تجري أعمال المرحلة الأولى من إقامة الجدار الفاصل في شمال الضفة الغربية على قدم وساق ومن المقرر ان يتراوح عرض هذا العائق ما بين خمسين الى مائة متر وسيشمل خندقا وطريقا ترابياً وسياج إنذار إلكترونيا وطريقا دوريات تسير في مسارين.


وقد أصدرت منظمة بتسيلم ورقة تتناول قضية الترسيم المخطّط وتنذر بالمسّ بحقوق الإنسان للآلاف الفلسطينيين الذين يسكنون بالقرب من الخط الأخضر نظرا لتحديده داخل منطقة الضفة الغربية.

يستخدم جزء كبير من الأراضي المجاورة للخط الأخضر لأغراض زراعية، وعليه فمن بين النتائج المترتبة على إقامة العائق على بُعد كيلومترات معدودة شرقي الخط الأخضر الفصلُ (وهو بمثابة حاجز) بين الآف المزارعين الفلسطينيين وأراضيهم التي ستبقى في الطرف الآخر من هذا الخط.

وعلى سبيل المثال يتوقع أن يبقى نحو ستة آلاف دونم يمتلكها سكان بلدة قفّين (نحو 9000 نسمة) في الطرف الآخر للجدار مع العلم أن هذه الأراضي مزروعة بأشجار الزيتون القديمة.

كما ينجم عن ترسيم الخط داخل الضفة الغربية تحويل قرى بكاملها إلى جيوب فلسطينية تبقى غربي الجدار منفصلةً بشكل أو آخر عن بقية مناطق الضفة. لا تختلف مكانة السكان في هذه القرى عن غيرهم من سكان الأراضي المحتلّة حيث يعتبر دخولهم الى إسرائيل دون الحصول على تصريح مخالفةً جنائيةً مع العلم بأن سكان هذه القرى يتوجّهون إلى المراكز المدنية المجاورة في الضفة الغربية مثل جنين وطول كرم وقلقيلية للحصول على الخدمات وإدارة شؤونهم الحياتية إلاّ أن هذه المدن ستبقى إلى الشرق من الجدار .

واستناداً إلى الخط الذي تقرّر ترسيمه في المجلس الوزاري المصغّر فإن ثماني قرى يقطنها أكثر من عشرة آلاف نسمة ستبقى غربي الجدار الفاصل. وفيما تعهّدت دولة إسرائيل بالسماح بتنقّل مشروط على طرفي الجدار إلاّ أن الاعتماد المتوقّع للسكان الفلسطينيين على سلطات الجيش الإسرائيلي من شأنها أن تفسح المجال أمام ظروف ومواقف تهدّد بعدم الوفاء بهذا التعهُّد. وتعود بعض المخاوف إلى عدم التأكُّد من الترتيبات التي سيتم تحديدها والمتعلقة بالتنقّل عبر طرفي الجدار .

ومما يزيد من هذه المخاوف تجربة الماضي الخاصة بسياسة إسرائيل باصدار تصاريح التنقّل. ذلك أن إسرائيل كانت تلجأ مرارا خلال فترة الاحتلال ولا سيما الانتفاضة الأولى (1987- 1993) إلى استغلال نفوذها وفرض القيود على حرية التنقّل لسكان الأراضي المحتلّة سعيا لتحقيق أهداف مرفوضة واعتمادا على اعتبارات غير موضوعية.

ما من شك بأن تفادي وقوع عمليات عدوانية داخل إسرائيل أو تقليص عددها على الأقل يعتبر هدفًا عسكرياً مشروعاً وعليه فإن ورقة المبادئ لا تتطرّق إلى مجرّد عملية إقامة العائق. لكن الاحتياجات العسكرية لا يمكن أن تبرّر المس الشامل بحقوق لإنسان ولا تعفي إسرائيل من واجب تطبيق القانون الدولي. فمن الشروط الضرورية لتبرير المس بحقوق الإنسان غياب بديل يفضي إلى نتائج مماثلة إلاّ أنه أقل مساً بحقوق الإنسان.

بيد أن إمعان النظر في عملية تحديد خط الجدار نفسه في المقطع الأول من العائق والاطّلاع على مميزات هذا الخط يثيران مخاوف شديدة حول تدخّل اعتبارات سياسية مرفوضة في عملية الترسيم. وتزداد هذه المخاوف حيال عدم الشفافية التي تميزت بها عملية اتخاذ القرارات حتى الآن. ان أحد الاعتبارات السياسية التي تلقى تعبيرا في التصريحات لعدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية بمحاولة الامتناع قدر الإمكان عن خلق الانطباع وكأنّ إقامة الجدار الفاصل تشكّل خطوة تمهيدية لترسيم الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة مما أسفر عن بذل جهود ترمي إلى تحديد الخط بحيث لا يتطابق والخط الأخضر.

هنالك اعتبار آخر يخص ضمّ أكبر عدد ممكن من المستوطنات في الطرف الغربي من الجدار ما دام الأمر لا يستوجب ضم قرى فلسطينية أيضًا، وعليه فقد تم حتى الآن ضم عشر مستوطنات. أما الادعاء بأن مثل هذه الخطوة تهدف إلى توفير أقصى درجات الحماية للمستوطنين فلا يمكن القبول به نظرا لتوفُّر بديلََيْن أفضل وأقل مساسا بحقوق الإنسان، أوّلهما قيام إسرائيل بإخلاء هذه المستوطنات ونقل سكانها إلى داخل أراضيها. على أية حال هذه الخطوة ضرورية نظرا لعدم قانونية إقامة المستوطنات في منطقة محتلّة. ثانياً يمكن لإسرائيل توفير الوسائل الوقائية لهذه المستوطنات شأنها شأن بقية المستوطنات (مثل إحاطتها بسياج إنذار وغيرها من العوائق) دون الفصل ما بين سكان البلدات الفلسطينية وأراضيهم.

من هذا المنطلق تدعو منظمة "بتسيلم" حكومة إسرائيل ومن خلال ورقة المبادئ التي أصدرتها إلى اتخاذ قرار مبدئي ينصّ على التطابق بين خط الجدار والخط الأخضر أو مروره داخل أراضي دولة إسرائيل. ولن يتم اعتبار أي خرق لمثل هذا المبدأ شرعيا إلاّ في حالات استثنائية واعتمادا على اعتبارين ألا وهما مصلحة السكان الفلسطينيين والاعتبارات العسكرية بالمفهوم الضيق لهذا المصطلح.

المصطلحات المستخدمة:

بتسيلم, الخط الأخضر