المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يشمل هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" مجموعة أخرى من التحليلات والتقارير التي تحاول أن توسع دائرة الضوء على التحولات التي خضعت لها إسرائيل في ظل استمرار ولايات بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية ولاية تلو الأخرى على مدى ما يقارب العقدين، منذ ولايته الأولى عام 1996.

وما يميّز جل هذه التحليلات هو خروجها بما يشبه "حكم قيمة" مؤداه أن أكثر ما يهم نتنياهو ويسعى نحوه هو الحفاظ على بقائه، إلى درجة تحويل هذا البقاء إلى "ضرورة أيديولوجية".

وقارن البعض بينه وبين رؤساء الحكومة السابقين ولا سيما من حزبه الليكود، ليخلصوا إلى توجيه نقد حاد وصريح إلى نتنياهو، في مركزه عدم مبدئيته وتفضيله مصالحه الشخصية والسياسية والاجتماعية، على أي مصلحة عامة، سواء أكانت مصلحة الدولة أو مصلحة الشعب في إسرائيل.

ومن الملفت أن جانبًا من هذا النقد إلى نتنياهو يتم توجيهه من طرف ما يسمى بـ"اليمين التقليدي".

في المقابل فإن النقد الموجّه من طرف يسار- الوسط هو في معظمه نقد يتعلق بجدل داخلي حول ما سبق أن حددناه بأنه صراع على جوهر "دولة إسرائيل" في مقابل "أرض إسرائيل".

ومؤخرًا أشار أحد الباحثين في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" إلى أن النقاش بشأن المناطق المحتلة منذ 1967 يمكن أن يؤدي إلى خسارة الطابع الديمقراطي لإسرائيل- ليس بسبب قرار مستقبلي يقضي بضم هذه المناطق مع عدم منح المساواة بالحقوق للسكان الفلسطينيين لكون المجتمع الدولي لن يسمح بمثل هذا القرار- وإنما من خلال الضغط الذي يمارسه أشخاص معيّنون من "اليسار" على المجتمع الدولي لإخضاع إسرائيل لإرادته، أو بسبب العنف الجسدي والكلامي الذي يمارسه أنصار اليمين حيال العرب واليساريين معًا.

وكتب هذا الباحث أن أنصار اليمين قد يكونون على حق عندما يزعمون أن إسرائيل أيام سيطرة حزب مباي ("اليساري") كانت أكثر سوءًا بكثير من الناحية الديمقراطية- فقد فرضت الحكم العسكري على العرب في إسرائيل، وقامت بعملية قبية ومذبحة كفر قاسم وغيرهما - لكنه في الوقت عينه أكد أن أنصار اليمين لا يفهمون الخطر: فالعنف الذي استخدمته إسرائيل في عهد حزب مباي، وبرغم إشكاليته، كان استخدامًا للقوة من جانب السلطة ويستند إلى مبدأين: الأول أن للسلطة دائمًا الحق في استخدام القوة؛ والثاني أن العنف المستخدم كان بقرار واعٍ، كما أنه كان خاضعًا للسيطرة، وحتى للكبح والضبط من جانب محكمة العدل العليا. ولكن عندما تتفشى أجواء الكراهية والعنف في الشارع، يكون من الصعب جدًا السيطرة عليها.

في الأحوال جميعًا ومع كل أهمية هذا النقاش الداخلي وتداعياته على سياسة إسرائيل العامة ولا سيما إزاء القضية الفلسطينية، يظل الأكثر أهمية أن الموقف العام لنتنياهو إزاء هذه القضية يستلّ مسوغاته من ميراث أسلافه سواء من اليمين وحزب الليكود تحديدًا، أو من يسار- الوسط.

فالوزير السابق دان مريدور (الليكود) الذي تباكى على أيام زعماء مثل إسحاق شامير لم يبدّلوا التحالفات والائتلافات الحكومية كي يضمنوا بقاءهم هم في السلطة وحسب، كما هي الحال اليوم، في إشارة إلى نتنياهو، شدّد على أن شامير "لم يكن يؤمن بحل يشمل إقامة دولة فلسطينية. وربما كان نتنياهو أيضا لا يؤمن بهذا. لا يمكن لنا أن نقرر، لأن تصريحاته لا تنسجم مع ممارساته دائما. فشامير لم يؤمن بحل الدولة الفلسطينية، لكن طريقته في إدارة الأمور كانت واقعية". ويرى مريدور إن "الإرث الذي خلّفه شامير هو أنه لم يقبل التنازل عن أي ملليمتر من أرض إسرائيل، خلال كل فترة رئاسته الحكومة" (طالع ص 7).

ونتنياهو نفسه لا يترك مناسبة إلا ويؤكد فيها أن خطوطه الحُمـر بالنسبة لـ"الحل" هي تطوير لـ"الخطوط الحمر" التي أوصى بها إسحاق رابين خلال آخر خطاب ألقاه في الكنيست قبل شهر واحد من اغتياله غي تشرين الثاني 1995.

وتطالعون في هذا العدد (ص 3) ترجمة لفصل من كتاب بعنوان "عملية أنابوليس ـ واحة أم سراب؟" صدر حديثًا في إسرائيل من تأليف عومر تسنعاني، ويعالج مفاوضات السلام التي جرت بين الفلسطينيين وإسرائيل ضمن "عملية أنابوليس" في العامين 2007 ـ 2008.

ويتوصل الكتاب إلى خلاصة مهمة تنطبق على هذه العملية شأن ما سبقها من "عمليات سلام"، فحواها أن هناك ضرورة لحدوث تغيير جذري، من الأساس، في التوجه الإسرائيلي العام حيال السلام، وهذا يتطلب قرارات حسم سياسية ـ أمنية، وليس عسكرية فقط. ويلفت إلى أن "اتفاقية سلام نهائية دائمة وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار، توفر الأمن لجارتها إسرائيل أيضا، تستوجبان تغيير القرص المرن ("ديسكيت" الذي تخزّن عليه معلومات الحاسوب) في الجانب الإسرائيلي، وهو ما لم يحدث في إطار الاتفاقيات المرحلية (أوسلو وغيرها) ولا في إطار عملية أنابوليس".

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الليكود, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات