المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أظهر تقرير جديد لمكتب الاحصاء المركزي الإسرائيلي أن الفجوات في المداخيل بين الشرائح المختلفة آخذة بالاتساع، وهذا يبرز بشكل خاص حينما يتأكد أن أكثر من 50% من العاملين يتقاضون 72% من معدل الرواتب وما دون. كما تبرز الفجوة من جديد بين مداخيل الرجال والنساء، في حين أن معدل مدخول العائلة العربية كان في العام الماضي يقل عن 65% من معدل مداخيل العائلات اليهودية. وفي المقابل قال تقرير دولي إن معدل الأعمار في إسرائيل هو من الأعلى في العالم، إلا أن الصرف الرسمي على الجهاز الصحي هو من أقل المعدلات بين الدول المتطورة.

ويقول تقرير مكتب الإحصاء إن معدل الرواتب الرسمي غير الصافي في العام الماضي 2016، بلغ 9724 شيكلا بالمعدل، وهو ما يعادل 2762 دولارا، علما أنه لامس 10 آلاف شيكل، عند نهاية العام الماضي. في حين أن معدل الرواتب الفعلي بلغ في العام الماضي 7030 شيكلا. والفارق بين معدل الرواتب الرسمي والفعلي، هو أن الأول يتم احتسابه من خلال جمع كل الرواتب وقسمها على كافة العاملين في الفترة المحددة، أما معدل الراتب الفعلي، فإنه يأخذ بالحسبان مستويات الرواتب، بمعنى نسبة الاجيرين الذين يتقاضون كل واحدة من درجات الرواتب.

ومن أبرز الفجوات الظاهرة تلك التي بين رواتب الرجال والنساء، إذ حسب التقرير بلغ معدل رواتب الرجال في العام الماضي 11664 شيكلا، وهو ما يعادل 3313 دولارا، مقابل 7633 شيكلا للنساء، وهو ما يعادل 2168 دولارا. ما يعني أن معدل رواتب النساء يساوي 4ر65% من معدل رواتب الرجال، في حين أن هذه النسبة كانت قبل سنوات قليلة في حدود 72%. ورغم ذلك، فإن التقرير يدعي أنه على مستوى معدل المداخيل الفعلي، فقد تقلصت الفجوة بين الرجال والنساء، إذ كان معدل مداخيل النساء يساوي 4ر73% من معدل مداخيل الرجال، في حين أن هذه النسبة كانت 73% في العام 2015.

ويقول التقرير إن معطيات العام الماضي 2016، بيّنت ارتفاعا طفيفا في نسبة المخصصات الاجتماعية، من اجمالي مداخيل العائلات ككل، من نسبة في حدود 9ر10% في العام 2015، إلى نسبة 3ر11% في العام الماضي 2016. ويتوقع التقرير ارتفاع هذه النسبة في العام الجاري، بعد رفع المخصصات الاجتماعية.

يذكر أن المخصصات الاجتماعية، على مختلف أنواعها، تشكل مدخولا أساسيا لدى العائلات الفقيرة والضعيفة، وهذا يظهر بشكل واضح في تقارير الفقر السنوية، إذ أن المخصصات الاجتماعية ترفع بالمعدل حوالي 45% من العائلات الفقيرة اليهودية إلى ما فوق خط الفقر السنوي، و11% من العائلات الفقيرة العربية، لكون الفقر بين العرب أشد عمقا بين اليهود. وحتى أن تقرير الفقر الصادر في نهاية العام الماضي 2016 عن العام الذي سبق 2015، بيّن أن المخصصات الاجتماعية "أنقذت" 3ر7% من العائلات العربية الفقيرة، وهذه نسبة لم نشهد مثلها من حيث تدنيها في السنوات الماضية ما يدل على تعمق الفقر بين العرب أكثر، على الرغم من تراجع أعداد الأولاد في العائلات العربية.

وقال تقرير أخير إن معدل الولادات لدى الأم العربية بلغ 2ر3 للمرأة العربية الواحدة، مقابل 8ر6 إلى 7 ولادات للأم من نساء الحريديم. وهذا مقياس مهم للفقر، إذ أن مدخول العائلة بات ينقسم على عدد أفراد أقل من ذي قبل. ورغم ذلك فإن ما يحصل هو العكس.

ويقول تقرير مكتب الاحصاء الأخير إن الجمهور الواقع في أدنى ثلاث درجات اجتماعية من أصل عشر، يعيش في حالة مديونية دائمة ومزمنة. فمعدل مداخيل من هم في الشريحة الاجتماعية الأعلى تصل إلى 3ر7 أضعاف معدل مداخيل الشريحة الدنيا.

ويذكر أن معطيات الرواتب في العام الجاري 2017 من شأنها أن تتغير بقدر ملموس، على وقع رفع الحد الأدنى من الأجر، في مطلع الشهر المقبل- كانون الأول، إلى 5300 شيكل، وهذا أعلى مما كان في نهاية العام الماضي 2016، بنسبة تلامس 11%.

الفجوة بين العرب واليهود

وبيّن تقرير مكتب الاحصاء المركزي الإسرائيلي أن الفجوة بين مداخيل العائلات العربية والعائلات اليهودية آخذة بالاتساع. وقال التقرير إن معدل مدخول العائلة من فلسطينيي الداخل بلغ في العام الماضي 2016، ما نسبته 7ر64% من معدل مدخول العائلات اليهودية، في حين أن هذه النسبة كانت في سنوات ماضية في حدود 67%. إلا أن تقرير المكتب يدعي أن النسبة في العام 2016، ارتفعت عما كانت عليه في العام الذي سبق 2015، إذ بلغت 8ر58%.

وحسب التقرير فإن معدل دخل العائلات اليهودية الصافي في العام الماضي 2016، كان 12734 شيكلا، وهو ما يعادل 3620 دولارا، مقابل معدل دخل للعائلات العربية بحوالي 7384 شيكلا، وهو ما يعادل 2097 دولارا.

ويقول التقرير إن معدل راتب الأجير اليهودي بلغ 10286 شيكلا (رجالا ونساء)، وهو ما يعادل 2922 دولارا شهريا، مقابل 6658 شيكلا شهريا للأجير العربي وهو ما يعادل 1891 دولارا، ما يعني فجوة بنسبة 42%. وتساهم في هذه الفجوة عدة عوامل، من بينها التمييز في القبول لأماكن العمل ذات الجودة، إذ أن نسبة البطالة بين العرب تصل إلى اربعة أضعاف نسبتها بين اليهود، 3% مقابل حوالي 12%. كما أن حوالي 65% من النساء العربيات محرومات من فرص العمل، والسبب الأكبر لهذا هو حرمان البلدات العربية من مناطق صناعية ومؤسسات رسمية وأماكن عمل. فهناك نسبة شبه دائمة للبطالة بين الأكاديميات العربيات تتراوح ما بين 20% إلى 25%. في حين أن نصف النساء العربيات ذوات المؤهلات العالية لا يعملن في وظائف تتناسب مع مستوى شهاداتهن. ونسب البطالة بين الأكاديميات العربيات تفند مزاعم المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بأن العادات والتقاليد تمنع النساء العربيات من الانخراط في سوق العمل.

ويشير التقرير الرسمي أيضا إلى الفجوة في معدلات الرواتب بين النساء اليهوديات والعربيات، ففي حين أن معدل رواتب النساء اليهوديات بلغ 7928 شيكلا، وهو ما يعادل 2252 دولارا، فإن معدل رواتب النساء العربيات كان في 5004 شواكل، وهو ما يعادل 1421 دولارا، بمعنى فجوة بنسبة 37%.

من أعلى معدلات الأعمار

في سياق متصل بالأوضاع الاجتماعية، أظهر تقرير جديد لمنظمة التعاون بين الدول المتطورة، OECD، أن إسرائيل تحل في المرتبة الرابعة عالميا من بين دول المنظمة في معدل الأعمار، إذ يبلغ في إسرائيل 1ر82 عام، وحوالي 84 عاما للنساء، مقابل حوالي 81 عاما للرجال، وأن معدل الأعمار سجل منذ العام 1970 وحتى الآن ارتفاعا بمعدل يزيد عن 10 سنوات.

وقد حلت إسرائيل بعد اليابان، التي بلغ معدل الأعمار العام فيها 9ر83 عام، وبعد كل من اسبانيا وسويسرا- 83 عاما. وأدنى معدلات الأعمار كانت في لتوانيا- 6ر74 عام، وفي المكسيك- 75 عاما.

وتؤكد كل التقارير الإسرائيلية على وجود فجوة واضحة في معدل الأعمار بين اليهود والعرب، كانعكاس للأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، إذ أن اليهود يعيشون ثلاث سنوات أكثر من العرب. وهذا نابع من جودة البيئة، ومن القدرة على جودة غذائية، وجودة السكن، والقدرة على التأمين الصحي والحصول على العلاجات، والبعد عن المراكز العلاجية، اضافة إلى جودة المواصلات وأنواع العمل وغيرها من العوامل.

وبلغ معدل أعمار النساء اليهوديات في العام الماضي 5ر84 عام، مقابل 1ر81 عام للنساء العربيات. أما معدل أعمار الرجال اليهود فقد بات 9ر80 عام، مقابل 9ر76 عام لدى العرب. وفي ما يخص العرب، هناك تفاوت كبير بين معدل الأعمار في صحراء النقب وبين المناطق الأخرى. كما أن معدل الوفيات بين الأطفال المواليد والرضع تصل بين إلى العرب إلى 4ر6 طفل من كل ألف طفل، مقابل 46ر2 طفل بين كل ألف طفل لدى اليهود.
وحسب التقرير، فإن إسرائيل من أكثر الدول التي سجلت ارتفاعا في معدل الأعمار منذ العام 1970 وحتى اليوم، إذ بلغت الزيادة 3ر10 سنوات، بينما معدل الزيادة العامة في دول OECD بلغ 5ر7 سنوات.

ومن أبرز عوامل ارتفاع معدل الأعمار بشكل عام في العالم، هو تطور الأدوية والعلاجات، والسعي إلى نمط حياة صحي أكثر، اضافة إلى ارتفاع معدلات التحصيل العلمي وتطور المجتمعات. ومن أبرز الأمراض التي تراجعت نسبة الوفاة على خلفيتها أمراض القلب على مختلف أنواعها، فعلى سبيل المثال تراجعت الوفيات في الدانمارك والنرويج بسبب أمراض القلب منذ العام 1990 وحتى الآن بنسبة 70%.

وفي جوانب أخرى من هذا التقرير الدولي يتبين أن معدل الأعمار لدى الرجال ذوي التحصيل العلمي العالي أعلى بنحو 5ر7 سنوات من معدل أعمار ذوي التحصيل المتدني جدا، بينما الفجوة بين النساء تهبط إلى 5 سنوات. وتبين أن الفجوات في إسرائيل أعلى بقليل. وتقول منظمة الصحة في OECD إنه لو انخفضت نسبة تدخين السجائر وشرب الكحول بنحو 50%، لارتفع معدل الأعمار في جميع الدول بنحو 13 شهرا.

وعلى الرغم من التقدم في المجال الصحي، ومعدلات الأعمار في إسرائيل، إلا أن الصرف في إسرائيل على الصحة، هو من الأدنى من بين دول OECD. إذ أن الصرف على المجال الصحي بالمعدل للفرد يبلغ 2822 دولارا، مقابل 4 آلاف دولار بالمعدل في دول المنظمة. كما أن اجمالي الصرف في إسرائيل على الجهاز الصحي يبلغ 4ر7% من اجمالي الناتج العام، بينما معدل النسبة في دول OECD بلغ 11%.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات