مشروع سياسي أطلقته المنظمة الصهيونية العالمية. ويعتبر هذا المشروع انطلاقة تحول في مبنى علاقات هذه المنظمة مع الدول الكبرى.
وعُرض هذا المشروع لأوّل مرة في فندق بلتيمور في نيويورك في شهر أيار 1942 أثناء انعقاد مؤتمر خاص لصهيونيي الولايات المتحدة الأميركية.
وتعود أهمية هذا المشروع إلى أنه لأوّل مرة في تاريخ مسيرة الحركة الصهيونية ونشاطاتها المتنوعة تصدر مطالبة واضحة بقيام دولة يهودية في فلسطين.
وتزامنت عملية إطلاق هذا المشروع الداعي إلى إقامة دولة يهودية مع استمرار سير معارك الحرب العالمية الثانية. وتزامن المشروع مع انتشار أخبار الفظائع التي قام بها النازيون في ألمانيا والبلاد التي وقعت تحت سيطرتهم، ضد اليهود وغيرهم من الشعوب والقوميات، لهذا نجح زعماء الصهيونية في ربط ما كان يجري في أوروبا مع رغبات الصهيونية بإقامة دولة يهودية في فلسطين.
ولم يكن صدفة عقد المؤتمر في نيويورك، وذلك يعود إلى قوة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، ولمعرفة زعماء الصهيونية وفي مقدمتهم بن غوريون أن للولايات المتحدة دوراً ريادياً عالمياً في حال انتهاء الحرب العالمية الثانية بعد أن تبين أن بريطانيا لم تعد الدولة العظمى كما كانت، إضافة إلى غضب زعماء الصهيونية و الييشوف في فلسطين من إقدام بريطانيا على إصدار الكتاب الأبيض العام 1939، وهو كتاب اعتبرته الصهيونية تراجعاً بريطانياً عن الوعود المقطوعة لليهود لصالح العرب.
وأن الاهتمام الذي أظهرته المنظمة الصهيونية بالجاليات اليهودية في الولايات المتحدة مصدره القوة الاقتصادية والسياسية التي تتمتع بها هذه الجاليات، بالرغم من أن الجاليات اليهودية الاوروبية كان لها الفضل الكبير في دعم مسيرة المطالب الصهيونية، ولكن الدمار الذي أصاب هذه الجاليات جراء الحرب العالمية كان مؤشراً للمنظمة الصهيونية بضرورة التحول إلى الولايات المتحدة.
ويمكن تلخيص المشروع في النقاط التالية:
أ-) ضرورة تنفيذ ما ورد في تصريح بلفور وصك الانتداب الذي أكد شرعية المطالب والحقوق الصهيونية في إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين.
ب-) رفض المشروع رفضاً قاطعاً الكتاب الأبيض من شهر أيار العام 1939، وأشار البيان الصادر عن المؤتمر إلى أن هذا الكتاب هو عملية تقليص لحقوق اليهود في الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها وشراء الأراضي وتملكها.
ت-) يجب الاعتراف بحق اليهود في تبوء الدور الإنساني في المجهود الحربي ضد قوى الظلم والعدوان في العالم - إشارة إلى النازية - ويستطيع اليهود أن يحاربوا من أجل الدفاع عن (وطنهم) من خلال وجودهم في (وطنهم)، خاصة بعد أن تحولت فلسطين إلى جبهة قتال خطيرة خلال الحرب العالمية الثانية.
ث-) إن نظام العالم الجديد بعد تحقيق النصر لا يمكن أن يتأسس على قواعد السلام والعدل والمساواة ما لم يتم حلّ مشكلة تهجير اليهود حلاً نهائياً، ولذلك يجب فتح أبواب فلسطين على مصراعيها أمام اليهود لحمايتهم من براثن النازيين.
ج-) ويطالب المشروع منح الوكالة اليهودية حقّ السيطرة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين وحقّ شراء الأراضي وإقامة المستوطنات وتطوير المناطق غير المزروعة وتحويلها إلى مناطق تستطيع استيعاب السكان اليهود.
ح-) جعل فلسطين دولة كومنولث يهودية تندمج مع المعسكر الديمقراطي في العالم الحر والديمقراطي.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع بلتيمور واجه معارضة من قبل بعض الأوساط السياسية والحزبية اليهودية والصهيونية، وخصوصاً من قبل حزب (هشومير هتسعير) الذي نادى بإقامة دولة للشعبين الفلسطيني واليهودي في فلسطين.
ولما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها تبنى الصهيونيون مشروع بلتيمور كخطة مركزية في التحضير من أجل أقامة الدولة اليهودية في فلسطين.