإسرائيلي إلى اتفاق يقضي بأن يدفع البنك غرامة بقيمة 270 مليون دولار، لتستره على متهربي ضرائب أميركان، في فروع البنك في إسرائيل وأوروبا.

وتعمل البنوك الإسرائيلية بموجب قانون أقرته إسرائيل في العام 2003، ليسري لمدة خمس سنوات، ثم جرى تمديده في العام 2008 إلى عشر سنوات أخرى، ويمنح المهاجرين اليهود إلى إسرائيل، وحتى الإسرائيليين الذين هاجروا قبل سنوات وعادوا إلى إسرائيل، إعفاء من دفع الضرائب على كل نشاطهم الاقتصادي في الخارج لمدة عشر سنوات، حتى وإن كان الأمر متعلقا ببيع عقارات وأعمال في الخارج وما شابه، وهذا أحد الأنظمة التي سنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، بحثا عما يسمى بـ "الهجرة النوعية"، بمعنى استقدام مهاجرين يهود من ذوي الامكانيات المالية والعلمية.

وكان القانون في حينه يهدف إلى تحفيز الهجرة إلى إسرائيل، التي بدأت في تلك المرحلة بالتراجع بنسبة حادة، مقارنة مع معدلاتها التي كانت قائمة في سنوات التسعين من القرن الماضي. وكان هدف المُشرّع هو ضمان تأقلم المهاجرين اقتصاديا في إسرائيل، في سنوات هجرتهم الأولى، إلا أن هذا التعديل جعل كثيرين من كبار المستثمرين من يهود العالم يرون بإسرائيل "دفيئة لمتهربي دفع الضرائب".

وتكشفت في الأسبوع الماضي حقيقة أن البنك الإسرائيلي الأكبر "هبوعليم" (العمال)، والبنك الرابع من حيث الحجم "مزراحي طفاحوت"، قد أخفيا في التقارير المالية في العام الماضي 2014، مبلغا احتياطيا، يقارب 40 مليون دولار، تحسبا لمطالبة الأجهزة الأميركية بتغريم البنكين، على تسترهما هما أيضا على متهربي ضرائب أميركان.

وثارت ضجة إعلامية حول القضية، كون أن البنكين لم يبلغا البورصة الإسرائيلية بهذه الحقيقة، وقد تكشف الأمر لاحقا، ما يشير إلى أن البنكين، كغيرهما من البنوك، متورطان هما أيضا في قضية إيواء متهربي ضرائب من الولايات المتحدة الأميركية وغيرها.

وقالت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية إن المعلومات عن مسألة ايداع مبلغ احتياطي في البنكين، تكشفت للبورصة الإسرائيلية في الشهر الأول من العام الجاري، كانون الثاني، على الرغم من أن البنكين أقدما على هذه الخطوة في تقارير الربعين الثاني والثالث من العام الماضي، دون أن يجاهرا بالأمر.

وكان تقرير إسرائيلي سابق قد أكد أن إسرائيل باتت "دفيئة لمتهربي دفع الضرائب" من يهود العالم، الذين يستفيدون من القانون إياه، الذي بادر له بنيامين نتنياهو حينما كان وزيرا للمالية، ويجري الحديث عن إيداعات تقدر بمئات ملايين الدولارات.

وقال أحد التقارير الاقتصادية السابقة إن إسرائيل لم تربح من زيادة مداخيل، ولا من فتح أماكن عمل جديدة من استثمارات أولئك الأثرياء، كما أن القانون بصيغته القائمة أيضا حاليا، لا يلزمهم بالبقاء في إسرائيل بعد تلك الفترة، بمعنى أنهم وحدهم المستفيدون من القانون. وذكر التقرير أن كثيرين من الأميركان اليهود يحصلون على الجنسية الإسرائيلية لهذا الغرض، بينما يواصلون نشاطهم المالي في الولايات المتحدة.

ومن المفترض أن ينتهي مفعول القانون في العام 2018، إلا أن ضغوطا دولية تمارس على إسرائيل، لحثها على وقف العمل بالقانون، في حين أن البنوك الإسرائيلية الكبرى باتت تشعر بقلق كبير، وقررت تجاهل القانون، والبدء بالانصياع للقوانين والاتفاقيات الدولية، لمنع تبييض الأموال، خاصة بعد أن رأت ما تواجهه البنوك الإسرائيلية. وحسب تقارير في الصحافة الاقتصادية فقد بدأت البنوك الإسرائيلية تستخدم مستشاريها القضائيين، ومستشارين دوليين، وبموازاة ذلك بدأت تتخذ إجراءات احتياطية ضد مودعي أموال أجانب لديها.

وحسب ما نشر أيضا، فإن الأثرياء اليهود الذين تلقوا قبل سنوات ضمانات بعدم الكشف عن حساباتهم، المسجلة تحت أسماء مستعارة، ولربما أيضا تحت اسماء شركات وهمية، يهددون بمقاضاة البنوك، لخرقها الاتفاقيات، إلا أن تلك الاتفاقيات تتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، ما يجعل ادعاءاتهم ضعيفة.

وحتى الآن، فإن الحديث عن السلطات الأميركية التي شرعت بملاحقة البنوك الإسرائيلية، إلا أن متهربي الضرائب اليهود يأتون من دول أخرى، كما تبين في العام الماضي أن أثرياء فرنسيين يهود كانوا قد لجأوا إلى إسرائيل لإخفاء مئات ملايين الدولارات.

وفي الأسابيع الأخيرة، كشف النقاب عن أن السلطات الإسرائيلية سمحت "لثري" أوكراني يدعى يوري بوريسوف بالدخول إليها، ومنحته تأشيرة دخول له ولعائلته لمدة ستة أشهر، على الرغم من أنه مطلوب للعدالة الأوكرانية والانتربول، لكونه متهما باختلاس 40 مليار دولار من أموال الدعم لأوكرانيا. وكما يبدو فإن مسألة إدخاله إلى إسرائيل مرتبطة أيضاً بقضية الفساد الضخمة التي تتورط بها شخصيات من حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, أفيغدور ليبرمان

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات