أكد المحلل السياسي الإسرائيلي عكيفا إلدار الذي ينشر مقالات في موقع "ألمونيتور" الإلكتروني في سياق مقال نشره في صحيفة "هآرتس" عشية الانتخابات الإسرائيلية العامة، أن قطبي قائمة "المعسكر الصهيوني" إسحاق هرتسوغ (رئيس حزب "العمل") وتسيبي ليفني (رئيسة حزب "الحركة") مسؤولان عن عدم معالجة ما يسمى "البؤر الاستيطانية غير المرخصة"، وأنه بسبب مسؤوليتهما هذه عمدا إلى إبعاد موضوع الاستيطان عن أضواء الحملة الانتخابية.

وكتب إلدار يقول: في هذه الأيام تكون قد مرّت عشر سنوات على القرار التاريخي لحكومة إسرائيل، القرار المهم الذي لم يحظ لسبب ما بالاحتفاء الذي يستحقه في أيام ما قبل الانتخابات. ففي 13 آذار 2005 قررت حكومة أريئيل شارون الثانية تفكيك كل البؤر الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت منذ تأديتها للقسم في آذار 2001، والتي تم تفصيلها في تقرير المحامية طاليا ساسون الذي وضعته على طاولة الحكومة. وقيل في القرار إن الحكومة تطبق بهذا المرحلة الأولى من خارطة الطريق للرباعية الدولية وفقا للتعهد الإسرائيلي في أيار 2003. وهذا البند الذي يتضمن تجميد البناء في المستوطنات لم يكن ضمن الـ 14 تحفظا لإسرائيل التي قُدمت للرباعية. إن توقيع وزير المالية في حينه بنيامين نتنياهو على هذا القرار لا يساوي أكثر من الحبر الذي كتب فيه اتفاق "واي" وخطاب بار إيلان وخطابات "الدولتين" أمام الكونغرس الأميركي والجمعية العمومية للأمم المتحدة. لكن هذا هو الوقت لتذكير أصحاب الذاكرة القصيرة عندنا أنه في تلك الحكومة كان موجوداً أيضا إسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني. فقد تم تعيين ليفني لرئاسة لجنة وزارية خاصة كانت وظيفتها ترجمة تقرير البؤر الاستيطانية إلى لغة الواقع – أولا وقبل كل شيء التأكد من أنه سيتم تفكيك البؤر غير القانونية التي أُقيمت بعد تشكيل الحكومة التي سبقتها (التي ضمت ليفني أيضا). وعدد كبير من البؤر أُقيم على أراض خاصة للفلسطينيين.

وأضاف إلدار: بحسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي، في العقد الأخير ازداد سكان المستوطنات في الضفة الغربية بـ 112 ألف نسمة (من 244 ألفا إلى 356 ألفا). وبحسب معطيات "السلام الآن" أضيف في تلك الفترة نحو 9 آلاف للبؤر غير القانونية، ثلاثة أضعاف عددهم قبل عشر سنوات. وأكثر من نصف الزيادة حدثت في الفترة التي تولت فيها ليفني وهرتسوغ المسؤولية الوزارية عن هذا الخرق الفاضح للقانون الإسرائيلي والدولي.

ومضى قائلاً: إن رئيسة كديما/ الحركة ورئيس العمل/ المعسكر الصهيوني، كانا أيضا شريكين في عملية تدفق مئات الملايين من الشواكل للمستوطنات عن طريق الأنبوب المسمى "دائرة الاستيطان"، التي تحولت فجأة إلى كيس ضربات قومي. وقبل تقرير البؤر الاستيطانية (الذي وضع أمامهما قبل عقد) أقامت الوحدة في الأساس بؤرا كثيرة غير قانونية بدون إذن المستوى السياسي ذي الصلاحية. كما كتب في التقرير الرسمي أن النشاطات غير القانونية ومنها سرقة الأراضي الخاصة بدأت في منتصف التسعينيات، بوحي من وزراء إسكان مختلفين بعضهم قام بإغلاق عينيه وبعضهم دعم ذلك وشجعه. وكل حكومات إسرائيل التي تشكلت منذ العام 2005 تجاهلت التوصية القاطعة الواردة في تقرير البؤر الاستيطانية، التي تقضي بقص جناح الوحدة وفي الأساس ميزانيتها، المستمرة في تمويل مشروع تدمير السلام.

وتابع: كما أن وزير المالية الأخير يائير لبيد تعامل بسخاء مع أنصار "الأخ" نفتالي بينيت. واقتراح حزبه "يوجد مستقبل" إغلاق الوحدة ظهر في عناوين الصحف فقط بعد فتح التحقيق والكشف عن قضايا فساد في حزب "إسرائيل بيتنا" قد تؤدي ضمن آخرين إلى رجال كبار في هذه الوحدة. وللأسف، فإن الحزب الصهيوني الوحيد الذي يتجرأ رؤساؤه على القول من دون توقف وبصوت عال وواضح أن المخططات لتوسيع المستوطنات تهدد المشروع الصهيوني ليس أقل بل أكثر من البرنامج النووي الإيراني - هذا الحزب يصارع الآن من أجل بقائه.

وختم إلدار: ليس غريبا أن هرتسوغ وليفني عمدا إلى إبعاد موضوع الاستيطان عن أضواء الحملة الانتخابية. ففي كل ما يتعلق بفشل معالجة هذا المرض الذي يهاجم العملية السياسية النازفة ويبتلع أموال الجمهور، فإنهما يتحملان المسؤولية. والسؤال المطروح الآن: هل يمكن الوثوق بهما بألا يعودا للجلوس في حكومة تقوم برعاية زعران البؤر الاستيطانية وتمويل من يشوشون على السلام؟.