المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رفضت الحكومة الإسرائيلية تقديم أية معلومات إلى المحكمة العليا بشأن حجم صادراتها العسكرية، من الأسلحة والمعدات "الأمنية" على أنواعها، وادعت بأن المحكمة العليا لا تملك صلاحية ممارسة الرقابة على تصدير الأسلحة من إسرائيل، والذي "لا يجري إلا بموافقة وتصديق من وزارة الدفاع"، بصرف النظر عن الجرائم التي يتم ارتكابها باستخدام تلك الأسلحة! وبررت الحكومة رفضها هذا بالقول إن الحديث يجري هنا عن "شؤون سياسية خالصة"!

وجاء موقف الحكومة الإسرائيلية هذا ضمن الرد الذي قدمته، الأسبوع الماضي، إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي تنظر في التماس قُدم إليها في شهر كانون الثاني الأخير للمطالبة بإصدار أمر قضائي إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية يلزمها بوقف بيع السلاح للطغمة العسكرية الحاكمة في بورما، وبتفسير أسباب عدم توقفها عن إصدار التصاريح لتجارة السلاح وتصدير الأسلحة الإسرائيلية إلى هذه الطغمة، وخاصة في أعقاب الأنباء المتواترة عن ارتكاب هذا النظام جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق مواطني بلاده من الأقليات، الإثنية والدينية، وخاصة من المسلمين.

وفي الوقت الذي تسبّب فيه هذا الالتماس بتسليط الضوء على موضوع تجارة السلاح الإسرائيلي مع الأنظمة الظلامية في العالم، صدر في أواسط هذا الشهر، آذار 2017، تقرير غير مألوف تناول مشكلة السلاح المتفشي في إسرائيل، ما بين الذي ترخصه سلطات الدولة بشكل يقترب من الإسفاف، وبين الذي تتقاعس في ضبطه وجمعه، السلاح العشوائي، وهو الأكثر فتكاً في النطاق الجنائي اليومي.

وقد صدر التقرير عن مبادرة تحمل اسم "المسّدس على طاولة المطبخ"، وهي عبارة عن مشروع تابع لمؤسسة "امرأة لإمرأة" – المركز النسوّي في حيفا. ويأتي كما تشير المؤسسة لتقليص جرائم قتل النساء وجرائم العنف الناتجة عن تواجد السلاح في الحيّز المدني، وتوفير نوع من الرقابة المدنية على آلات القتل المنتشرة في المجتمع.

وتشمل تلك المبادرة 13 جمعية نسوية وحقوقية في إسرائيل، بدأت مسيرتها منذ سنوات في تعقب الجرائم المرتكبة باستخدام أسلحة شركات الأمن والحراسة، وأثارت هذه القضية بشكل كبير. وهي تحذر في تقريرها الجديد من مغبّة الإنتشار الكبير للأسلحة النارية في الحيز المدني في إسرائيل، في ظل سياسة "موجّهة ومتهورة لوزير الأمن الداخلي الاسرائيلي غلعاد إردان، تستغل الذريعة الأمنية لتوسيع دائرة حاملي السلاح المرخص بشكل غير مسبوق، إضافة الى سياسة تتجاهل السلاح غير المرخص في المجتمع العربي بالذات".

وهي تقتبس أبحاثاً تشير الى أن "خطر تعرض النساء للقتل في العائلة يزيد بـ3- 5 مرات، في بيئة بيتية تحتوي على السلاح الناري، إلا أن هذه المعطيات لم تحرك الشرطة من أجل جمع المعلومات ووضع خطط لمنع القتل في العائلة والمجتمع، حيث تمتنع السلطات المكلفة عن توثيق نوعيات السلاح المضبوط، مصادره، وأنواعه أو حالة ترخيصه".

ويشير التقرير الى أن هناك "فهماً متزايداً مفاده أن وجود السّلاح الخفيف في الحيّز المنزليّ يضاعف عدة مراتٍ المخاطر على النّساء بالذات، وتعريض النساء لخطر القتل، عبر زيادة احتمالات القتل وأعمال الانتحار بشكلٍ عامّ . وقد باتت معروفةً، وللمرّة الأولى، شهادات دامغة تشير إلى الإنخفاض في مستويات قتل النّساء داخل العائلة في العالم (وفي إسرائيل أيضاً) في ظلّ وجود ظروفٍ رقابيّةٍ مشددة على السلاح، وفي تشديد القوانين المتعلقة بالسّلاح وتشديد تطبيقها. وهو وعيٌ مفاده أن تقليص عدد الأسلحة الناريّة داخل العائلات يقّلل من عدد حالات القتل في هذه الحيّزات ويقّلص الخطر المحيق بالنّساء على وجه الخصوص".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات