عكيفا إلدار لـ"المشهد الإسرائيلي": هرتسوغ وليفني سيواجهان معارضة للانضمام إلى الحكومة الجديدة نتنياهو يبقى بدون ورقة تين أمام العالم!

رغم الفوز الساحق الذي حققه رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في انتخابات الكنيست، التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، الأمر الذي سيمكنه من تشكيل حكومة تستند إلى كتلة أحزاب اليمين والحريديم، التي حصلت على 67 مقعدا في الكنيست من أصل 120 مقعدا، إلا أن هناك تقديرات في إسرائيل تعتبر أنه سيواجه مشكلة مع المجتمع الدولي. ويتوقع أن تصعّد حكومة كهذه من العداء للفلسطينيين، وللمواطنين العرب في إسرائيل خصوصا، وأن تقوم بتوسيع المستوطنات وزيادة عملية تهويد القدس.

وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد حذر قبل أيام من تصريح نتنياهو بأن دولة فلسطينية لن تقوم في حال بقي في رئاسة الحكومة، كما حذر من تفوهات نتنياهو العنصرية ضد المواطنين العرب، عندما قال في يوم الانتخابات إنهم "يتحركون بكميات كبيرة نحو صناديق الاقتراع" وإن "الجمعيات اليسارية تنقل العرب إلى صناديق الاقتراع". وأعلن أوباما أن إدارته ستتعامل مع حكومة نتنياهو على أنها تعارض قيام دولة فلسطينية، ورأى الكثيرون بهذا التحذيرات أن الولايات المتحدة لن تدافع عن إسرائيل في المؤسسات الدولية، بما في ذلك الامتناع عن استخدام الفيتو الأميركي لدى مناقشة قرارات في مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل.

حول نتائج انتخابات الكنيست وتشكيل حكومة يمين ودور الولايات المتحدة في ضوء ذلك، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المحلل السياسي في موقع "ألمونيتور" الالكتروني، عكيفا إلدار.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما رأيك في نتائج انتخابات الكنيست؟

إلدار: "نتائج الانتخابات ليست مفاجئة بالطبع، وما حدث في هذه الانتخابات هو تحركات داخل معسكر اليمين، فيما نجح رجل الحملات الدعائية العبقري، نتنياهو، في التهام أصوات اليمين الذي يسمى متطرفا رغم عدم وجود فوارق كبيرة بين هذه الأحزاب. ولذلك فإن هذه تغييرات في ترتيب الغرف داخل البيت، بينما البيت نفسه، من حيث المنظر الخارجي ومضمونه الداخلي، لم يتغير. ربما الديكور تغير فقط".

(*) كيف تمكن نتنياهو من تحقيق هذا الفوز الكبير، 30 مقعدا في الكنيست، ما هي الرسائل التي بعث بها إلى الناخبين؟

إلدار: "رسالته المركزية كانت التخويف من العرب. فقد بعث برسائل مضمونها الكراهية والخوف من العرب. وكانت حملته الدعائية تستند إلى أنه ’إذا لم تنتخبوني، فإن العدو العربي واليساري الإسرائيلي سيسيطران على الدولة’. والجانب الآخر، المعسكر الصهيوني والأحزاب الأكثر اعتدالا، كان محرجا، لأنه ليس مبنيا لمواجهة مثل هذا الأسلوب. ولذلك فإن الملعب كله كان تحت سيطرة نتنياهو، لأن رسالة اليسار والوسط في إسرائيل كانت حضارية أكثر ومتوازنة أكثر، وليست مبنية على التخويف وإنما على الأمل. ويتضح أن الكراهية والخوف يحققان نجاحا أكبر من الأمل".

(*) يبدو أن "المعسكر الصهيوني" لم يطرح بديلا لسياسة نتنياهو، ما رأيك؟

إلدار: "هذا صحيح، لكني لا أعرف إلى أي مدى كان أمرا كهذا سيغير الوضع. إذ أن المعسكر الصهيوني، وحزب العمل خصوصا، فاز بالانتخابات منذ العام 1977 فقط عندما قادته شخصية أمنية، وليس رجل سلام. إسحاق رابين وايهود باراك هما شخصيتان أمنيتان، وكذلك شمعون بيريس يصور أنه شخصية أمنية، لأنه كان مدير عام وزارة الدفاع وأشرف على بناء البرنامج النووي الإسرائيلي، رغم أنه لم يكن جنرالا في الجيش. وأعتقد أنه لو كان يرأس حزب العمل شخص مثل رئيس أركان الجيش الأسبق، غابي أشكنازي، لما كان بإمكان نتنياهو أن يخيف الجمهور بأن حكمه سيمس بأمن الدولة".

(*) هذا يعني أن الجمهور الإسرائيلي يتملكه الخوف؟

إلدار: "بكل تأكيد. وأعتقد أن النجاح الأكبر في هذه الانتخابات جاء أيضا بفضل منظمات مثل حماس وحزب الله وصواريخهما، وفشل الجانب الفلسطيني في توحيد صفوفه ودعم السلام. وهذا الأمر يستخدمه اليمين المتطرف الإسرائيلي كمادة مشتعلة تمكن من إشعال الجمهور الإسرائيلي بسهولة".

(*) على ضوء تصريحات الرئيس الأميركي أوباما، في نهاية الأسبوع الماضي، كيف يتوقع أن يكون الأداء الأميركي في المستقبل، وكيف سيؤثر ذلك على إسرائيل؟

إلدار: "قرأت اليوم (أمس) في وكالة رويترز أن الولايات المتحدة أعلنت أنها لن تدافع عن إسرائيل في تصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأعتقد أن الولايات المتحدة لن تضطر إلى بذل جهد خاص. وما يتعين على الولايات أن تفعله هو في الواقع ألا تفعل شيئا، ألا تدافع عن إسرائيل في الأمم المتحدة والهيئات الدولية. وإذا لم تذهب إسرائيل نحو عملية ثنائية مع الفلسطينيين، وإنما ستنفذ خطوات أحادية الجانب، فإنه لم يتبق سوى إعطاء المجتمع الدولي والقانون الدولي أن يقول موقفه. وأوباما لم يعد يثق بنتنياهو، والحكومة الإسرائيلية المقبلة لا توجد فيها حتى أوراق تين تخفي عدم الرغبة بالتوجه إلى السلام، مثلما استخدم ايهود باراك وتسيبي ليفني وحزب العمل في حكومتي نتنياهو السابقتين. وهذا يعني أن نتنياهو ليس لديه قناع كي يضعه على وجهه أمام المجتمع الدولي. والولايات المتحدة واجهت طوال السنين الماضية جهات عربية وأوروبية أرادت معاقبة إسرائيل على الاحتلال، وكانت درعا واقيا لإسرائيل، لكن الآن لا تحتاج الولايات المتحدة إلى التعاون مع هذه الجهات وإنما الجلوس بهدوء وألا تفعل شيئا. وتوجد هنا مشكلة بالنسبة لنتنياهو، لأن الكونغرس لا يملك صلاحيات تجاه الرئيس الأميركي بكل ما يتعلق بالمنظمات الدولية، أي أنه لا توجد صلاحيات لدى الكونغرس حول كيف ستصوت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة".

(*) هل تعتقد أن احتمال تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية ما زال ممكنا، بأن ينضم "المعسكر الصهيوني" برئاسة إسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني إلى حكومة نتنياهو؟

إلدار: "أعتقد أن نتنياهو يتوق إلى رؤية هرتسوغ في حكومته، كما أني أعتقد أن هرتسوغ وليفني يريدان أن يتوليا مناصب وزارية. وهما لا يحبان الجلوس في المعارضة. لكن يوجد في حزب العمل اليوم شبان باعتقادي لن يوافقوا على ذلك، وعلى رأسهم شيلي يحيموفيتش، وربما تصل الأمور إلى حد انقسام الحزب. وما فعله نتنياهو عندما أعلن عن رفضه قيام دولة فلسطينية، هو أن حزب العمل لن يوافق على انضمام المعسكر الصهيوني إلى الحكومة. لذلك فإن احتمال حدوث أمر كهذا ليس كبيرا. وأضف إلى ذلك نفور أعضاء حزب العمل من نتنياهو شخصيا. وإذا كان حزب العمل يفكر بتحسين علاقاته مع المواطنين العرب في الانتخابات المقبلة، فإن الانضمام لحكومة نتنياهو الآن سيقضي على تحسين العلاقة مع الجمهور العربي".

(*) كتبت في مقال نشرته بعد الانتخابات أن رئيس حزب "كولانو" (كلنا)، موشيه كحلون، وهو سيشارك في الحكومة المقبلة، يريد دفع عملية سياسية مع الفلسطينيين. كيف توصلت إلى هذا الاستنتاج؟

إلدار: "كحلون يقول للجميع إنه ليكودي، لكنه يتحدث في برنامجه عن حل الدولتين. وأعتقد أنه سيخون ناخبيه إذا انضم إلى حكومة متطرفة. لكن لا أعرف كيف سيتصرف كحلون، خاصة أن ما يهم السياسي أكثر شيء هو الكرسي".