قدمت النيابة العامة الإسرائيلية، أول من أمس الأحد، لائحة اتهام إلى المحكمة المركزية في مدينة اللد ضد ناشط اليمين المتطرف عميرام بن أوليئيل (21 عاما) من مستوطنة "شيلو"، المتهم بقتل ثلاثة من أبناء عائلة الدوابشة في قرية دوما ومحاولة قتل فرد آخر من تلك العائلة وبتنفيذ محاولات قتل وحرق آخرين على خلفية عنصرية.

وقال بيان صادر عن وزارة العدل الإسرائيلية إنه جرى توجيه لائحة اتهام ضد شخص آخر قاصر ويبلغ 17 عاما، ونسبت إليه تهمة التآمر على ارتكاب جريمة وبتنفيذ مخالفات أخرى على خلفية عنصرية، بما في ذلك الاعتداء في دوما. كما نسبت له المسؤولية عن حرق كنيسة. وتم اتهام الاثنين بالعضوية في تنظيم إرهابي.

ووفقا للائحة الاتهام قام نشطاء يهود في الأعوام 2009- 2013 بسلسلة من العمليات التي سميت بـ"تدفيع الثمن" والتي كانت تتمثل بحرق ممتلكات خاصة وخط كتابات ضد المسلمين والمسيحيين بسبب انتمائهم الديني والقومي فقط. وكان يهدف هؤلاء النشطاء إلى ردع أصحاب القرار عن إجلاء مستوطنات وبؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية.

وادعى المتهمان أثناء التحقيق معهما أنهما قررا تنفيذ الاعتداء الإرهابي في دوما انتقاما لمقتل المستوطن ملآخي روزنفيلد في عملية إطلاق نار نفذها فلسطينيون في حزيران الماضي. وجاء في لائحة الاتهام أنه "في إطار التحضيرات لتنفيذ هذه العملية أعدّ بن أوليئيل حقيبة احتوت على زجاجتين مليئتين بسائل حارق وخرق قماش وقداحة وعلبة كبريت وقفازات ورذاذ أسود. وارتدى بن أوليئيل ملابس سوداء ليلة 30 تموز وخرج من منزله حاملا الحقيبة المذكورة من أجل الالتقاء بالمتهم القاصر في مغارة قريبة من البؤرة الاستيطانية ’يشوف داعات’. ولم يحضر القاصر إلى مكان اللقاء، وقرر بن أوليئيل تنفيذ العملية الإرهابية بمفرده. عندما وصل إلى مشارف قرية دوما ربط قميصه حول رأسه من أجل إخفاء ملامح وجهه ولبس القفازات".

وأضافت لائحة الاتهام أن "بن أوليئيل بحث عن منزل مأهول بهدف زيادة الفرص لإلحاق أضرار بواسطة الحريق ولكي يكون متأكدا بأن المنزل المستهدف ليس خاليا من السكان. وقام أولا بخط الكتابات "إنتقام" و"عاش الملك المسيح" على جدران منزل مكون من طابقين يعود لمأمون الدوابشة ثم ألقى زجاجة حارقة عبر الشباك بهدف قتل سكان المنزل ونتيجة ذلك اشتعل المنزل الذي كان غير مأهول".

وتابعت لائحة الاتهام: "ثم توجه بن أوليئيل إلى منزل سعد وريهام الدوابشة حاملا الزجاجة الحارقة الأخرى. وبعد أن حاول فتح شباكين بدون نجاح، فتح شباك غرفة النوم حيث نام أفراد العائلة. وقام بن أوليئيل بإشعال الزجاجة الحارقة الثانية وألقاها على الشباك ثم لاذ بالفرار. وأخذت النار تشتعل وتحرق 4 أفراد العائلة مما أدى إلى مقتل الرضيع سعد الدوابشة ووالديه سعد وريهام وإلى إصابة الطفل أحمد بجروح خطيرة".

وينسب لبن أوليئيل ارتكاب ثلاث جرائم قتل ومحاولات لارتكاب جرائم قتل وحرق وتآمر على ارتكاب جريمة على خلفية عنصرية. ويتهم القاصر بالتآمر على ارتكاب جريمة قتل على خلفية عنصرية وجريمة حرق ومخالفات أخرى.

حول لائحة الاتهام وتحقيق الشاباك في هذه القضية أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، رون بن يشاي.

(*) "المشهد الإسرائيلي": يبدو من تفاصيل التحقيق مع المشتبهين بتنفيذ الاعتداء الإرهابي وإحراق بيت عائلة الدوابشة في قرية دوما، أن هناك "ثقوبا" في لائحة الاتهام، وأن الشاباك ربما تهاون في التحقيق. وعلى سبيل المثال، قرر الشاباك أن المتهم المركزي نفذ الاعتداء لوحده بينما كانت هناك إفادات بعد الاعتداء بأنه شوهد أكثر من شخص خارج منزل الدوابشة. ما رأيك؟

بن يشاي: "لا أوافق على القول إن الشاباك تهاون في التحقيق. لست شريكا في الادعاء بأن الشاباك تهاون في التحقيق. وبالنسبة لما جاء في لائحة الاتهام مقابل الإفادات التي تتحدث عنها، فإن لائحة الاتهام تُقدم بالاستناد إلى الأدلة المتوفرة فقط. ولا يمكن أن تضمن لائحة الاتهام أمورا لا تتوفر أدلة حيالها. ولائحة الاتهام تشمل أمورا توجد أدلة عليها من أجل إقناع القاضي في المحكمة".

(*) ادعى الشاباك أنه توجد صعوبة في حل لغز هذا الاعتداء والتوصل إلى الجناة...

بن يشاي: "لقد تمكن الشاباك من حل لغز هذا الاعتداء من الناحية الاستخبارية في شهر آب، أي بعد حوالي الشهر من تنفيذ الاعتداء كانوا يعلمون من نفذه. لكن المشكلة كانت بإحضار المشتبهين إلى المحكمة استنادا إلى أدلة. فهؤلاء المشتبهون لم يتحدثوا خلال التحقيق وإنما التزموا الصمت. ولم يتم العثور على أشياء تركها الجناة في قرية دوما ويمكن استخدامها كأدلة ضدهم. وفقط بعد ممارسة المحققين ضغوطا جسدية على المشتبهين، وبعض أساليب التعذيب الخفيفة، بدأ المشتبهون بالاعتراف".

(*) لماذا ثارت عاصفة في إسرائيل حول استخدام التعذيب ضد المشتبهين، بينما لا تتعالى أية معارضة لدى استخدام التعذيب ضد معتقلين فلسطينيين؟

بن يشاي: "لا توجد عاصفة كهذه في إسرائيل، أنت مخطئ. ومن يثير عاصفة كهذه هم عائلات المشتبهين ومحاموهم ومجموعة مؤيدة لهم وهي بالمناسبة مجموعة ليست صغيرة، وإنما تشمل بضعة آلاف من المستوطنين المتطرفين وهم الذين يثيرون ضجة. لكن الجمهور في إسرائيل لا يثير ضجة من هذا الأمر".

(*) ليس الجمهور الذي يثير هذه العاصفة وإنما وسائل الإعلام مثلا، وكذلك سياسيون من اليمين بالأساس.

بن يشاي: "صحيح أنه توجد عاصفة من خلال وسائل الإعلام، ومن يثيرها هم محامو المشتبهين الذين يتحدثون لوسائل الإعلام ويحاولون إثارة عاصفة كهذه".

(*) هل توجد مشكلة في إسرائيل باستخدام التعذيب ضد مشتبهين كهؤلاء؟

بن يشاي: "الأساليب التي مورست ضد المشتبهين ليست تعذيبا. والأساليب التي استخدمها المحققون هي، على سبيل المثال، منع المشتبهين من النوم، وهذا الأسلوب يستخدم في التحقيقات ضد الفلسطينيين. لم يستخدموا أساليب أشد من ذلك. إضافة إلى ذلك فإن المحققين حصلوا على مصادقة المحكمة العليا. وليس بإمكان المحققين استخدام أساليب تعذيب اليوم من دون مصادقة قاض. وهذا لم يكن تعذيبا وإنما ما يوصف بأنه ’أساليب تحقيق خاصة’. وهي أساليب غير مريحة، مثل الصراخ على المشتبه وعدم السماح له بالنوم، وعندما تريد أن تنام يسمعونك موسيقى بصوت مرتفع. هذا ليس مريحا. وهذه أساليب لا تستخدم خلال تحقيقات الشرطة. وقد تم استخدامها فقط بعد تعريف المشتبهين أنهم إرهابيون وأنهم ’قنبلة موقوتة’. ولهذا السبب حصل المحققون على مصادقة قاض لاستخدام أساليب تحقيق كهذه".

(*) قلت إنهم يحصلون على دعم الآلاف؟

بن يشاي: "المشتبهون ينتمون إلى جماعة ’شبيبة التلال’، ويبدو هؤلاء كأنهم فتية في خطر وتعرضوا للإهمال وتسربوا من أطر عائلية وتربوية عادية. وبعد ذلك ذهبوا إلى البؤر الاستيطانية العشوائية في المناطق (المحتلة) ووجدوا طريقهم إلى عالم الجريمة، جريمة الكراهية. وهذه ظاهرة معروفة لسلطات الرفاه وتطبيق القانون التي تواجهها يوميا في جميع أنحاء البلاد ويعرفون ماذا ينبغي فعله حيالها. لكن السبب الذي حوّل ’شبيبة التلال’ من شبيبة في خطر إلى غول مفترس هو أنهم تلقوا الدعم والتضامن والشرعية من جمهور ليس صغيرا. وبنظر أجزاء واسعة في مجتمع المستوطنين واليمين القومي في إسرائيل، فإن ’شبيبة التلال’ هم فتية طلائعيون ويسيرون في مقدمة المعسكر، ورغم أنهم فتية مهووسون قليلا لكنهم طاهرون بأفعالهم ونواياهم والتزامهم بتوراة إسرائيل وتجاه شعب إسرائيل وأرض إسرائيل ولذلك يستحقون تعاملا ليس متسامحا فقط وإنما مشجعا أيضا".

(*) فيما يتعلق بعملية إطلاق النار في تل أبيب، يوم الجمعة الماضي، هل يوجد طرف خيط لدى الشرطة والشاباك في مطاردة المشتبه بتنفيذ العملية، نشأت ملحم، بحسب معلوماتك؟

بن يشاي: "أعتقد أنه ربما يوجد لديهم طرف خيط. وأعتقد أن هناك عدة أطراف خيوط. وهذا رجل خطير وهو بمثابة ’قنبلة موقوتة’. وصحيح القول إن المطاردة استغرقت وقتا طويلا، لكن هذا يثبت أيضا أن الادعاء أن هذا الرجل مريض نفسيا هو ادعاء سخيف".

(*) ما هي التقديرات حيال المحفز الذي دفعه لتنفيذ عملية إطلاق النار هذه؟

بن يشاي: "في تقديري أن عملية إطلاق النار هذه تذكرنا بالاعتداءات الإرهابية التي نفذها عناصر داعش في باريس. لكن طالما لم يتم القبض عليه والتحقيق معه فإننا لن نعرف الدافع الحقيقي. ولو كانت هذه العملية مثل اعتداءات باريس لسارع داعش إلى الإعلان عن مسؤوليته عنها، لكنه لم يفعل ذلك".

المصطلحات المستخدمة:

اللد, يديعوت أحرونوت