المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سجل التضخم المالي الإسرائيلي الإجمالي للعام الماضي 2016 تراجعا بنسبة 2ر0%، وهو العام الثالث على التوالي الذي يتراجع فيه التضخم. وهذا في حين أقدم مكتب الإحصاء المركزي على تعديل تقديراته للنمو الاقتصادي للفصول الثلاثة الأولى من العام الماضي نحو الأعلى، ما أدى إلى رفع توقعات النمو الاجمالي إلى 4%. وهذا نابع بالأساس من ارتفاع الاستهلاك الفردي، ومن زيادة ملموسة في صادرات البضائع، التي سجلت على مدى ثلاث سنوات تراجعات متتالية، كان يعوضها ارتفاع صادرات الخدمات.

فقد رفع مكتب الاحصاء تقديرات النمو في الربع الأول من العام الماضي 2016، إلى 3ر3%، بعد أن قال التقرير السابق إن النسبة 2ر3%؛ ويذكر أن أول تقرير أعلنه مكتب الاحصاء مع انتهاء الربع الأول، كان يتحدث عن انكماش الاقتصاد بنسبة 2ر0%، ولكن صدرت عدة تقارير لترفع التقديرات تباعا. كما رفعت تقديرات النمو إلى 5%، بدلا من 3ر4% في تقرير سابق. أما الربع الثالث فقد تم رفع تقديرات النمو فيه إلى 6ر3%، بدلا من 4ر3%.

"الأعجوبة الاقتصادية"

ويقول المحلل ميكي بيليد في صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية التابعة لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن حقيقة أن النمو سجل في الربع الثالث ارتفاعا بنسبة 6ر3%، والتقدير بنمو اقتصادي اجمالي للعام الماضي 2016 بنسبة 4%، يُعد أعجوبة اقتصادية؛ خاصة على ضوء أن أوروبا ما تزال تواجه انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تفجرت في العام 2008. فالمعطيات التي نشرها مكتب الإحصاء المركزي مفاجئة للأفضل، بالذات حينما ترافق هذه المعطيات، معطيات البطالة، التي تتحدث عن نسبة 6ر4%، في شهر تشرين الثاني الماضي.

وينسب بيليد هذه المعطيات لصالح وزير المالية موشيه كحلون، بزعم أنه قاد سلسلة من الاجراءات الاقتصادية مع الحكومة، انعكست بهذه المعطيات. ويقول إن المعطيات الواردة ستشهد لاحقا تعديلات أخرى، وليس واضحا حتى الآن، ما هي نسبة النمو الحاصلة في الربع الأخير من العام الماضي، وبالتالي نمو 2016 ككل. ولكن حسب المؤشرات الظاهرة حتى الآن، لم يعد من المستبعد أن يسجل النمو ارتفاعا بنسبة 4%، ليقلب كل التوقعات السابقة رأسا على عقب.

ويشير بيليد إلى أن من أكثر مسببات النمو في الأشهر الأخيرة، الارتفاع الحاصل في الصادرات في الربع الثالث، وبشكل خاص صادرات البضائع التي سجلت ارتفاعا بنسبة 2ر11% بعد أكثر من عامين في تسجيل التراجعات، التي كانت تعوضها صادرات الخدمات التي ترتفع باستمرار.

إلا أن بيليد يحذر من الارتفاع الحاد في الاستهلاك الفردي، الذي لعب دورا بارزا في ارتفاعات النمو الاقتصادي في العام ونصف العام الأخيرين. ويقول بيليد إن قسما جديا من هذا الاستهلاك نابع من تسهيلات القروض التي تقدمها البنوك وبطاقات الاعتماد وشركات التأمين. وأشار إلى أن تقارير بنك إسرائيل تقول إن الدين العام للأفراد والعائلة يرتفع في كل ربع سنوي بنسبة 2%، بمعنى 8% سنويا، وقال إن هذا قد يقود إلى وضع تكون فيه الشرائح الفقيرة والشرائح الأضعف ضمن الشريحة الوسطى، عاجزة عن تسديد الديون، وبذلك تتحول هذه الديون إلى أزمة حقيقية.

وحسب تقرير بنك إسرائيل المركزي، فإنه حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، بلغ الحجم الاجمالي لديون الافراد والعائلات 501 مليار شيكل، وهو ما يعادل 131 مليار دولار، من بينه 164 مليار شيكل، هي قروض اسكانية وتعادل 43 مليار دولار. ويقول بيليد إن هذه الديون قد تتحول إلى فقاعة، وقد تنفجر في حال بدأت الفائدة البنكية في الارتفاع، إذ أن الفائدة البنكية الاساسية التي يطرحها البنك المركزي منذ 22 شهرا تلامس الصفر (1ر0%).

فائض الضرائب

في هذا السياق، أعلنت سلطة الضرائب أن خزينتها سجلت في العام المنتهي 2016 فائضا بقيمة 5ر7 مليار شيكل، ما يعادل 97ر1 مليار دولار، عن التقدير المعدل لجباية الضرائب، الذي كان قرابة 276 مليار شيكل، أقل من 73 مليار دولار. إذ أن التقديرات الأولى لجباية الضرائب في العام الماضي كانت 271 مليار شيكل، وجرى تعديل التقديرات إلى الأعلى في منتصف العام.

وتقول السلطة إن مداخيل العام الماضي بلغت أكثر من 283 مليار شيكل، وهو ما يعادل 5ر74 مليار دولار. وهذا زيادة بقرابة 4 مليارات دولار عما كان في العام 2015، أي زيادة بنسبة 6ر5%.

وبلغ العجز العام في الموازنة نسبة 15ر2% من اجمالي الناتج العام، بدلا من نسبة متوقعة هي 8ر2%. وقد سارعت الحكومة في الشهر الأخير إلى صرف الكثير من الميزانيات، واجراء تحويلات سريعة في بنود الميزانية، لغرض الاقتراب من العجز المخطط. وحسب تقديرات خبراء اقتصاديين، فإن حجم الدين العام سيكون قد قارب مع نهاية العام الماضي 2016 نسبة 60% من اجمالي الناتج العام، بعد أن كان في نهاية 2015، أكثر بقليل من 64%.

وتسعى إسرائيل منذ سنوات طوال إلى تخفيض نسبة الدين إلى 60% من حجم الناتج العام. إلا أن خبراء اقتصاد يقولون إن هذه النسبة القائمة في الدول المتطورة حتى نشوب الأزمة الاقتصادية قبل ثماني سنوات لم تعد كافية، وعلى إسرائيل أن تواصل تخفيض نسبة الدين إلى ما دون 60%.

التضخم "السلبي"

للسنة الثالثة على التوالي يسجل التضخم المالي تراجعا، وفي العام 2016 تراجع التضخم بنسبة 2ر0%، كالنسبة التي تراجع بها في العام 2014، بينما التراجع في العام 2015 قبل الماضي كان بنسبة 1%. وقد ساهم في هذا التراجع انخفاض أسعار الوقود عالميا وبالتالي إسرائيليا، وأيضا انخفاض الكثير من المواد الخام عالميا.

وبموجب تقرير مكتب الإحصاء المركزي، فإن التضخم تراجع في العام الماضي ككل، على الرغم من أن أسعار البيوت واصلت ارتفاعها، وفي العام الماضي وحده ارتفعت بنسبة 4ر1%، بعد أن سجلت في الربع الأخير من العام 2015 ارتفاعا بقرابة 7%. وفي المقابل تراجعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 5ر1%، وأسعار الخضروات والفواكه بنسبة 7ر2%.

ويتوقع بنك إسرائيل المركزي أن ينتهي العام 2017 الجديد بارتفاع للتضخم، على الأقل بنسبة 1%، وهي تقديرات شبيهة بتقديراته في مطلع العام 2016 عن ذلك العام، إلا أن البنك واصل تعديل تقديراته، وحافظ على مستوى الفائدة المنخفضة، ولم يرفعها كما توقع من قبل.

إلا أن البنك المركزي يدعم توقعاته الحالية بارتفاع التضخم، بحقيقة أن أسعار المواد الخام للمواد الغذائية في العالم، والتي تستوردها إسرائيل، تواصل تسجيل ارتفاعات جدية، وأنه في الربع الأخير من العام الماضي 2016 ارتفعت أسعار المواد الخام بمعدل تجاوز 12%، في حين أن أسعار النفط تواصل ارتفاعها هي أيضا، وأن كل هذه الارتفاعات ستنعكس على البضائع الإسرائيلية في الاشهر القريبة، وحينها سيبدأ التضخم في مسار الارتفاع.

وهذا يعزز الاعتقاد بأن بنك إسرائيل سيرفع الفائدة البنكية الأساسية من 1ر0%، إلى مستوى 25ر0% في الربع الأخير من العام الجاري. ولكن يرى خبراء اقتصاد أن تعزز قوة الشيكل أمام الدولار والعملات الأجنبية منذ الربع الثاني من العام الماضي، سيلجم ارتفاع أسعار البضائع التي في أساسها مواد خام مستوردة.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, دورا, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات